ولما تقدم أنه نذير وبشير أتبع ذلك بما يشمل الأمرين بقوله عطفا على
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ألا تعبدوا مشيرا إلى أنه لا يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره:
nindex.php?page=treesubj&link=19705_19721_20011_28640_29694_30532_32413_34103_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وأن استغفروا ربكم أي اطلبوا مع الإخلاص في العبادة أن يغفر لكم المحسن إليكم ما فرطتم فيه; وأشار بأداة التراخي إلى علو رتبة التوبة، وأن لا سبيل إلى طلب الغفران إلا بها فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ثم توبوا إليه أي ارجعوا بالظاهر والباطن رجوعا لا رجعة فيه [وإن كان المراد بها الدوام فجليل رتبته غير خفي]
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3يمتعكم [أي يمد في تلذيذكم بالعيش مدا، من متع النهار: ارتفع، والضحى: بلغ غايته، وأمتعه الله بكذا: أبقاه وأنشأه إلى أن يبلغ شبابه]; و[لما]، كان التمتيع - وهو المتاع البالغ فيه حتى لا يكون فيه كدر - لا يكون إلا في الجنة فلذلك جعل المصدر
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3متاعا وأنه وضع موضع "تمتيعا"، هذا المصدر
[ ص: 228 ] ووصفه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3حسنا ليدل على أنه أنهى ما يليق بهذه الدار، ولقد كان ما أوتيه الصحابة رضي الله عنهم في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه من الظفر بالإهداء وسعة الدنيا ورغد العيش كذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3إلى أي: ممتدا إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3أجل مسمى أي: في علمه إما بالموت لكل واحد أو بانقضاء ما ضربه من الأجل للنعمة التي أشار إليها
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ويؤت كل ذي فضل أي: عمل فاضل
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3فضله أي: جزاء ما قصد بعمله على وجه التفضيل منه سبحانه؛ فإنه لا يجب لأحد عليه شيء، وهو مع ذلك على حسب التفضيل: الحسنة بعشرة أمثالها; قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وهلك من غلبت آحاده عشراته.
ولما انقضى التبشير مجزوما به، أتبعه التحذير مخوفا منه لطفا بالعباد واستعطافا لهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وإن تولوا أي: تكلفوا أنفسكم ضد ما طبعها الله عليه من سلامة الفطرة وسهولة الانقياد من الإعراض ولو أدنى درجاته بما أشار إليه حذف التاء
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3فإني أخاف عليكم أي: والعاقل من أبعد عن المخاوف
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3عذاب يوم كبير أي: لكبر ما فيه من العذاب ممن قدر على إثباتكم، وخص اسم الرب تذكيرا بما له من النعم في الإيجاد والإنشاء والتربية; ولما كان الاستغفار - وهو طلب الغفران - مطلوبا في نفسه لكنه لا يعتبر إلا إذا قرن بالتوبة، عطف عليه
[ ص: 229 ] ب: " ثم " إشارة إلى عظيم رتبتها وعلى منزلتها وإن كان المراد بها الدوام عليها فجليل رتبته غير خفي، وفي التعبير عن العمل بالفضل إشارة إلى أنه لم يقع التكليف إلا بما في الوسع مع أنه من معالي الأخلاق، لأن الفضل في الأصل ما فضل عن الإنسان وتعانيه من كريم الشمائل، وما كان كذلك فهو في الذروة من الإحكام؛ لأنه منع الفعل من الفساد; والحكيم من الحكمة وهي العلم بما يجمع عليه مما يمنع الفعل من الفساد والنقض، وبها يميز الحسن من القبيح والفاسد من الصحيح، وقد أشارت الآية إلى أن الاستغفار والتوبة سبب السعة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنـزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم وأن الإعراض سبب الضيق، كما قال صلى الله عليه وسلم: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=702247إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ».
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ويؤت كل ذي فضل فضله إشارة إلى ثواب الآخرة،
nindex.php?page=treesubj&link=19705فالتوبة سبب طيب العيش في الدنيا والآخرة .
وقال الإمام
أبو جعفر بن الزبير في كتابه في مناسبة هذه السورة للتي قبلها: ولما كانت سورة يونس عليه السلام قد تضمنت - من آي التنبيه والتحريك للفطر ومن العظات والتخويف والتهديد والترهيب
[ ص: 230 ] والترغيب وتقريع المشركين والجاحدين والقطع بهم والإعلام بالجريان على حكم السوابق ووجوب التفويض والتسليم - ما لم تشمل على مثله سورة لتكرر هذه الأغراض فيها، وسبب تكرر ذلك فيها - والله أعلم - أنها أعقبت بها السبع الطوال، وقد مر التنبيه على أن سورة الأنعام بها وقع استيفاء بيان حال المتنكبين عن الصراط المستقيم على اختلاف أحوالهم، ثم استوفت سورة الأنعام ما وقعت الإحالة عليه من أحوال الأمم السالفة كما تقدم وبسطت ما أجمل من أمرهم، ثم أتبع ذلك بخطاب المستجيبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحذروا وأنذروا، وكشف عن حال من تلبس بهم من عدوهم من المنافقين، وتم المقصود من هذا في سورتي الأنفال وبراءة، ثم عاد الخطاب إلى طريقة الدعاء إلى الله والتحذير من عذابه بعد بسط ما تقدم، فكان مظنة تأكيد التخويف والترهيب لإتيان ذلك بعد بسط حال وإيضاح أدلة، فلهذا كانت سورة يونس مضمنة من هذا ما لم يضمن غيرها، ألا ترى افتتاحها بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3إن ربكم الله الآيات. ومناسبة هذا الافتتاح دعاء الخلق إلى الله في سورة البقرة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21يا أيها الناس اعبدوا ربكم ثم قد نبهوا هنا كما نبهوا هناك فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله ثم تأكدت المواعظ والزواجر والإشارات إلى أحوال المكذبين والمعاندين،
[ ص: 231 ] فمن التنبيه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3إن ربكم الله nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هو الذي جعل الشمس nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=6إن في اختلاف الليل والنهار nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=34قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=35قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قل انظروا ماذا في السماوات والأرض - إلى غير هذا، وعلى هذا السنن تكررت العظات والأغراض المشار إليها في هذه السورة إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فحصل من سورة الأعراف والأنفال وبراءة ويونس تفصيل ما كان أجمل فيما تقدمها كما حصل مما تقدم تفصيل أحوال السالكين والمتنكبين، فلما تقرر هذا كله أتبع المجموع بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير وتأمل مناسبة الإتيان بهذين الاسمين الكريمين وهما " الحكيم الخبير " ثم تأمل تلاؤم صدر السورة بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم وقد كان تقدم قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=57قد جاءتكم موعظة من ربكم فأتبع قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قد جاءكم الحق من ربكم بقوله في صدر سورة هود:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كتاب أحكمت آياته ثم فصلت فكأنه في معرض بيان الحق والموعظة، وإذا كانت محكمة مفصلة فحق لها أن تكون شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وحق توبيخهم في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=39بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه والعجب في عمههم مع \ إحكامه وتفصيله ولكن
[ ص: 232 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=96الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون وتأمل قوله سبحانه آخر هذه السورة:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين فكل الكتاب حق وموعظة وذكرى، وإنما الإشارة - والله أعلم - بما أراد إلى ما تقرر الإيماء إليه من كمال بيان الصراط المستقيم وملتزمات متبعيه أخذا وتركا، وذكر أحوال المتنكبين على شتى طرقهم، واختلاف أهوائهم وغاياتهم وشرهم إبليس؛ فإنه متبعهم والقائل لجميعهم في إخبار الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وقد بسط من أمره وقصته في البقرة والأعراف ما يسر على المؤمنين الحذر منه وعرفهم به، وذكر اليهود والنصارى والمشركون والصابئون والمنافقون وغيرهم، وفصل مرتكب كل فريق منهم كما استوعب ذكر أهل الصراط المستقيم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وفصل أحوالهم ابتداء وانتهاء والتزاما وتركا ما أوضح طريقهم، وعين حزبهم وفريقهم
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=90أولئك الذين هدى الله وذكر أحوال الأمم مع أنبيائهم وأخذ كل من الأمم بذنبه مفصلا، وذكر ابتداء الخلق في قصة
آدم عليه السلام وحال الملائكة في التسليم والإذعان وذكر فريق الجن من مؤمن وكافر وأمر الآخرة وانتهاء حال الخلائق واستقرارهم الأخروي وتكرير دعاء الخلق إلى الله تعالى طمعا فيه ورحمة وإعلام الخلق بما هو عليه سبحانه وما يجب
[ ص: 233 ] له من الصفات العلى والأسماء الحسنى، ونبه العباد على الاعتبار وعلموا طرق الاستدلال ورغبوا ورهبوا وبشروا وأنذروا وأعلموا بافتقار المخلوقات بجملتها إليه سبحانه كما هو المتفرد بخلقهم إلى ما تخلل ذلك مما يعجز الخلائق عن حصره والإحاطة به
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4والله يقول الحق وهو يهدي السبيل فلما تقدم هذا كله في السبع الطوال وما تلاها أعقب ذلك بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ثم أتبع هذا بالإيماء إلى فصول ثلاثة عليها مدار آي الكتب، وهي فصل الإلهية، وفصل الرسالة، وفصل التكاليف، أما الأول فأشار إليه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ألا تعبدوا إلا الله وأما فصل الرسالة فأشار إليه قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إنني لكم منه نذير وبشير وأما فصل التكاليف فأشار إليه قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه وهذه الفصول الثلاثة هي التي تدور عليها آي القرآن وعليها مدار السورة الكريمة، فلما حصل استيفاء ذلك كله فيما تقدم ولم يبق وجه شبهة للمعاند ولا تعلق للجاحد واتضح الحق وبان قال سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وجاءك في هذه الحق إشارة إلى كمال المقصود وبيان المطلوب واستيفاء التعريف بوضوح الطريق وقد وضح من هذا تلاء السورة الكريمة لما تقدمها، ومما يشهد لهذا - والله أعلم - قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=17أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه وقوله تعالى]:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا [ ص: 234 ] فقد وضح طريقك وفاز بالفلاح حزبك وفريقك
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=113ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فقد عرفتم سبيلهم ومصيرهم فقد بان طريق الحق، وكيف ينكب من جزم سلوكه من الخلق! ونظيره قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وجاءك في هذه الحق عقب ما ذكر سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لمن الملك اليوم وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=19يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله فتأمل [ذلك] والله المستعان - انتهى.
وَلَمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2أَلا تَعْبُدُوا مُشِيرًا إِلَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقَدِّرَ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=19705_19721_20011_28640_29694_30532_32413_34103_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ أَيِ اطْلُبُوا مَعَ الْإِخْلَاصِ فِي الْعِبَادَةِ أَنْ يَغْفِرَ لَكُمُ الْمُحْسِنُ إِلَيْكُمْ مَا فَرَّطْتُمْ فِيهِ; وَأَشَارَ بِأَدَاةِ التَّرَاخِي إِلَى عُلُوِّ رُتْبَةِ التَّوْبَةِ، وَأَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى طَلَبِ الْغُفْرَانِ إِلَّا بِهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ أَيِ ارْجِعُوا بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ رُجُوعًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ [وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الدَّوَامَ فَجَلِيلُ رُتْبَتِهِ غَيْرُ خَفِيٍّ]
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3يُمَتِّعْكُمْ [أَيْ يَمُدُّ فِي تَلْذِيذِكُمْ بِالْعَيْشِ مَدًّا، مِنْ مَتَعَ النَّهَارُ: ارْتَفَعَ، وَالضُّحَى: بَلَغَ غَايَتَهُ، وَأَمْتَعَهُ اللَّهُ بِكَذَا: أَبْقَاهُ وَأَنْشَأَهُ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ شَبَابَهُ]; وَ[لَمَّا]، كَانَ التَّمْتِيعُ - وَهُوَ الْمَتَاعُ الْبَالِغُ فِيهِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ كَدَرٌ - لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْجَنَّةِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَصْدَرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3مَتَاعًا وَأَنَّهُ وَضَعَ مَوْضِعَ "تَمْتِيعًا"، هَذَا الْمَصْدَرَ
[ ص: 228 ] وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3حَسَنًا لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ أَنْهَى مَا يَلِيقُ بِهَذِهِ الدَّارِ، وَلَقَدْ كَانَ مَا أُوتِيَهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الظَّفَرِ بِالْإِهْدَاءِ وَسَعَةِ الدُّنْيَا وَرَغَدِ الْعَيْشِ كَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3إِلَى أَيْ: مُمْتَدًّا إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3أَجَلٍ مُسَمًّى أَيْ: فِي عِلْمِهِ إِمَّا بِالْمَوْتِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَوْ بِانْقِضَاءِ مَا ضَرَبَهُ مِنَ الْأَجَلِ لِلنِّعْمَةِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ أَيْ: عَمَلٍ فَاضِلٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3فَضْلَهُ أَيْ: جَزَاءَ مَا قَصَدَ بِعَمَلِهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْضِيلِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ التَّفْضِيلِ: الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ وَهَلَكَ مَنْ غَلَبَتْ آحَادُهُ عَشَرَاتِهِ.
وَلَمَّا انْقَضَى التَّبْشِيرُ مَجْزُومًا بِهِ، أَتْبَعَهُ التَّحْذِيرَ مُخَوِّفًا مِنْهُ لُطْفًا بِالْعِبَادِ وَاسْتِعْطَافًا لَهُمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَإِنْ تَوَلَّوْا أَيْ: تُكَلِّفُوا أَنْفُسَكُمْ ضِدَّ مَا طَبَعَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ سَلَامَةِ الْفِطْرَةِ وَسُهُولَةِ الِانْقِيَادِ مِنَ الْإِعْرَاضِ وَلَوْ أَدْنَى دَرَجَاتِهِ بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ حَذْفُ التَّاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَيْ: وَالْعَاقِلُ مِنْ أَبْعَدِ عَنِ الْمَخَاوِفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ أَيْ: لِكِبَرِ مَا فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ مِمَّنْ قَدَرَ عَلَى إِثْبَاتِكُمْ، وَخَصَّ اسْمُ الرَّبِّ تَذْكِيرًا بِمَا لَهُ مِنَ النِّعَمِ فِي الْإِيجَادِ وَالْإِنْشَاءِ وَالتَّرْبِيَةِ; وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِغْفَارُ - وَهُوَ طَلَبُ الْغُفْرَانِ - مَطْلُوبًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا إِذَا قُرِنَ بِالتَّوْبَةِ، عَطَفَ عَلَيْهِ
[ ص: 229 ] بِ: " ثُمَّ " إِشَارَةً إِلَى عَظِيمِ رُتْبَتِهَا وَعَلَى مَنْزِلَتِهَا وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الدَّوَامَ عَلَيْهَا فَجَلِيلُ رُتْبَتِهِ غَيْرُ خَفِيٍّ، وَفِي التَّعْبِيرِ عَنِ الْعَمَلِ بِالْفَضْلِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعِ التَّكْلِيفُ إِلَّا بِمَا فِي الْوُسْعِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ مَعَالِي الْأَخْلَاقِ، لِأَنَّ الْفَضْلَ فِي الْأَصْلِ مَا فَضَلَ عَنِ الْإِنْسَانِ وَتُعَانِيهِ مِنْ كَرِيمِ الشَّمَائِلِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ فِي الذُّرْوَةِ مِنَ الْإِحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ الْفِعْلَ مِنَ الْفَسَادِ; وَالْحَكِيمُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَهِيَ الْعِلْمُ بِمَا يَجْمَعُ عَلَيْهِ مِمَّا يَمْنَعُ الْفِعْلَ مِنَ الْفَسَادِ وَالنَّقْضِ، وَبِهَا يُمَيَّزُ الْحَسَنُ مِنَ الْقَبِيحِ وَالْفَاسِدِ مِنَ الصَّحِيحِ، وَقَدْ أَشَارَتِ الْآيَةُ إِلَى أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ وَالتَّوْبَةَ سَبَبُ السِّعَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=66وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَأَنَّ الْإِعْرَاضَ سَبَبُ الضِّيقِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=702247إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ».
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ إِشَارَةً إِلَى ثَوَابِ الْآخِرَةِ،
nindex.php?page=treesubj&link=19705فَالتَّوْبَةُ سَبَبُ طِيبِ الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي كِتَابِهِ فِي مُنَاسَبَةِ هَذِهِ السُّورَةِ لِلَّتِي قَبْلَهَا: وَلَمَّا كَانَتْ سُورَةُ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ تَضَمَّنَتْ - مِنْ آيِ التَّنْبِيهِ وَالتَّحْرِيكِ لِلْفِطَرِ وَمِنَ الْعِظَاتِ وَالتَّخْوِيفِ وَالتَّهْدِيدِ وَالتَّرْهِيبِ
[ ص: 230 ] وَالتَّرْغِيبِ وَتَقْرِيعِ الْمُشْرِكِينَ وَالْجَاحِدِينَ وَالْقَطْعِ بِهِمْ وَالْإِعْلَامِ بِالْجَرَيَانِ عَلَى حُكْمِ السَّوَابِقِ وَوُجُوبِ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْلِيمِ - مَا لَمْ تَشْمَلْ عَلَى مِثْلِهِ سُورَةٌ لِتَكَرُّرِ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا، وَسَبَبُ تَكَرُّرِ ذَلِكَ فِيهَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهَا أُعْقِبَتْ بِهَا السَّبْعُ الطِّوَالُ، وَقَدْ مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ بِهَا وَقْعُ اسْتِيفَاءِ بَيَانِ حَالِ الْمُتَنَكِّبِينَ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ، ثُمَّ اسْتَوْفَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ مَا وَقَعَتِ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَسَطَتْ مَا أُجْمِلَ مِنْ أَمْرِهِمْ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِخِطَابِ الْمُسْتَجِيبِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَذَّرُوا وَأَنْذَرُوا، وَكَشَفَ عَنْ حَالِ مَنْ تَلَبَّسَ بِهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَتَمَّ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا فِي سُورَتَيِ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ، ثُمَّ عَادَ الْخِطَابُ إِلَى طَرِيقَةِ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ عَذَابِهِ بَعْدَ بَسْطِ مَا تَقَدَّمَ، فَكَانَ مَظِنَّةَ تَأْكِيدِ التَّخْوِيفِ وَالتَّرْهِيبِ لِإِتْيَانِ ذَلِكَ بَعْدَ بَسْطِ حَالٍ وَإِيضَاحِ أَدِلَّةٍ، فَلِهَذَا كَانَتْ سُورَةُ يُونُسَ مُضَمَّنَةً مِنْ هَذَا مَا لَمْ يُضَمَّنْ غَيْرُهَا، أَلَا تَرَى افْتِتَاحَهَا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الْآيَاتِ. وَمُنَاسِبَةُ هَذَا الِافْتِتَاحِ دُعَاءُ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ثُمَّ قَدْ نُبِّهُوا هُنَا كَمَا نُبِّهُوا هُنَاكَ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ثُمَّ تَأَكَّدَتِ الْمَوَاعِظُ وَالزَّوَاجِرُ وَالْإِشَارَاتُ إِلَى أَحْوَالِ الْمُكَذِّبِينَ وَالْمُعَانِدِينَ،
[ ص: 231 ] فَمِنَ التَّنْبِيهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=6إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=34قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=35قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ - إِلَى غَيْرِ هَذَا، وَعَلَى هَذَا السَّنَنِ تَكَرَّرَتِ الْعِظَاتُ وَالْأَغْرَاضُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَحَصَلَ مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَالْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ وَيُونُسَ تَفْصِيلُ مَا كَانَ أُجْمِلَ فِيمَا تَقَدَّمَهَا كَمَا حَصَلَ مِمَّا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ أَحْوَالِ السَّالِكِينَ وَالْمُتَنَكِّبِينَ، فَلَمَّا تَقَرَّرَ هَذَا كُلُّهُ أَتْبَعَ الْمَجْمُوعَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ وَتَأَمَّلْ مُنَاسَبَةَ الْإِتْيَانِ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الْكَرِيمَيْنِ وَهُمَا " الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " ثُمَّ تَأَمَّلْ تَلَاؤُمَ صَدْرِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ وَقَدْ كَانَ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=57قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَتْبَعَ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ بِقَوْلِهِ فِي صَدْرِ سُورَةِ هُودٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ فَكَأَنَّهُ فِي مَعْرِضِ بَيَانِ الْحَقِّ وَالْمَوْعِظَةِ، وَإِذَا كَانَتْ مُحْكَمَةً مُفَصَّلَةً فَحُقَّ لَهَا أَنْ تَكُونَ شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَحُقَّ تَوْبِيخُهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=39بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَالْعَجَبُ فِي عَمَهِهِمْ مَعَ \ إِحْكَامِهِ وَتَفْصِيلِهِ وَلَكِنَّ
[ ص: 232 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=96الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ آخِرَ هَذِهِ السُّورَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ فَكُلُّ الْكِتَابِ حَقٌّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى، وَإِنَّمَا الْإِشَارَةُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - بِمَا أَرَادَ إِلَى مَا تَقَرَّرَ الْإِيمَاءُ إِلَيْهِ مِنْ كَمَالِ بَيَانِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَمُلْتَزَمَاتِ مُتَّبِعِيهِ أَخْذًا وَتَرْكًا، وَذِكْرِ أَحْوَالِ الْمُتَنَكِّبِينَ عَلَى شَتَّى طُرُقِهِمْ، وَاخْتِلَافِ أَهْوَائِهِمْ وَغَايَاتِهِمْ وَشَرُّهُمْ إِبْلِيسُ؛ فَإِنَّهُ مُتَّبِعُهُمْ وَالْقَائِلُ لِجَمِيعِهِمْ فِي إِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَقَدْ بُسِطَ مَنْ أَمْرِهِ وَقِصَّتِهِ فِي الْبَقَرَةِ وَالْأَعْرَافِ مَا يَسَّرَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْحَذَرَ مِنْهُ وَعَرَّفَهُمْ بِهِ، وَذُكِرَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ وَالصَّابِئُونَ وَالْمُنَافِقُونَ وَغَيْرُهُمْ، وَفَصَّلَ مُرْتَكَبَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ كَمَا اسْتَوْعَبَ ذِكْرَ أَهْلِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَفَصَّلَ أَحْوَالَهُمُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَالْتِزَامًا وَتَرْكًا مَا أَوْضَحَ طَرِيقَهُمْ، وَعَيَّنَ حِزْبَهُمْ وَفَرِيقَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=90أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَذَكَرَ أَحْوَالَ الْأُمَمِ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ وَأَخْذَ كُلٍّ مِنَ الْأُمَمِ بِذَنْبِهِ مُفَصَّلًا، وَذَكَرَ ابْتِدَاءَ الْخَلْقِ فِي قِصَّةِ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحَالَ الْمَلَائِكَةِ فِي التَّسْلِيمِ وَالْإِذْعَانِ وَذَكَرَ فَرِيقَ الْجِنَّ مِنْ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ وَأَمْرَ الْآخِرَةِ وَانْتِهَاءَ حَالِ الْخَلَائِقِ وَاسْتِقْرَارَهُمُ الْأُخْرَوِيَّ وَتَكْرِيرَ دُعَاءِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى طَمَعًا فِيهِ وَرَحْمَةً وَإِعْلَامَ الْخَلْقِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَمَا يَجِبُ
[ ص: 233 ] لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ الْعُلَى وَالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَنَبَّهَ الْعِبَادَ عَلَى الِاعْتِبَارِ وَعَلِمُوا طُرُقَ الِاسْتِدْلَالِ وَرَغِبُوا وَرَهِبُوا وَبَشَّرُوا وَأَنْذَرُوا وَأَعْلَمُوا بِافْتِقَارِ الْمَخْلُوقَاتِ بِجُمْلَتِهَا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِخَلْقِهِمْ إِلَى مَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِمَّا يَعْجِزُ الْخَلَائِقُ عَنْ حَصْرِهِ وَالْإِحَاطَةِ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=4وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ فَلَمَّا تَقَدَّمَ هَذَا كُلُّهُ فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ وَمَا تَلَاهَا أَعْقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ثُمَّ أَتْبَعَ هَذَا بِالْإِيمَاءِ إِلَى فُصُولٍ ثَلَاثَةٍ عَلَيْهَا مَدَارُ آيِ الْكُتُبِ، وَهِيَ فَصْلُ الْإِلَهِيَّةِ، وَفَصْلُ الرِّسَالَةِ، وَفَصْلُ التَّكَالِيفِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ وَأَمَّا فَصْلُ الرِّسَالَةِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَمَّا فَصْلُ التَّكَالِيفِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ وَهَذِهِ الْفُصُولُ الثَّلَاثَةُ هِيَ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا آيُ الْقُرْآنِ وَعَلَيْهَا مَدَارُ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ، فَلَمَّا حَصَلَ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَبْقَ وَجْهُ شُبْهَةٍ لِلْمُعَانِدِ وَلَا تَعَلُّقَ لِلْجَاحِدِ وَاتَّضَحَ الْحَقُّ وَبَانَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ إِشَارَةً إِلَى كَمَالِ الْمَقْصُودِ وَبَيَانِ الْمَطْلُوبِ وَاسْتِيفَاءِ التَّعْرِيفِ بِوُضُوحِ الطَّرِيقِ وَقَدْ وَضَحَ مِنْ هَذَا تِلَاءُ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ لِمَا تَقَدَّمَهَا، وَمِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=17أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى]:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا [ ص: 234 ] فَقَدْ وَضَحَ طَرِيقُكَ وَفَازَ بِالْفَلَاحِ حِزْبُكَ وَفَرِيقُكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=113وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَقَدْ عَرَفْتُمْ سَبِيلَهُمْ وَمَصِيرَهُمْ فَقَدْ بَانَ طَرِيقُ الْحَقِّ، وَكَيْفَ يَنْكِبُ مَنْ جَزَمَ سُلُوكَهُ مِنَ الْخَلْقِ! وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=120وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ عَقِبَ مَا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=19يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ فَتَأَمَّلْ [ذَلِكَ] وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ - انْتَهَى.