وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28704_28703الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره في الدنيا إلى الله تعالى في الدعاء ، ففيه تفصيل : فإن الداعي تارة يقول : بحق نبيك أو بحق فلان ، يقسم على الله بأحد من مخلوقاته ، فهذا محذور من وجهين : أحدهما : أنه أقسم بغير الله . والثاني : اعتقاده أن لأحد على الله حقا . ولا يجوز الحلف بغير الله ، وليس لأحد على الله حق إلا ما أحقه على نفسه ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=47وكان حقا علينا نصر المؤمنين . وكذلك ما ثبت في ( ( الصحيحين ) ) من قوله صلى الله عليه وسلم
لمعاذ رضي الله عنه ، وهو رديفه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964289يا معاذ ، أتدري ما حق الله على عباده ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : [ ص: 295 ] حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : حقهم عليه أن لا يعذبهم . فهذا حق وجب بكلماته التامة ووعده الصادق ، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق ، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير ، وحقهم الواجب بوعده هو أن لا يعذبهم ، وترك تعذيبهم معنى لا يصلح أن يقسم به ، ولا أن يسأل بسببه ويتوسل به ، لأن السبب هو ما نصبه الله سببا . وكذلك الحديث الذي في المسند من حديث
أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قول الماشي إلى الصلاة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964290أسألك بحق ممشاي هذا ، وبحق السائلين عليك ، فهذا حق السائلين ، هو أوجبه
[ ص: 296 ] على نفسه ، فهو الذي أحق للسائلين أن يجيبهم ، وللعابدين أن يثيبهم ، ولقد أحسن القائل :
ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع إن عذبوا فبعدله ، أو نعموا
فبفضله وهو الكريم الواسع
. فإن قيل : فأي فرق بين قول الداعي : ( ( بحق السائلين عليك ) ) وبين قوله : ( ( بحق نبيك ) ) أو نحو ذلك ؟ فالجواب : أن معنى قوله : بحق السائلين عليك أنك وعدت السائلين بالإجابة ، وأنا من جملة السائلين ، فأجب دعائي ، بخلاف قوله : بحق فلان - فإن فلانا وإن كان له حق على الله بوعده الصادق - فلا مناسبة بين ذلك وبين إجابة دعاء هذا السائل . فكأنه يقول : لكون فلان من عبادك الصالحين أجب دعائي ! وأي مناسبة في هذا وأي ملازمة ؟ وإنما هذا من الاعتداء في الدعاء ! وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ( الأعراف : 55 ) . وهذا ونحوه من الأدعية المبتدعة ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة ، ولا عن التابعين ، ولا عن أحد من الأئمة
[ ص: 297 ] رضي الله عنهم ، وإنما يوجد مثل هذا في الحروز والهياكل التي يكتب بها الجهال والطرقية .
nindex.php?page=treesubj&link=28684_30476والدعاء من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على السنة والاتباع ، لا على الهوى والابتداع .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28704_28703الِاسْتِشْفَاعُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ فِي الدُّنْيَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ ، فَفِيهِ تَفْصِيلٌ : فَإِنَّ الدَّاعِيَ تَارَةً يَقُولُ : بِحَقِّ نَبِيِّكَ أَوْ بِحَقِّ فُلَانٍ ، يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ بِأَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ ، فَهَذَا مَحْذُورٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَقْسَمَ بِغَيْرِ اللَّهِ . وَالثَّانِي : اعْتِقَادُهُ أَنَّ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ حَقًّا . وَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ حَقٌّ إِلَّا مَا أَحَقَّهُ عَلَى نَفْسِهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=47وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ . وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي ( ( الصَّحِيحَيْنِ ) ) مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِمُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ رَدِيفُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964289يَا مُعَاذُ ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : [ ص: 295 ] حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : حَقُّهُمْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ . فَهَذَا حَقٌّ وَجَبَ بِكَلِمَاتِهِ التَّامَّةِ وَوَعْدِهِ الصَّادِقِ ، لَا أَنَّ الْعَبْدَ نَفْسَهُ مُسْتَحِقٌّ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا كَمَا يَكُونُ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُنْعِمُ عَلَى الْعِبَادِ بِكُلِّ خَيْرٍ ، وَحَقُّهُمُ الْوَاجِبُ بِوَعْدِهِ هُوَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ ، وَتَرْكُ تَعْذِيبِهِمْ مَعْنًى لَا يَصْلُحُ أَنْ يُقْسَمَ بِهِ ، وَلَا أَنْ يُسْأَلَ بِسَبَبِهِ وَيُتَوَسَّلَ بِهِ ، لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ مَا نَصَبَهُ اللَّهُ سَبَبًا . وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي قَوْلِ الْمَاشِي إِلَى الصَّلَاةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964290أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا ، وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ ، فَهَذَا حَقُّ السَّائِلِينَ ، هُوَ أَوْجَبَهُ
[ ص: 296 ] عَلَى نَفْسِهِ ، فَهُوَ الَّذِي أَحَقَّ لِلسَّائِلِينَ أَنْ يُجِيبَهُمْ ، وَلِلْعَابِدِينَ أَنْ يُثِيبَهُمْ ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ :
مَا لِلْعِبَادِ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ كَلَّا وَلَا سَعْيٌ لَدَيْهِ ضَائِعُ إِنْ عُذِّبُوا فَبِعَدْلِهِ ، أَوْ نُعِّمُوا
فَبِفَضْلِهِ وَهُوَ الْكَرِيمُ الوَاسِعُ
. فَإِنْ قِيلَ : فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ قَوْلِ الدَّاعِي : ( ( بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ ) ) وَبَيْنَ قَوْلِهِ : ( ( بِحَقِّ نَبِيِّكَ ) ) أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ؟ فَالْجَوَابُ : أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ أَنَّكَ وَعَدْتَ السَّائِلِينَ بِالْإِجَابَةِ ، وَأَنَا مِنْ جُمْلَةِ السَّائِلِينَ ، فَأَجِبْ دُعَائِي ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ : بِحَقِّ فُلَانٍ - فَإِنَّ فُلَانًا وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ بِوَعْدِهِ الصَّادِقِ - فَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ إِجَابَةِ دُعَاءِ هَذَا السَّائِلِ . فَكَأَنَّهُ يَقُولُ : لِكَوْنِ فُلَانٍ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ أَجِبْ دُعَائِي ! وَأَيُّ مُنَاسَبَةٍ فِي هَذَا وَأَيُّ مُلَازَمَةٍ ؟ وَإِنَّمَا هَذَا مِنَ الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ ! وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ( الْأَعْرَافِ : 55 ) . وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنَ الْأَدْعِيَةِ الْمُبْتَدَعَةِ ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا عَنِ الصَّحَابَةِ ، وَلَا عَنِ التَّابِعِينَ ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ
[ ص: 297 ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي الْحُرُوزِ وَالْهَيَاكِلِ الَّتِي يَكْتُبُ بِهَا الْجُهَّالُ وَالطُّرُقِيَّةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28684_30476وَالدُّعَاءُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ ، وَالْعِبَادَاتُ مَبْنَاهَا عَلَى السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ ، لَا عَلَى الْهَوَى وَالِابْتِدَاعِ .