الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون وهذا ذكر مبارك أنـزلناه أفأنتم له منكرون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان " فيه ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أنه التوراة التي فرق بها بين الحلال والحرام ، قاله مجاهد وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : البرهان الذي فرق به بين حق موسى وباطل فرعون ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : النصر والنجاة لموسى ، وإهلاك فرعون ، قاله ابن السائب .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وضياء " روى عكرمة عن ابن عباس أنه كان يرى الواو زائدة . قال الزجاج : وكذلك قال بعض النحويين أن المعنى : الفرقان ضياء . وعند [ ص: 356 ] البصريين أن الواو لا تزاد ولا تأتي إلا بمعنى العطف ، فهي هاهنا مثل قوله تعالى : فيها هدى ونور [ المائدة : 44 ] . قال المفسرون : والمعنى : أنهم استضاؤوا بالتوراة حتى اهتدوا بها في دينهم . ومعنى قوله تعالى : " وذكرا للمتقين " : أنهم يذكرونه ويعملون بما فيه . " الذين يخشون ربهم بالغيب " فيه أربعة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : يخافونه ولم يروه ، قاله الجمهور . والثاني : يخشون عذابه ولم يروه ، قاله مقاتل . والثالث : يخافونه من حيث لا يراهم أحد ، قاله الزجاج . والرابع : يخافونه إذا غابوا عن أعين الناس ، كخوفهم إذا كانوا بين الناس ، قاله أبو سليمان الدمشقي . ثم عاد إلى ذكر القرآن ، فقال : " وهذا " يعني : القرآن ، " ذكر " لمن تذكر به وعظة لمن اتعظ ، " مبارك " ; أي : كثير الخير ، " أفأنتم " يا أهل مكة ، " له منكرون " ; أي : جاحدون ؟ وهذا استفهام توبيخ .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية