وقال
أبو البقاء : مصدر ، أي مرة أخرى ، أو رؤية أخرى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=14عند سدرة المنتهى ) ، قيل : هي شجرة نبق في السماء السابعة . وقيل : في السماء السادسة ، ثمرها كقلال هجر ، وورقها كآذان الفيلة . تنبع من أصلها الأنهار التي ذكرها الله تعالى في كتابه ، يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها . والمنتهى موضع الانتهاء ، لأنه ينتهي إليها علم كل عالم ، ولا يعلم ما وراءها صعدا إلا الله تعالى عز وجل ; أو ينتهي إليها كل من مات على الإيمان من كل جيل ; أو ينتهي إليها ما نزل من أمر الله تعالى ، ولا تتجاوزها ملائكة العلو وما صعد من الأرض ، ولا تتجاوزها ملائكة السفل ; أو تنتهي إليها أرواح الشهداء ; أو كأنها في منتهى الجنة وآخرها ; أو تنتهي إليها الملائكة والأنبياء ويقفون عندها ; أو ينتهي إليها علم الأنبياء ويعزب علمهم عن ما وراءها ; أو تنتهي إليها الأعمال ; أو لانتهاء من رفع إليها في الكرامة ، أقوال تسعة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=15عندها جنة المأوى ) : أي عند السدرة ، قيل : ويحتمل عند النزلة . قال
الحسن : هي الجنة التي وعدها الله المؤمنين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، بخلاف عنه ;
وقتادة : هي جنة تأوي إليها أرواح الشهداء ، وليست بالتي وعد المتقون جنة النعيم . وقيل : جنة مأوى الملائكة . وقرأ
علي وأبو الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة وابن الزبير وأنس وزر
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب وقتادة : جنه ، بهاء الضمير ، وجن فعل ماض ، والهاء ضمير النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أي عندها ستره إيواء الله تعالى وجميل صنعه . وقيل : المعنى ضمه المبيت والليل . وقيل : جنه بظلاله ودخل فيه . وردت
عائشة وصحابة معها هذه القراءة
[ ص: 160 ] وقالوا : أجن الله من قرأها ; وإذا كانت قراءة قرأها أكابر من أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فليس لأحد ردها . وقيل : إن
عائشة رضي الله تعالى عنها أجازتها . وقراءة الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=15جنة المأوى ) ، كقوله في آية أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19فلهم جنات المأوى نزلا ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=16إذ يغشى السدرة ما يغشى ) : فيه بإبهام الموصول وصلته تعظيم وتكثير للغاشي الذي يغشاه ، إذ ذاك أشياء لا يعلم وصفها إلا الله تعالى . وقيل : يغشاها الجم الغفير من الملائكة ، يعبدون الله عندها . وقيل : ما يغشى من قدرة الله تعالى ، وأنواع الصفات التي يخترعها لها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وأنس ومسروق ومجاهد وإبراهيم : ذلك جراد من ذهب كان يغشاها . وقال
مجاهد : ذلك تبدل أغصانها درا وياقوتا . وروي في الحديث : "
رأيت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح الله تعالى " . وأيضا : يغشاها رفرف أخضر ، وأيضا : تغشاها ألوان لا أدري ما هي . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : يغشاها نور الخلاق . وعن
الحسن : غشيها نور رب العزة فاستنارت . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : غشيها رب العزة ، أي أمره ، كما جاء في صحيح
مسلم مرفوعا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374913فلما غشيها من أمر الله ما غشي ، ونظير هذا الإبهام للتعظيم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=10فأوحى إلى عبده ما أوحى ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=53والمؤتفكة أهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=54فغشاها ما غشى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=17ما زاغ البصر ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما مال هكذا ولا هكذا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أي أثبت ما رآه إثباتا مستيقنا صحيحا من غير أن يزيغ بصره أو يتجاوزه ، إذ ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومكن منها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=17وما طغى ) : وما جاوز ما أمر برؤيته . انتهى . وقال غيره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=17وما طغى ) : ولا تجاوز المرئي إلى غيره ، بل وقع عليه وقوعا صحيحا ، وهذا تحقيق للأمر ، ونفي للريب عنه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، قيل : الكبرى مفعول رأى ، أي رأى الآيات الكبرى والعظمى التي هي بعض آيات ربه ، أي حين رقي إلى السماء رأى عجائب الملكوت ، وتلك بعض آيات الله . وقيل : ( من آيات ) هو في موضع المفعول ، والكبرى صفة لآيات ربه ، ومثل هذا الجمع يوصف بوصف الواحدة ، وحسن ذلك هنا كونها فاصلة ، كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=23لنريك من آياتنا الكبرى ) ، عند من جعلها صفة لآياتنا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : أي رفرف أخضر قد سد الأفق . وقال
ابن زيد : رأى
جبريل في الصورة التي هو بها في السماء .
( أفرأيتم ) : خطاب
لقريش . ولما قرر الرسالة أولا ، وأتبعه من ذكر عظمة الله وقدرته الباهرة بذكر التوحيد والمنع عن الإشراك بالله تعالى ، وقفهم على حقارة معبوداتهم ، وهي الأوثان ، وأنها ليست لها قدرة . واللات : صنم كانت العرب تعظمه . قال
قتادة : كان
بالطائف . وقال
أبو عبيدة وغيره : كان في الكعبة . وقال
ابن زيد : كان بنخلة عند سوق عكاظ . قال
ابن عطية : وقول
قتادة أرجح ، ويؤيده قول الشاعر :
وفرت ثقيف إلى لاتها بمنقلب الخائب الخاسر
انتهى .
ويمكن الجمع بأن تكون أصناما سميت باسم اللات فأخبر كل عن صنم بمكانه . والتاء في اللات قيل أصلية ، لام الكلمة كالباء من باب ، وألفه منقلبة فيما يظهر من ياء ، لأن مادة ليت موجودة . فإن وجدت مادة من ل و ت ، جاز أن تكون منقلبة من واو . وقيل : التاء للتأنيث ، ووزنها فعلة من لوى ، قيل : لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة ، أو يلتوون عليها : أي يطوفون ، حذفت لامها . وقرأ الجمهور : اللات خفيفة التاء ;
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=17152ومنصور بن المعتمر وأبو صالح وطلحة وأبو الجوزاء ويعقوب وابن كثير في رواية : بشدها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان هذا رجلا
بسوق عكاظ ، يلت السمن والسويق عند صخرة . وقيل : كان ذلك الرجل من بهز ، يلت السويق للحجاج على حجر ، فلما مات ، عبدوا الحجر الذي كان عنده ، إجلالا لذلك الرجل ، وسموه باسمه . وقيل : سمي برجل كان يلت عنده السمن بالدب ويطمعه الحجاج . وعن
مجاهد : كان رجل يلت السويق
بالطائف ، وكانوا
[ ص: 161 ] يعكفون على قبره ، فجعلوه وثنا . وفي التحرير : أنه كان صنما تعظمه العرب . وقيل : حجر ذلك اللات ، وسموه باسمه . وعن
ابن جبير : صخرة بيضاء كانت العرب تعبدها وتعظمها . وعن
مجاهد : شجيرات تعبد ببلادها ، انتقل أمرها إلى الصخرة . انتهى ملخصا . وتلخص في اللات ، أهو صنم ، أو حجر يلت عليه ، أو صخرة يلت عندها ، أو قبر اللات ، أو شجيرات ثم صخرة ، أو اللات نفسه ، أقوال ، والعزى صنم . وقيل : سموه لغطفان ، وأصلها تأنيث الأعز ،
بعث إليها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد فقطعها ، وخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها واضعة يدها على رأسها ; فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها ، وهو يقول :
يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك
ورجع فأخبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال عليه الصلاة والسلام : "
تلك العزى ولن تعبد أبدا " . وقال
أبو عبيدة : كانت العزى ومناة بالكعبة . انتهى . ويدل على هذا قول
أبي سفيان في بعض الحروب للمسلمين : لنا عزى ولا عزى لكم . وقال
ابن زيد : كانت العزى
بالطائف . وقال
قتادة : كانت بنخلة ، ويمكن الجمع ، فإنه كان في كل مكان منها صنم يسمى بالعزى ، كما قلنا في اللات ، فأخبر كل واحد عن ذلك الصنم المسمى ومكانه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20ومناة ) : قيل : صخرة كانت لهذيل وخزاعة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لثقيف . وقيل : بالمشكك من قديد بين
مكة والمدينة ، وكانت أعظم هذه الأوثان قدرا وأكثرها عددا ، وكانت
الأوس والخزرج تهل لها ، هذا اضطراب كثير في هذه الأوثان ومواضعها ، والذي يظهر أنها كانت ثلاثتها في
الكعبة ، لأن المخاطب بذلك في قوله : ( أفرأيتم ) هم
قريش . وقرأ الجمهور : " ومناة " مقصورا ، فقيل : وزنها فعلة ، سميت مناة لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها : أي تراق . وقرأ
ابن كثير : ومناءة ، بالمد والهمز . قيل : ووزنها مفعلة ، فالألف منقلبة عن واو ، نحو مقالة ، والهمزة أصل مشتقة من النوء ، كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها ، والقصر أشهر . قال
جرير :
أزيد مناة توعد بأس تيم تأمل أين تاه بك الوعيد
وقال آخر في المد والهمز :
ألا هل أتى تيم بن عبد مناءة على النأي فيما بيننا ابن تميم
" واللات والعزى ومناة " منصوبة بقوله : ( أفرأيتم ) ، وهي بمعنى أخبرني ، والمفعول الثاني الذي لها هو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم الذكر وله الأنثى ) على حد ما تقرر في متعلق أرأيت إذا كانت بمعنى أخبرني ، ولم يعد ضمير من جملة الاستفهام على اللات والعزى ومناة ، لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21وله الأنثى ) هو في معنى : وله هذه الإناث ، فأغنى عن الضمير . وكانوا يقولون في هذه الأصنام : هي بنات الله ، فالمعنى : ألكم النوع المحبوب المستحسن الموجود فيكم ، وله النوع المذموم بزعمكم وهو المستثقل . وحسن إبراز الأنثى كونه نصا في اعتقادهم أنهن إناث ، وأنهن بنات الله تعالى ، وإن كان في لحاق تاء التأنيث في اللات وفي مناة وألف التأنيث في العزى ما يشعر بالتأنيث ، لكنه قد سمى المذكر بالمؤنث ، فكان في قوله : ( الأنثى ) نص على اعتقاد التأنيث فيها . وحسن ذلك أيضا كونه جاء فاصلة ، إذ لو أتى ضميرا ، فكان التركيب ألكم الذكر وله هن لم تقع فاصلة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وجه تلفيق هذه الآية مع ما قبلها ، فيقول : أخبروني عن آلهتكم ، هل لها شيء من القدرة والعظمة التي وصف بها رب العزة في الآي السالفة ؟ انتهى . فجعل المفعول الثاني لأفرأيتم جملة الاستفهام التي قدرها ، وحذفت لدلالة الكلام السابق عليها ، وعلى تقديره يبقى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21ألكم الذكر وله الأنثى ) متعلقا بما قبله من جهة المعنى ، لا من جهة الإعراب ، كما قلناه نحن . ولا يعجبني قول
[ ص: 162 ] الزجاج : وجه تلفيق هذه الآية مع ما قبلها ، ولو قال : وجه اتصال هذه ، أو وجه انتظام هذه مع ما قبلها ، لكان الجيد في الأدب ، وإن كان يعني هذا المعنى .
وقال
ابن عطية : ( أفرأيتم ) خطاب
لقريش ، وهي من رؤية العين ، لأنه أحال على أجرام مرئية ، ولو كانت أرأيت التي هي استفتاء لم تتعد . انتهى . ويعني بالأجرام : اللات والعزى ومناة ، وأرأيت التي هي استفتاء تقع على الأجرام ، نحو : أرأيت زيدا ما صنع ؟ وقوله : ولو كانت أرأيت التي هي استفتاء ، يعني الذي تقول النحاة فيه إنها بمعنى أخبرني ، لم تتعد ; والتي هي بمعنى الاستفتاء تتعدى إلى اثنين ، أحدهما منصوب ، والآخر في الغالب جملة استفهامية . وقد تكرر لنا الكلام في ذلك ، وأوله في سورة الأنعام . ودل كلام
ابن عطية على أنه لم يطالع ما قاله الناس في أرأيت إذا كانت استفتاء على اصطلاحه ، وهي التي بمعنى أخبرني . والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20الثالثة الأخرى ) صفتان لمناة ، وهما يفيدان التوكيد . قيل : ولما كانت مناة هي أعظم هذه الأوثان ، أكدت بهذين الوصفين ، كما تقول : رأيت فلانا وفلانا ، ثم تذكر ثالثا أجل منهما فتقول : وفلانا الآخر الذي من شأنه ، ولفظه آخر وأخرى يوصف به الثالث من المعدودات ، وذلك نص في الآية ، ومنه قول
ربيعة بن مكرم :
ولقد شفعتهما بآخر ثالث
انتهى .
وقول
ربيعة مخالف للآية ، لأن ثالثا جاء بعد آخر . وعلى قول هذا القائل أن مناة هي أعظم هذه الأوثان ، يكون التأكيد لأجل عظمها . ألا ترى إلى قوله : ثم تذكر ثالثا أجل منهما وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والأخرى ذم ، وهي المتأخرة الوضيعة المقدار ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38قالت أخراهم لأولاهم ) : أي وضعاؤهم لرؤسائهم وأشرافهم . ويجوز أن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى . انتهى . ولفظ آخر ومؤنثه أخرى لم يوضعا للذم ولا للمدح ، إنما يدلان على معنى غير ، إلا أن من شرطهما أن يكونا من جنس ما قبلهما . لو قلت : مررت برجل وآخر ، لم يدل إلا على معنى غير ، لا على ذم ولا على مدح . وقال
أبو البقاء : والأخرى توكيد ، لأن الثالثة لا تكون إلا أخرى . انتهى . وقيل : الأخرى صفة للعزى ، لأنها ثانية اللات ; والثانية يقال لها الأخرى ، وأخرت لموافقة رءوس الآي . وقال
الحسن بن الفضل : فيه تقديم وتأخير تقديره : والعزى الأخرى ومناة الثالثة الذليلة ، وذلك لأن الأولى كانت وثنا على صورة آدمي والعزى صورة نبات ومناة صورة صخرة . فالآدمي أشرف من النبات ، والنبات أشرف من الجماد . فالجماد متأخر ، ومناة جماد ، فهي في أخريات المراتب . والإشارة بتلك إلى قسمتهم وتقديرهم أن لهم الذكران ولله تعالى البنات . وكانوا يقولون : إن هذه الأصنام والملائكة بنات الله تعالى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22ضيزى : جائرة .
وسفيان : منقوصة .
وابن زيد : مخالفة .
ومجاهد ومقاتل : عوجاء .
والحسن : غير معتدلة .
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين : غير مستوية ، وكلها أقوال متقاربة في المعنى . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22ضيزى ) من غير همز ، والظاهر أنه صفة على وزن فعلى بضم الفاء ، كسرت لتصح الياء . ويجوز أن تكون مصدرا على وزن فعلى كذكرى ، ووصف به . وقرأ ابن كثير : ضئزى بالهمز ، فوجه على أنه مصدر كذكرى . وقرأ زيد بن علي : ضيزى بفتح الضاد وسكون الياء ، ويوجه على أنه مصدر ، كدعوى وصف به ، أو وصف كسكرى وناقة خرمى . ويقال : ضوزى بالواو وبالهمز ، وتقدم في المفردات حكاية لغة الهمز عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي . وأنشد
الأخفش :
فإن تنأ عنها تقتضيك وإن تغب فسهمك مضئوز وأنفك راغم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ) : تقدم تفسير نظيرها في سورة هود ، وفي سورة الأعراف . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إن يتبعون ) بياء الغيبة ;
وعبد الله nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وابن وثاب [ ص: 163 ] وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وعيسى بن عمر : بتاء الخطاب ، ( إلا الظن ) : وهو ميل النفس إلى أحد معتقدين من غير حجة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23وما تهوى ) : أي تميل إليه بلذة ، وإنما تهوى أبدا ما هو غير الأفضل ، لأنها مجبولة على حب الملاذ ، وإنما يسوقها إلى حسن العاقبة العقل . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) : توبيخ لهم ، والذي هم عليه باطل واعتراض بين الجملتين ، أي يفعلون هذه القبائح ; والهدى قد جاءهم ، فكانوا أولى من يقبله ويترك عبادة من لا يجدي عبادته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=24أم للإنسان ما تمنى ) : هو متصل بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23وما تهوى الأنفس ) ، بل للإنسان ، والمراد به الجنس ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=24ما تمنى ) : أي ما تعلقت به أمانيه ، أي ليست الأشياء والشهوات تحصل بالأماني ، بل لله الأمر . وقولكم : إن آلهتكم تشفع وتقرب زلفى ، ليس لكم ذلك . وقيل : أمنيتهم قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=50ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) . وقيل : قول
الوليد بن المغيرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=77لأوتين مالا وولدا ) . وقيل : تمنى بعضهم أن يكون النبي . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=25فلله الآخرة والأولى ) : أي هو مالكهما ، فيعطي منهما ما يشاء ، ويمنع من يشاء ، وليس لأحد أن يبلغ منهما إلا ما شاء الله . وقدم الآخرة على الأولى ، لتأخرها في ذلك ، ولكونها فاصلة ، فلم يراع الترتيب الوجودي ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=13وإن لنا للآخرة والأولى ) .
وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : مَصْدَرٌ ، أَيْ مَرَّةً أُخْرَى ، أَوْ رُؤْيَةً أُخْرَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=14عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) ، قِيلَ : هِيَ شَجَرَةُ نَبْقٍ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ . وَقِيلَ : فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، ثَمَرُهَا كَقِلَالِ هَجَرَ ، وَوَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ . تَنْبُعُ مِنْ أَصْلِهَا الْأَنْهَارُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يَقْطَعُهَا . وَالْمُنْتَهَى مَوْضِعُ الِانْتِهَاءِ ، لِأَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا عِلْمُ كُلِّ عَالِمٍ ، وَلَا يَعْلَمُ مَا وَرَاءَهَا صَعَدًا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ ; أَوْ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ مِنْ كُلِّ جِيلٍ ; أَوْ يَنْتَهِي إِلَيْهَا مَا نَزَلَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا تَتَجَاوَزُهَا مَلَائِكَةُ الْعُلُوِّ وَمَا صَعِدَ مِنَ الْأَرْضِ ، وَلَا تَتَجَاوَزُهَا مَلَائِكَةُ السُّفْلِ ; أَوْ تَنْتَهِي إِلَيْهَا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ ; أَوْ كَأَنَّهَا فِي مُنْتَهَى الْجَنَّةِ وَآخِرِهَا ; أَوْ تَنْتَهِي إِلَيْهَا الْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ وَيَقِفُونَ عِنْدَهَا ; أَوْ يَنْتَهِي إِلَيْهَا عِلْمُ الْأَنْبِيَاءِ وَيَعْزُبُ عِلْمُهُمْ عَنْ مَا وَرَاءَهَا ; أَوْ تَنْتَهِي إِلَيْهَا الْأَعْمَالُ ; أَوْ لِانْتِهَاءِ مَنْ رُفِعَ إِلَيْهَا فِي الْكَرَامَةِ ، أَقْوَالٌ تِسْعَةٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=15عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) : أَيْ عِنْدَ السِّدْرَةِ ، قِيلَ : وَيَحْتَمِلُ عِنْدَ النَّزْلَةِ . قَالَ
الْحَسَنُ : هِيَ الْجَنَّةُ الَّتِي وَعَدَهَا اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، بِخِلَافٍ عَنْهُ ;
وَقَتَادَةُ : هِيَ جَنَّةٌ تَأْوِي إِلَيْهَا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ ، وَلَيْسَتْ بِالَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ جَنَّةَ النَّعِيمِ . وَقِيلَ : جَنَّةُ مَأْوَى الْمَلَائِكَةِ . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَنَسٌ وَزِرٌّ
nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَقَتَادَةُ : جَنَّهُ ، بِهَاءِ الضَّمِيرِ ، وَجَنَّ فِعْلٌ مَاضٍ ، وَالْهَاءُ ضَمِيرُ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَيْ عِنْدَهَا سَتَرَهُ إِيوَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَجَمِيلُ صُنْعِهِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى ضَمَّهُ الْمَبِيتُ وَاللَّيْلُ . وَقِيلَ : جَنَّهُ بِظِلَالِهِ وَدَخَلَ فِيهِ . وَرَدَّتْ
عَائِشَةُ وَصَحَابَةٌ مَعَهَا هَذِهِ الْقِرَاءَةَ
[ ص: 160 ] وَقَالُوا : أَجَنَّ اللَّهُ مَنْ قَرَأَهَا ; وَإِذَا كَانَتْ قِرَاءَةً قَرَأَهَا أَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ رَدَّهَا . وَقِيلَ : إِنَّ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَجَازَتْهَا . وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=15جَنَّةُ الْمَأْوَى ) ، كَقَوْلِهِ فِي آيَةٍ أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=16إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ) : فِيهِ بِإِبْهَامِ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ تَعْظِيمٌ وَتَكْثِيرٌ لِلْغَاشِي الَّذِي يَغْشَاهُ ، إِذْ ذَاكَ أَشْيَاءُ لَا يَعْلَمُ وَصْفَهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى . وَقِيلَ : يَغْشَاهَا الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، يَعْبُدُونَ اللَّهَ عِنْدَهَا . وَقِيلَ : مَا يَغْشَى مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنْوَاعُ الصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَرِعُهَا لَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَسٌ وَمَسْرُوقٌ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ : ذَلِكَ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ يَغْشَاهَا . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : ذَلِكَ تَبَدُّلُ أَغْصَانِهَا دُرًّا وَيَاقُوتًا . وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ : "
رَأَيْتُ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مِنْ وَرَقِهَا مَلَكًا قَائِمًا يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى " . وَأَيْضًا : يَغْشَاهَا رَفْرَفٌ أَخْضَرُ ، وَأَيْضًا : تَغْشَاهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ : يَغْشَاهَا نُورُ الْخَلَّاقِ . وَعَنِ
الْحَسَنِ : غَشِيَهَا نُورُ رَبِّ الْعِزَّةِ فَاسْتَنَارَتْ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : غَشِيَهَا رَبُّ الْعِزَّةِ ، أَيْ أَمْرُهُ ، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374913فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِيَ ، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِبْهَامِ لِلتَّعْظِيمِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=10فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=53وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=54فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=17مَا زَاغَ الْبَصَرُ ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا مَالَ هَكَذَا وَلَا هَكَذَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَيْ أَثْبَتَ مَا رَآهُ إِثْبَاتًا مُسْتَيْقِنًا صَحِيحًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيغَ بَصَرُهُ أَوْ يَتَجَاوَزَهُ ، إِذْ مَا عَدَلَ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَجَائِبِ الَّتِي أُمِرَ بِرُؤْيَتِهَا وَمُكِّنَ مِنْهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=17وَمَا طَغَى ) : وَمَا جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِرُؤْيَتِهِ . انْتَهَى . وَقَالَ غَيْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=17وَمَا طَغَى ) : وَلَا تَجَاوَزَ الْمَرْئِيَّ إِلَى غَيْرِهِ ، بَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ وُقُوعًا صَحِيحًا ، وَهَذَا تَحْقِيقٌ لِلْأَمْرِ ، وَنَفْيٌ لِلرَّيْبِ عَنْهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) ، قِيلَ : الْكُبْرَى مَفْعُولُ رَأَى ، أَيْ رَأَى الْآيَاتِ الْكُبْرَى وَالْعُظْمَى الَّتِي هِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّهِ ، أَيْ حِينَ رَقِيَ إِلَى السَّمَاءِ رَأَى عَجَائِبَ الْمَلَكُوتِ ، وَتِلْكَ بَعْضُ آيَاتِ اللَّهِ . وَقِيلَ : ( مِنْ آيَاتِ ) هُوَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ ، وَالْكُبْرَى صِفَةٌ لِآيَاتِ رَبِّهِ ، وَمِثْلُ هَذَا الْجَمْعِ يُوصَفُ بِوَصْفِ الْوَاحِدَةِ ، وَحُسْنُ ذَلِكَ هُنَا كَوْنُهَا فَاصِلَةً ، كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=23لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ) ، عِنْدَ مَنْ جَعَلَهَا صِفَةً لِآيَاتِنَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ : أَيْ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : رَأَى
جِبْرِيلَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا فِي السَّمَاءِ .
( أَفَرَأَيْتُمْ ) : خِطَابٌ
لِقُرَيْشٍ . وَلَمَّا قَرَّرَ الرِّسَالَةَ أَوَّلًا ، وَأَتْبَعَهُ مِنْ ذِكْرِ عَظَمَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ بِذِكْرِ التَّوْحِيدِ وَالْمَنْعِ عَنِ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَقَفَهُمْ عَلَى حَقَارَةِ مَعْبُودَاتِهِمْ ، وَهِيَ الْأَوْثَانُ ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهَا قُدْرَةٌ . وَاللَّاتُ : صَنَمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُعَظِّمُهُ . قَالَ
قَتَادَةُ : كَانَ
بِالطَّائِفِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ : كَانَ فِي الْكَعْبَةِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : كَانَ بِنَخْلَةٍ عِنْدَ سُوقِ عُكَاظٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَوْلُ
قَتَادَةَ أَرْجَحُ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَفَرَّتْ ثَقِيفٌ إِلَى لَاتِهَا بِمُنْقَلِبِ الْخَائِبِ الْخَاسِرِ
انْتَهَى .
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تَكُونَ أَصْنَامًا سُمِّيَتْ بِاسْمِ اللَّاتِ فَأَخْبَرَ كُلٌّ عَنْ صَنَمٍ بِمَكَانِهِ . وَالتَّاءُ فِي اللَّاتِ قِيلَ أَصْلِيَّةٌ ، لَامُ الْكَلِمَةِ كَالْبَاءِ مِنْ بَابٍ ، وَأَلِفُهُ مُنْقَلِبَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ يَاءٍ ، لِأَنَّ مَادَّةَ لَيْتَ مَوْجُودَةٌ . فَإِنْ وُجِدَتْ مَادَّةٌ مِنْ ل و ت ، جَازَ أَنْ تَكُونَ مُنْقَلِبَةً مِنْ وَاوٍ . وَقِيلَ : التَّاءُ لِلتَّأْنِيثِ ، وَوَزْنُهَا فَعْلَةٌ مِنْ لَوَى ، قِيلَ : لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَلْوُونَ عَلَيْهَا وَيَعْكُفُونَ لِلْعِبَادَةِ ، أَوْ يَلْتَوُونَ عَلَيْهَا : أَيْ يَطُوفُونَ ، حُذِفَتْ لَامُهَا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : اللَّاتُ خَفِيفَةُ التَّاءِ ;
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=17152وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَأَبُو صَالِحٍ وَطَلْحَةُ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ وَيَعْقُوبُ وَابْنُ كَثِيرٍ فِي رِوَايَةٍ : بِشَدِّهَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ هَذَا رَجُلًا
بِسُوقِ عُكَاظٍ ، يَلُتُّ السَّمْنَ وَالسَّوِيقَ عِنْدَ صَخْرَةٍ . وَقِيلَ : كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ بُهْزٍ ، يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلْحُجَّاجِ عَلَى حَجَرٍ ، فَلَمَّا مَاتَ ، عَبَدُوا الْحَجَرَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ ، إِجْلَالًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِهِ . وَقِيلَ : سُمِّيَ بِرَجُلٍ كَانَ يُلَتُّ عِنْدَهُ السَّمْنُ بِالدُّبِّ وَيُطْمِعُهُ الْحُجَّاجَ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : كَانَ رَجُلٌ يَلُتُّ السَّوِيقَ
بِالطَّائِفِ ، وَكَانُوا
[ ص: 161 ] يَعْكُفُونَ عَلَى قَبْرِهِ ، فَجَعَلُوهُ وَثَنًا . وَفِي التَّحْرِيرِ : أَنَّهُ كَانَ صَنَمًا تُعَظِّمُهُ الْعَرَبُ . وَقِيلَ : حَجَرٌ ذَلِكَ اللَّاتُ ، وَسَمَّوْهُ بِاسْمِهِ . وَعَنِ
ابْنِ جُبَيْرٍ : صَخْرَةٌ بَيْضَاءُ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْبُدُهَا وَتُعَظِّمُهَا . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : شُجَيْرَاتٌ تُعْبَدُ بِبِلَادِهَا ، انْتَقَلَ أَمْرُهَا إِلَى الصَّخْرَةِ . انْتَهَى مُلَخَّصًا . وَتَلَخَّصَ فِي اللَّاتِ ، أَهُوَ صَنَمٌ ، أَوْ حَجَرٌ يُلَتُّ عَلَيْهِ ، أَوْ صَخْرَةٌ يُلَتُّ عِنْدَهَا ، أَوْ قَبْرُ اللَّاتِ ، أَوْ شُجَيْرَاتٌ ثُمَّ صَخْرَةٌ ، أَوِ اللَّاتُ نَفْسُهُ ، أَقْوَالٌ ، وَالْعُزَّى صَنَمٌ . وَقِيلَ : سَمَّوْهُ لِغَطَفَانَ ، وَأَصْلُهَا تَأْنِيثُ الْأَعَزِّ ،
بَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَطَعَهَا ، وَخَرَجَتْ مِنْهَا شَيْطَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعَرَهَا دَاعِيَةٌ وَيْلَهَا وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا ; فَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهَا ، وَهُوَ يَقُولُ :
يَا عُزَّ كُفْرَانَكِ لَا سُبْحَانَكِ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ
وَرَجَعَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
تِلْكَ الْعُزَّى وَلَنْ تُعْبَدَ أَبَدًا " . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : كَانَتِ الْعُزَّى وَمَنَاةُ بِالْكَعْبَةِ . انْتَهَى . وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ
أَبِي سُفْيَانَ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ لِلْمُسْلِمِينَ : لَنَا عُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : كَانَتِ الْعُزَّى
بِالطَّائِفِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : كَانَتْ بِنَخْلَةَ ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْهَا صَنَمٌ يُسَمَّى بِالْعُزَّى ، كَمَا قُلْنَا فِي اللَّاتِ ، فَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ ذَلِكَ الصَّنَمِ الْمُسَمَّى وَمَكَانِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20وَمَنَاةَ ) : قِيلَ : صَخْرَةٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ وَخُزَاعَةَ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لِثَقِيفٍ . وَقِيلَ : بِالْمُشَكِّكِ مِنْ قُدَيْدٍ بَيْنَ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، وَكَانَتْ أَعْظَمَ هَذِهِ الْأَوْثَانِ قَدْرًا وَأَكْثَرَهَا عَدَدًا ، وَكَانَتِ
الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ تُهِلُّ لَهَا ، هَذَا اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ فِي هَذِهِ الْأَوْثَانِ وَمَوَاضِعِهَا ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثَتُهَا فِي
الْكَعْبَةِ ، لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : ( أَفَرَأَيْتُمُ ) هُمْ
قُرَيْشٌ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " وَمَنَاةَ " مَقْصُورًا ، فَقِيلَ : وَزْنُهَا فَعْلَةٌ ، سُمِّيَتْ مَنَاةَ لِأَنَّ دِمَاءَ النَّسَائِكِ كَانَتْ تُمْنَى عِنْدَهَا : أَيْ تُرَاقُ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ : وَمَنَاءَةَ ، بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ . قِيلَ : وَوَزْنُهَا مَفْعَلَةٌ ، فَالْأَلِفُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ ، نَحْوَ مَقَالَةٍ ، وَالْهَمْزَةُ أَصْلٌ مُشْتَقَّةٌ مِنَ النَّوْءِ ، كَانُوا يَسْتَمْطِرُونَ عِنْدَهَا الْأَنْوَاءَ تَبَرُّكًا بِهَا ، وَالْقَصْرُ أَشْهَرُ . قَالَ
جَرِيرٌ :
أَزَيْدُ مَنَاةَ تُوعِدَ بَأْسَ تَيْمٍ تَأَمَّلْ أَيْنَ تَاهَ بِكَ الْوَعِيدُ
وَقَالَ آخَرُ فِي الْمَدِّ وَالْهَمْزِ :
أَلَا هَلْ أَتَى تَيْمُ بْنُ عَبْدِ مَنَاءَةَ عَلَى النَّأْيِ فِيمَا بَيْنَنَا ابْنُ تَمِيمِ
" وَاللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ " مَنْصُوبَةٌ بِقَوْلِهِ : ( أَفَرَأَيْتُمُ ) ، وَهِيَ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي الَّذِي لَهَا هُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ) عَلَى حَدِّ مَا تَقَرَّرَ فِي مُتَعَلِّقِ أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي ، وَلَمْ يَعُدْ ضَمِيرٌ مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ ، لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21وَلَهُ الْأُنْثَى ) هُوَ فِي مَعْنَى : وَلَهُ هَذِهِ الْإِنَاثُ ، فَأَغْنَى عَنِ الضَّمِيرِ . وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْأَصْنَامِ : هِيَ بَنَاتُ اللَّهِ ، فَالْمَعْنَى : أَلَكُمُ النَّوْعُ الْمَحْبُوبُ الْمُسْتَحْسَنُ الْمَوْجُودُ فِيكُمْ ، وَلَهُ النَّوْعُ الْمَذْمُومُ بِزَعْمِكُمْ وَهُوَ الْمُسْتَثْقَلُ . وَحُسْنُ إِبْرَازِ الْأُنْثَى كَوْنُهُ نَصًّا فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُنَّ إِنَاثٌ ، وَأَنَّهُنَّ بَنَاتُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ كَانَ فِي لَحَاقِ تَاءِ التَّأْنِيثِ فِي اللَّاتِ وَفِي مَنَاةَ وَأَلِفِ التَّأْنِيثِ فِي الْعُزَّى مَا يُشْعِرُ بِالتَّأْنِيثِ ، لَكِنَّهُ قَدْ سَمَّى الْمُذَكَّرَ بِالْمُؤَنَّثِ ، فَكَانَ فِي قَوْلِهِ : ( الْأُنْثَى ) نَصٌّ عَلَى اعْتِقَادِ التَّأْنِيثِ فِيهَا . وَحُسْنُ ذَلِكَ أَيْضًا كَوْنُهُ جَاءَ فَاصِلَةً ، إِذْ لَوْ أَتَى ضَمِيرًا ، فَكَانَ التَّرْكِيبُ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ هُنَّ لَمْ تَقَعْ فَاصِلَةً . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَجْهُ تَلْفِيقِ هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ مَا قَبْلَهَا ، فَيَقُولُ : أَخْبِرُونِي عَنْ آلِهَتِكُمْ ، هَلْ لَهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالْعَظَمَةِ الَّتِي وُصِفَ بِهَا رَبُّ الْعِزَّةِ فِي الْآيِ السَّالِفَةِ ؟ انْتَهَى . فَجَعَلَ الْمَفْعُولَ الثَّانِي لِأَفَرَأَيْتُمْ جُمْلَةَ الِاسْتِفْهَامِ الَّتِي قَدَّرَهَا ، وَحُذِفَتْ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ السَّابِقِ عَلَيْهَا ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ يَبْقَى قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=21أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى ) مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، لَا مِنْ جِهَةِ الْإِعْرَابِ ، كَمَا قُلْنَاهُ نَحْنُ . وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُ
[ ص: 162 ] الزَّجَّاجِ : وَجْهُ تَلْفِيقِ هَذِهِ الْآيَةِ مَعَ مَا قَبْلَهَا ، وَلَوْ قَالَ : وَجْهُ اتِّصَالِ هَذِهِ ، أَوْ وَجْهُ انْتِظَامِ هَذِهِ مَعَ مَا قَبْلَهَا ، لَكَانَ الْجَيِّدَ فِي الْأَدَبِ ، وَإِنْ كَانَ يَعْنِي هَذَا الْمَعْنَى .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ( أَفَرَأَيْتُمُ ) خِطَابٌ
لِقُرَيْشٍ ، وَهِيَ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ ، لِأَنَّهُ أَحَالَ عَلَى أَجْرَامٍ مَرْئِيَّةٍ ، وَلَوْ كَانَتْ أَرَأَيْتَ الَّتِي هِيَ اسْتِفْتَاءٌ لَمْ تَتَعَدَّ . انْتَهَى . وَيَعْنِي بِالْأَجْرَامِ : اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ ، وَأَرَأَيْتَ الَّتِي هِيَ اسْتِفْتَاءٌ تَقَعُ عَلَى الْأَجْرَامِ ، نَحْوَ : أَرَأَيْتَ زَيْدًا مَا صَنَعَ ؟ وَقَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَتْ أَرَأَيْتَ الَّتِي هِيَ اسْتِفْتَاءٌ ، يَعْنِي الَّذِي تَقُولُ النُّحَاةُ فِيهِ إِنَّهَا بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي ، لَمْ تَتَعَدَّ ; وَالَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الِاسْتِفْتَاءِ تَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ ، أَحَدُهُمَا مَنْصُوبٌ ، وَالْآخَرُ فِي الْغَالِبِ جُمْلَةٌ اسْتِفْهَامِيَّةٌ . وَقَدْ تَكَرَّرَ لَنَا الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ ، وَأَوَّلُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ . وَدَلَّ كَلَامُ
ابْنِ عَطِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُطَالِعْ مَا قَالَهُ النَّاسُ فِي أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَتِ اسْتِفْتَاءً عَلَى اصْطِلَاحِهِ ، وَهِيَ الَّتِي بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي . وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=20الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ) صِفَتَانِ لِمَنَاةَ ، وَهُمَا يُفِيدَانِ التَّوْكِيدَ . قِيلَ : وَلَمَّا كَانَتْ مَنَاةُ هِيَ أَعْظَمَ هَذِهِ الْأَوْثَانِ ، أُكِّدَتْ بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ ، كَمَا تَقُولُ : رَأَيْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا ، ثُمَّ تَذْكُرُ ثَالِثًا أَجَلَّ مِنْهُمَا فَتَقُولُ : وَفُلَانًا الْآخَرَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ ، وَلَفْظُهُ آخَرُ وَأُخْرَى يُوصَفُ بِهِ الثَّالِثُ مِنَ الْمَعْدُودَاتِ ، وَذَلِكَ نَصٌّ فِي الْآيَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
رَبِيعَةَ بْنِ مَكْرَمٍ :
وَلَقَدْ شَفَعْتُهُمَا بِآخَرَ ثَالِثِ
انْتَهَى .
وَقَوْلُ
رَبِيعَةَ مُخَالِفٌ لِلْآيَةِ ، لِأَنَّ ثَالِثًا جَاءَ بَعْدَ آخَرَ . وَعَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّ مَنَاةَ هِيَ أَعْظَمُ هَذِهِ الْأَوْثَانِ ، يَكُونُ التَّأْكِيدُ لِأَجْلِ عِظَمِهَا . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : ثُمَّ تَذْكُرُ ثَالِثًا أَجَلَّ مِنْهُمَا وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْأُخْرَى ذَمٌّ ، وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ الْوَضِيعَةُ الْمِقْدَارِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ ) : أَيْ وُضَعَاؤُهُمْ لِرُؤَسَائِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَوَّلِيَّةُ وَالتَّقَدُّمُ عِنْدَهُمْ لِلَّاتِ وَالْعُزَّى . انْتَهَى . وَلَفْظُ آخَرُ وَمُؤَنَّثُهُ أُخْرَى لَمْ يُوضَعَا لِلذَّمِّ وَلَا لِلْمَدْحِ ، إِنَّمَا يَدُلَّانِ عَلَى مَعْنَى غَيْرٍ ، إِلَّا أَنَّ مِنْ شَرْطِهِمَا أَنْ يَكُونَا مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهُمَا . لَوْ قُلْتَ : مَرَرْتُ بِرَجُلٍ وَآخَرَ ، لَمْ يَدُلَّ إِلَّا عَلَى مَعْنَى غَيْرٍ ، لَا عَلَى ذَمٍّ وَلَا عَلَى مَدْحٍ . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : وَالْأُخْرَى تَوْكِيدٌ ، لِأَنَّ الثَّالِثَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا أُخْرَى . انْتَهَى . وَقِيلَ : الْأُخْرَى صِفَةٌ لِلْعُزَّى ، لِأَنَّهَا ثَانِيَةُ اللَّاتِ ; وَالثَّانِيَةُ يُقَالُ لَهَا الْأُخْرَى ، وَأُخِّرَتْ لِمُوَافَقَةِ رُءُوسِ الْآيِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ : فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ : وَالْعُزَّى الْأُخْرَى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الذَّلِيلَةَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأُولَى كَانَتْ وَثَنًا عَلَى صُورَةِ آدَمِيٍّ وَالْعُزَّى صُورَةُ نَبَاتٍ وَمَنَاةَ صُورَةُ صَخْرَةٍ . فَالْآدَمِيُّ أَشْرَفُ مِنَ النَّبَاتِ ، وَالنَّبَاتُ أَشْرَفُ مِنَ الْجَمَادِ . فَالْجَمَادُ مُتَأَخِّرٌ ، وَمَنَاةُ جَمَادٌ ، فَهِيَ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَرَاتِبِ . وَالْإِشَارَةُ بِتِلْكَ إِلَى قِسْمَتِهِمْ وَتَقْدِيرِهِمْ أَنَّ لَهُمُ الذُّكْرَانَ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْبَنَاتِ . وَكَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ وَالْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ تَعَالَى .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22ضِيزَى : جَائِرَةٌ .
وَسُفْيَانُ : مَنْقُوصَةٌ .
وَابْنُ زَيْدٍ : مُخَالِفَةٌ .
وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ : عَوْجَاءُ .
وَالْحَسَنُ : غَيْرُ مُعْتَدِلَةٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ : غَيْرُ مُسْتَوِيَةٍ ، وَكُلُّهَا أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=22ضِيزَى ) مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صِفَةٌ عَلَى وَزْنِ فُعْلَى بِضَمِّ الْفَاءِ ، كُسِرَتْ لِتَصِحَّ الْيَاءُ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرًا عَلَى وَزْنِ فِعْلَى كَذِكْرَى ، وَوُصِفَ بِهِ . وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ : ضِئْزَى بِالْهَمْزِ ، فَوُجِّهَ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ كَذِكْرَى . وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : ضِيزَى بِفَتْحِ الضَّادِ وَسُكُونِ الْيَاءِ ، وَيُوَجَّهُ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ ، كَدَعْوَى وُصِفَ بِهِ ، أَوْ وَصْفٌ كَسَكْرَى وَنَاقَةٌ خَرْمَى . وَيُقَالُ : ضُوزَى بِالْوَاوِ وَبِالْهَمْزِ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْمُفْرَدَاتِ حِكَايَةُ لُغَةِ الْهَمْزِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ . وَأَنْشَدَ
الْأَخْفَشُ :
فَإِنْ تَنْأَ عَنْهَا تَقْتَضِيكَ وَإِنْ تَغِبْ فَسَهْمُكَ مَضْئُوزٌ وَأَنْفُكَ رَاغِمُ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) : تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِهَا فِي سُورَةِ هُودٍ ، وَفِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23إِنْ يَتَّبِعُونَ ) بِيَاءِ الْغَيْبَةِ ;
وَعَبْدُ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ وَثَّابٍ [ ص: 163 ] وَطَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ : بِتَاءِ الْخِطَابِ ، ( إِلَّا الظَّنَّ ) : وَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ إِلَى أَحَدِ مُعْتَقَدَيْنِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23وَمَا تَهْوَى ) : أَيْ تَمِيلُ إِلَيْهِ بِلَذَّةٍ ، وَإِنَّمَا تَهْوَى أَبَدًا مَا هُوَ غَيْرُ الْأَفْضَلِ ، لِأَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْمَلَاذِ ، وَإِنَّمَا يَسُوقُهَا إِلَى حُسْنِ الْعَاقِبَةِ الْعَقْلُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ) : تَوْبِيخٌ لَهُمْ ، وَالَّذِي هُمْ عَلَيْهِ بَاطِلٌ وَاعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ ، أَيْ يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْقَبَائِحَ ; وَالْهُدَى قَدْ جَاءَهُمْ ، فَكَانُوا أَوْلَى مَنْ يَقْبَلُهُ وَيَتْرُكُ عِبَادَةَ مَنْ لَا يُجْدِي عِبَادَتُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=24أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى ) : هُوَ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=23وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ) ، بَلْ لِلْإِنْسَانِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=24مَا تَمَنَّى ) : أَيْ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ أَمَانِيهِ ، أَيْ لَيْسَتِ الْأَشْيَاءُ وَالشَّهَوَاتُ تَحْصُلُ بِالْأَمَانِي ، بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ . وَقَوْلُكُمْ : إِنَّ آلِهَتَكُمْ تَشْفَعُ وَتُقَرِّبُ زُلْفَى ، لَيْسَ لَكُمْ ذَلِكَ . وَقِيلَ : أُمْنِيَتُهُمْ قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=50وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى ) . وَقِيلَ : قَوْلُ
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=77لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ) . وَقِيلَ : تَمَنَّى بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ النَّبِيَّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=25فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى ) : أَيْ هُوَ مَالِكُهُمَا ، فَيُعْطِي مِنْهُمَا مَا يَشَاءُ ، وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْلُغَ مِنْهُمَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ . وَقَدَّمَ الْآخِرَةَ عَلَى الْأُولَى ، لِتَأَخُّرِهَا فِي ذَلِكَ ، وَلِكَوْنِهَا فَاصِلَةً ، فَلَمْ يُرَاعِ التَّرْتِيبَ الْوُجُودِيَّ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=13وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ) .