الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولقد جاء آل فرعون النذر كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر [ ص: 419 ] أكفاركم خير من أولئكم يعني أكفاركم خير من كفار من تقدم من الأمم الذين أهلكوا بكفرهم. أم لكم براءة في الزبر يعني في الكتب السالفة براءة من الله تعالى أنكم ليس تهلكون كما أهلكوا، ومنه قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        وترى منها رسوما قد عفت مثل خط اللام في وحي الزبر

                                                                                                                                                                                                                                        أم يقولون نحن جميع منتصر يعني بالعدد والعدة ، وقد كان من هلك قبلهم أكثر عددا وأقوى يدا، ويحتمل انتصارهم وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: [لأنفسهم بالظهور] .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لآلهتهم بالعبادة. فرد الله عليهم فقال: سيهزم الجمع ويولون الدبر يعني كفار قريش وذلك يوم بدر ، وهذه معجزة أوعدهم الله بها فحققها ، وفي ذلك يقول حسان


                                                                                                                                                                                                                                        ولقد وليتم الدبر لنا     حين سال الموت من رأس الجبل



                                                                                                                                                                                                                                        بل الساعة موعدهم يعني القيامة. والساعة أدهى وأمر يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أن موقف الساعة أدهى وأمر من موقف الدنيا في الحرب التي تولون فيها الدبر.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن عذاب الساعة أدهى وأمر من عذاب السيف في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله أدهى وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أخبث.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أعظم. وأمر فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: معناه أشد لأن المرارة أشد الطعوم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: معناه أنفذ ، مأخوذ من نفوذ المرارة فيما خالطته.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية