ولما كان نفي ذلك عاما للفضل الدنيوي، وكان الاتصاف بقلة ما في اليد إنما يكون ضارا إذا كان صاحبه يسأل غيره، نفى عنه هذا اللازم العائب فقال مجيبا عن نفيهم الفضل عنه وعن أتباعه بأنه قد يريد منهم على ذلك ثوابا دنيويا:
nindex.php?page=treesubj&link=30513_30549_32022_33953_34141_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29ويا قوم استعطافا لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29لا أسألكم أي: في وقت \ من الأوقات
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29عليه أي الإنذار كما يأخذ منكم من ينذركم أمر من يريد منكم من ينذركم أمر من يريد بكم بعض ما تكرهون
[ ص: 274 ] في أمور دنياكم حتى تكون عاقبة ذلك أن تتهموني
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29مالا إن أي: ما
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29أجري إلا على الله أي الذي له الجلال والإكرام فبيده الخزائن كلها، ونبه بهذا على أنه لا غرض له من عرض دنيوي ينفر المدعو عنه فوجب تصديقه، وفيه تلقين للجواب عن قول
قريش : لولا ألقي إليه كنز - كما سيأتي بأبين من ذلك عقب قصة
يوسف عليه السلام في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=104وما تسألهم عليه من أجر لأن هذه القصص كالشيء الواحد متتابعة في بيان حقية هذا القرآن والتأسية في الاقتداء بالرسل في الصبر على أداء جميع الرسالة مع ما يلزم ذلك من جليل العبر وبديع الحكم، فلما اتحد الغرض منها مع تواليها اتحدت متفرقاتها.
ولما كان التعبير برذالة المتبع مما ينفر أهل الدنيا عن ذلك التابع، بين لهم أن شأنه غير شأنهم وأنه رقيق على من آمن به رفيق به رحيم له وإن كان متأخرا في الدنيا محروما منها خوفا من الله الذي اتبعوه فيه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وما أنا وأغرق في النفي بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29بطارد الذين آمنوا أي: أقروا بألسنتهم بالإيمان; ثم علل ذلك بقوله مؤكدا لإنكارهم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46أنهم ملاقو ربهم أي المحسن إليهم بعد إيجادهم وترتيبهم لهدايتهم، فلو طردتهم لشكوني إليه فلا أرى لكم وجها في الإشارة إلى طردهم ولا في شيء مما أجبتموني به
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29ولكني أراكم أي: أعلمكم علما هو كالرؤية
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29قوما تجهلون [أي] تفعلون أفعال أهل الجهل فتكذبون
[ ص: 275 ] الصادق وتعيرون المؤمنين بما لا يعنيهم وتنسون لقاء الله وتوقعون الأشياء في غير مواقعها، وفي تعبيره ب: " تجهلون " دون " جاهلين " إشارة إلى أن الجهل متجدد لهم وهو غير عادتهم استعطافا لهم إلى الحلم،
وَلَمَّا كَانَ نَفْيُ ذَلِكَ عَامًّا لِلْفَضْلِ الدُّنْيَوِيِّ، وَكَانَ الِاتِّصَافُ بِقِلَّةِ مَا فِي الْيَدِ إِنَّمَا يَكُونُ ضَارًّا إِذَا كَانَ صَاحِبُهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ، نَفَى عَنْهُ هَذَا اللَّازِمَ الْعَائِبَ فَقَالَ مُجِيبًا عَنْ نَفْيِهِمُ الْفَضْلَ عَنْهُ وَعَنْ أَتْبَاعِهِ بِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابًا دُنْيَوِيًّا:
nindex.php?page=treesubj&link=30513_30549_32022_33953_34141_34513_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وَيَا قَوْمِ اسْتِعْطَافًا لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29لا أَسْأَلُكُمْ أَيْ: فِي وَقْتٍ \ مِنَ الْأَوْقَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29عَلَيْهِ أَيِ الْإِنْذَارِ كَمَا يَأْخُذُ مِنْكُمْ مَنْ يُنْذِرُكُمْ أَمْرَ مَنْ يُرِيدُ مِنْكُمْ مَنْ يُنْذِرُكُمْ أَمْرَ مَنْ يُرِيدُ بِكُمْ بَعْضَ مَا تَكْرَهُونَ
[ ص: 274 ] فِي أُمُورِ دُنْيَاكُمْ حَتَّى تَكُونَ عَاقِبَةُ ذَلِكَ أَنْ تَتَّهِمُونِي
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29مَالا إِنْ أَيْ: مَا
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ أَيِ الَّذِي لَهُ الْجَلَالُ وَالْإِكْرَامُ فَبِيَدِهِ الْخَزَائِنُ كُلُّهَا، وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ مِنْ عَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ يُنَفِّرُ الْمَدْعُوَّ عَنْهُ فَوَجَبَ تَصْدِيقُهُ، وَفِيهِ تَلْقِينٌ لِلْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ
قُرَيْشٍ : لَوْلَا أُلْقِي إِلَيْهِ كَنْزٌ - كَمَا سَيَأْتِي بِأَبْيَنَ مِنْ ذَلِكَ عَقِبَ قِصَّةِ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=104وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَصَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ مُتَتَابِعَةً فِي بَيَانِ حَقِّيَّةِ هَذَا الْقُرْآنِ وَالتَّأْسِيَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِالرُّسُلِ فِي الصَّبْرِ عَلَى أَدَاءِ جَمِيعِ الرِّسَالَةِ مَعَ مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ جَلِيلِ الْعِبَرِ وَبَدِيعِ الْحِكَمِ، فَلَمَّا اتَّحَدَ الْغَرَضُ مِنْهَا مَعَ تَوَالِيهَا اتَّحَدَتْ مُتَفَرِّقَاتُهَا.
وَلَمَّا كَانَ التَّعْبِيرُ بِرَذَالَةِ الْمُتَّبِعِ مِمَّا يُنَفِّرُ أَهْلَ الدُّنْيَا عَنْ ذَلِكَ التَّابِعِ، بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ شَأْنَهُ غَيْرُ شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُ رَقِيقٌ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ رَفِيقٌ بِهِ رَحِيمٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فِي الدُّنْيَا مَحْرُومًا مِنْهَا خَوْفًا مِنَ اللَّهِ الَّذِي اتَّبَعُوهُ فِيهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وَمَا أَنَا وَأَغْرَقَ فِي النَّفْيِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا أَيْ: أَقَرُّوا بِأَلْسِنَتِهِمْ بِالْإِيمَانِ; ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُؤَكَّدًا لِإِنْكَارِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ أَيِ الْمُحْسِنِ إِلَيْهِمْ بَعْدَ إِيجَادِهِمْ وَتَرْتِيبِهِمْ لِهِدَايَتِهِمْ، فَلَوْ طَرَدْتُهُمْ لَشَكَوْنِي إِلَيْهِ فَلَا أَرَى لَكُمْ وَجْهًا فِي الْإِشَارَةِ إِلَى طَرْدِهِمْ وَلَا فِي شَيْءٍ مِمَّا أَجَبْتُمُونِي بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ أَيْ: أَعْلَمُكُمْ عِلْمًا هُوَ كَالرُّؤْيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=29قَوْمًا تَجْهَلُونَ [أَيْ] تَفْعَلُونَ أَفْعَالَ أَهْلِ الْجَهْلِ فَتُكَذِّبُونَ
[ ص: 275 ] الصَّادِقَ وَتُعَيِّرُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا لَا يَعْنِيهِمْ وَتَنْسَوْنَ لِقَاءَ اللَّهِ وَتُوقِعُونَ الْأَشْيَاءَ فِي غَيْرِ مَوَاقِعِهَا، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِ: " تَجْهَلُونَ " دُونَ " جَاهِلِينَ " إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْجَهْلَ مُتَجَدِّدٌ لَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ عَادَتِهِمُ اسْتِعْطَافًا لَهُمْ إِلَى الْحِلْمِ،