ولما تمت هذه القصة على النحو الوافي ببيان
nindex.php?page=treesubj&link=31828اجتهاد نوح عليه السلام في إبلاغ الإنذار من غير مراعاة إقبال ولا إدبار، وكانت مع ذلك دالة على علم تام واطلاع على دقائق لا سبيل إليها إلا من جهة الملك العلام، فهي على إزالة اللبس عن أمره صلى الله عليه وسلم أوضح من الشمس، قال تعالى منبها على ذلك:
nindex.php?page=treesubj&link=19570_29677_30175_30614_32016_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تلك أي: هذه الأنباء البديعة الشأن الغريبة الأمر البعيدة عن طوق المعارض، العلية الرتب عن يد المتناول
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49من أنباء الغيب أي: أخباره العظيمة، ثم أشار إلى أنه لا يزال يجدد له أمثالها بالمضارع في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49نوحيها إليك فكأنه قيل: إن بعض أهل الكتاب يعلم بعض تفاصيلها، فأشار إلى أن ذلك مجموعه غيب وبما يعلمونه غيب نسبي بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49ما كنت تعلمها أي: على هذا التفصيل
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49أنت ولما كان خفاؤها عن قومه دليلا على خفائها عنه لأنه لم يخالط غيرهم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49ولا قومك أي: وإن كانوا أهل قوة في القيام على ما يحاولونه وعددا كثيرا، ومنهم من يكتب ويخالط العلماء.
ولما كان زمان خفاء ذلك عنهم - وإن كان عاما لهم - بعض الزمان الماضي، أدخل الجار فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49من قبل هذا أي: من إيحائي إليك حتى يطرق الوهم حينئذ أنك تعلمتها من أحد منهم وإن كان يعلم
[ ص: 306 ] كثيرا منها أهل الكتاب كما رأيت عن نص التوراة فبان أن لا غرض لقومك إلا العناد
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49فاصبر على ذلك ولا تفتر عن الإنذار، فستكون لك العاقبة كما كانت
لنوح لأجل تقواه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49إن العاقبة أي: آخر الأمر من الفوز والنصر والسعادة
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49للمتقين أي العريقين في مخافة الله في كل زمن، وقد تضمنت القصة البيان عما يوجبه حال أهل الخير والإيمان وأهل الشر والطغيان \ من الاعتبار بالنبأ عن الفريقين ليجتبي حال هؤلاء ويتقي حال أولئك لسوء العاقبة في الدنيا والآخرة.
وَلَمَّا تَمَّتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ عَلَى النَّحْوِ الْوَافِي بِبَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=31828اجْتِهَادِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي إِبْلَاغِ الْإِنْذَارِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ إِقْبَالٍ وَلَا إِدْبَارٍ، وَكَانَتْ مَعَ ذَلِكَ دَالَّةً عَلَى عِلْمٍ تَامٍّ وَاطِّلَاعٍ عَلَى دَقَائِقَ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ، فَهِيَ عَلَى إِزَالَةِ اللَّبْسِ عَنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْضَحُ مِنَ الشَّمْسِ، قَالَ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى ذَلِكَ:
nindex.php?page=treesubj&link=19570_29677_30175_30614_32016_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تِلْكَ أَيْ: هَذِهِ الْأَنْبَاءُ الْبَدِيعَةُ الشَّأْنِ الْغَرِيبَةُ الْأَمْرِ الْبَعِيدَةُ عَنْ طَوْقِ الْمَعَارِضِ، الْعَلِيَّةِ الرُّتَبِ عَنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ أَيْ: أَخْبَارِهِ الْعَظِيمَةِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُجَدِّدُ لَهُ أَمْثَالَهَا بِالْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49نُوحِيهَا إِلَيْكَ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْكِتَابِ يَعْلَمُ بَعْضَ تَفَاصِيلِهَا، فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَجْمُوعُهُ غَيْبٌ وَبِمَا يَعْلَمُونَهُ غَيْبٌ نِسْبِيٌّ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَيْ: عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49أَنْتَ وَلَمَّا كَانَ خَفَاؤُهَا عَنْ قَوْمِهِ دَلِيلًا عَلَى خَفَائِهَا عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِطْ غَيْرَهُمْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49وَلا قَوْمُكَ أَيْ: وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ فِي الْقِيَامِ عَلَى مَا يُحَاوِلُونَهُ وَعَدَدًا كَثِيرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُ وَيُخَالِطُ الْعُلَمَاءَ.
وَلَمَّا كَانَ زَمَانُ خَفَاءِ ذَلِكَ عَنْهُمْ - وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَهُمْ - بَعْضَ الزَّمَانِ الْمَاضِي، أَدْخَلَ الْجَارَّ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49مِنْ قَبْلِ هَذَا أَيْ: مِنْ إِيحَائِي إِلَيْكَ حَتَّى يَطْرُقَ الْوَهْمُ حِينَئِذٍ أَنَّكَ تَعَلَّمْتَهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ
[ ص: 306 ] كَثِيرًا مِنْهَا أَهْلُ الْكِتَابِ كَمَا رَأَيْتَ عَنْ نَصِّ التَّوْرَاةِ فَبَانَ أَنْ لَا غَرَضَ لِقَوْمِكَ إِلَّا الْعِنَادُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49فَاصْبِرْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَفْتُرْ عَنِ الْإِنْذَارِ، فَسَتَكُونُ لَكَ الْعَاقِبَةُ كَمَا كَانَتْ
لِنُوحٍ لِأَجْلِ تَقْوَاهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49إِنَّ الْعَاقِبَةَ أَيْ: آخِرَ الْأَمْرِ مِنَ الْفَوْزِ وَالنَّصْرِ وَالسَّعَادَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49لِلْمُتَّقِينَ أَيِ الْعَرِيقِينَ فِي مَخَافَةِ اللَّهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ، وَقَدْ تَضَمَّنَتِ الْقِصَّةُ الْبَيَانَ عَمَّا يُوجِبُهُ حَالُ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْإِيمَانِ وَأَهْلِ الشَّرِّ وَالطُّغْيَانِ \ مِنَ الِاعْتِبَارِ بِالنَّبَأِ عَنِ الْفَرِيقَيْنِ لِيَجْتَبِيَ حَالَ هَؤُلَاءِ وَيَتَّقِيَ حَالَ أُولَئِكَ لِسُوءِ الْعَاقِبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.