قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29036وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=9فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
تقدم الكلام على " كأين " في آل عمران ، وعلى " نكرا " في الكهف . ( عتت ) أعرضت
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8عن أمر ربها على سبيل العناد والتكبر . والظاهر في ( فحاسبناها ) الجمل الأربعة ، إن ذلك في الدنيا لقوله بعدها :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29036أعد الله لهم عذابا شديدا وظاهره أن المعد عذاب الآخرة ، والحساب الشديد هو الاستقصاء والمناقشة ، فلم تغتفر لهم زلة ، بل أخذوا بالدقائق من الذنوب . وقيل : الجمل الأربعة من الحساب والعذاب والذوق والخسر في الآخرة ، وجيء به على لفظ الماضي ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44ونادى أصحاب الجنة ويكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10أعد الله لهم تكريرا للوعيد وبيانا لكونه مترقبا ، كأنه قال : أعد الله لهم هذا العذاب . وقال
الكلبي : الحساب في الآخرة ، والعذاب النكير في الدنيا بالجوع والقحط والسيف . ولما ذكر ما حل بهذه القرية العاتية ، أمر المؤمنين بتقوى الله تحذيرا من عقابه ، ونبه على ما يحض على التقوى ، وهو إنزال الذكر . والظاهر أن الذكر هو القرآن ، وأن الرسول هو
محمد ، صلى الله عليه وسلم . فإما أن يجعل نفس الذكر مجازا لكثرة يقدر منه الذكر ، فكأنه هو الذكر ، أو يكون بدلا على حذف مضاف ، أي : ذكر رسول . وقيل : ( رسولا ) نعت على حذف مضاف ، أي : ذكرا ذا رسول . وقيل : المضاف محذوف من الأول ، أي : ذا ذكر رسولا ، فيكون ( رسولا ) نعتا لذلك المحذوف أو بدلا . وقيل : رسول بمعنى رسالة ، فيكون بدلا من ذكر ، أو يبعده قوله بعده :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يتلو عليكم والرسالة لا تسند التلاوة إليها إلا مجازا . وقيل : الذكر أساس أسماء النبي ، صلى الله عليه وسلم . وقيل : الذكر الشرف ; لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وإنه لذكر لك ولقومك فيكون ( رسولا ) بدلا منه وبيانا له . وقال
الكلبي : الرسول هنا
جبريل - - عليه السلام - وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، فقال : ( رسولا ) هو
جبريل - صلوات الله وسلامه عليه - أبدل من ( ذكرا ) لأنه وصف بتلاوة آيات الله ، فكان إنزاله في معنى إنزال الذكر ، فصح إبداله منه . انتهى . ولا يصح لتباين المدلولين بالحقيقة ، ولكونه لا يكون بدل بعض ولا بدل اشتمال ، وهذه الأعاريب على أن يكون ذكرا ورسولا لشيء واحد . وقيل : ( رسولا ) منصوب بفعل محذوف ، أي بعث رسولا ، أو أرسل رسولا ، وحذف لدلالة أنزل عليه ، ونحا إلى هذا
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، واختاره
ابن عطية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وأبو علي الفارسي : يجوز أن يكون ( رسولا ) معمولا للمصدر الذي هو الذكر . انتهى .
[ ص: 287 ] فيكون المصدر مقدرا بأن ، والقول تقديره : أن ذكر رسولا وعمل منونا كما عمل ، أو
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما وكما قال الشاعر :
بضرب بالسيوف رءوس قوم أزلنا هامهن عن المقيل
وقرئ : رسول بالرفع على إضمار هو ليخرج ، يصح أن يتعلق بـ ( يتلو ) وبـ ( أنزل ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11الذين آمنوا أي : الذين قضى وقدر وأراد إيمانهم ، أو أطلق عليهم آمنوا باعتبار ما آل أمرهم إليه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ليحصل لهم ما هم عليه الساعة من الإيمان والعمل الصالح ; لأنهم كانوا وقت إنزاله غير مؤمنين ، وإنما آمنوا بعد الإنزال والتبليغ . انتهى . والضمير في ( ليخرج ) عائد على الله تعالى ، أو على الرسول - صلى الله عليه وسلم ، أو على الذكر .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11ومن يؤمن راعى اللفظ أولا في " من " الشرطية ، فأفرد الضمير في ( يؤمن ) ( ويعمل ) و ( يدخله ) ثم راعى المعنى في ( خالدين ) ثم راعى اللفظ في
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11قد أحسن الله له فأفرد . واستدل النحويون بهذه الآية على مراعاة اللفظ أولا ، ثم مراعاة المعنى ، ثم مراعاة اللفظ . وأورد بعضهم أن هذا ليس كما ذكروا ; لأن الضمير في ( خالدين ) ليس عائدا على " من " بخلاف الضمير في ( يؤمن ) ( ويعمل ) و ( يدخله ) وإنما هو عائد على مفعول ( يدخله ) و ( خالدين ) حال منه ، والعامل فيها ( يدخله ) لا فعل الشرط .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12الله الذي خلق سبع سماوات لا خلاف أن السماوات سبع بنص القرآن والحديث ، كما جاء في حديث الإسراء ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -
لسعد :
حكمت بحكم الملك من فوق سبعة أرقعة ، وغيره من نصوص الشريعة . وقرأ الجمهور : ( مثلهن ) بالنصب ، و
المفضل عن
عاصم ، و
عصمة عن
أبي بكر : " مثلهن " بالرفع فالنصب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : عطفا على سبع سموات . انتهى ، وفيه الفصل بالجار والمجرور بين حرف العطف ، وهو الواو ، والمعطوف ; وهو مختص بالضرورة عند
أبي علي الفارسي ، وأضمر بعضهم العامل بعد الواو لدلالة ما قبله عليه ، أي : وخلق من الأرض مثلهن ، فـ ( مثلهن ) مفعول للفعل المضمر لا معطوف ، وصار ذلك من عطف الجمل ، والرفع على الابتداء
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12ومن الأرض الخبر ، والمثلية تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف . فقال الجمهور : المثلية في العدد أي : مثلهن في كونها سبع أرضين . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374953طوقه من سبع أرضين ورب الأرضين السبع وما أقللن ، فقيل : سبع طباق من غير فتوق . وقيل : بين كل طبقة وطبقة مسافة . قيل : وفيها سكان من خلق الله . قيل : ملائكة وجن . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي الكذاب ، قال : في كل أرض
آدم كآدم ،
ونوح كنوح ، ونبي كنبيكم ،
وإبراهيم كإبراهيمكم ، و
عيسى كعيسى ، وهذا حديث لا شك في وضعه . وقال
أبو صالح : إنها سبع أرضين منبسطة ، ليس بعضها فوق بعض ، تفرق بينها البحار ، وتظل جميعها السماء .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12يتنزل الأمر بينهن : من السماوات السبع إلى الأرضين السبع . وقال
مقاتل وغيره : الأمر هنا الوحي ، فبينهن إشارة إلى بين هذه الأرض التي هي أدناها وبين السماء السابعة . وقال الأكثرون : الأمر ، القضاء ، فبينهن إشارة إلى بين الأرض السفلى التي هي أقصاها ، وبين السماء السابعة التي هي أعلاها . وقيل : " يتنزل الأمر بينهن " بحياة وموت وغنى وفقر . وقيل : هو ما يدبر فيهن من عجيب تدبير . وقرأ الجمهور : " يتنزل " مضارع تنزل . وقرأ
عيسى وأبو عمر ، وفي رواية : ينزل مضارع نزل مشددا ، الأمر بالنصب . والجمهور : " لتعلموا " بتاء الخطاب . وقرئ : بياء الغيبة ، والله تعالى أعلم .
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29036وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=9فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى " كَأَيِّنْ " فِي آلِ عِمْرَانَ ، وَعَلَى " نُكْرًا " فِي الْكَهْفِ . ( عَتَتْ ) أَعْرَضَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=8عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا عَلَى سَبِيلِ الْعِنَادِ وَالتَّكَبُّرِ . وَالظَّاهِرُ فِي ( فَحَاسَبْنَاهَا ) الْجُمَلُ الْأَرْبَعَةُ ، إِنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا لِقَوْلِهِ بَعْدَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29036أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعَدَّ عَذَابُ الْآخِرَةِ ، وَالْحِسَابُ الشَّدِيدُ هُوَ الِاسْتِقْصَاءُ وَالْمُنَاقَشَةُ ، فَلَمْ تُغْتَفَرْ لَهُمْ زَلَّةٌ ، بَلْ أُخِذُوا بِالدَّقَائِقِ مِنَ الذُّنُوبِ . وَقِيلَ : الْجُمَلُ الْأَرْبَعَةُ مِنَ الْحِسَابِ وَالْعَذَابِ وَالذَّوْقِ وَالْخُسْرِ فِي الْآخِرَةِ ، وَجِيءَ بِهِ عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ تَكْرِيرًا لِلْوَعِيدِ وَبَيَانًا لِكَوْنِهِ مُتَرَقَّبًا ، كَأَنَّهُ قَالَ : أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ هَذَا الْعَذَابَ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : الْحِسَابُ فِي الْآخِرَةِ ، وَالْعَذَابُ النَّكِيرُ فِي الدُّنْيَا بِالْجُوعِ وَالْقَحْطِ وَالسَّيْفِ . وَلَمَّا ذَكَرَ مَا حَلَّ بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ الْعَاتِيَةِ ، أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَحْذِيرًا مِنْ عِقَابِهِ ، وَنَبَّهَ عَلَى مَا يَحُضُّ عَلَى التَّقْوَى ، وَهُوَ إِنْزَالُ الذِّكْرِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذِّكْرَ هُوَ الْقُرْآنُ ، وَأَنَّ الرَّسُولَ هُوَ
مُحَمَّدٌ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ نَفْسُ الذِّكْرِ مَجَازًا لِكَثْرَةٍ يُقَدَّرُ مِنْهُ الذِّكْرُ ، فَكَأَنَّهُ هُوَ الذِّكْرُ ، أَوْ يَكُونُ بَدَلًا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : ذِكُرُ رَسُولٍ . وَقِيلَ : ( رَسُولًا ) نَعْتٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : ذِكْرًا ذَا رَسُولٍ . وَقِيلَ : الْمُضَافُ مَحْذُوفٌ مِنَ الْأَوَّلِ ، أَيْ : ذَا ذِكْرٍ رَسُولًا ، فَيَكُونُ ( رَسُولًا ) نَعْتًا لِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ أَوْ بَدَلًا . وَقِيلَ : رَسُولٌ بِمَعْنَى رِسَالَةٍ ، فَيَكُونُ بَدَلًا مِنْ ذِكْرٍ ، أَوْ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يَتْلُو عَلَيْكُمْ وَالرِّسَالَةُ لَا تُسْنَدُ التِّلَاوَةُ إِلَيْهَا إِلَّا مَجَازًا . وَقِيلَ : الذِّكْرُ أَسَاسُ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقِيلَ : الذِّكْرُ الشَّرَفُ ; لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ فَيَكُونُ ( رَسُولًا ) بَدَلًا مِنْهُ وَبَيَانًا لَهُ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : الرَّسُولُ هَنَا
جِبْرِيلُ - - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، فَقَالَ : ( رَسُولًا ) هُوَ
جِبْرِيلُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - أُبْدِلَ مِنْ ( ذِكْرًا ) لِأَنَّهُ وُصِفَ بِتِلَاوَةِ آيَاتِ اللَّهِ ، فَكَانَ إِنْزَالُهُ فِي مَعْنَى إِنْزَالِ الذِّكْرِ ، فَصَحَّ إِبْدَالُهُ مِنْهُ . انْتَهَى . وَلَا يَصِحُّ لِتَبَايُنِ الْمَدْلُولَيْنِ بِالْحَقِيقَةِ ، وَلِكَوْنِهِ لَا يَكُونُ بَدَلَ بَعْضٍ وَلَا بَدَلَ اشْتِمَالٍ ، وَهَذِهِ الْأَعَارِيبُ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذِكْرًا وَرَسُولًا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ . وَقِيلَ : ( رَسُولًا ) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ بَعَثَ رَسُولًا ، أَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا ، وَحُذِفَ لِدَلَالَةِ أَنْزَلَ عَلَيْهِ ، وَنَحَا إِلَى هَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ ، وَاخْتَارَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ وَأَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( رَسُولًا ) مَعْمُولًا لِلْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الذِّكْرُ . انْتَهَى .
[ ص: 287 ] فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ مُقَدَّرًا بِأَنْ ، وَالْقَوْلُ تَقْدِيرُهُ : أَنْ ذَكَرَ رَسُولًا وَعَمِلَ مُنَوَّنًا كَمَا عَمِلَ ، أَوْ
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=14إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
بِضَرْبٍ بِالسُّيُوفِ رُءُوسَ قَوْمٍ أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ الْمَقِيلِ
وَقُرِئَ : رَسُولٌ بِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ هُوَ لِيُخْرِجَ ، يَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ ( يَتْلُو ) وَبِـ ( أَنْزَلَ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11الَّذِينَ آمَنُوا أَيِ : الَّذِينَ قَضَى وَقَدَّرَ وَأَرَادَ إِيمَانَهُمْ ، أَوْ أَطْلَقَ عَلَيْهِمْ آمَنُوا بِاعْتِبَارِ مَا آلَ أَمْرُهُمْ إِلَيْهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِيَحْصُلَ لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ السَّاعَةَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا وَقْتَ إِنْزَالِهِ غَيْرَ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّمَا آمَنُوا بَعْدَ الْإِنْزَالِ وَالتَّبْلِيغِ . انْتَهَى . وَالضَّمِيرُ فِي ( لِيُخْرِجَ ) عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ عَلَى الذِّكْرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11وَمَنْ يُؤْمِنْ رَاعَى اللَّفْظَ أَوَّلًا فِي " مَنْ " الشَّرْطِيَّةِ ، فَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي ( يُؤْمِنْ ) ( وَيَعْمَلْ ) وَ ( يُدْخِلْهُ ) ثُمَّ رَاعَى الْمَعْنَى فِي ( خَالِدِينَ ) ثُمَّ رَاعَى اللَّفْظَ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ فَأَفْرَدَ . وَاسْتَدَلَّ النَّحْوِيُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ أَوَّلًا ، ثُمَّ مُرَاعَاةِ الْمَعْنَى ، ثُمَّ مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ . وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا لَيْسَ كَمَا ذَكَرُوا ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي ( خَالِدِينَ ) لَيْسَ عَائِدًا عَلَى " مَنْ " بِخِلَافِ الضَّمِيرِ فِي ( يُؤْمِنْ ) ( وَيَعْمَلْ ) وَ ( يُدْخِلْهُ ) وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى مَفْعُولِ ( يُدْخِلْهُ ) وَ ( خَالِدِينَ ) حَالٌ مِنْهُ ، وَالْعَامِلُ فِيهَا ( يُدْخِلْهُ ) لَا فِعْلُ الشَّرْطِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ لَا خِلَافَ أَنَّ السَّمَاوَاتِ سَبْعٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِسَعْدٍ :
حَكَمْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ ، وَغَيْرِهِ مِنْ نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( مِثْلَهُنَّ ) بِالنَّصْبِ ، وَ
الْمُفَضَّلُ عَنْ
عَاصِمٍ ، وَ
عِصْمَةُ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ : " مِثْلُهُنَّ " بِالرَّفْعِ فَالنَّصْبِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : عَطْفًا عَلَى سَبْعَ سَمَوَاتٍ . انْتَهَى ، وَفِيهِ الْفَصْلُ بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بَيْنَ حَرْفِ الْعَطْفِ ، وَهُوَ الْوَاوُ ، وَالْمَعْطُوفِ ; وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالضَّرُورَةِ عِنْدَ
أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ ، وَأَضْمَرَ بَعْضُهُمُ الْعَامِلَ بَعْدَ الْوَاوِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ ، أَيْ : وَخَلَقَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ، فَـ ( مِثْلَهُنَّ ) مَفْعُولٌ لِلْفِعْلِ الْمُضْمَرِ لَا مَعْطُوفٌ ، وَصَارَ ذَلِكَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ ، وَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12وَمِنَ الْأَرْضِ الْخَبَرُ ، وَالْمِثْلِيَّةُ تَصْدُقُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ . فَقَالَ الْجُمْهُورُ : الْمِثْلِيَّةُ فِي الْعَدَدِ أَيْ : مِثْلُهُنَّ فِي كَوْنِهَا سَبْعَ أَرْضِينَ . وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374953طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرْضِينَ وَرَبَّ الْأَرْضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ ، فَقِيلَ : سَبْعُ طِبَاقٍ مِنْ غَيْرِ فُتُوقٍ . وَقِيلَ : بَيْنَ كُلِّ طَبَقَةٍ وَطَبَقَةٍ مَسَافَةٌ . قِيلَ : وَفِيهَا سُكَّانٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ . قِيلَ : مَلَائِكَةٌ وَجِنٌّ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدِيِّ الْكَذَّابِ ، قَالَ : فِي كُلِّ أَرْضٍ
آدَمُ كَآدَمَ ،
وَنُوحٌ كَنُوحٍ ، وَنَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ ،
وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمِكُمْ ، وَ
عِيسَى كعِيسَى ، وَهَذَا حَدِيثٌ لَا شَكَّ فِي وَضْعِهِ . وَقَالَ
أَبُو صَالِحٍ : إِنَّهَا سَبْعُ أَرْضِينَ مُنْبَسِطَةٌ ، لَيْسَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ، تَفْرِقُ بَيْنَهَا الْبِحَارُ ، وَتُظِلُّ جَمِيعَهَا السَّمَاءُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ : مِنَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ إِلَى الْأَرْضِينَ السَّبْعِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُ : الْأَمْرُ هُنَا الْوَحْيُ ، فَبَيْنَهُنَّ إِشَارَةٌ إِلَى بَيْنِ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ أَدْنَاهَا وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ . وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : الْأَمْرُ ، الْقَضَاءُ ، فَبَيْنَهُنَّ إِشَارَةٌ إِلَى بَيْنِ الْأَرْضِ السُّفْلَى الَّتِي هِيَ أَقْصَاهَا ، وَبَيْنِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَاهَا . وَقِيلَ : " يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ " بِحَيَاةٍ وَمَوْتٍ وَغِنًى وَفَقْرٍ . وَقِيلَ : هُوَ مَا يُدَبَّرُ فِيهِنَّ مِنْ عَجِيبِ تَدْبِيرٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " يَتَنَزَّلُ " مُضَارِعُ تَنَزَّلَ . وَقَرَأَ
عِيسَى وَأَبُو عُمَرَ ، وَفِي رِوَايَةٍ : يُنَزِّلُ مُضَارِعُ نَزَّلَ مُشَدَّدًا ، الْأَمْرُ بِالنَّصْبِ . وَالْجُمْهُورُ : " لِتَعْلَمُوا " بِتَاءِ الْخِطَابِ . وَقُرِئَ : بِيَاءِ الْغَيْبَةِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .