وقال تعالى ردا لتعجبهم:
nindex.php?page=treesubj&link=33679_34260_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قل كونوا حجارة أو حديدا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا
قالوا في مثلهم الذي ضربوه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا هذا مثلهم الذي ضربوه ناسين حقائق الوجود وحقيقة نشأتهم كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وضرب لنا مثلا ونسي خلقه nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أنبعث بعدها؟ فأمر الله تعالى نبيه
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قل كونوا حجارة أو حديدا و (كونوا) هنا من معنى كنا، أي أإذا صرنا عظاما ورفاتا فيكون المعنى صيروا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم، أي إنكم تعودون لا محالة، ولو صرتم حجارة أو حديدا فالله على ذلك قادر ولا يعجز.
ولنا في هذه الآية الكريمة نظران غير متباينين:
النظر الأول: أنه يشير سبحانه إلى أنه لا يعجز عن الحجارة والحديد، ومما يكبر في صدوركم أي في قلوبكم فتأخذكم به رهبتكم، وإذا كان الله تعالى لا يعجز عن أن يوجد الحياة في حجارة أو حديد أو نحو ذلك فأولى أن يعيد الحياة فيكم، وقد كانت من قبل، فالإعادة أسهل من الإنشاء في نظر الإنسان وإن كانت كلها عند الله سواء، هذا هو النظر الأول.
أما النظر الثاني: فهو أن المعنى صيروا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم وادخلوا في أجزائها وكونوا في صلابتها، وتظنون أنه يصعب
[ ص: 4398 ] استخلاصكم منها فإنه سيعيدكم كاملي الأجسام منها، ويقوي هذا قوله تعالى:
وَقَالَ تَعَالَى رَدًّا لِتَعَجُّبِهِمْ:
nindex.php?page=treesubj&link=33679_34260_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=51أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا
قَالُوا فِي مَثَلِهِمُ الَّذِي ضَرَبُوهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا هَذَا مَثَلُهُمُ الَّذِي ضَرَبُوهُ نَاسِينَ حَقَائِقَ الْوُجُودِ وَحَقِيقَةَ نَشْأَتِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=49وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَنُبْعَثُ بَعْدَهَا؟ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=50قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا وَ (كُونُوا) هُنَا مِنْ مَعْنَى كُنَّا، أَيْ أَإِذَا صِرْنَا عِظَامًا وَرُفَاتًا فَيَكُونُ الْمَعْنَى صِيرُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ، أَيْ إِنَّكُمْ تُعَوِّدُونَ لَا مَحَالَةَ، وَلَوْ صِرْتُمْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا فَاللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ وَلَا يَعْجِزُ.
وَلَنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ نَظَرَانِ غَيْرُ مُتَبَايِنَيْنِ:
النَّظَرُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يُشِيرُ سُبْحَانَهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَعْجِزُ عَنِ الْحِجَارَةِ وَالْحَدِيدِ، وَمِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ أَيْ فِي قُلُوبِكُمْ فَتَأْخُذُكُمْ بِهِ رَهْبَتُكُمْ، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَعْجِزُ عَنْ أَنْ يُوجِدَ الْحَيَاةَ فِي حِجَارَةٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَأَوْلَى أَنْ يُعِيدَ الْحَيَاةَ فِيكُمْ، وَقَدْ كَانَتْ مِنْ قَبْلُ، فَالْإِعَادَةُ أَسْهَلُ مِنَ الْإِنْشَاءِ فِي نَظَرِ الْإِنْسَانِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا عِنْدَ اللَّهِ سَوَاءً، هَذَا هُوَ النَّظَرُ الْأَوَّلُ.
أَمَّا النَّظَرُ الثَّانِي: فَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى صِيرُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ وَادْخُلُوا فِي أَجْزَائِهَا وَكُونُوا فِي صَلَابَتِهَا، وَتَظُنُّونَ أَنَّهُ يَصْعُبُ
[ ص: 4398 ] اسْتِخْلَاصُكُمْ مِنْهَا فَإِنَّهُ سَيُعِيدُكُمْ كَامِلِي الْأَجْسَامِ مِنْهَا، وَيُقَوِّي هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: