الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 146 ] الضيافة 1653 - مسألة : الضيافة فرض على البدوي ، والحضري ، والفقيه ، والجاهل : يوم وليلة : مبرة وإتحاف ، ثم ثلاثة أيام : ضيافة ولا مزيد ، فإن زاد فليس قراه لازما ، وإن تمادى على قراه : فحسن - فإن منع الضيافة الواجبة فله أخذها مغالبة ، وكيف أمكنه ، ويقضى له بذلك - : روينا من طريق أبي داود نا القعنبي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، جائزته يومه وليلته ، والضيافة ثلاثة أيام ، وما بعد ذلك فهو صدقة ، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو داود عن الحارث بن مسكين عن أشهب عن مالك في قوله عليه الصلاة والسلام : { جائزته يوم وليلة } - : قال مالك : يتحفه ويكرمه ويخصه يوما وليلة وثلاثة أيام ضيافة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق محمد بن جعفر غندر نا منصور بن المعتمر عن الشعبي عن المقدم أبي كريمة " أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { ليلة الضيف حق واجب على من كان مسلما ، فإن أصبح بفنائه فهو دين عليه ، إن شاء اقتضى وإن شاء ترك } .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 147 ] ومن طريق شعبة عن أبي إسحاق السبيعي { عن أبي الأحوص - هو عوف بن مالك بن عوف الجشمي - عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله رجل نزلت به فلم يكرمني ولم يضفني ولم يقرني ثم نزل بي أجزيه ؟ قال : بل أقره } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا محمد بن رمح نا الليث هو ابن سعد - عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير { عن عقبة بن عامر ، قلنا : يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقروننا فما ترى ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن نزلتم بقوم فأمروا بما ينبغي للضيف فاقبلوا ، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق نا معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وطعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الأربعة ، وطعام الأربعة يكفي الثمانية } . ومن طريق البخاري نا موسى بن إسماعيل نا المعتمر - هو ابن سليمان التيمي عن أبيه نا أبو عثمان - هو النهدي - عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق { أن أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس ، ومن كان عنده طعام خمسة ، فليذهب بسادس ، أو كما قال وأن أبا بكر جاء بثلاثة وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرة } .

                                                                                                                                                                                          فهذا نص إيجاب الضيافة على أهل العلم والحاضرة ، وهذه أخبار متواترة عن جماعة من الصحابة لا يحل لأحد مخالفتها .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن شعبة عن أبي عوف عن محمد بن عبيد الله الثقفي [ ص: 148 ] عن عبد الرحمن بن أبي ليلى " أن ناسا من الأنصار سافروا فأرملوا فمروا بحي من العرب فسألوهم القرى فأبوا عليهم ، فسألوهم الشراء فأبوا فضبطوهم فأصابوا منهم فأتت الأعراب عمر بن الخطاب فأشفقت الأنصار ، فقال عمر تمنعون ابن السبيل ؟ ما يخلف الله تعالى في ضروع الإبل بالليل والنهار ، ابن السبيل أحق بالماء من الثاوي عليه " فهذا فعل الصحابة وحكم عمر بحضرتهم ، لا مخالف له منهم - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن مالك : لا ضيافة على أهل الحاضرة ، ولا على الفقهاء - وهذا قول في غاية الفساد - وبالله تعالى التوفيق

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية