قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29028يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) .
العامل في " يوم " ما عمل في لهم ; التقدير : ومستقر له أجر كريم يوم ترى ، أو اذكر يوم ترى إعظاما لذلك اليوم . والرؤية هنا رؤية عين ، والنور حقيقة ، وهو قول الجمهور ، وروي في ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره آثار ، وأن كل مظهر من الإيمان له نور فيطفئ نور المنافق ، ويبقى نور المؤمن ، وهم متفاوتون في النور . منهم من يضيء كما بين
مكة وصنعاء ، ومن نوره كالنخلة السحوق ، ومن يضيء له ما قرب قدميه . ومنهم من يهم بالانطفاء مرة ويبين مرة ، وذلك على قدر الأعمال . وقال
الضحاك : النور استعارة عن الهدى والرضوان الذي هم فيه . والظاهر أن النور يتقدم لهم بين أيديهم ، ويكون أيضا بأيمانهم ، فيظهر أنهما نوران : نور ساع بين أيديهم ، ونور بأيمانهم ; فذلك يضيء الجهة التي يؤمونها ، وهذا يضيء ما حواليهم من الجهات . وقال الجمهور : النور أصله بأيمانهم ، والذي بين أيديهم هو الضوء المنبسط
[ ص: 221 ] من ذلك النور . وقيل : الباء بمعنى عن ، أي عن أيمانهم ، والمعنى : في جميع جهاتهم . وعبر عن ذلك بالأيمان تشريفا لها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وإنما قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12بين أيديهم وبأيمانهم ) ، لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين ، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم . وقرأ الجمهور : ( وبأيمانهم ) ، جمع يمين ;
وسهل بن شعيب السهمي ،
وأبو حيوة : بكسر الهمزة . وعطف هذا المصدر على الظرف لأن الظرف متعلق بمحذوف ، أي كائنا بين أيديهم ، وكائنا بسبب أيمانهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12بشراكم اليوم جنات ) : جملة معمولة لقول محذوف ، أي تقول لهم الملائكة الذين يتلقونهم : جنات ، أي دخول جنات . قال
ابن عطية : ( خالدين فيها ) ، إلى آخر الآية ، مخاطبة
لمحمد ، صلى الله عليه وسلم ، انتهى . ولا مخاطبة هنا ، بل هذا من باب الالتفات من ضمير الخطاب في ( بشراكم ) إلى ضمير الغيبة في ( خالدين ) . ولو جرى على الخطاب ، لكان التركيب خالدا أنتم فيها ، والالتفات من فنون البيان (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يوم يقول ) بدل من (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12يوم ترى ) . وقيل : معمول لـ اذكر . قال
ابن عطية : ويظهر لي أن العامل فيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12ذلك هو الفوز العظيم ) ، ومجيء معنى الفوز أفخم ، كأنه يقول : إن المؤمنين يفوزون بالرحمة يوم يعتري المنافقين كذا وكذا ، لأن ظهور المرء يوم خمول عدوه ومضاده أبدع وأفخم . انتهى . فظاهر كلامه وتقديره أن يوم منصوب بالفوز ، وهو لا يجوز ، لأنه مصدر قد وصف قبل أخذ متعلقاته ، فلا يجوز إعماله . فلو أعمل وصفه ، وهو العظيم ، لجاز ، أي الفوز الذي عظم ، أي قدره (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يوم يقول ) .
( انظرونا ) : أي انتظرونا ، لأنهم لما سبقوكم إلى المرور على الصراط ، وقد طفئت أنوارهم ، قالوا ذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( انظرونا ) : انتظرونا ، لأنهم يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة على ركاب تذف بهم وهؤلاء مشاة ، أو انظروا إلينا ، لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم والنور بين أيديهم فيستضيئون به . انتهى . فجعل انظرونا بمعنى انظروا إلينا ، ولا يتعدى النظر هذا في لسان العرب إلا بـ إلى لا بنفسه ، وإنما وجد متعديا بنفسه في الشعر . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وابن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وطلحة وحمزة : أنظرونا من أنظر رباعيا ، أي أخرونا ، أي اجعلونا في آخركم ، ولا تسبقونا بحيث تفوتوننا ، ولا نلحق بكم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13نقتبس من نوركم ) : أي نصب منه حتى نستضيء به . ويقال : اقتبس الرجل واستقبس : أخذ من نار غيره قبسا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13قيل ارجعوا وراءكم ) : القائل المؤمنون أو الملائكة . والظاهر أن ( وراءكم ) معمول لـ ارجعوا . وقيل : لا محل له من الإعراب لأنه بمعنى ارجعوا ، كقولهم : وراءك أوسع لك ، أي ارجع تجد مكانا أوسع لك . وارجعوا أمر توبيخ وطرد ، أي ارجعوا إلى الموقف حيث أعطينا الفوز فالتمسوه هناك ، أو ارجعوا إلى الدنيا والتمسوا نورا ، أي بتحصيل سببه وهو الإيمان ، أو تنحوا عنا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13فالتمسوا نورا ) غير هذا فلا سبيل لكم إلى الاقتباس منه . وقد علموا أن لا نور وراءهم ، وإنما هو إقناط لهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13فضرب بينهم ) : أي بين المؤمنين والمنافقين ، ( بسور ) : بحاجز . قال
ابن زيد : هو الأعراف . وقيل : حاجز غيره . وقرأ الجمهور : فضرب مبنيا للمفعول ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير : مبنيا للفاعل ، أي الله ، ويبعد قول من قال : إن هذا السور هو الجدار الشرقي من مسجد
بيت المقدس ، وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16850وكعب الأحبار ، ولعله لا يصح عنهم . والسور هو الحاجز الدائر على المدينة للحفظ من عدو . والظاهر في باطنه أن يعود الضمير منه على الباب لقربه . وقيل : على السور ، وباطنه الشق الذي لأهل الجنة ، وظاهره ما يدانيه ، من قبله من جهته العذاب .
( ينادونهم ) : استئناف إخبار ، أي ينادون المنافقون المؤمنين ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14ألم نكن معكم ) : أي في الظاهر ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14قالوا بلى ) : أي كنتم معنا في الظاهر ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14ولكنكم فتنتم أنفسكم ) : أي عرضتم أنفسكم للفتنة بنفاقكم ، ( وتربصتم ) أي بإيمانكم حتى وافيتم على الكفر ، أو تربصتم بالمؤمنين الدوائر ، قاله
قتادة ، ( وارتبتم ) : شككتم في أمر الدين ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14وغرتكم الأماني ) : وهي الأطماع ، مثل
[ ص: 222 ] قولهم : سيهلك
محمد هذا العام ، تهزمه قبيلة
قريش مستأجرة الأحزاب إلى غير ذلك ، أو طول الآمال في امتداد الأعمار ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14حتى جاء أمر الله ) ، وهو الموت على النفاق ، والغرور : الشيطان بإجماع . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب : الغرور ، وتقدم ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ) أيها المنافقون ، والناصب لليوم الفعل المنفي بلا ، وفيه حجة على من منع ذلك ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15ولا من الذين كفروا ) ، في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374934إن الله تعالى يعزر الكافر فيقول له : أرأيتك لو كان لك أضعاف الدنيا ، أكنت تفتدي بجميع ذلك من عذاب النار ؟ فيقول : نعم يا رب ، فيقول الله تبارك وتعالى : قد سألتك ما هو أيسر من ذلك وأنت في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا الشرك " . وقرأ الجمهور : لا يؤخذ ;
وأبو جعفر والحسن وابن أبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وابن عامر وهارون عن
أبي عمرو : بالتاء لتأنيث الفدية . (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15هي مولاكم ) ، قيل : أولى بكم ، وهذا تفسير معنى . وكانت مولاهم من حيث أنها تضمهم وتباشرهم ، وهي تكون لكم مكان المولى ، ونحوه قوله :
تحية بينهم ضرب وجيع
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يراد هي ناصركم ، أي لا ناصر لكم غيرها . والمراد نفي الناصر على البتات ، ونحوه قولهم : أصيب فلان بكذا فاستنصر الجزع ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29يغاثوا بماء كالمهل ) . وقيل : تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29028يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .
الْعَامِلُ فِي " يَوْمَ " مَا عَمِلَ فِي لَهُمْ ; التَّقْدِيرُ : وَمُسْتَقِرٌّ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ يَوْمَ تَرَى ، أَوِ اذْكُرْ يَوْمَ تَرَى إِعْظَامًا لِذَلِكَ الْيَوْمِ . وَالرُّؤْيَةُ هُنَا رُؤْيَةُ عَيْنٍ ، وَالنُّورُ حَقِيقَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ آثَارٌ ، وَأَنَّ كُلَّ مَظْهَرٍ مِنَ الْإِيمَانِ لَهُ نُورٌ فَيُطْفِئُ نُورَ الْمُنَافِقِ ، وَيَبْقَى نُورُ الْمُؤْمِنِ ، وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي النُّورِ . مِنْهُمْ مَنْ يُضِيءُ كَمَا بَيْنَ
مَكَّةَ وَصَنْعَاءَ ، وَمَنْ نُورُهُ كَالنَّخْلَةِ السَّحُوقِ ، وَمَنْ يُضِيءُ لَهُ مَا قُرْبَ قَدَمَيْهِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَهِمُّ بِالِانْطِفَاءِ مَرَّةً وَيَبِينُ مَرَّةً ، وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْأَعْمَالِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : النُّورُ اسْتِعَارَةٌ عَنِ الْهُدَى وَالرِّضْوَانِ الَّذِي هُمْ فِيهِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ النُّورَ يَتَقَدَّمُ لَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، وَيَكُونُ أَيْضًا بِأَيْمَانِهِمْ ، فَيَظْهَرُ أَنَّهُمَا نُورَانِ : نُورٌ سَاعٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، وَنُورٌ بِأَيْمَانِهِمْ ; فَذَلِكَ يُضِيءُ الْجِهَةَ الَّتِي يَؤُمُّونَهَا ، وَهَذَا يُضِيءُ مَا حَوَالَيْهِمْ مِنَ الْجِهَاتِ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : النُّورُ أَصْلُهُ بِأَيْمَانِهِمْ ، وَالَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ هُوَ الضَّوْءُ الْمُنْبَسِطُ
[ ص: 221 ] مِنْ ذَلِكَ النُّورِ . وَقِيلَ : الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ ، أَيْ عَنْ أَيْمَانِهِمْ ، وَالْمَعْنَى : فِي جَمِيعِ جِهَاتِهِمْ . وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَيْمَانِ تَشْرِيفًا لَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَإِنَّمَا قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ) ، لِأَنَّ السُّعَدَاءَ يُؤْتَوْنَ صَحَائِفَ أَعْمَالِهِمْ مِنْ هَاتَيْنِ الْجِهَتَيْنِ ، كَمَا أَنَّ الْأَشْقِيَاءَ يُؤْتَوْنَهَا مِنْ شَمَائِلِهِمْ وَوَرَاءِ ظُهُورِهِمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( وَبِأَيْمَانِهِمْ ) ، جَمْعُ يَمِينٍ ;
وَسَهْلُ بْنُ شُعَيْبٍ السَّهْمِيُّ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ . وَعُطِفَ هَذَا الْمَصْدَرُ عَلَى الظَّرْفِ لِأَنَّ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ، أَيْ كَائِنًا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ، وَكَائِنًا بِسَبَبِ أَيْمَانِهِمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ ) : جُمْلَةٌ مَعْمُولَةٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ تَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَهُمْ : جَنَّاتٌ ، أَيْ دُخُولُ جَنَّاتٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ( خَالِدِينَ فِيهَا ) ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، مُخَاطَبَةٌ
لِمُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، انْتَهَى . وَلَا مُخَاطَبَةَ هُنَا ، بَلْ هَذَا مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ مِنْ ضَمِيرِ الْخِطَابِ فِي ( بُشْرَاكُمْ ) إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فِي ( خَالِدِينَ ) . وَلَوْ جَرَى عَلَى الْخِطَابِ ، لَكَانَ التَّرْكِيبُ خَالِدًا أَنْتُمْ فِيهَا ، وَالِالْتِفَاتُ مِنْ فُنُونِ الْبَيَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يَوْمَ يَقُولُ ) بَدَلٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12يَوْمَ تَرَى ) . وَقِيلَ : مَعْمُولٌ لِـ اذْكُرْ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=12ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ، وَمَجِيءُ مَعْنَى الْفَوْزِ أَفْخَمُ ، كَأَنَّهُ يَقُولُ : إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَفُوزُونَ بِالرَّحْمَةِ يَوْمَ يَعْتَرِي الْمُنَافِقِينَ كَذَا وَكَذَا ، لِأَنَّ ظُهُورَ الْمَرْءِ يَوْمَ خُمُولِ عَدُوِّهِ وَمُضَادِّهِ أَبْدَعُ وَأَفْخَمُ . انْتَهَى . فَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَتَقْدِيرُهُ أَنَّ يَوْمَ مَنْصُوبٌ بِالْفَوْزِ ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ قَدْ وُصِفَ قَبْلَ أَخْذِ مُتَعَلِّقَاتِهِ ، فَلَا يَجُوزُ إِعْمَالُهُ . فَلَوْ أَعْمَلَ وَصْفَهُ ، وَهُوَ الْعَظِيمُ ، لَجَازَ ، أَيِ الْفَوْزُ الَّذِي عَظُمَ ، أَيْ قَدْرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يَوْمَ يَقُولُ ) .
( انْظُرُونَا ) : أَيِ انْتَظِرُونَا ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا سَبَقُوكُمْ إِلَى الْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ ، وَقَدْ طُفِئَتْ أَنْوَارُهُمْ ، قَالُوا ذَلِكَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( انْظُرُونَا ) : انْتَظِرُونَا ، لِأَنَّهُمْ يُسْرَعُ بِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ كَالْبُرُوقِ الْخَاطِفَةِ عَلَى رِكَابٍ تُذَفُّ بِهِمْ وَهَؤُلَاءِ مُشَاةٌ ، أَوِ انْظُرُوا إِلَيْنَا ، لِأَنَّهُمْ إِذَا نَظَرُوا إِلَيْهِمُ اسْتَقْبَلُوهُمْ بِوُجُوهِهِمْ وَالنُّورُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَيَسْتَضِيئُونَ بِهِ . انْتَهَى . فَجُعِلَ انْظُرُونَا بِمَعْنَى انْظُرُوا إِلَيْنَا ، وَلَا يَتَعَدَّى النَّظَرُ هَذَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ إِلَّا بِـ إِلَى لَا بِنَفَسِهِ ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ فِي الشِّعْرِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ وَثَّابٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَحَمْزَةُ : أَنْظِرُونَا مِنْ أَنْظَرَ رُبَاعِيًّا ، أَيْ أَخِّرُونَا ، أَيِ اجْعَلُونَا فِي آخِرِكُمْ ، وَلَا تَسْبِقُونَا بِحَيْثُ تُفَوِّتُونَنَا ، وَلَا نَلْحَقُ بِكُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ) : أَيْ نُصِبْ مِنْهُ حَتَّى نَسْتَضِيءَ بِهِ . وَيُقَالُ : اقْتَبَسَ الرَّجُلُ وَاسْتَقْبَسَ : أَخَذَ مِنْ نَارِ غَيْرِهِ قَبَسًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ ) : الْقَائِلُ الْمُؤْمِنُونَ أَوِ الْمَلَائِكَةُ . وَالظَّاهِرُ أَنْ ( وَرَاءَكُمْ ) مَعْمُولٌ لِـ ارْجِعُوا . وَقِيلَ : لَا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ارْجِعُوا ، كَقَوْلِهِمْ : وَرَاءَكَ أَوْسَعُ لَكَ ، أَيِ ارْجِعْ تَجِدْ مَكَانًا أَوْسَعَ لَكَ . وَارْجِعُوا أَمْرُ تَوْبِيخٍ وَطَرْدٍ ، أَيِ ارْجِعُوا إِلَى الْمَوْقِفِ حَيْثُ أُعْطِينَا الْفَوْزَ فَالْتَمِسُوهُ هُنَاكَ ، أَوِ ارْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا وَالْتَمِسُوا نُورًا ، أَيْ بِتَحْصِيلِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْإِيمَانُ ، أَوْ تَنَحَّوْا عَنَّا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13فَالْتَمِسُوا نُورًا ) غَيْرَ هَذَا فَلَا سَبِيلَ لَكُمْ إِلَى الِاقْتِبَاسِ مِنْهُ . وَقَدْ عَلِمُوا أَنْ لَا نُورَ وَرَاءَهُمْ ، وَإِنَّمَا هُوَ إِقْنَاطٌ لَهُمْ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ ) : أَيْ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ، ( بِسُورٍ ) : بِحَاجِزٍ . قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : هُوَ الْأَعْرَافُ . وَقِيلَ : حَاجِزٌ غَيْرُهُ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : فَضُرِبَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ;
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=16531وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ : مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، أَيِ اللَّهُ ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ هَذَا السُّورَ هُوَ الْجِدَارُ الشَّرْقِيُّ مِنْ مَسْجِدِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=16850وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ ، وَلَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمْ . وَالسُّورُ هُوَ الْحَاجِزُ الدَّائِرُ عَلَى الْمَدِينَةِ لِلْحِفْظِ مِنْ عَدُوٍّ . وَالظَّاهِرُ فِي بَاطِنِهِ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ مِنْهُ عَلَى الْبَابِ لِقُرْبِهِ . وَقِيلَ : عَلَى السُّورِ ، وَبَاطِنُهُ الشِّقُّ الَّذِي لِأَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَظَاهِرُهُ مَا يُدَانِيهِ ، مِنْ قِبَلِهِ مِنْ جِهَتِهِ الْعَذَابُ .
( يُنَادُونَهُمْ ) : اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ ، أَيْ يُنَادُونَ الْمُنَافِقُونَ الْمُؤْمِنِينَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ) : أَيْ فِي الظَّاهِرِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14قَالُوا بَلَى ) : أَيْ كُنْتُمْ مَعَنَا فِي الظَّاهِرِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ) : أَيْ عَرَّضْتُمْ أَنْفُسَكُمْ لِلْفِتْنَةِ بِنِفَاقِكُمْ ، ( وَتَرَبَّصْتُمْ ) أَيْ بِإِيمَانِكُمْ حَتَّى وَافَيْتُمْ عَلَى الْكُفْرِ ، أَوْ تَرَبَّصْتُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ الدَّوَائِرَ ، قَالَهُ
قَتَادَةُ ، ( وَارْتَبْتُمْ ) : شَكَكْتُمْ فِي أَمْرِ الدِّينِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ ) : وَهِيَ الْأَطْمَاعُ ، مِثْلُ
[ ص: 222 ] قَوْلِهِمْ : سَيَهْلِكُ
مُحَمَّدٌ هَذَا الْعَامَ ، تَهْزِمُهُ قَبِيلَةُ
قُرَيْشٍ مُسْتَأْجِرَةً الْأَحْزَابَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، أَوْ طُولُ الْآمَالِ فِي امْتِدَادِ الْأَعْمَارِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=14حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ ) ، وَهُوَ الْمَوْتُ عَلَى النِّفَاقِ ، وَالْغَرُورُ : الشَّيْطَانُ بِإِجْمَاعٍ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16052سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ : الْغُرُورُ ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ ) أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ ، وَالنَّاصِبُ لِلْيَوْمِ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ بِلَا ، وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ، فِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374934إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَزِّرُ الْكَافِرَ فَيَقُولُ لَهُ : أَرَأَيْتَكَ لَوْ كَانَ لَكَ أَضْعَافُ الدُّنْيَا ، أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : قَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْتَ فِي ظَهْرِ أَبِيكَ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ " . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : لَا يُؤْخَذُ ;
وَأَبُو جَعْفَرٍ وَالْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَابْنُ عَامِرٍ وَهَارُونُ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : بِالتَّاءِ لِتَأْنِيثِ الْفِدْيَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15هِيَ مَوْلَاكُمْ ) ، قِيلَ : أَوْلَى بِكُمْ ، وَهَذَا تَفْسِيرُ مَعْنًى . وَكَانَتْ مَوْلَاهُمْ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا تَضُمُّهُمْ وَتُبَاشِرُهُمْ ، وَهِيَ تَكُونُ لَكُمْ مَكَانَ الْمَوْلَى ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ :
تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ هِيَ نَاصِرُكُمْ ، أَيْ لَا نَاصِرَ لَكُمْ غَيْرُهَا . وَالْمُرَادُ نَفْيُ النَّاصِرِ عَلَى الْبَتَاتِ ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُمْ : أُصِيبَ فُلَانٌ بِكَذَا فَاسْتَنْصَرَ الْجَزَعَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ ) . وَقِيلَ : تَتَوَلَّاكُمْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ فِي الدُّنْيَا أَعْمَالَ أَهْلِ النَّارِ .