الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم خوفهم فقال : " وكم قصمنا " قال المفسرون واللغويون : معناه : وكم أهلكنا ، وأصل القصم : الكسر . وقوله : " كانت ظالمة " ; أي : كافرة ، والمراد : أهلها . " فلما أحسوا بأسنا " ; أي : رأوا عذابنا بحاسة البصر ، " إذا هم منها يركضون " ; أي : يعدون ، وأصل الركض : تحريك الرجلين ، يقال : ركضت الفرس : إذا أعديته بتحريك رجليك فعدا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " لا تركضوا " قال المفسرون : هذا قول الملائكة لهم ، " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه " ; أي : إلى نعمكم التي أترفتكم ، وهذا توبيخ لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله : " لعلكم تسألون " قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : تسألون من دنياكم شيئا ، استهزاء بهم ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : تسألون عن قتل نبيكم ، قاله ابن السائب . فلما أيقنوا بالعذاب " قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين " بكفرنا ، وقيل : بتكذيب نبينا . " فما زالت تلك دعواهم " ; أي : ما زالت تلك الكلمة التي هي " يا ويلنا إنا كنا ظالمين " قولهم يرددونها ، " حتى جعلناهم حصيدا " بالعذاب ، وقيل : بالسيوف ، " خامدين " ; أي : ميتين كخمود النار إذا طفئت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية