[ ص: 345 ] . واختلف العلماء : هل
nindex.php?page=treesubj&link=31745القلم أول المخلوقات ، أو العرش ؟ على قولين ، ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=11881الحافظ أبو العلاء الهمذاني ، أصحهما : أن العرش قبل القلم ، لما ثبت في الصحيح من حديث
عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964320قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء .
فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش ، والتقدير وقع عند أول خلق القلم ، بحديث
عبادة هذا . ولا يخلو قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=31745أول ما خلق الله القلم ، إلخ - إما أن يكون جملة أو جملتين . فإن كان جملة ، وهو الصحيح ، كان معناه : أنه عند أول خلقه قال له : اكتب ، [ كما في اللفظ : أول ما خلق الله القلم قال له : اكتب ] بنصب " أول " و " القلم " ، وإن كان جملتين ، وهو مروي برفع " أول " و " القلم " ، فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم ، فيتفق الحديثان ، إذ حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو صريح في أن العرش سابق على التقدير ، والتقدير مقارن لخلق القلم . وفي اللفظ الآخر : لما خلق الله القلم قال له : اكتب .
فهذا القلم أول الأقلام وأفضلها وأجلها . وقد قال غير واحد من أهل التفسير : إنه القلم الذي أقسم الله به في قوله تعالى :
[ ص: 346 ] nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1والقلم وما يسطرون . [ القلم : 1 ، 2 ] .
. والقلم الثاني : قلم الوحي : وهو الذي يكتب به وحي الله إلى أنبيائه ورسله ، وأصحاب هذا القلم هم : الحكام على العالم . والأقلام كلها خدم لأقلامهم . وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم لله ليلة أسري به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام ، فهذه الأقلام هي التي تكتب ما يوحيه الله تبارك وتعالى من الأمور التي يدبر بها أمر العالم العلوي والسفلي .
[ ص: 345 ] . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ : هَلِ
nindex.php?page=treesubj&link=31745الْقَلَمُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ ، أَوِ الْعَرْشُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ، ذَكَرَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=11881الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمَذَانِيُّ ، أَصَحُّهُمَا : أَنَّ الْعَرْشَ قَبْلَ الْقَلَمِ ، لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964320قَدَّرَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ .
فَهَذَا صَرِيحٌ أَنَّ التَّقْدِيرَ وَقَعَ بَعْدَ خَلْقِ الْعَرْشِ ، وَالتَّقْدِيرَ وَقَعَ عِنْدَ أَوَّلِ خَلْقِ الْقَلَمِ ، بِحَدِيثِ
عُبَادَةَ هَذَا . وَلَا يَخْلُو قَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=31745أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ ، إِلَخْ - إِمَّا أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً أَوْ جُمْلَتَيْنِ . فَإِنْ كَانَ جُمْلَةً ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، كَانَ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ عِنْدَ أَوَّلِ خَلْقِهِ قَالَ لَهُ : اكْتُبْ ، [ كَمَا فِي اللَّفْظِ : أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَالَ لَهُ : اكْتُبْ ] بِنَصْبِ " أَوَّلَ " وَ " الْقَلَمَ " ، وَإِنْ كَانَ جُمْلَتَيْنِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِرَفْعِ " أَوَّلُ " وَ " الْقَلَمُ " ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ ، فَيَتَّفِقُ الْحَدِيثَانِ ، إِذْ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَرْشَ سَابِقٌ عَلَى التَّقْدِيرِ ، وَالتَّقْدِيرُ مُقَارِنٌ لِخَلْقِ الْقَلَمِ . وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَالَ لَهُ : اكْتُبْ .
فَهَذَا الْقَلَمُ أَوَّلُ الْأَقْلَامِ وَأَفْضَلُهَا وَأَجَلُّهَا . وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ : إِنَّهُ الْقَلَمُ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ ص: 346 ] nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1ن nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ . [ الْقَلَمِ : 1 ، 2 ] .
. وَالْقَلَمُ الثَّانِي : قَلَمُ الْوَحْيِ : وَهُوَ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ وَحْيُ اللَّهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ ، وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَلَمِ هُمُ : الْحُكَّامُ عَلَى الْعَالَمِ . وَالْأَقْلَامُ كُلُّهَا خَدَمٌ لِأَقْلَامِهِمْ . وَقَدْ رُفِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّهِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى مُسْتَوًى يَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ ، فَهَذِهِ الْأَقْلَامُ هِيَ الَّتِي تَكْتُبُ مَا يُوحِيهِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُدَبِّرُ بِهَا أَمْرَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ .