nindex.php?page=treesubj&link=28981_30364nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إن الله لا يظلم الناس إشارة إلى أن ما حكي عنهم من عدم اهتدائهم إلى طريق الحق وتعطل مشاعرهم من الإدراك ليس لأمر مستند إلى الله عز وجل من خلقهم مؤفي المشاعر ونحو ذلك، بل إنما هو من قبلهم، أي: لا ينقصهم
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44شيئا مما نيط به مصالحهم الدينية والدنيوية وكمالاتهم الأولوية والأخروية من مبادئ إدراكاتهم وأسباب علومهم من المشاعر الظاهرة والباطنة، والإرشاد إلى الحق بإرسال الرسل وإنزال الكتب، بل يوفيهم ذلك من غير إخلال بشيء أصلا.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44ولكن الناس - وقرئ بالتخفيف، ورفع الناس - وضع الظاهر موضع الضمير لزيادة تعيين وتقرير، أي: لكنهم بعدم استعمال مشاعرهم فيما خلقت له، وإعراضهم عن قبول دعوة الحق وتكذيبهم للرسل والكتب
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44أنفسهم يظلمون أي: ينقصون ما ينقصون مما يخلون به من مبادئ كمالهم وذرائع اهتدائهم، وإنما لم يذكر لما أن مرمى الغرض إنما هو قصر الظلم على أنفسهم لا بيان ما يتعلق به الظلم، والتعبير عن فعلهم بالنقص - مع كونه تفويتا بالكلية وإبطالا بالمرة - لمراعاة جانب قرينته، وقوله عز وجل: "أنفسهم" إما تأكيد للناس فيكون بمنزلة ضمير الفصل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=76وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين في قصر الظالمية عليهم، وإما مفعول لـ(يظلمون) حسبما وقع في سائر المواقع، وتقديمه عليه لمجرد الاهتمام به مع مراعاة الفاصلة من غير قصد إلى قصر المظلومية عليهم على رأي من لا يرى التقديم موجبا للقصر، فيكون كما في قوله تعالى: "وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم" من غير قصد للظلم لا على الفاعل ولا على المفعول، وأما على رأي من يراه موجبا له، فلعل إيثار قصرها دون قصر الظالمية عليهم للمبالغة في بيان بطلان أفعالهم وسخافة عقولهم؛ لما أن أقبح الأمرين عند اتحاد الفاعل والمفعول، وأشدهما إنكارا عند العقل ونفرة لدى الطبع، وأوجبهما حذرا منه عند كل أحد هو المظلومية لا الظالمية، على أن قصر الأولى عليهم مستلزم لما يقتضيه ظاهر الحال من قصر الثانية عليهم؛ ضرورة أنه إذا لم يظلم أحد من الناس إلا نفسه يلزم أن لا يظلمه إلا نفسه، إذ لو ظلمه غيره يلزم كون ذلك الغير ظالما لغير نفسه، والمفروض أن لا يظلم أحد إلا نفسه فاكتفي بالقصر الأول عن الثاني مع رعاية ما ذكر من الفائدة، وصيغة المضارع للاستمرار نفيا وإثباتا، فإن حرف النفي إذا دخل على المضارع يفيد - بحسب المقام - استمرار النفي لا نفي الاستمرار، ألا يرى أن قولك: (ما زيدا ضربت) يدل على اختصاص النفي لا على نفي الاختصاص، ومساق الآية الكريمة لإلزام الحجة، ويجوز أن يكون للوعيد، فالمضارع المنفي للاستقبال والمثبت للاستمرار، والمعنى أن الله لا يظلمهم بتعذيبهم يوم القيامة شيئا من الظلم، ولكنهم أنفسهم يظلمون ظلما مستمرا، فإن مباشرتهم
[ ص: 150 ] المستمرة للسيئات الموجبة للتعذيب عين ظلمهم لأنفسهم، وعلى الوجهين فالآية الكريمة تذييل لما سبق.
nindex.php?page=treesubj&link=28981_30364nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا حُكِيَ عَنْهُمْ مِنْ عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ وَتَعَطُّلِ مَشَاعِرِهِمْ مِنَ الْإِدْرَاكِ لَيْسَ لِأَمْرٍ مُسْتَنَدٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِمْ مُؤَفِّي الْمَشَاعِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِهِمْ، أَيْ: لَا يَنْقُصُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44شَيْئًا مِمَّا نِيطَ بِهِ مَصَالِحُهُمُ الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ وَكَمَالَاتُهُمُ الْأَوْلَوِيَّةُ وَالْأُخْرَوِيَّةُ مِنْ مَبَادِئِ إِدْرَاكَاتِهِمْ وَأَسْبَابِ عُلُومِهِمْ مِنَ الْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَالْإِرْشَادِ إِلَى الْحَقِّ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ، بَلْ يُوَفِّيهِمْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِخْلَالٍ بِشَيْءٍ أَصْلًا.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44وَلَكِنَّ النَّاسَ - وَقُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ، وَرَفْعِ النَّاسِ - وُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِزِيَادَةِ تَعْيِينٍ وَتَقْرِيرٍ، أَيْ: لَكِنَّهُمْ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِ مَشَاعِرِهِمْ فِيمَا خُلِقَتْ لَهُ، وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْ قَبُولِ دَعْوَةِ الْحَقِّ وَتَكْذِيبِهِمْ لِلرُّسُلِ وَالْكُتُبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ أَيْ: يَنْقُصُونَ مَا يَنْقُصُونَ مِمَّا يُخِلُّونَ بِهِ مِنْ مَبَادِئِ كَمَالِهِمْ وَذَرَائِعِ اهْتِدَائِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ لِمَا أَنَّ مَرْمَى الْغَرَضِ إِنَّمَا هُوَ قَصْرُ الظُّلْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا بَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الظُّلْمُ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ فِعْلِهِمْ بِالنَّقْصِ - مَعَ كَوْنِهِ تَفْوِيتًا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِبْطَالًا بِالْمَرَّةِ - لِمُرَاعَاةِ جَانِبِ قَرِينَتِهِ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "أَنْفُسَهُمْ" إِمَّا تَأْكِيدٌ لِلنَّاسِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ ضَمِيرِ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=76وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ فِي قَصْرِ الظَّالِمِيَّةِ عَلَيْهِمْ، وَإِمَّا مَفْعُولٌ لِـ(يَظْلِمُونَ) حَسْبَمَا وَقَعَ فِي سَائِرِ الْمَوَاقِعِ، وَتَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ بِهِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْفَاصِلَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى قَصْرِ الْمَظْلُومِيَّةِ عَلَيْهِمْ عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَرَى التَّقْدِيمَ مُوجِبًا لِلْقَصْرِ، فَيَكُونُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ" مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلظُّلْمِ لَا عَلَى الْفَاعِلِ وَلَا عَلَى الْمَفْعُولِ، وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَاهُ مُوجِبًا لَهُ، فَلَعَلَّ إِيثَارَ قَصْرِهَا دُونَ قَصْرِ الظَّالِمِيَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْمُبَالَغَةِ فِي بَيَانِ بُطْلَانِ أَفْعَالِهِمْ وَسَخَافَةِ عُقُولِهِمْ؛ لِمَا أَنَّ أَقْبَحَ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَأَشَدَّهُمَا إِنْكَارًا عِنْدَ الْعَقْلِ وَنَفْرَةً لَدَى الطَّبْعِ، وَأَوْجَبَهُمَا حَذَرًا مِنْهُ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ هُوَ الْمَظْلُومِيَّةُ لَا الظَّالِمِيَّةُ، عَلَى أَنَّ قَصْرَ الْأُولَى عَلَيْهِمْ مُسْتَلْزِمٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْحَالِ مِنْ قَصْرِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهِمْ؛ ضَرُورَةَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَظْلِمْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا نَفْسَهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَظْلِمَهُ إِلَّا نَفْسُهُ، إِذْ لَوْ ظَلَمَهُ غَيْرُهُ يَلْزَمُ كَوْنُ ذَلِكَ الْغَيْرِ ظَالِمًا لِغَيْرِ نَفْسِهِ، وَالْمَفْرُوضُ أَنْ لَا يَظْلِمَ أَحَدٌ إِلَّا نَفْسَهُ فَاكْتُفِيَ بِالْقَصْرِ الْأَوَّلِ عَنِ الثَّانِي مَعَ رِعَايَةِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْفَائِدَةِ، وَصِيغَةُ الْمُضَارِعِ لِلِاسْتِمْرَارِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، فَإِنَّ حَرْفَ النَّفْيِ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمُضَارِعِ يُفِيدُ - بِحَسَبِ الْمَقَامِ - اسْتِمْرَارَ النَّفْيِ لَا نَفْيَ الِاسْتِمْرَارِ، أَلَا يَرَى أَنَّ قَوْلَكَ: (مَا زَيْدًا ضَرَبْتُ) يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ النَّفْيِ لَا عَلَى نَفْيِ الِاخْتِصَاصِ، وَمَسَاقُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لِإِلْزَامِ الْحُجَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْوَعِيدِ، فَالْمُضَارِعُ الْمَنْفِيُّ لِلِاسْتِقْبَالِ وَالْمُثْبَتُ لِلِاسْتِمْرَارِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُهُمْ بِتَعْذِيبِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَيْئًا مِنَ الظُّلْمِ، وَلَكِنَّهُمْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ظُلْمًا مُسْتَمِرًّا، فَإِنَّ مُبَاشَرَتَهُمُ
[ ص: 150 ] الْمُسْتَمِرَّةَ لِلسَّيِّئَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّعْذِيبِ عَيْنُ ظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَذْيِيلٌ لِمَا سَبَقَ.