الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب أن القاتل لا يرث وأن دية المقتول لجميع ورثته من زوجة وغيرها 2581 - ( عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يرث القاتل شيئا } رواه أبو داود ) .

                                                                                                                                            2582 - ( وعن عمر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { ليس لقاتل ميراث } رواه مالك في الموطأ وأحمد وابن ماجه ) .

                                                                                                                                            2583 - ( وعن سعيد بن المسيب أن عمر قال : { الدية للعاقلة ، لا ترث المرأة من دية زوجها ، حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلي أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها } رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، [ ص: 90 ] ورواه مالك من رواية ابن شهاب عن عمر ، وزاد : قال ابن شهاب : وكان قتلهم أشيم خطأ ) .

                                                                                                                                            2584 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم } . رواه الخمسة إلا الترمذي ) .

                                                                                                                                            2585 - ( وعن قرة بن دعموص قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وعمي فقلت : يا رسول الله عند هذا دية أبي فمره يعطنيها ، وكان قتل في الجاهلية ، فقال : أعطه دية أبيه ، فقلت : هل لأمي فيها حق ؟ قال : نعم ، وكانت ديته مائة من الإبل } رواه البخاري في تاريخه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضا النسائي وأعله الدارقطني وقواه ابن عبد البر وحديث عمر أخرجه أيضا الشافعي وعبد الرزاق والبيهقي وهو منقطع قال البيهقي : ورواه محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال الحافظ : وكذا أخرجه النسائي من وجه آخر عن عمر وقال : إنه خطأ وأخرجه ابن ماجه والدارقطني من وجه آخر عن عمر أيضا .

                                                                                                                                            وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني بلفظ : { لا يرث القاتل شيئا } وفي إسناده كثير بن مسلم وهو ضعيف وعن ابن عباس أيضا حديث آخر عند البيهقي بلفظ : { من قتل قتيلا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره } وفي لفظ : { وإن كان والده أو ولده } وفي إسناده عمرو بن برق وهو ضعيف وعن أبي هريرة عند الترمذي وابن ماجه بلفظ : { القاتل لا يرث } وفي إسناده إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة تركه أحمد وغيره وأخرجه النسائي في السنن الكبرى وقال : إسحاق متروك وعن عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي عند الطبراني في قصته وأنه قتل امرأته خطأ فقال صلى الله عليه وسلم : { اعقلها ولا ترثها } وعن عدي الجذامي نحوه ، أخرجه الخطابي ، وحديث سعيد بن المسيب أخرجه أيضا النسائي ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، زاد أبو داود بعد قوله : " من دية زوجها فرجع عمر " وفي رواية : " وكان النبي صلى الله عليه وسلم استعمله على الأعراب " وحديث عمرو بن شعيب هو حديث طويل ساقه أبو داود بطوله في باب ديات الأعضاء ، وفي إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي وقد اختلف فيه ، فتكلم فيه غير واحد ، ووثقه غير واحد وحديث قرة بن دعموص يشهد له حديث الضحاك المذكور وحديث عمرو بن شعيب

                                                                                                                                            قوله : ( لا يرث القاتل شيئا ) [ ص: 91 ] استدل به من قال بأن القاتل لا يرث سواء كان القتل عمدا أو خطأ ، وإليه ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر أهل العلم ، قالوا : ولا يرث من المال ولا من الدية

                                                                                                                                            وقال مالك والنخعي والهادوية : إن قاتل الخطأ يرث من المال دون الدية ، ولا يخفى أن التخصيص لا يقبل إلا بدليل وحديث عمر بن شيبة بن أبي كثير الأشجعي نص في محل النزاع ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " ولا ترثها " وكذلك حديث عدي الجذامي الذي أشرنا إليه ; ولفظه في سنن البيهقي : { إن عديا كانت له امرأتان اقتتلتا فرمى إحداهما فماتت ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فذكر له ذلك ، فقال له : اعقلها ولا ترثها } وأخرج البيهقي أيضا : " أن رجلا رمى بحجر فأصاب أمه فماتت من ذلك ، فأراد نصيبه من ميراثها ، فقال له إخوته : لا حق لك ، فارتفعوا إلى علي رضي الله عنه ، فقال له : حقك من ميراثها الحجر ، وأغرمه الدية ولم يعطه من ميراثها شيئا " وأخرج أيضا عن جابر بن زيد أنه قال : " أيما رجل قتل رجلا أو امرأة عمدا أو خطأ فلا ميراث له منهما ، وأيما امرأة قتلت رجلا أو امرأة عمدا أو خطأ فلا ميراث لها منهما " وقال قضى بذلك عمر بن الخطاب وعلي وشريح وغيرهم من قضاة المسلمين وقد ساق البيهقي في الباب آثارا عن عمر وابن عباس وغيرهما تفيد كلها أنه لا ميراث للقاتل مطلقا .

                                                                                                                                            قوله ( : أشيم ) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء المثناة من تحت . قوله : ( من دية زوجها ) فيه دليل على أن الزوجة ترث من دية زوجها كما ترث من ماله وكذلك يدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب المذكور لعموم قوله فيه " بين ورثة القتيل " والزوجة من جملتهم

                                                                                                                                            وكذلك قوله في حديث قرة المذكور " هل لأمي فيها حق ؟ قال : نعم "




                                                                                                                                            الخدمات العلمية