الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : كما أنزلنا على المقتسمين .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، والبخاري ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله : ( كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : هم أهل الكتاب جزؤوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس ( عضين ) فرقا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في «الأوسط» عن ابن عباس قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أرأيت قول الله ( كما أنزلنا على المقتسمين ) قال : اليهود [ ص: 653 ]

                                                                                                                                                                                                                                      والنصارى ، قال : ( الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : آمنوا ببعض وكفروا ببعض .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي وأبو نعيم معا في «الدلائل» عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش - وكان ذا سن فيهم - وقد حضر الموسم فقال لهم : يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، فقالوا أنت فقل وأقم لنا رأيا نقول به ، قال : لا بل أنتم قولوا لأسمع ، قالوا نقول كاهن ، قال : ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكهان ولا بسجعهم ، قالوا فنقول مجنون ، قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته ، قالوا : فنقول شاعر ، قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر ، قالوا : فنقول ساحر ، قال : ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده ، قالوا فماذا نقول قال : والله إن لقوله حلاوة وإن وإن أصله [ ص: 654 ]

                                                                                                                                                                                                                                      لعذق وإن فرعه لجناة فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول أن تقولوا هو ساحر يفرق بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عنه بذلك ، فأنزل الله في الوليد وذلك من قوله : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) إلى قوله : ( سأصليه سقر ) وأنزل الله في أولئك النفر الذين كانوا معه ( الذين جعلوا القرآن عضين ) أي أصنافا ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله : ( الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : عضوه أعضاء قالوا سحر وقالوا كهانة وقالوا أساطير الأولين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : ( الذين جعلوا القرآن عضين ) قال : هم رهط من قريش عضهوا كتاب الله فزعم بعضهم أنه سحر وزعم بعضهم أنه كهانة وزعم بعضهم أنه [ ص: 655 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أساطير الأولين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن عكرمة : ( عضين ) قال : السحر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة قال كان عكرمة يقول : العضه السحر بلسان قريش ، تقول للساحرة : إنها العاضهة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) قال : عن قول : لا إله إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرجه ابن أبي شيبة والبخاري في «تاريخه» والترمذي من وجه آخر عن أنس موقوفا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن عمر في قوله : [ ص: 656 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ( لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) قال : لا إله إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي العالية في قوله : ( لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) قال : يسأل العباد كلهم يوم القيامة عن خلتين : عما كانوا يعبدون وعما أجابوا به المرسلين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «البعث» من طريق علي عن ابن عباس ( فوربك لنسألنهم أجمعين ) وقال : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) قال : لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا لأنه أعلم منهم بذلك ولكن يقول : لم عملتم كذا وكذا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية