الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو نعيم : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن النعمان بن بشير ، قال : استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا عائشة ترفع صوتها عليه ، فقال : يا بنت فلانة ، ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها . ثم خرج أبو بكر ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضاها ، وقال : ألم تريني حلت بين الرجل وبينك " . ثم استأذن أبو بكر مرة أخرى ، فسمع تضاحكهما ، فقال : أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما .

                                                                                      أخرجه أبو داود والنسائي من طريق حجاج بن محمد ، عن يونس [ ص: 172 ] نحوه . لكنه قال : عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار ، عن النعمان .

                                                                                      ورواه عمرو العنقزي عن يونس ، عن أبيه ، فأسقط العيزار .

                                                                                      وروى نحوه أحمد في " مسنده " عن وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن النعمان .

                                                                                      موسى بن علي بن رباح ، سمعت أبي يقول : أخبرني أبو قيس مولى عمرو ، قال : بعثني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة : سلها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ؟ فإن قالت : لا ، فقل : إن عائشة تخبر الناس أنه كان يقبل وهو صائم ، فقالت : لعله أنه لم يكن يتمالك عنها حبا ، أما إياي ، فلا .

                                                                                      أحمد في " مسنده " : حدثنا عثمان بن عمر : حدثنا يونس الأيلي : حدثنا أبو شداد ، عن مجاهد ، عن أسماء بنت عميس ، قالت : كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة ، فما وجدنا عنده قرى إلا قدحا من لبن ، فشرب منه ، ثم ناوله عائشة ، فاستحيت الجارية ، فقلنا : لا تردي يد رسول الله ، خذي منه ، فأخذت منه على حياء ، فشربت . ثم قال : ناولي صواحبك ، فقلنا : لا نشتهيه ، فقال : لا تجمعن جوعا وكذبا ، فقلت : يا رسول الله ، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه : [ ص: 173 ] لا تشتهيه أيعد ذلك كذبا ؟ قال : إن الكذب يكتب ، حتى تكتب الكذيبة كذيبة .

                                                                                      هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من طريق أبي شداد ، وليس بالمشهور . قد روى عنه ابن جريج أيضا . ثم هو خطأ ، فإن أسماء ، كانت وقت عرس عائشة بالحبشة مع جعفر بن أبي طالب ، ولا نعلم لمجاهد سماعا عن أسماء ، أو لعلها أسماء بنت يزيد ، فإنها روت عجز هذا الحديث . زكريا بن أبي زائدة ، عن خالد بن سلمة ، عن البهي ، عن عروة ، قال : قالت عائشة : ما علمت حتى دخلت علي زينب بغير إذن وهي غضبى ، ثم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أحسبك إذا قلبت لك بنية أبي بكر ذريعتيها ؟ ثم أقبلت علي ، فأعرضت عنها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دونك [ ص: 174 ] فانتصري ، فأقبلت عليها حتى رأيت قد يبس ريقها في فمها ، فما ترد علي شيئا ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه أحمد بن عبيد الله النرسي : حدثنا يحيى الخواص : حدثنا محاضر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير يومي يطلب مني ضجعا ، فدق ، فسمعت الدق ، ثم خرجت ، ففتحت له ، فقال : ما كنت تسمعين الدق ؟ قلت : بلى ، ولكنني أحببت أن يعلم النساء أنك أتيتني في غير يومي .

                                                                                      هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : سابقني النبي صلى الله عليه وسلم ، فسبقته ما شاء ، حتى إذا رهقني اللحم ، سابقني ، فسبقني ، فقال : يا عائشة هذه بتلك . [ ص: 175 ]

                                                                                      ورواه أبو إسحاق الفزاري عن هشام ، فقال : عن أبيه ، وعن أبي سلمة عنها . أخرجه هكذا أبو داود . أبو سعد البقال عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه : قالت عائشة : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتاه جبريل بصورتي ، وإني لجارية علي حوف ، فلما تزوجني ، ألقى الله علي حياء وأنا صغيرة .

                                                                                      الحوف : سيور في الوسط .

                                                                                      مسعر ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العظم فأتعرقه ، ثم يأخذه ، فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي .

                                                                                      رواه شعبة والناس عن المقدام ، أخرجه مسلم .

                                                                                      أخبرنا علي بن محمد ، ومحمد بن علي ، وعلي بن بقاء وأهله فاطمة الآمدية ، وأحمد بن إبراهيم الدباغ ، وعبد الدائم الوزان ، وعبد الصمد [ ص: 176 ] الزاهد ، ومحمد بن هاشم العباسي ، ونصر بن أبي الضوء ، وزينب بنت سليمان ، وعدة ، قالوا : أخبرنا الحسين بن المبارك : أخبرنا عبد الأول بن عيسى : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد : أخبرنا عبد الله بن أحمد : أخبرنا محمد بن يوسف : حدثنا محمد بن إسماعيل : حدثنا أبو نعيم : حدثنا عبد الواحد بن أيمن : حدثني ابن أبي مليكة ، عن القاسم ، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج ، أقرع بين نسائه ، فطارت القرعة لعائشة وحفصة ، وكان إذا كان بالليل ، سار مع عائشة يتحدث ، فقالت حفصة : ألا تركبين الليلة بعيري ، وأركب بعيرك تنظرين وأنظر ، فقالت : بلى ، فركبت ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة ، وعليه حفصة ، فسلم عليها ، ثم سار حتى نزلوا ، وافتقدته عائشة فلما نزلوا ، جعلت رجليها بين الإذخر وتقول : يا رب ، سلط علي عقربا أو حية تلدغني ، رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئا .

                                                                                      أخرجه مسلم عن إسحاق ، عن أبي نعيم ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                                      زياد بن أيوب : حدثنا مصعب بن سلام : حدثنا محمد بن سوقة ، عن [ ص: 177 ] عاصم بن كليب ، عن أبيه : قال : انتهينا إلى علي رضي الله عنه ، فذكر عائشة ، فقال : خليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      هذا حديث حسن . ومصعب فصالح لا بأس به . وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ما وقع بينهما ، فرضي الله عنهما . ولا ريب أن عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل ، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ ، فعن عمارة بن عمير ، عمن سمع عائشة : إذا قرأت : وقرن في بيوتكن بكت حتى تبل خمارها .

                                                                                      قال أحمد في " مسنده " : حدثنا يحيى القطان ، عن إسماعيل : حدثنا قيس ، قال : لما أقبلت عائشة ، فلما بلغت مياه بني عامر ليلا . نبحت الكلاب ، فقالت : أي ماء هذا ؟ قالوا : ماء الحوأب . قالت : ما أظنني إلا أنني راجعة . قال بعض من كان معها : بل تقدمين فيراك المسلمون ، فيصلح الله ذات بينهم . قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب . [ ص: 178 ]

                                                                                      هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجوه .

                                                                                      عن صالح بن كيسان وغيره : أن عائشة جعلت تقول : إن عثمان قتل مظلوما ، وأنا أدعوكم إلى الطلب بدمه ، وإعادة الأمر شورى .

                                                                                      هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قال للزبير يوم الجمل : هذه عائشة تملك الملك لقرابتها طلحة ، فأنت علام تقاتل قريبك عليا ! فرجع الزبير ، فلقيه ابن جرموز ، فقتله .

                                                                                      قلت : قد سقت وقعة الجمل ملخصة في مناقب علي ، وإن عليا وقف على خباء عائشة يلومها على مسيرها ، فقالت : يا ابن أبي طالب ، ملكت فأسجح ، فجهزها إلى المدينة ، وأعطاها اثني عشر ألفا ، فرضي الله عنه وعنها .

                                                                                      وفي " صحيح البخاري " من طريق أبي حصين عن عبد الله بن زياد ، عن عمار بن ياسر ، سمعه على المنبر يقول : إنها لزوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة . يعني : عائشة .

                                                                                      وفي لفظ ثابت : أشهد بالله إنها لزوجته .

                                                                                      شعبة ، عن الحكم ، عن أبي وائل : سمع عمارا يقول ، حين بعثه علي إلى الكوفة ليستنفر الناس : إنا لنعلم إنها لزوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم بها ، لتتبعوه ، أو إياها . [ ص: 179 ]

                                                                                      أبو إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن غالب : أن رجلا نال من عائشة عند عمار ، فقال : اغرب مقبوحا ، أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .

                                                                                      صححه الترمذي في بعض النسخ ، وفي بعض النسخ : هذا حديث حسن .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية