nindex.php?page=treesubj&link=28984قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها قال
الحسن وقتادة وغيرهما : المؤمن يسجد طوعا ، والكافر يسجد كرها بالسيف . وعن
قتادة أيضا : يسجد الكافر كارها حين لا ينفعه الإيمان . وقال
الزجاج : سجود الكافر كرها ما فيه من الخضوع وأثر الصنعة . وقال
ابن زيد : " طوعا " من دخل في الإسلام رغبة ، و " كرها " من دخل فيه رهبة بالسيف . وقيل : " طوعا " من طالت مدة إسلامه فألف السجود ، و " كرها " من يكره نفسه لله تعالى ; فالآية في المؤمنين ، وعلى هذا يكون معنى " والأرض " وبعض من في الأرض . قال
القشيري : وفي الآية مسلكان : أحدهما : أنها عامة والمراد بها التخصيص ; فالمؤمن يسجد طوعا ، وبعض الكفار يسجدون إكراها وخوفا كالمنافقين ; فالآية محمولة على هؤلاء ، ذكره
الفراء . وقيل على هذا القول : الآية في المؤمنين ; منهم من يسجد طوعا لا يثقل عليه السجود ، ومنهم من يثقل عليه ; لأن التزام التكليف مشقة ، ولكنهم يتحملون المشقة إخلاصا وإيمانا ، إلى أن يألفوا الحق ويمرنوا عليه . والمسلك الثاني : وهو الصحيح - إجراء الآية على التعميم ; وعلى هذا طريقان : أحدهما : أن المؤمن يسجد طوعا ، وأما الكافر فمأمور
[ ص: 264 ] بالسجود مؤاخذ به . والثاني : وهو الحق - أن المؤمن يسجد ببدنه طوعا ، وكل مخلوق من المؤمن والكافر يسجد من حيث إنه مخلوق ، يسجد دلالة وحاجة إلى الصانع ; وهذا كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وإن من شيء إلا يسبح بحمده وهو تسبيح دلالة لا تسبيح عبادة .
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وظلالهم بالغدو والآصال أي ظلال الخلق ساجدة لله تعالى بالغدو والآصال ; لأنها تبين في هذين الوقتين ، وتميل من ناحية إلى ناحية ; وذلك تصريف الله إياها على ما يشاء ; وهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون قاله
ابن عباس وغيره . وقال
مجاهد : ظل المؤمن يسجد طوعا وهو طائع ; وظل الكافر يسجد كرها وهو كاره . وقال
ابن الأنباري : يجعل للظلال عقول تسجد بها وتخشع بها ، كما جعل للجبال أفهام حتى خاطبت وخوطبت . قال
القشيري : في هذا نظر ; لأن الجبل عين ، فيمكن أن يكون له عقل بشرط تقدير الحياة ، وأما الظلال فآثار وأعراض ، ولا يتصور تقدير الحياة لها ، والسجود بمعنى الميل ; فسجود الظلال ميلها من جانب إلى جانب ; يقال : سجدت النخلة أي مالت . و الآصال جمع أصل ، والأصل جمع أصيل ; وهو ما بين العصر إلى الغروب ، ثم أصائل جمع الجمع ; قال
أبو ذؤيب الهذلي :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل
و " ظلالهم " يجوز أن يكون معطوفا على " من " ويجوز أن يكون ارتفع بالابتداء والخبر محذوف ; التقدير : وظلالهم سجد بالغدو والآصال و " بالغدو " يجوز أن يكون مصدرا ، ويجوز أن يكون جمع غداة ; يقوي كونه جمعا مقابلة الجمع الذي هو الآصال به .
nindex.php?page=treesubj&link=28984قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا قَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا : الْمُؤْمِنُ يَسْجُدُ طَوْعًا ، وَالْكَافِرُ يَسْجُدُ كَرْهًا بِالسَّيْفِ . وَعَنْ
قَتَادَةَ أَيْضًا : يَسْجُدُ الْكَافِرُ كَارِهًا حِينَ لَا يَنْفَعُهُ الْإِيمَانُ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : سُجُودُ الْكَافِرِ كَرْهًا مَا فِيهِ مِنَ الْخُضُوعِ وَأَثَرِ الصَّنْعَةِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : " طَوْعًا " مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ رَغْبَةً ، وَ " كَرْهًا " مَنْ دَخَلَ فِيهِ رَهْبَةً بِالسَّيْفِ . وَقِيلَ : " طَوْعًا " مَنْ طَالَتْ مُدَّةُ إِسْلَامِهِ فَأَلِفَ السُّجُودَ ، وَ " كَرْهًا " مَنْ يُكْرِهُ نَفْسَهُ لِلَّهِ تَعَالَى ; فَالْآيَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى " وَالْأَرْضُ " وَبَعْضُ مَنْ فِي الْأَرْضِ . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : وَفِي الْآيَةِ مَسْلَكَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا عَامَّةٌ وَالْمُرَادُ بِهَا التَّخْصِيصُ ; فَالْمُؤْمِنُ يَسْجُدُ طَوْعًا ، وَبَعْضُ الْكُفَّارِ يَسْجُدُونَ إِكْرَاهًا وَخَوْفًا كَالْمُنَافِقِينَ ; فَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَؤُلَاءِ ، ذَكَرَهُ
الْفَرَّاءُ . وَقِيلَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ : الْآيَةُ فِي الْمُؤْمِنِينَ ; مِنْهُمْ مَنْ يَسْجُدُ طَوْعًا لَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ السُّجُودُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَثْقُلُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْتِزَامَ التَّكْلِيفِ مَشَقَّةٌ ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَحَمَّلُونَ الْمَشَقَّةَ إِخْلَاصًا وَإِيمَانًا ، إِلَى أَنْ يَأْلَفُوا الْحَقَّ وَيَمْرُنُوا عَلَيْهِ . وَالْمَسْلَكُ الثَّانِي : وَهُوَ الصَّحِيحُ - إِجْرَاءُ الْآيَةِ عَلَى التَّعْمِيمِ ; وَعَلَى هَذَا طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْجُدُ طَوْعًا ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَمَأْمُورٌ
[ ص: 264 ] بِالسُّجُودِ مُؤَاخَذٌ بِهِ . وَالثَّانِي : وَهُوَ الْحَقُّ - أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْجُدُ بِبَدَنِهِ طَوْعًا ، وَكُلُّ مَخْلُوقٍ مِنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ يَسْجُدُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ ، يَسْجُدُ دَلَالَةً وَحَاجَةً إِلَى الصَّانِعِ ; وَهَذَا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَهُوَ تَسْبِيحُ دَلَالَةٍ لَا تَسْبِيحُ عِبَادَةٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ أَيْ ظِلَالُ الْخَلْقِ سَاجِدَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ; لِأَنَّهَا تَبِينُ فِي هَذَيْنَ الْوَقْتَيْنِ ، وَتَمِيلُ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ ; وَذَلِكَ تَصْرِيفُ اللَّهِ إِيَّاهَا عَلَى مَا يَشَاءُ ; وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=48أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : ظِلُّ الْمُؤْمِنِ يَسْجُدُ طَوْعًا وَهُوَ طَائِعٌ ; وَظِلُّ الْكَافِرِ يَسْجُدُ كَرْهًا وَهُوَ كَارِهٌ . وَقَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : يُجْعَلُ لِلظِّلَالِ عُقُولٌ تَسْجُدُ بِهَا وَتَخْشَعُ بِهَا ، كَمَا جُعِلَ لِلْجِبَالِ أَفْهَامٌ حَتَّى خَاطَبَتْ وَخُوطِبَتْ . قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : فِي هَذَا نَظَرَ ; لِأَنَّ الْجَبَلَ عَيْنٌ ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَقْلٌ بِشَرْطِ تَقْدِيرِ الْحَيَاةِ ، وَأَمَّا الظِّلَالُ فَآثَارٌ وَأَعْرَاضٌ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيرُ الْحَيَاةِ لَهَا ، وَالسُّجُودُ بِمَعْنَى الْمَيْلِ ; فَسُجُودُ الظِّلَالِ مَيْلُهَا مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ ; يُقَالُ : سَجَدَتِ النَّخْلَةُ أَيْ مَالَتْ . وَ الْآصَالُ جَمْعُ أُصُلٍ ، وَالْأُصُلُ جَمْعُ أَصِيلٍ ; وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْغُرُوبِ ، ثُمَّ أَصَائِلُ جَمْعُ الْجَمْعُ ; قَالَ
أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ :
لَعَمْرِي لَأَنْتَ الْبَيْتُ أُكْرِمُ أَهْلَهُ وَأَقْعُدُ فِي أَفْيَائِهِ بِالْأَصَائِلِ
وَ " ظِلَالُهُمْ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى " مَنْ " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ارْتَفَعَ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ ; التَّقْدِيرُ : وَظِلَالُهُمْ سُجَّدٌ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَ " بِالْغُدُوِّ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ غَدَاةٍ ; يُقَوِّي كَوْنَهُ جَمْعًا مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ الْآصَالُ بِهِ .