إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير
إلا الذين صبروا على ما أصابهم من الضراء سابقا أو لاحقا إيمانا بالله واستسلاما لقضائه وعملوا الصالحات شكرا على آلائه السالفة والآنفة، واللام في الإنسان إما لاستغراق الجنس فالاستثناء متصل، أو للعهد فمنقطع أولئك إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وبعد منزلتهم في الفضل، أي: أولئك الموصوفون بتلك الصفات الحميدة لهم مغفرة عظيمة لذنوبهم وإن جمت وأجر ثواب لأعمالهم الحسنة كبير ووجه تعلق الآيات الثلاث بما قبلهن من حيث إن إذاقة النعماء ومساس الضراء فصل من باب الابتلاء واقع موقع التفصيل من الإجمال الواقع في قوله تعالى: ليبلوكم أيكم أحسن عملا والمعنى أن كلا من إذاقة النعماء ونزعها - مع كونه ابتلاء للإنسان أيشكر أم يكفر - لا يهتدي إلى سنن الصواب، بل يحيد في كلتا الحالتين عنه إلى مهاوي الضلال، فلا يظهر منه حسن عمل إلا من الصابرين الصالحين، أو من حيث إن إنكارهم بالبعث واستهزائهم بالعذاب بسبب بطرهم وفخرهم، كأنه قيل: إنما فعلوا ما فعلوا؛ لأن طبيعة الإنسان مجبولة على ذلك.