الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، الإمام الثبت القدوة ، شيخ الإسلام [ ص: 258 ] أبو عبد الرحمن الحارثي القعنبي المدني ، نزيل البصرة ، ثم مكة .
مولده بعد سنة ثلاثين ومائة بيسير .
وسمع من : أفلح بن حميد ، nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب ، nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة بن الحجاج ، وأسامة بن زيد بن أسلم ، وداود بن قيس الفراء ، وسلمة بن وردان ، ويزيد بن إبراهيم التستري ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=17194ونافع بن عمر الجمحي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=16379والدراوردي ، وإبراهيم بن سعد ، وإسحاق بن أبي بكر المدني ، والحكم بن الصلت ، nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16036وسليمان بن بلال ، وعيسى بن حفص بن عاصم بن عمر ، وسليمان بن المغيرة ، nindex.php?page=showalam&ids=17241وهشام بن سعد ، وعدة .
وعنه : nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والخريبي وهو من شيوخه ، ومحمد بن سنجر الحافظ ، nindex.php?page=showalam&ids=14327ومحمد بن يحيى الذهلي ، nindex.php?page=showalam&ids=16991ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم الرازي ، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، وعمرو بن منصور النسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=12013وأبو زرعة الرازي ، ومحمد بن غالب تمتام ، nindex.php?page=showalam&ids=12425وإسماعيل القاضي ، nindex.php?page=showalam&ids=12798ومحمد بن أيوب بن الضريس ، nindex.php?page=showalam&ids=14274وعثمان بن سعيد الدارمي ، ومحمد بن معاذ دران ، وإسحاق بن الحسن الحربي ، ومعاذ بن المثنى ، nindex.php?page=showalam&ids=15061وأبو مسلم الكجي ، وأبو خليفة الجمحي ، وخلق كثير .
وروى مسلم أيضا ، nindex.php?page=showalam&ids=13948وأبو عيسى الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397وأبو عبد الرحمن النسائي حديثه بواسطة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12013أبو زرعة الرازي : ما كتبت عن أحد أجل في عيني من القعنبي .
[ ص: 259 ] قال ابن أبي حاتم : قلت لأبي : القعنبي أحب إليك في " الموطأ " أو nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس ؟ قال : بل القعنبي ، لم أر أخشع منه .
وروى عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني الواهي ، عن الميموني : سمعت القعنبي يقول : اختلفت إلى مالك ثلاثين سنة ، ما من حديث في " الموطأ " إلا لو شئت قلت : سمعته مرارا .
وعن عبد الصمد بن الفضل : ما رأت عيناي مثل أربعة ، فذكر منهم القعنبي .
أنبأنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا حنبل ، أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أبو بكر القطيعي ، حدثنا الفضل بن الحباب ، حدثنا القعنبي ، حدثنا شعبة ، حدثنا منصور ، عن ربعي ، عن أبي مسعود : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : nindex.php?page=hadith&LINKID=880335إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح ، فاصنع ما شئت .
[ ص: 260 ] وروى محمد بن علي بن المديني ، عن أبيه قال : لا يقدم أحد من رواة " الموطأ " على القعنبي .
قلت : حد الولي الرسوخ في العلم والعمل مثل القعنبي .
وقال أبو حاتم : ثقة حجة لم أر أخشع منه ، سألناه أن يقرأ علينا " الموطأ " فقال : تعالوا بالغداة ، فقلنا : لنا مجلس عند حجاج بن منهال ، قال : فإذا فرغتم منه . قلنا : نأتي حينئذ مسلم بن إبراهيم . قال فإذا فرغتم . قلنا : نأتي أبا حذيفة النهدي . قال : فبعد العصر . قلنا : نأتي عارما أبا النعمان ، قال : فبعد المغرب . فكان يأتينا بالليل ، فيخرج علينا ، وعليه كبل ما تحته شيء في الصيف ، فكان يقرأ علينا في الحر الشديد حينئذ .
[ ص: 261 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ما رأيت رجلا يحدث لله إلا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا nindex.php?page=showalam&ids=15020والقعنبي .
قال الحافظ أبو عمرو أحمد بن محمد الحيري : سمعت أبي يقول : قلت nindex.php?page=showalam&ids=15020للقعنبي : ما لك لا تروي عن شعبة غير هذا الحديث ؟ قال : كان شعبة يستثقلني ، فلا يحدثني . يعني حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=880764إذا لم تستح فاصنع ما شئت .
والحديث يقع عاليا في جزء الغطريف لابن البخاري .
قال عبد الله الخريبي -وكان كبير القدر- : حدثني القعنبي ، عن مالك ، وهو والله عندي خير من مالك .
قال عمرو بن علي الفلاس : كان القعنبي مجاب الدعوة .
وقال عثمان بن سعيد : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني وذكر أصحاب مالك ، فقيل له : معن ثم القعنبي ، قال : لا بل القعنبي ثم معن .
ويروى عن أبي سبرة المديني قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=15020للقعنبي : حدثت ولم تكن [ ص: 262 ] تحدث ! قال : إني أريت كأن القيامة قد قامت ، فصيح بأهل العلم ، فقاموا ، وقمت معهم ، فنودي بي : اجلس . فقلت : إلهي ألم أكن أطلب ؟ قال : بلى ، ولكنهم نشروا ، وأخفيته . قال : فحدثت .
وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء : سمعتهم بالبصرة يقولون : عبد الله بن مسلمة من الأبدال .
وقال إسماعيل القاضي : كان القعنبي من المجتهدين في العبادة .
وقال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة : سمعت نصر بن مرزوق يقول : أثبت الناس في " الموطأ " القعنبي ، وعبد الله بن يوسف بعده .
قال إسماعيل القاضي : كان القعنبي لا يرضى قراءة حبيب ، فما زال حتى قرأ لنفسه " الموطأ " على مالك .
قال محمد بن سعد الكاتب : كان القعنبي عابدا فاضلا ، قرأ على مالك كتبه .
قال أبو بكر الشيرازي في كتاب " الألقاب " له : سمعت أبا إسحاق المستملي ، سمعت أحمد بن منير البلخي ، سمعت حمدان بن سهل البلخي الفقيه يقول : ما رأيت أحدا إذا روئي ذكر الله تعالى إلا القعنبي [ ص: 263 ] رحمه الله ، فإنه كان إذا مر بمجلس يقولون : لا إله إلا الله . وقيل : كان يسمى الراهب لعبادته وفضله .
وروى عبد الله بن أحمد بن الهيثم ، عن جده قال : كنا إذا أتينا القعنبي ، خرج إلينا كأنه مشرف على جهنم .
قال محمد بن عبد الله الزهيري ، عن الجنيني قال : كنا عند مالك ، فقدم ابن قعنب من سفر ، فقال مالك : قوموا بنا إلى خير أهل الأرض .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070أبو عبد الله الحاكم : قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : يقدم في " الموطأ " nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى ، nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب ، nindex.php?page=showalam&ids=15020والقعنبي ، ثم قال : وأبو مصعب ثقة في " الموطأ " .
وقد رويت حكاية في سماع القعنبي لذاك الحديث من شعبة لا تصح ، وأنه هجم عليه بيته ، فوجده يبول في بلوعة ، فقال : حدثني ، فلامه ، وعنفه ، وقال : تهجم على داري ، ثم تقول : حدثني وأنا على هذه الحالة ؟ ! قال : إني أخشى الفوت ، فروى له الحديث في قلة الحياء ، وحلف أن لا يحدثه بسواه .
وفي الجملة لم يدرك القعنبي شعبة إلا في آخر أيامه ، فلم يكثر عنه . وقد حدثه أفلح عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، وأفلح أكبر من شعبة قليلا .
وقد سمعت " الموطأ " بحلب وبعلبك من رواية القعنبي ، عن مالك .
[ ص: 264 ] وهو أكبر شيخ لمسلم ، سمع منه في أيام الموسم في ذي الحجة سنة عشرين ، ولم يكثر عنه .
ومات القعنبي في المحرم سنة إحدى وعشرين ومائتين .
قال محمد بن عمر بن لبابة الأندلسي : حدثنا مالك بن علي القرشي ، حدثنا القعنبي ، قال : دخلت على مالك ، فوجدته باكيا ، فقلت : يا أبا عبد الله ، ما الذي يبكيك ؟ قال : يا ابن قعنب على ما فرط مني ، ليتني جلدت بكل كلمة تكلمت بها في هذا الأمر بسوط ، ولم يكن فرط مني ما فرط من هذا الرأي ، وهذه المسائل قد كان لي سعة فيما سبقت إليه .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد وجماعة إجازة قالوا : أخبرنا عمر بن محمد ، أخبرنا هبة الله بن الحصين ، أخبرنا محمد بن محمد ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا القعنبي ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=880765طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحرمه حين أحرم ، ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت .
هذا حديث حسن عال ، أخرجه مسلم عن القعنبي ، وهو من أعلى شيء في " صحيحه " .