الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور

                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين يخشون ربهم بالغيب فيه ستة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أن الغيب الله تعالى وملائكته ، قاله أبو العالية .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الجنة والنار ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه القرآن ، قاله زر بن حبيش .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنه الإسلام لأنه يغيب ، قاله إسماعيل بن أبي خالد .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أنه القلب ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس : أنه الخلوة إذا خلا بنفسه فذكر ذنبه استغفر ربه ، قاله يحيى بن سلام . لهم مغفرة فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : بالتوبة والاستغفار .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بخشية ربهم بالغيب .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : لأنهم حلوا باجتناب الذنوب محل المغفور له . وأجر كبير يعني الجنة . ويحتمل وجها آخر : أنه العفو عن العقاب ومضاعفة الثواب . هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا يعني مذللة سهلة . حكى قتادة عن أبي الجلد : أن الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ ، فللسودان اثنا عشر [ألفا] ، وللروم [ثمانية آلاف] ، وللفرس ثلاثة آلاف وللعرب ألف . فامشوا في مناكبها فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : في جبالها ، قاله ابن عباس وقتادة وبشير بن كعب .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : في أطرفاها وفجاجها ، قاله مجاهد والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 55 ]

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : في طرفها . ويحتمل رابعا : في منابت زرعها وأشجارها ، قاله الحسن . وكلوا من رزقه فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : مما أحله لكم ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : مما أنبته لكم ، قاله ابن كامل . وإليه النشور أي البعث .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية