الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون

                                                                                                                                                                                                                                      قل لهم غب ما بينت كيفية جريان سنة الله - عز وجل - فيما بين الأمم على الإطلاق، ونبهتهم على أن عذابهم أمر مقرر محتوم ولا يتوقف إلا على مجيء أجله المعلوم إيذانا بكمال دنوه وتنزيلا له منزلة إتيانه حقيقة: أرأيتم أي: أخبروني إن أتاكم عذابه الذي تستعجلون به بياتا أي: وقت بيات واشتغال بالنوم أو نهارا أي: عند اشتغالكم بمشاغلكم، حسبما عين لكم من الأجل بمقتضى المشيئة التابعة للحكمة، كما عين لسائر الأمم المهلكة، وقوله عز وجل: ماذا يستعجل منه المجرمون جواب للشرط بحذف الفاء، كما في قولك: إن أتيتك ماذا تطعمني، والمجرمون موضوع موضع المضمر لتأكيد الإنكار ببيان مباينة حالهم [ ص: 153 ] للاستعجال، فإن حق المجرم أن يهلك فزعا من إتيان العذاب فضلا عن استعجاله، والجملة الشرطية متعلقة بـ(أرأيتم) والمعنى: أخبروني إن أتاكم عذابه تعالى أي شيء تستعجلون منه سبحانه، والشيء لا يمكن استعجاله بعد إتيانه، والمراد به المبالغة في إنكار استعجاله بإخراجه من حيز الإمكان، وتنزيله في الاستحالة منزلة استعجاله بعد إتيانه بناء على تنزيل تقرر إتيانه ودنوه منزلة إتيانه حقيقة، كما أشير إليه، وهذا الإنكار بمنزلة النهي في قوله عز وعلا: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) خلا أن التنزيل هناك صريح وهنا ضمني، كما في قول من قال لغريمه الذي يتقضاه حقه: أرأيت إن أعطيتك حقك فماذا تطلب مني؟ يريد المبالغة في إنكار التقاضي بنظمه في سلك التقاضي بعد الإعطاء بناء على تنزيل تقرره منزلة نفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله عز وجل:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية