الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب في أن الأنبياء لا يورثون nindex.php?page=treesubj&link=25211 2586 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا نورث ، ما تركناه صدقة } ) .
2587 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=21807أنه قال لعثمان nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس : أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ، ما تركناه صدقة ؟ قالوا : نعم } ) [ ص: 92 ]
2588 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=2375أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أردن أن يبعث عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن ، فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا نورث ، ما تركناه صدقة } ) .
2589 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30476لا تقتسم ورثتي دينارا ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومئونة عاملي فهو صدقة } متفق عليهن وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد { nindex.php?page=hadith&LINKID=31866لا يقتسم ورثتي دينارا ولا درهما } ) .
2590 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : { nindex.php?page=hadith&LINKID=6679أن nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة رضي الله عنها قالت لأبي بكر : من يرثك إذا مت ؟ قال : ولدي وأهلي ، قالت : فما لنا لا نرث النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن النبي لا يورث ولكن أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول ، وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي وصححه )
قوله : ( لا نورث ) بالنون وهو الذي توارد عليه أهل الحديث في القديم والحديث كما قال الحافظ في الفتح : وما تركناه في موضع الرفع بالابتداء وصدقة خبره وقد زعم بعض الرافضة أن لا نورث بالياء التحتانية ، وصدقة بالنصب على الحال ، وما تركناه في محل رفع على النيابة والتقدير : لا يورث الذي تركناه حال كونه صدقة ، وهذا خلاف ما جاءت به الرواية ونقله الحفاظ ، وما ذلك بأول تحريف من أهل تلك النحلة
ويوضح بطلانه ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المذكور في الباب بلفظ " فهو صدقة " وقوله : " لا تقتسم ورثتي دينارا " وقوله : " إن النبي لا يورث " ومما ينادي على بطلانه أيضا أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر احتج بهذا الكلام على فاطمة رضي الله عنهما فيما التمسته منه من الذي خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأراضي ، وهما من أفصح الفصحاء وأعلمهم بمدلولات الألفاظ ، فلو كان اللفظ كما تقرؤه الروافض لم يكن فيما احتج به nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر حجة ولا كان جوابه مطابقا لسؤالها قوله : ( أنشدكم الله ) أي أسألكم رافعا نشدتي أي صوتي ، وقد قدمنا الكلام على هذا التركيب ومعناه قوله : ( ومئونة عاملي ) اختلف في المراد به ، فقيل : هو الخليفة بعده .
قال الحافظ : وهذا هو المعتمد وقيل : يريد بذلك العامل على النخل ، وبه جزم الطبري nindex.php?page=showalam&ids=12997وابن بطال وأبعد من قال : المراد بعامله حافر قبره وقال nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية في الخصائص : المراد بعامله : خادمه وقيل : العامل على الصدقة وقيل : العامل فيها كالأجير ، ونبه [ ص: 93 ] بقوله : دينارا بالأدنى على الأعلى وظاهر الأحاديث المذكورة في الباب أن nindex.php?page=treesubj&link=25211الأنبياء لا يورثون ، وأن جميع ما تركوه من الأموال صدقة ، ولا يعارض ذلك قوله تعالى: { nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وورث سليمان nindex.php?page=showalam&ids=15854داود } فإن المراد بالوراثة المذكورة وراثة العلم لا المال كما صرح بذلك جماعة من أئمة التفسير .
وقد استشكل ما وقع في الباب { nindex.php?page=hadith&LINKID=23006عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أنه قال لعثمان وعبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركناه صدقة ؟ فقالوا : نعم } ووجه الاستشكال أن أصل القصة صريح في أن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس nindex.php?page=showalam&ids=8وعليا قد علما بأنه صلى الله عليه وسلم قال : " لا نورث " فإن كانا سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يطلبانه من أبي بكر ، وإن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه بعد ذلك من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
وأجيب بحمل ذلك على أنهما اعتقدا أن عموم " لا نورث " مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض ، ولذلك نسب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=18وعباس أنهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما كما وقع في صحيح البخاري وغيره وأما مخاصمتهما بعد ذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي فيما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طريقه : لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة وفي صرفها كيف تصرف كذا قال ، لكن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=16670وعمر بن شبة من طريق أبي البختري ما يدل على أنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث ، ولفظه في آخره : " ثم جئتماني الآن تختصمان يقول هذا : أريد نصيبي من ابن أخي ، ويقول هذا : أريد نصيبي من امرأتي ، والله لا أقضي بينكما إلا بذلك " أي إلا بما تقدم من تسليمها لهما على سبيل الولاية
وكذا وقع عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن nindex.php?page=showalam&ids=16870مالك بن أوس ، ونحوه في السنن لأبي داود وغيره أراد أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يقسمها بينهما لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه ، فامتنع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من ذلك وأراد أن لا يقع عليهما اسم القسمة ، ولذلك أقسم على ذلك ، وعلى هذا اقتصر أكثر شراح الحديث واستحسنوه ، وفيه من النظر ما تقدم وأعجب من ذلك جزم ابن الجوزي ثم الشيخ محيي الدين بأن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا nindex.php?page=showalam&ids=18وعباسا لم يطلبا من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلا ذلك ، مع أن السياق في صحيح البخاري صريح في أنهما جاءا مرتين في طلب شيء واحد لكن العذر لابن الجوزي والنووي أنهما شرحا اللفظ الوارد في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم دون اللفظ الوارد في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري
وأما ما ثبت في الصحيح من قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : " جئتني يا nindex.php?page=showalam&ids=18عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك " فإنما عبر بذلك لبيان قسمة الميراث كيف يقسم بينهم لو كان هناك ميراث ، لا أنه أراد الغض منهما بهذا الكلام وزاد الإمامي عن ابن شهاب عند nindex.php?page=showalam&ids=16670عمر بن شبة ما لفظه : " فأصلحا أمركما وإلا لم يرجع والله إليكما " قوله : ( ولكن أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول . . . إلخ ) فيه دليل على أنه يتوجه على الخليفة القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعول من كان الرسول صلوات الله عليه وآله وسلم يعوله ، وينفق على ما كان الرسول ينفق عليه .