[ ص: 66 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=29017ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قالوا ياقومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=32ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=33أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=34ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=27ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ) : خطاب
لقريش على جهة التمثيل لهم ، والذي حولهم من القرى :
مأرب ،
وحجر ،
ثمود ،
وسدوم . ويريد من أهل القرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=27وصرفنا الآيات ) ، أي الحجج والدلائل والعظاة لأهل تلك القرى ، ( لعلهم يرجعون ) عن ما هم فيه من الكفر إلى الإيمان ، فلم يرجعوا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28فلولا نصرهم ) : أي فهلا نصرهم حين جاءهم الهلاك ؟ ( الذين اتخذوا ) : أي اتخذوهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28من دون الله قربانا ) : أي في حال التقرب وجعلهم شفعاء . ( آلهة ) : وهو المفعول الثاني لاتخذوا ، والأول الضمير المحذوف العائد على الموصول . وأجاز
الحوفي وابن عطية وأبو البقاء أن يكون قربانا مفعولا ثانيا لاتخذوا آلهة بدلا منه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقربانا حال ، ولا يصح أن يكون قربانا مفعولا ثانيا وآلهة بدلا منه ، لفساد المعنى . انتهى . ولم يبين
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري كيف يفسد المعنى ، ويظهر أن المعنى صحيح على ذلك الإعراب . وأجاز
الحوفي أيضا أن يكون قربانا مفعولا من أجله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28بل ضلوا عنهم ) : أي غابوا عن نصرتهم . وقرأ الجمهور : إفكهم ، بكسر الهمزة وإسكان الفاء وضم الكاف ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في رواية : بفتح الهمزة . والإفك مصدر آن . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا ،
وابن الزبير ،
والصباح بن العلاء الأنصاري ،
وأبو عياض ،
وعكرمة ،
وحنظلة بن النعمان بن مرة ،
ومجاهد : أفكهم ، بثلاث فتحات : أي صرفهم ،
وأبو عياض ،
وعكرمة أيضا : كذلك ، إلا أنهما شددا الفاء للتكثير ،
وابن الزبير أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، فيما ذكر
ابن خالويه : آفكهم بالمد ، فاحتمل أن يكون فاعل . فالهمزة أصلية ، وأن يكون أفعل ، فالهمزة للتعدية ، أي جعلهم يأفكون ، ويكون أفعل بمعنى المجرد . وعن
الفراء أنه قرئ : أفكهم بفتح الهمزة والفاء وضم الكاف ، وهي لغة في الإفك ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، فيما روى
قطرب ،
وأبو الفضل الرازي : آفكهم اسم فاعل من أفك ، أي صارفهم ، والإشارة بذلك على من قرأ :
[ ص: 67 ] إفكهم مصدرا إلى اتخاذ الأصنام آلهة ، أي ذلك كذبهم وافتراؤهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وذلك إشارة إلى امتناع نصرة آلهتهم لهم وضلالهم عنهم ، أي وذلك أثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة ، وثمرة شركهم وافترائهم على الله الكذب من كونه ذا شركاء . انتهى . وعلى قراءة من جعله فعلا معناه : وذلك الاتخاذ صرفهم عن الحق ، وكذلك قراءة اسم الفاعل ، أي صارفهم عن الحق . ويحتمل أن تكون ما مصدرية ، أي وافتراؤهم ، وأن تكون بمعنى الذي والعائد محذوف ، أي يفترونه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن ) : ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه لما بين أن الإنسي مؤمن وكافر ، وذكر أن الجن فيهم مؤمن وكافر ، وكان ذلك بأثر قصة
هود وقومه ، لما كان عليه قومه من الشدة والقوة . والجن توصف أيضا بذلك ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين ) . وإن ما أهلك به
قوم هود هو الريح ، وهو من العالم الذي لا يشاهد ، وإنما يحس بهبوبه . والجن أيضا من العالم الذي لا يشاهد . وإن
هودا عليه السلام كان من العرب ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العرب ، فهذه تجوز أن تكون مناسبة لهذه الآية بما قبلها . وفيها أيضا توبيخ
لقريش وكفار العرب ، حيث أنزل عليهم هذا الكتاب المعجز ، فكفروا به ، وهم من أهل اللسان الذي أنزل به القرآن ، ومن جنس الرسول الذي أرسل إليهم . وهؤلاء جن ، فليسوا من جنسه ، وقد أثر فيهم سماع القرآن وآمنوا به وبمن أنزل عليه ، وعلموا أنه من عند الله ، بخلاف
قريش وأمثالها ، فهم مصرون على الكفر به .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وإذ صرفنا ) : وجهنا إليك . وقرأ : صرفنا ، بتشديد الراء ، لأنهم كانوا جماعة ، فالتكثير بحسب الحال . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29نفرا من الجن ) ، والنفر دون العشرة ، ويجمع على أنفار . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كانوا سبعة ، منهم زوبعة . والذي يجمع اختلاف الروايات أن قصة الجن كانت مرتين .
إحداهما : حين انصرف من
الطائف ، وكان خرج إليهم يستنصرهم في قصة ذكرها أصحاب السير . فروي أن الجن كانت تسترق السمع ، فلما بعث الرسول ، حرست السماء ، ورمي الجن بالشهب ، قالوا : ما هذا إلا أمر حدث . وطافوا الأرض ، فوافوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بوادي نخلة ، وهو قائم يصلي ، فاستمعوا لقراءته ، وهو لا يشعر ، فأنبأه الله باستماعهم .
والمرة الأخرى أن الله أمره أن ينذر الجن ويقرأ عليهم فقال : "
إني أمرت أن أقرأ على الجن فمن يتبعني " ، قالها ثلاثا ، فأطرقوا إلا nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : لم يحضره أحد ليلة الجن غيري . فانطلقنا حتى إذا كنا في شعب الحجون ، خط لي خطا وقال : " لا تخرج منه حتى أعود إليك " ، ثم افتتح القرآن . وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته ، ثم تقطعوا تقطع السحاب ، فقال لي : " هل رأيت شيئا " ؟ قلت : نعم ، رجالا سودا مستثفري ثياب بيض ، فقال : " أولئك جن نصيبين " . وكانوا اثني عشر ألفا ، والسورة التي قرأها عليهم : nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك . وفي آخر هذا الحديث قلت : يا رسول الله ، سمعت لهم لغطا ، فقال : " إنهم تدارءوا في قتيل لهم فحكمت بالحق " . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374869لم يحضر أحد ليلة الجن ، والله أعلم بصحة ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29فلما حضروه ) : أي القرآن ، أي كانوا بمسمع منه ، وقيل : حضروا الرسول ، وهو التفات من إليك إلى ضمير الغيب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29قالوا أنصتوا ) : أي اسكتوا للاستماع ، وفيه تأديب مع العلم وكيف يتعلم . وقرأ الجمهور : ( فلما قضي ) : مبنيا للمفعول ،
وأبو مجلز ،
وحبيب بن عبد الله بن الزبير : قضى ، مبنيا للفاعل ، أي قضى
محمد ما قرأ ، أي أتمه وفرغ منه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله : قرأ عليهم سورة الرحمن ، فكان إذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=16فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ، قالوا : لا شيء من آيات ربنا نكذب ربنا لك الحمد . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29ولوا إلى قومهم منذرين ) : تفرقوا على البلاد ينذرون الجن . قال
قتادة : ما أسرع ما عقل القوم . انتهى . وعند ذلك وقعت قصة
سواد بن [ ص: 68 ] قارب ،
وخنافر وأمثالهما ، حين جاءهما رياهما من الجن ، وكان سبب إسلامهما . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30من بعد موسى ) : أي من بعد كتاب
موسى . قال
عطاء : كانوا على ملة
اليهود ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لم تسمع الجن بأمر
عيسى ، وهذا لا يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . كيف لا تسمع بأمر
عيسى وله أمة عظيمة لا تنحصر على ملته ؟ فيبعد عن الجن كونهم لم يسمعوا به . ويجوز أن يكونوا قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30من بعد موسى ) تنبيها لقومهم على اتباع الرسول ، إذ كان عليه الصلاة والسلام قد بشر به
موسى ، فقالوا : ذلك من حيث إن هذا الأمر مذكور في التوراة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30مصدقا لما بين يديه ) من التوراة والإنجيل والكتب الإلهية ، إذ كانت كلها مشتملة على التوحيد والنبوة والمعاد ، والأمر بتطهير الأخلاق . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30يهدي إلى الحق ) : أي إلى ما هو حق في نفسه صدق ، يعلم ذلك بصريح العقل . ( وإلى صراط مستقيم ) : غاير بين اللفظين ، والمعنى متقارب ، وربما استعمل أحدهما في موضع لا يستعمل الآخر فيه ، فجمع هنا بينهما وحسن التكرار . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31أجيبوا داعي الله ) : هو الرسول ، والواسطة المبلغة عنه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31ياقومنا أجيبوا ) : يعود على الله . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يغفر لكم من ذنوبكم ) : من للتبعيض ، لأنه لا يغفر بالإيمان ذنوب المظالم ، قال معناه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وقيل : من زائدة ، لأن الإسلام يجب ما قبله ، فلا يبقى معه تبعة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31ويجركم من عذاب أليم ) : وهذا كله وظواهر القرآن تدل على الثواب ، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لهم ثواب وعليهم عقاب ، يلتقون في الجنة ويزدحمون على أبوابها . وقيل : لا ثواب لها إلا النجاة من النار ، وإليه كان يذهب
أبو حنيفة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=32فليس بمعجز في الأرض ) : أي بفائت من عقابه ، إذ لا منجا منه ، ولا مهرب ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ) . وروي عن
ابن عامر : وليس لهم بزيادة ميم . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=33ولم يعي ) ، مضارع عيي ، على وزن فعل ، بكسر العين ،
والحسن : ولم يعي ، بكسر العين وسكون الياء ، ووجهه أنه في الماضي فتح عين الكلمة ، كما قالوا في بقي : بقا ، وهي لغة
لطييء . ولما بني الماضي على فعل بفتح العين ، بني مضارعه على يفعل بكسر العين ، فجاء يعيى . فلما دخل الجازم ، حذف الياء ، فبقي يعي بنقل حركة الياء إلى العين ، فسكنت الياء وبقي يعي . وقرأ الجمهور : ( بقادر ) : اسم فاعل ، والباء زائدة في خبر أن ، وحسن زيادتها كون ما قبلها في حيز النفي . وقد أجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ما ظننت أن أحدا بقائم ، قياسا على هذا ، والصحيح قصر ذلك على السماع ، فكأنه في الآية قال : أليس الله بقادر ؟ ألا ترى كيف جاء ببلى مقررا لإحياء الموتى لا لرؤيتهم ؟ وقرأ
الجحدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ، وعمرو بن عبيد ،
وعيسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : بخلاف عنه ،
ويعقوب : يقدر مضارعا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=34أليس هذا بالحق ) : أي يقال لهم ، والإشارة بهذا إلى العذاب . أي كنتم تكذبون بأنكم تعذبون ، والمعنى : توبيخهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده وقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=138وما نحن بمعذبين ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=34قالوا بلى وربنا ) ، تصديق حيث لا ينفع . وقال
الحسن : إنهم ليعذبون في النار وهم راضون بذلك لأنفسهم ، يعترفون أنه العدل ، فيقول لهم المجاوب من الملائكة عند ذلك : ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ) : الفاء عاطفة هذه الجملة على الجملة من أخبار الكفار في الآخرة ، والمعنى بينهما مرتبط : أي هذه حالهم مع الله . فلا تستعجل أنت واصبر ، ولا تخف إلا الله . وأولو العزم : أي أولو الجد من الرسل ، وهم من حفظ له شدة مع قومه ومجاهدة . فتكون من للتبعيض ، وقيل : يجوز أن تكون للبيان ، أي الذين هم الرسل ، ويكون الرسل كلهم أولي العزم ، وأولو العزم على التبعيض يقتضي أنهم رسل وغير رسل ، وعلى البيان يقتضي أنهم الرسل ، وكونها للتبعيض قول
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني والكلبي ، وللبيان قول
ابن زيد . وقال
الحسن بن الفضل : هم الثمانية عشر المذكورة في سورة الأنعام ، لأنه قال عقب ذكرهم : ( فبهداهم اقتده ) . وقال
مقاتل : هم ستة :
نوح صبر على أذى قومه طويلا ،
وإبراهيم صبر على النار ،
وإسحاق صبر نفسه على الذبح ،
ويعقوب صبر على الفقد لولده وعمى
[ ص: 69 ] بصره ، وقال فصبر جميل ،
ويوسف صبر على السجن والبئر ،
وأيوب على البلاء . وزاد غيره :
وموسى قال قومه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=61إنا لمدركون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=62قال كلا إن معي ربي سيهدين ) ،
وداود بكى على خطيئته أربعين سنة ،
وعيسى لم يضع لبنة على لبنة وقال : إنها معبر ، فاعبروها ولا تعمروها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35ولا تستعجل لهم ) : أي لكفار
قريش بالعذاب ، أي لا تدع لهم بتعجيله ، فإنه نازل بهم لا محالة وإن تأخر ، وإنهم مستقصرون حينئذ مدة لبثهم في الدنيا ، كأنهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35لم يلبثوا إلا ساعة ) . وقرأ
أبي : من النهار ، وقرأ الجمهور : من نهار . وقرأ الجمهور : بلاغ ، بالرفع ، والظاهر رجوعه إلى المدة التي لبثوا فيها ، كأنه قيل : تلك الساعة بلاغهم ، كما قال تعالى : ( متاع قليل ) ، فبلاغ خبر مبتدأ محذوف . قيل : ويحتمل أن يكون بلاغ يعني به القرآن والشرع ، أي هذا بلاغ ، أي تبليغ وإنذار . وقال
أبو مجلز : بلاغ مبتدأ وخبره لهم ، ويقف على فلا تستعجل ، وهذا ليس بجيد ، لأن فيه تفكيك الكلام بعضه من بعض ، إذ ظاهر قوله : لهم ، أنه متعلق بقوله : فلا تستعجل لهم ، والحيلولة الجملة التشبيهية بين الخبر والمبتدأ . وقرأ
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
وعيسى : بلاغا . بالنصب ، فاحتمل أن يراد : بلاغا في القرآن ، أي بلغوا بلاغا ، أو بلغنا بلاغا . وقرأ
الحسن أيضا : بلاغ . بالجر ، نعتا لنهار . وقرأ
أبو مجلز ،
وأبو سراح الهذلي : بلغ علي الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يؤيد حمل " بلاغ " رفعا ونصبا على أنه يعني به تبليغ القرآن والشرع . وعن
أبي مجلز أيضا : بلغ فعلا ماضيا . وقرأ الجمهور : يهلك ، بضم الياء وفتح اللام ،
وابن محيصن ، فيما حكى عنه
ابن خالويه : بفتح الياء وكسر اللام ، وعنه أيضا : بفتح الياء واللام ، وماضيه هلك بكسر اللام ، وهي لغة . وقال
أبو الفتح : هي مرغوب عنها . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : يهلك ، بضم الياء وكسر اللام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35إلا القوم الفاسقون ) : بالنصب ، وفي هذه الآية وعيد وإنذار .
[ ص: 66 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=29017وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=32وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=33أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=34وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=27وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى ) : خِطَابٌ
لِقُرَيْشٍ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ لَهُمْ ، وَالَّذِي حَوْلَهُمْ مِنَ الْقُرَى :
مَأْرِبُ ،
وَحِجْرُ ،
ثَمُودُ ،
وَسَدُومُ . وَيُرِيدُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=27وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ ) ، أَيِ الْحُجَجَ وَالدَّلَائِلَ وَالْعِظَاةَ لِأَهْلِ تِلْكَ الْقُرَى ، ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) عَنْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ ، فَلَمْ يَرْجِعُوا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ ) : أَيْ فَهَلَّا نَصَرَهُمْ حِينَ جَاءَهُمُ الْهَلَاكُ ؟ ( الَّذِينَ اتَّخَذُوا ) : أَيِ اتَّخَذُوهُمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا ) : أَيْ فِي حَالِ التَّقَرُّبِ وَجَعْلِهِمْ شُفَعَاءَ . ( آلِهَةً ) : وَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِاتَّخَذُوَا ، وَالْأَوَّلُ الضَّمِيرُ الْمَحْذُوفُ الْعَائِدُ عَلَى الْمَوْصُولِ . وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَأَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ قُرْبَانًا مَفْعُولًا ثَانِيًا لِاتَّخَذُوَا آلِهَةً بَدَلًا مِنْهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقُرْبَانًا حَالٌ ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قُرْبَانًا مَفْعُولًا ثَانِيًا وَآلِهَةً بَدَلًا مِنْهُ ، لِفَسَادِ الْمَعْنَى . انْتَهَى . وَلَمْ يُبَيِّنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ كَيْفَ يَفْسُدُ الْمَعْنَى ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ عَلَى ذَلِكَ الْإِعْرَابِ . وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قُرْبَانًا مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=28بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ ) : أَيْ غَابُوا عَنْ نُصْرَتِهِمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : إِفْكُهُمْ ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَضَمِّ الْكَافِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ . وَالْإِفْكُ مَصْدَرٌ آنِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا ،
وَابْنُ الزُّبَيْرِ ،
وَالصَّبَّاحُ بْنُ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيُّ ،
وَأَبُو عِيَاضٍ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَحَنْظَلَةُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مُرَّةَ ،
وَمُجَاهِدٌ : أَفَكَهُمْ ، بِثَلَاثِ فَتَحَاتٍ : أَيْ صَرَفَهُمْ ،
وَأَبُو عِيَاضٍ ،
وَعِكْرِمَةُ أَيْضًا : كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُمَا شَدَّدَا الْفَاءَ لِلتَّكْثِيرِ ،
وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَيْضًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، فِيمَا ذَكَرَ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : آفَكَهُمْ بِالْمَدِّ ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فَاعَلَ . فَالْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةٌ ، وَأَنْ يَكُونَ أَفْعَلَ ، فَالْهَمْزَةُ لِلتَّعْدِيَةِ ، أَيْ جَعَلَهُمْ يَأْفِكُونَ ، وَيَكُونُ أَفْعَلُ بِمَعْنَى الْمُجَرَّدِ . وَعَنِ
الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قُرِئَ : أَفَكُهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْفَاءِ وَضَمِّ الْكَافِ ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الْإِفْكِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، فِيمَا رَوَى
قُطْرُبٌ ،
وَأَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ : آفِكُهُمُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَفَكَ ، أَيْ صَارَفَهُمْ ، وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ قَرَأَ :
[ ص: 67 ] إِفْكُهُمْ مَصْدَرًا إِلَى اتِّخَاذِ الْأَصْنَامِ آلِهَةً ، أَيْ ذَلِكَ كَذِبُهُمْ وَافْتِرَاؤُهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى امْتِنَاعِ نُصْرَةِ آلِهَتِهِمْ لَهُمْ وَضَلَالِهِمْ عَنْهُمْ ، أَيْ وَذَلِكَ أَثَرُ إِفْكِهِمُ الَّذِي هُوَ اتِّخَاذُهُمْ إِيَّاهَا آلِهَةً ، وَثَمَرَةُ شِرْكِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ كَوْنِهِ ذَا شُرَكَاءَ . انْتَهَى . وَعَلَى قِرَاءَةِ مَنْ جَعَلَهُ فِعْلًا مَعْنَاهُ : وَذَلِكَ الِاتِّخَاذُ صَرَفَهُمْ عَنِ الْحَقِّ ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ اسْمِ الْفَاعِلِ ، أَيْ صَارَفَهُمْ عَنِ الْحَقِّ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً ، أَيْ وَافْتِرَاؤُهُمْ ، وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ يَفْتَرُونَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ) : وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا : أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْإِنْسِيَّ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ ، وَذَكَرَ أَنَّ الْجِنَّ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ ، وَكَانَ ذَلِكَ بِأَثَرِ قِصَّةِ
هُودٍ وَقَوْمِهِ ، لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَوْمُهُ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ . وَالْجِنُّ تُوصَفُ أَيْضًا بِذَلِكَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) . وَإِنَّ مَا أُهْلِكَ بِهِ
قَوْمُ هُودٍ هُوَ الرِّيحُ ، وَهُوَ مِنَ الْعَالَمِ الَّذِي لَا يُشَاهَدُ ، وَإِنَّمَا يُحَسُّ بِهُبُوبِهِ . وَالْجِنُّ أَيْضًا مِنَ الْعَالَمِ الَّذِي لَا يُشَاهَدُ . وَإِنَّ
هُودًا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْعَرَبِ ، فَهَذِهِ تَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُنَاسَبَةً لِهَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا . وَفِيهَا أَيْضًا تَوْبِيخٌ
لِقُرَيْشٍ وَكُفَّارِ الْعَرَبِ ، حَيْثُ أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْكِتَابُ الْمُعْجِزُ ، فَكَفَرُوا بِهِ ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ الَّذِي أُنْزِلَ بِهِ الْقُرْآنُ ، وَمِنْ جِنْسِ الرَّسُولِ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ . وَهَؤُلَاءِ جِنٌّ ، فَلَيْسُوا مِنْ جِنْسِهِ ، وَقَدْ أَثَّرَ فِيهِمْ سَمَاعُ الْقُرْآنِ وَآمَنُوا بِهِ وَبِمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، بِخِلَافِ
قُرَيْشٍ وَأَمْثَالِهَا ، فَهُمْ مُصِرُّونَ عَلَى الْكُفْرِ بِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَإِذْ صَرَفْنَا ) : وَجَّهْنَا إِلَيْكَ . وَقَرَأَ : صَرَّفْنَا ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا جَمَاعَةً ، فَالتَّكْثِيرُ بِحَسْبِ الْحَالِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ ) ، وَالنَّفَرُ دُونَ الْعَشَرَةِ ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَنْفَارٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانُوا سَبْعَةً ، مِنْهُمْ زَوْبَعَةُ . وَالَّذِي يَجْمَعُ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ أَنَّ قِصَّةَ الْجِنِّ كَانَتْ مَرَّتَيْنِ .
إِحْدَاهُمَا : حِينَ انْصَرَفَ مِنَ
الطَّائِفِ ، وَكَانَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ يَسْتَنْصِرُهُمْ فِي قِصَّةٍ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ السِّيَرِ . فَرُوِيَ أَنَّ الْجِنَّ كَانَتْ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ ، فَلَمَّا بُعِثَ الرَّسُولُ ، حُرِسَتِ السَّمَاءُ ، وَرُمِيَ الْجِنُّ بِالشُّهُبِ ، قَالُوا : مَا هَذَا إِلَّا أَمْرٌ حَدَثَ . وَطَافُوا الْأَرْضَ ، فَوَافَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِوَادِي نَخْلَةَ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَاسْتَمَعُوا لِقِرَاءَتِهِ ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ، فَأَنْبَأَهُ اللَّهُ بِاسْتِمَاعِهِمْ .
وَالْمَرَّةُ الْأُخْرَى أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يُنْذِرَ الْجِنَّ وَيَقْرَأَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : "
إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى الْجِنِّ فَمَنْ يَتْبَعُنِي " ، قَالَهَا ثَلَاثًا ، فَأَطْرَقُوا إِلَّا nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ ، قَالَ : لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ لَيْلَةَ الْجِنِّ غَيْرِي . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي شِعْبِ الْحَجُونِ ، خَطَّ لِي خَطًّا وَقَالَ : " لَا تَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ " ، ثُمَّ افْتَتَحَ الْقُرْآنَ . وَسَمِعْتُ لَغَطًا شَدِيدًا حَتَّى خِفْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى مَا أَسْمَعَ صَوْتَهُ ، ثُمَّ تَقَطَّعُوا تَقَطُّعَ السَّحَابِ ، فَقَالَ لِي : " هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا " ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، رِجَالًا سُودًا مُسْتَثْفِرِي ثِيَابٍ بِيضٍ ، فَقَالَ : " أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ " . وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، وَالسُّورَةُ الَّتِي قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ : nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ . وَفِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، سَمِعْتُ لَهُمْ لَغَطًا ، فَقَالَ : " إِنَّهُمْ تَدَّارَءُوا فِي قَتِيلٍ لَهُمْ فَحَكَمْتُ بِالْحَقِّ " . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374869لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ لَيْلَةَ الْجِنِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29فَلَمَّا حَضَرُوهُ ) : أَيِ الْقُرْآنَ ، أَيْ كَانُوا بِمَسْمَعٍ مِنْهُ ، وَقِيلَ : حَضَرُوا الرَّسُولَ ، وَهُوَ الْتِفَاتٌ مِنْ إِلَيْكَ إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29قَالُوا أَنْصِتُوا ) : أَيِ اسْكُتُوا لِلِاسْتِمَاعِ ، وَفِيهِ تَأْدِيبٌ مَعَ الْعِلْمِ وَكَيْفَ يَتَعَلَّمُ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( فَلَمَّا قُضِيَ ) : مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ،
وَأَبُو مِجْلَزٍ ،
وَحَبِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ : قَضَى ، مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، أَيْ قَضَى
مُحَمَّدٌ مَا قَرَأَ ، أَيْ أَتَمَّهُ وَفَرَغَ مِنْهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ ، فَكَانَ إِذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=16فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ، قَالُوا : لَا شَيْءَ مِنْ آيَاتِ رَبِّنَا نُكَذِّبُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ) : تَفَرَّقُوا عَلَى الْبِلَادِ يُنْذِرُونَ الْجِنَّ . قَالَ
قَتَادَةُ : مَا أَسْرَعَ مَا عَقَلَ الْقَوْمُ . انْتَهَى . وَعِنْدَ ذَلِكَ وَقَعَتْ قِصَّةُ
سَوَادِ بْنِ [ ص: 68 ] قَارِبٍ ،
وَخُنَافِرَ وَأَمْثَالُهُمَا ، حِينَ جَاءَهُمَا رَيَّاهُمَا مِنَ الْجِنِّ ، وَكَانَ سَبَبُ إِسْلَامِهِمَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30مِنْ بَعْدِ مُوسَى ) : أَيْ مِنْ بَعْدِ كِتَابِ
مُوسَى . قَالَ
عَطَاءٌ : كَانُوا عَلَى مِلَّةِ
الْيَهُودِ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لَمْ تَسْمَعِ الْجِنُّ بِأَمْرِ
عِيسَى ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . كَيْفَ لَا تَسْمَعُ بِأَمْرِ
عِيسَى وَلَهُ أُمَّةٌ عَظِيمَةٌ لَا تَنْحَصِرُ عَلَى مِلَّتِهِ ؟ فَيَبْعُدُ عَنِ الْجِنِّ كَوْنُهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30مِنْ بَعْدِ مُوسَى ) تَنْبِيهًا لِقَوْمِهِمْ عَلَى اتِّبَاعِ الرَّسُولِ ، إِذْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ بَشَّرَ بِهِ
مُوسَى ، فَقَالُوا : ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ مَذْكُورٌ فِي التَّوْرَاةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ ، إِذْ كَانَتْ كُلُّهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ ، وَالْأَمْرُ بِتَطْهِيرِ الْأَخْلَاقِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ) : أَيْ إِلَى مَا هُوَ حَقٌّ فِي نَفْسِهِ صِدْقٌ ، يُعْلَمُ ذَلِكَ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ . ( وَإِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) : غَايَرَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ ، وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ أَحَدُهُمَا فِي مَوْضِعٍ لَا يُسْتَعْمَلُ الْآخَرُ فِيهِ ، فَجَمَعَ هُنَا بَيْنَهُمَا وَحَسُنَ التَّكْرَارُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ ) : هُوَ الرَّسُولُ ، وَالْوَاسِطَةُ الْمُبَلِّغَةُ عَنْهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا ) : يَعُودُ عَلَى اللَّهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ) : مِنْ لِلتَّبْعِيضِ ، لِأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ بِالْإِيمَانِ ذُنُوبَ الْمَظَالِمِ ، قَالَ مَعْنَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَقِيلَ : مِنْ زَائِدَةٌ ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ ، فَلَا يَبْقَى مَعَهُ تَبِعَةٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) : وَهَذَا كُلُّهُ وَظَوَاهِرُ الْقُرْآنِ تَدُلُّ عَلَى الثَّوَابِ ، وَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَهُمْ ثَوَابٌ وَعَلَيْهِمْ عِقَابٌ ، يَلْتَقُونَ فِي الْجَنَّةِ وَيَزْدَحِمُونَ عَلَى أَبْوَابِهَا . وَقِيلَ : لَا ثَوَابَ لَهَا إِلَّا النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ ، وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ
أَبُو حَنِيفَةَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=32فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ ) : أَيْ بِفَائِتٍ مِنْ عِقَابِهِ ، إِذْ لَا مَنْجَا مِنْهُ ، وَلَا مَهْرَبَ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا ) . وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ : وَلَيْسَ لَهُمْ بِزِيَادَةِ مِيمٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=33وَلَمْ يَعْيَ ) ، مُضَارِعَ عَيِيَ ، عَلَى وَزْنِ فَعِلَ ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ ،
وَالْحَسَنُ : وَلَمْ يَعِي ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْيَاءِ ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِي الْمَاضِي فُتِحَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ ، كَمَا قَالُوا فِي بَقِيَ : بَقَا ، وَهِيَ لُغَةٌ
لِطَيِّيءٍ . وَلَمَّا بُنِيَ الْمَاضِي عَلَى فِعَلٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، بُنِيَ مُضَارِعُهُ عَلَى يَفْعِلُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ، فَجَاءَ يَعْيَى . فَلَمَّا دَخَلَ الْجَازِمُ ، حَذَفَ الْيَاءَ ، فَبَقِيَ يَعْيَ بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْيَاءِ إِلَى الْعَيْنِ ، فَسَكَنَتِ الْيَاءُ وَبَقِيَ يَعِي . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( بِقَادِرٍ ) : اسْمَ فَاعِلٍ ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ فِي خَبَرِ أَنَّ ، وَحَسَّنَ زِيَادَتِهَا كَوْنُ مَا قَبْلَهَا فِي حَيِّزِ النَّفْيِ . وَقَدْ أَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَحَدًا بِقَائِمٍ ، قِيَاسًا عَلَى هَذَا ، وَالصَّحِيحُ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى السَّمَاعِ ، فَكَأَنَّهُ فِي الْآيَةِ قَالَ : أَلَيْسَ اللَّهُ بِقَادِرٍ ؟ أَلَا تَرَى كَيْفَ جَاءَ بِبَلَى مُقَرِّرًا لِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى لَا لِرُؤْيَتِهِمْ ؟ وَقَرَأَ
الْجَحْدَرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ،
وَعِيسَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ : بِخِلَافٍ عَنْهُ ،
وَيَعْقُوبُ : يُقَدِّرُ مُضَارِعًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=34أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ ) : أَيْ يُقَالُ لَهُمْ ، وَالْإِشَارَةُ بِهَذَا إِلَى الْعَذَابِ . أَيْ كُنْتُمْ تُكَذِّبُونَ بِأَنَّكُمْ تُعَذَّبُونَ ، وَالْمَعْنَى : تَوْبِيخُهُمْ عَلَى اسْتِهْزَائِهِمْ بِوَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ وَقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=138وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=34قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا ) ، تَصْدِيقٌ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : إِنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ وَهُمْ رَاضُونَ بِذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ ، يَعْتَرِفُونَ أَنَّهُ الْعَدْلُ ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْمُجَاوِبُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ ذَلِكَ : ( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) : الْفَاءُ عَاطِفَةٌ هَذِهِ الْجُمْلَةَ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ أَخْبَارِ الْكُفَّارِ فِي الْآخِرَةِ ، وَالْمَعْنَى بَيْنَهُمَا مُرْتَبِطٌ : أَيْ هَذِهِ حَالُهُمْ مَعَ اللَّهِ . فَلَا تَسْتَعْجِلْ أَنْتَ وَاصْبِرْ ، وَلَا تَخَفْ إِلَّا اللَّهَ . وَأُولُو الْعَزْمِ : أَيْ أُولُو الْجِدِّ مِنَ الرُّسُلِ ، وَهُمْ مَنْ حُفِظَ لَهُ شِدَّةٌ مَعَ قَوْمِهِ وَمُجَاهَدَةٌ . فَتَكُونُ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ ، وَقِيلَ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْبَيَانِ ، أَيِ الَّذِينَ هُمُ الرُّسُلُ ، وَيَكُونُ الرُّسُلُ كُلُّهُمْ أُولِي الْعَزْمِ ، وَأُولُو الْعَزْمِ عَلَى التَّبْعِيضِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ رُسُلٌ وَغَيْرُ رُسُلٍ ، وَعَلَى الْبَيَانِ يَقْتَضِي أَنَّهُمُ الرُّسُلُ ، وَكَوْنُهَا لِلتَّبْعِيضِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16566عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَالْكَلْبِيِّ ، وَلِلْبَيَانِ قَوْلُ
ابْنِ زَيْدٍ . وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ : هُمُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، لِأَنَّهُ قَالَ عَقِبَ ذِكْرِهِمْ : ( فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ) . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : هُمْ سِتَّةٌ :
نُوحٌ صَبَرَ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ طَوِيلًا ،
وَإِبْرَاهِيمُ صَبَرَ عَلَى النَّارِ ،
وَإِسْحَاقُ صَبَرَ نَفْسَهُ عَلَى الذَّبْحِ ،
وَيَعْقُوبُ صَبَرَ عَلَى الْفَقْدِ لِوَلَدِهِ وَعَمَى
[ ص: 69 ] بَصَرِهِ ، وَقَالَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ،
وَيُوسُفُ صَبَرَ عَلَى السِّجْنِ وَالْبِئْرِ ،
وَأَيُّوبُ عَلَى الْبَلَاءِ . وَزَادَ غَيْرُهُ :
وَمُوسَى قَالَ قَوْمُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=61إِنَّا لَمُدْرَكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=62قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) ،
وَدَاوُدُ بَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ،
وَعِيسَى لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَقَالَ : إِنَّهَا مَعْبَرٌ ، فَاعْبُرُوهَا وَلَا تَعْمَرُوهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ) : أَيْ لِكُفَّارِ
قُرَيْشٍ بِالْعَذَابِ ، أَيْ لَا تَدْعُ لَهُمْ بِتَعْجِيلِهِ ، فَإِنَّهُ نَازِلٌ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ تَأَخَّرَ ، وَإِنَّهُمْ مُسْتَقْصِرُونَ حِينَئِذٍ مُدَّةَ لَبْثِهِمْ فِي الدُّنْيَا ، كَأَنَّهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً ) . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : مِنَ النَّهَارِ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : مِنْ نَهَارٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بَلَاغٌ ، بِالرَّفْعِ ، وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إِلَى الْمُدَّةِ الَّتِي لَبِثُوا فِيهَا ، كَأَنَّهُ قِيلَ : تِلْكَ السَّاعَةُ بَلَاغُهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) ، فَبَلَاغٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ . قِيلَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَلَاغٌ يَعْنِي بِهِ الْقُرْآنَ وَالشَّرْعَ ، أَيْ هَذَا بَلَاغٌ ، أَيْ تَبْلِيغٌ وَإِنْذَارٌ . وَقَالَ
أَبُو مِجْلَزٍ : بَلَاغٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَهُمْ ، وَيَقِفُ عَلَى فَلَا تَسْتَعْجِلْ ، وَهَذَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ ، لِأَنَّ فِيهِ تَفْكِيكَ الْكَلَامِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ ، إِذْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ : لَهُمْ ، أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : فَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ، وَالْحَيْلُولَةُ الْجُمْلَةُ التَّشْبِيهِيَّةُ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْمُبْتَدَأِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَعِيسَى : بَلَاغًا . بِالنَّصْبِ ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يُرَادَ : بَلَاغًا فِي الْقُرْآنِ ، أَيْ بُلِّغُوا بَلَاغًا ، أَوْ بَلَّغْنَا بَلَاغًا . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ أَيْضًا : بَلَاغٍ . بِالْجَرِّ ، نَعْتًا لِنَهَارٍ . وَقَرَأَ
أَبُو مِجْلَزٍ ،
وَأَبُو سَرَاحٍ الْهُذَلِيُّ : بَلَّغَ عَلِيٌّ الْأَمْرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ حَمْلَ " بَلَاغٌ " رَفْعًا وَنَصْبًا عَلَى أَنَّهُ يَعْنِي بِهِ تَبْلِيغَ الْقُرْآنِ وَالشَّرْعِ . وَعَنْ
أَبِي مِجْلَزٍ أَيْضًا : بَلَّغَ فِعْلًا مَاضِيًا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : يُهْلَكُ ، بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ، فِيمَا حَكَى عَنْهُ
ابْنُ خَالَوَيْهِ : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَاللَّامِ ، وَمَاضِيهِ هَلِكَ بِكَسْرِ اللَّامِ ، وَهِيَ لُغَةٌ . وَقَالَ
أَبُو الْفَتْحِ : هِيَ مَرْغُوبٌ عَنْهَا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : يُهْلِكُ ، بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=35إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) : بِالنَّصْبِ ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ وَعِيدٌ وَإِنْذَارٌ .