وقوله (تعالى):
nindex.php?page=treesubj&link=28908_10301_10461_10484_27521_33512_34462nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ؛ معنى " يرمون المحصنات " ؛ أي: بالزنا؛ لكنه لم يقل: " بالزنا " ؛ لأن فيما تقدم من ذكر الزانية والزاني دليلا على أن المعنى ذلك؛ وموضع " الذين " ؛ رفع بالابتداء؛ وعلى قراءة
عيسى بن عمر؛ يجب أن يكون موضع " الذين يرمون المحصنات " ؛ نصبا؛ على معنى " اجلدوا الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء " ؛ وعلى ذلك اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه؛ nindex.php?page=showalam&ids=14248والخليل؛ و " المحصنات " ؛ ههنا: اللواتي أحصن فروجهن بالعفة؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ؛
[ ص: 31 ] اختلف الناس في قبول شهادة القاذف؛ فقال بعضهم: إذا تاب من قذفه قبلت شهادته؛ ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قبل شهادة قاذفين؛ وقال
لأبي بكرة: " إن تبت قبلت شهادتك " ؛ وتوبته أن يرجع عن القذف؛ وهذا مذهب أكثر الفقهاء؛ وأما أهل
العراق فيقولون: شهادته غير مقبولة؛ لقول الله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ؛ قالوا: وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ؛ قالوا: هذا الاستثناء من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وأولئك هم الفاسقون ؛ فاستثني التائبون من الفاسقين؛ وقال من زعم أن شهادته مقبولة: إن الاستثناء من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إلا الذين تابوا ؛ قالوا وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وأولئك هم الفاسقون ؛ صفة لهم؛ وأجمعوا أن من قذف وهو كافر ثم أسلم وتاب؛ وكان بعد إسلامه عدلا؛ قبلت شهادته؛ وإن كان قاذفا؛ والقياس قبول شهادة القاذف إن تاب؛ والله - عز وجل - يقول في الشهادات:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ممن ترضون من الشهداء ؛ فليس القاذف بأشد جرما من الكافر؛ فحقه أنه إذا تاب وأصلح قبلت شهادته؛ كما أن الكافر إذا أسلم؛ وأصلح؛ قبلت شهادته؛ فإن قال قائل: فما الفائدة في قوله: " أبدا " ؟ قيل: الفائدة أن الأبد لكل إنسان: مقدار مدته في حياته؛ ومقدار مدته فيما يتصل بقصته؛ فتقول: " الكافر لا يقبل منه شيء أبدا " ؛ فمعناه: " ما دام كافرا فلا يقبل منه شيء " ؛ وكذلك إذا قلت: " القاذف لا تقبل منه شهادة أبدا " ؛ فمعناه: " ما دام قاذفا " ؛ فإذا زال عنه الكفر؛ فقد زال أبده؛ وكذلك القاذف إذا زال عنه القذف؛ فقد زال عنه أبده؛ ولا فرق بين هذا وذلك؛ وتقرأ: " ثم لم يأتوا بأربعة شهداء " ؛ بالتنوين؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4فاجلدوهم ؛ فـ " أربعة " ؛
[ ص: 32 ] مخفوضة منونة؛ و " شهداء " ؛ صفة للأربعة؛ في موضع جر؛ ويجوز أن يكون في موضع نصب من جهتين:؛ إحداهما على معنى: " ثم لم يحضروا أربعة شهداء " ؛ وعلى نصب الحال مع النكرة؛ ثم لم يأتوا حال الشهادة؛ فأما
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إلا الذين تابوا ؛ فيجوز أن يكون في موضع جر على البدل من الهاء والميم؛ على معنى: " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا إلا الذين تابوا " ؛ ويجوز أن يكون في موضع نصب على الاستثناء؛ على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وأولئك هم الفاسقون ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إلا الذين تابوا ؛ وإذا استثنوا من الفاسقين أيضا؛ فقد وجب قبول شهادتهم؛ لأنهم قد زال عنهم اسم الفسق.
وَقَوْلُهُ (تَعَالَى):
nindex.php?page=treesubj&link=28908_10301_10461_10484_27521_33512_34462nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ؛ مَعْنَى " يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ " ؛ أَيْ: بِالزِّنَا؛ لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: " بِالزِّنَا " ؛ لِأَنَّ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ الزَّانِيَةِ وَالزَّانِي دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى ذَلِكَ؛ وَمَوْضِعُ " اَلَّذِينَ " ؛ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ؛ وَعَلَى قِرَاءَةِ
عِيسَى بْنِ عُمَرَ؛ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ " اَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ " ؛ نَصْبًا؛ عَلَى مَعْنَى " اِجْلِدُوا الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ " ؛ وَعَلَى ذَلِكَ اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ؛ nindex.php?page=showalam&ids=14248وَالْخَلِيلِ؛ وَ " اَلْمُحْصَنَاتُ " ؛ هَهُنَا: اَللَّوَاتِي أَحْصَنَّ فُرُوجَهُنَّ بِالْعِفَّةِ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا ؛
[ ص: 31 ] اِخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا تَابَ مِنْ قَذْفِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ وَيُرْوَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبِلَ شَهَادَةَ قَاذِفَيْنِ؛ وَقَالَ
لِأَبِي بَكْرَةَ: " إِنْ تُبْتَ قَبِلْتُ شَهَادَتَكَ " ؛ وَتَوْبَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الْقَذْفِ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ وَأَمَّا أَهْلُ
الْعِرَاقِ فَيَقُولُونَ: شَهَادَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ؛ قَالُوا: وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ قَالُوا: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ؛ فَاسْتُثْنِيَ التَّائِبُونَ مِنَ الْفَاسِقِينَ؛ وَقَالَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَقْبُولَةٌ: إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إِلا الَّذِينَ تَابُوا ؛ قَالُوا وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ؛ صِفَةٌ لَهُمْ؛ وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ قَذَفَ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ وَتَابَ؛ وَكَانَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ عَدْلًا؛ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ وَإِنْ كَانَ قَاذِفًا؛ وَالْقِيَاسُ قَبُولُ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ إِنْ تَابَ؛ وَاللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ فِي الشَّهَادَاتِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ؛ فَلَيْسَ الْقَاذِفُ بِأَشَدَّ جُرْمًا مِنَ الْكَافِرِ؛ فَحَقُّهُ أَنَّهُ إِذَا تَابَ وَأَصْلَحَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ كَمَا أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ؛ وَأَصْلَحَ؛ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ: " أَبَدًا " ؟ قِيلَ: اَلْفَائِدَةُ أَنَّ الْأَبَدَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ: مِقْدَارُ مُدَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ؛ وَمِقْدَارُ مُدَّتِهِ فِيمَا يَتَّصِلُ بِقِصَّتِهِ؛ فَتَقُولُ: " اَلْكَافِرُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَبَدًا " ؛ فَمَعْنَاهُ: " مَا دَامَ كَافِرًا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ شَيْءٌ " ؛ وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ: " اَلْقَاذِفُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ شَهَادَةٌ أَبَدًا " ؛ فَمَعْنَاهُ: " مَا دَامَ قَاذِفًا " ؛ فَإِذَا زَالَ عَنْهُ الْكُفْرُ؛ فَقَدْ زَالَ أَبَدُهُ؛ وَكَذَلِكَ الْقَاذِفُ إِذَا زَالَ عَنْهُ الْقَذْفُ؛ فَقَدْ زَالَ عَنْهُ أَبَدُهُ؛ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَذَلِكَ؛ وَتُقْرَأُ: " ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةٍ شُهَدَاءَ " ؛ بِالتَّنْوِينِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4فَاجْلِدُوهُمْ ؛ فَـ " أَرْبَعَةٍ " ؛
[ ص: 32 ] مَخْفُوضَةٌ مُنَوَّنَةٌ؛ وَ " شُهَدَاءَ " ؛ صِفَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ؛ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مِنْ جِهَتَيْنِ:؛ إِحْدَاهُمَا عَلَى مَعْنَى: " ثُمَّ لَمْ يُحْضِرُوا أَرْبَعَةً شُهَدَاءَ " ؛ وَعَلَى نَصْبِ الْحَالِ مَعَ النَّكِرَةِ؛ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا حَالَ الشَّهَادَةِ؛ فَأَمَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إِلا الَّذِينَ تَابُوا ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ؛ عَلَى مَعْنَى: " وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا " ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إِلا الَّذِينَ تَابُوا ؛ وَإِذَا اسْتُثْنُوا مِنَ الْفَاسِقِينَ أَيْضًا؛ فَقَدْ وَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ زَالَ عَنْهُمُ اسْمُ الْفِسْقِ.