الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        سنفرغ لكم أيه الثقلان فبأي آلاء ربكما تكذبان يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأي آلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران فبأي آلاء ربكما تكذبان [ ص: 434 ] سنفرغ لكم أيه الثقلان فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أي لنقومن عليكم على وجه التهديد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: سنقصد إلى حسابكم ومجازاتكم على أعمالكم وهذا وعيد لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن ، وقال جرير


                                                                                                                                                                                                                                        الآن وقد فرغت إلى نمير فهذا حين كنت لها عذابا

                                                                                                                                                                                                                                        أي قصدت لهم ، والثقلان الإنس والجن سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض. يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا، لن تعلموه إلا بسلطان، قاله عطية العوفي.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: إن استطعتم أن تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هربا من الموت فانفذوا، قاله الضحاك . لا تنفذون إلا بسلطان فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: يعني إلا بحجة، قاله مجاهد ، قاله ابن بحر : والحجة الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا تنفذون إلا بملك وليس لكم ملك، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: معناه لا تنفذون إلا في سلطانه وملكه، لأنه مالك السماوات والأرض وما بينهما، قاله ابن عباس . يرسل عليكما شواظ من نار فيه أربعة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أن الشواظ لهب النار، قاله ابن عباس ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت يهجو حسان بن ثابت


                                                                                                                                                                                                                                        يمانيا يظل يشد كيرا     وينفخ دائبا لهب الشواظ

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 435 ] فأجابه حسان فقال


                                                                                                                                                                                                                                        همزتك فاختضعت بذل نفس     بقافية تأجج كالشواظ

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه قطعة من النار فيها خضرة، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه الدخان، رواه سعيد بن جبير ، قال رؤبة بن العجاج


                                                                                                                                                                                                                                        إن لهم من وقعنا أقياظا     ونار حرب تسعر الشواظا

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنها طائفة من العذاب ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        وأما النحاس ففيه أربعة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه الصفر المذاب على رؤوسهم ، قاله مجاهد ، وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه دخان النار ، قاله ابن عباس ، قال النابغة الجعدي


                                                                                                                                                                                                                                        كضوء سراج السلي     ط لم يجعل الله فيه نحاسا.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه القتل ، قاله عبد الله بن أبي بكرة.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنه نحس لأعمالهم ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية