الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين

                                                                                                                                                                                                                                      فإن توليتم الفاء لترتيب التولي على ما سبق، فالمراد به إما الاستمرار عليه، وإما إحداث التولي المخصوص، أي: إن أعرضتم عن نصيحتي وتذكيري إثر ما شاهدتم مني من مخايل صحة ما أقول ودلائلها التي من جملتها دعوتي إياكم جميعا إلى تحقيق ما تريدون بي من السوء غير مبال بكم وبما يأتي منكم، وإحجامكم من الإجابة علما منكم بأني على الحق المبين مؤيد من عند الله العزيز فما سألتكم بمقابلة وعظي وتذكيري من أجر تؤدونه إلي حتى يؤدي ذلك إلى توليكم، إما لاتهامكم إياي بالطمع والسؤال، وإما لثقل دفع المسؤول عليكم، أو حتى يضرني توليكم المؤدي إلى الحرمان.

                                                                                                                                                                                                                                      فالأول لإظهار بطلان التولي ببيان عدم ما يصححه، والثاني لإظهار عدم مبالاته - صلى الله عليه وسلم - بوجوده وعدمه، وعلى التقديرين فالفاء الجزائية لسببية الشرط لإعلام مضمون الجزاء لا لنفسه، والمعنى: إن توليتم فاعلموا أن ليس في مصحح له ولا تأثر منه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله عز وجل: إن أجري إلا على الله ينتظم المعنيين جميعا خلا أنه على الأول تأكيد، وعلى الثاني تعليل لاستغنائه - صلى الله عليه وسلم - عنهم، أي: ما ثوابي على العظة والتذكير إلا عليه تعالى يثيبني به آمنتم أو توليتم وأمرت أن أكون من المسلمين المنقادين لحكمه لا أخالف أمره، ولا أرجو غيره، أو المستسلمين لكل ما يصيب من البلاء في طاعة الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية