الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3717 410 - حدثنا مسدد ، حدثنا عبد الوارث ، ح وحدثنا إسحاق بن منصور ، أخبرنا عبد الصمد قال : سمعت أبي يحدث ، حدثنا أبو التياح يزيد بن حميد الضبعي قال : حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة نزل في علو المدينة في حي يقال لهم : بنو عمرو بن عوف قال : فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ، ثم أرسل إلى ملإ بني النجار قال : فجاءوا متقلدي سيوفهم قال : وكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته ، وأبو بكر ردفه ، وملأ بني النجار حوله حتى ألقى بفناء أبي أيوب قال : فكان يصلي حيث أدركته الصلاة ، ويصلي في مرابض الغنم قال : ثم إنه أمر ببناء المسجد ، فأرسل إلى ملإ بني النجار ، فجاؤوا فقال : يا بني النجار ، ثامنوني حائطكم هذا ؟ فقالوا : لا ، والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى قال : فكان فيه ما أقول لكم : كانت فيه قبور المشركين ، وكانت فيه خرب ، وكان فيه نخل ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المشركين فنبشت ، وبالخرب فسويت ، وبالنخل فقطع قال : فصفوا النخل قبلة المسجد ، قال : وجعلوا عضادتيه حجارة ، قال : جعلوا ينقلون ذاك الصخر وهم يرتجزون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم معهم [ ص: 65 ] يقولون :

                                                                                                                                                                                  اللهم إنه لا خير إلا خير الآخره فانصر الأنصار والمهاجره

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  وعبد الوارث هو ابن عبد الصمد ، والحديث مر في كتاب الصلاة في باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ، فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن عبد الوارث عن أبي التياح عن أنس إلى آخره ، وتقدم الكلام فيه هناك ، وأبو التياح بفتح التاء المثناة من فوق وتشديد الياء آخر الحروف .

                                                                                                                                                                                  قوله : " علو المدينة " بضم العين وسكون اللام ، وكل ما كان في جهة نجد يسمى العالية ، وما كان في جهة تهامة يسمى السافلة ، وقباء من عوالي المدينة ، وأخذ من نزول النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - في علو المدينة التفاؤل له ولدينه بالعلو . قوله : " يقال لهم بنو عمرو بن عوف " وهو ابن مالك ابن الأوس بن حارثة . قوله : " إلى ملأ بني النجار " أي : جماعتهم . قوله : " حتى ألقى بفناء أبي أيوب " معنى ألقى نزل أو ألقى رحله ، وفناء الدار بكسر الفاء ما امتد من جوانبها ، واسم أبي أيوب خالد بن زيد بن كليب الأنصاري من بني مالك ابن النجار . قوله : " ثامنوني " أي : عينوا لي ثمنه أو ساوموني بثمنه ، يقال : ثامنت الرجل في كذا ، أي : ساومته . قوله : " حائطكم " أي : بستانكم ، قال : فكان فيه " أي : قال أنس : فكان في حائطكم . قوله : " خرب " بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء ، ويروى خرب بفتح الخاء وكسر الراء ، وقال الخطابي : أكثر الرواية بالفتح ، ثم بالكسر ، قال : ويحتمل الخرب بالضم ، ثم السكون ، قال : وهي الخروق المستديرة في الأرض ، ويحتمل الجرف بكسر الجيم وفتح الراء وبالفاء ، وهو ما تجرفه السيول وتأكله من الأرض ، ويحتمل الحدب بفتح الحاء والدال المهملتين وهو المرتفع من الأرض ، وهذه احتمالات لا يلتفت إليها مع وجود الرواية المشهورة الصحيحة . قوله : " عضادتيه " تثنية عضادة وهي ما حول الباب .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية