ثم أعلم - عز وجل - أنه قد بين جميع أمر السماء؛ وأمر الأرض؛ بيانا نيرا؛ لا غاية بعد نوره؛ فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_19881_28723_28902_30454_33691_34091_34092_34250nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35الله نور السماوات والأرض ؛ أي: " مدبر أمرهما بحكمة بالغة؛ وحجة نيرة؛ ثم مثل مثل نوره ذلك في القلوب؛ بأبين النور الذي لم يدرك بالأبصار؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ؛ فنوره يجوز أن يكون ما ذكرنا من تدبيره؛ وجائز أن يكون كتابه الذي بين به؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ؛ وجائز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو النور الذي قال: " مثل نوره " ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المرشد؛ والمبين؛ والناقل عن الله ما هو نير؛ بين؛ وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35كمشكاة ؛ وهي الكوة؛ وقيل: إنها بلغة الحبش؛ و " المشكاة " ؛ من كلام العرب؛ ومثلها - وإن كانت لغير الكوة -: " الشكوة " ؛ وهي معروفة؛ وهي الدقيق الصغير؛ أو ما يعمل مثله؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35فيها مصباح المصباح في زجاجة ؛ و " المصباح " : السراج؛ وقال: " المصباح في زجاجة " ؛ لأن النور في الزجاج
[ ص: 44 ] وضوء النار أبين منه في كل شيء؛ وضوؤه يزيد في الزجاج؛ ثم وصف الزجاجة فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35كأنها كوكب دري ؛ و " دري " ؛ منسوب إلى أنه كالدر في صفائه؛ وحسنه؛ وقرئت: " دري " ؛ و " دري " ؛ بالكسر؛ والفتح؛ وقد رويت بالهمز؛ والنحويون أجمعون لا يعرفون الوجه فيه؛ لأنه ليس في كلام العرب شيء على " فعيل " ؛ ولكن الكسر جيد بالهمز؛ يكون على وزن " فعيل " ؛ ويكون من النجوم الدراري التي تدر؛ أي: ينحط؛ ويسير متدافعا؛ ويجوز أن يكون " دري " ؛ بغير همز؛ مخففا من هذا؛ قال أبو إسحاق: ولا يجوز أن يضم الدال ويهمز؛ لأنه ليس في الكلام " فعيل " ؛ ومثال " دري " ؛ " فعلي " ؛ منسوب إلى " الدر " ؛ ومن كسر الدال قال: " دري " ؛ فكان له أن يهمز؛ ولا يهمز؛ فمن همز أخذه من " درأ؛ يدرأ الكوكب " ؛ إذا تدافع منقضا؛ فتضاعف ضوؤه؛ يقال: " تدارأ الرجلان " ؛ إذا تدافعا؛ ويكون وزنه على " فعيل " ؛ ومن كسرها فإنما أصله الهمز؛ فخفف؛ وبقيت كسرة الدال على أصلها؛ ووزنه أيضا " فعيل " ؛ كما كان وهو مهموز. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35يوقد من شجرة مباركة ؛ ويقرأ: " توقد " ؛ بالتاء؛ فمن قرأ بالياء عنى به المصباح؛ وهو مذكر؛ ومن قرأ بالتاء عنى به الزجاجة؛ ويجوز: " في زجاحة " ؛ بفتح الزاي؛ وفيها وجهان آخران قرئ بهما: " توقد " ؛ بفتح الدال؛ وضمها؛ وتشديد القاف فيهما جميعا؛ فمن قرأ: " توقد " ؛ فالمعنى: " تتوقد الزجاجة " ؛ ومن قرأ: " توقد " ؛ فتحه لأنه فعل ماض؛ ويكون المعنى: " المصباح في زجاجة توقد المصباح " ؛ وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35من شجرة مباركة زيتونة ؛
[ ص: 45 ] وليس شيء في الشجر - يورق غصنه من أوله إلى آخره - مثل الزيتون؛ والرمان؛ قال الشاعر:
بورك الميت الغريب كما ... بورك نظم الرمان والزيتون
قوله - عز وجل -:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35لا شرقية ولا غربية ؛ أكثر التفسير أنها ليست مما تطلع عليه الشمس في وقت شروقها فقط؛ أو عند الغروب؛ أي: ليس يسترها في وقت من النهار شيء؛ أي: فهي شرقية غربية؛ أي: تصيبها الشمس بالغداة؛ والعشي؛ فهو أنضر لها؛ وأجود لزيتها؛ وزيتونها؛ وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: إن تأويل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35لا شرقية ولا غربية أنها ليست من شجر الدنيا؛ أي: هي من شجر الجنة.
ثُمَّ أَعْلَمَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ جَمِيعَ أَمْرِ السَّمَاءِ؛ وَأَمْرِ الْأَرْضِ؛ بَيَانًا نَيِّرًا؛ لَا غَايَةَ بَعْدَ نُورِهِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=28908_19881_28723_28902_30454_33691_34091_34092_34250nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ؛ أَيْ: " مُدَبِّرُ أَمْرِهِمَا بِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ؛ وَحُجَّةٍ نَيِّرَةٍ؛ ثُمَّ مَثَّلَ مَثَلَ نُورِهِ ذَلِكَ فِي الْقُلُوبِ؛ بِأَبْيَنِ النُّورِ الَّذِي لَمْ يُدْرَكْ بِالْأَبْصَارِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ؛ فَنُورُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَدْبِيرِهِ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كِتَابَهُ الَّذِي بَيَّنَ بِهِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ النُّورَ الَّذِي قَالَ: " مَثَلُ نُورِهِ " ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمُرْشِدُ؛ وَالْمُبَيِّنُ؛ وَالنَّاقِلُ عَنِ اللَّهِ مَا هُوَ نَيِّرٌ؛ بَيِّنٌ؛ وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35كَمِشْكَاةٍ ؛ وَهِيَ الْكُوَّةُ؛ وَقِيلَ: إِنَّهَا بِلُغَةِ الْحَبَشِ؛ وَ " اَلْمِشْكَاةُ " ؛ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَمِثْلُهَا - وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْكُوَّةِ -: " اَلشَّكْوَةُ " ؛ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ؛ وَهِيَ الدَّقِيقُ الصَّغِيرُ؛ أَوْ مَا يُعْمَلُ مِثْلُهُ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ؛ وَ " اَلْمِصْبَاحُ " : اَلسِّرَاجُ؛ وَقَالَ: " اَلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ " ؛ لِأَنَّ النُّورَ فِي الزُّجَاجِ
[ ص: 44 ] وَضَوْءِ النَّارِ أَبْيَنُ مِنْهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ وَضَوْؤُهُ يَزِيدُ فِي الزُّجَاجِ؛ ثُمَّ وَصَفَ الزُّجَاجَةَ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ؛ وَ " دُرِّيٌّ " ؛ مَنْسُوبٌ إِلَى أَنَّهُ كَالدُّرِ فِي صَفَائِهِ؛ وَحُسْنِهِ؛ وَقُرِئَتْ: " دِرِّيٌّ " ؛ وَ " دَرِّيٌّ " ؛ بِالْكَسْرِ؛ وَالْفَتْحِ؛ وَقَدْ رُوِيَتْ بِالْهَمْزِ؛ وَالنَّحْوِيُّونَ أَجْمَعُونَ لَا يَعْرِفُونَ الْوَجْهَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شَيْءٌ عَلَى " فُعِّيلٌ " ؛ وَلَكِنَّ الْكَسْرَ جَيِّدٌ بِالْهَمْزِ؛ يَكُونُ عَلَى وَزْنِ " فِعِّيلٌ " ؛ وَيَكُونُ مِنَ النُّجُومِ الدَّرَارِيِّ الَّتِي تَدَرُ؛ أَيْ: يَنْحَطُّ؛ وَيَسِيرُ مُتَدَافِعًا؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " دِرِّيٌّ " ؛ بِغَيْرِ هَمْزٍ؛ مُخَفَّفًا مِنْ هَذَا؛ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَمَّ الدَّالُ وَيُهْمَزَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ " فُعِّيلٌ " ؛ وَمِثَالُ " دُرِّيٌّ " ؛ " فُعْلِيٌّ " ؛ مَنْسُوبٌ إِلَى " اَلدُّرُّ " ؛ وَمَنْ كَسَرَ الدَّالَ قَالَ: " دِرِّيٌّ " ؛ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَهْمِزَ؛ وَلَا يَهْمِزَ؛ فَمَنْ هَمَزَ أَخَذَهُ مِنْ " دَرَأَ؛ يَدْرَأُ الْكَوْكَبُ " ؛ إِذَا تَدَافَعَ مُنْقَضًّا؛ فَتَضَاعَفَ ضَوْؤُهُ؛ يُقَالُ: " تَدَارَأَ الرَّجُلَانِ " ؛ إِذَا تَدَافَعَا؛ وَيَكُونُ وَزْنُهُ عَلَى " فِعِّيلٌ " ؛ وَمَنْ كَسَرَهَا فَإِنَّمَا أَصْلُهُ الْهَمْزُ؛ فَخُفِّفَ؛ وَبَقِيَتْ كَسْرَةُ الدَّالِ عَلَى أَصْلِهَا؛ وَوَزْنُهُ أَيْضًا " فِعِّيلٌ " ؛ كَمَا كَانَ وَهُوَ مَهْمُوزٌ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ؛ وَيُقْرَأُ: " تُوقَدُ " ؛ بِالتَّاءِ؛ فَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ عَنَى بِهِ الْمِصْبَاحَ؛ وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ عَنَى بِهِ الزُّجَاجَةَ؛ وَيَجُوزُ: " فِي زَجَاحَةٍ " ؛ بِفَتْحِ الزَّايِ؛ وَفِيهَا وَجْهَانِ آخَرَانِ قُرِئَ بِهِمَا: " تَوَقَّدُ " ؛ بِفَتْحِ الدَّالِ؛ وَضَمِّهَا؛ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ فِيهِمَا جَمِيعًا؛ فَمَنْ قَرَأَ: " تَوَقَّدُ " ؛ فَالْمَعْنَى: " تَتَوَقَّدُ الزُّجَاجَةُ " ؛ وَمَنْ قَرَأَ: " تَوَقَّدَ " ؛ فَتَحَهُ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ؛ وَيَكُونُ الْمَعْنَى: " اَلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ تَوَقَّدَ الْمِصْبَاحُ " ؛ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ ؛
[ ص: 45 ] وَلَيْسَ شَيْءٌ فِي الشَّجَرِ - يُورِقُ غُصْنُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ - مِثْلُ الزَّيْتُونِ؛ وَالرُّمَّانِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بُورِكَ الْمَيْتُ الْغَرِيبُ كَمَا ... بُورِكَ نَظْمُ الرُّمَّانِ وَالزَّيْتُونِ
قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ؛ أَكْثَرُ التَّفْسِيرِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي وَقْتِ شُرُوقِهَا فَقَطْ؛ أَوْ عِنْدَ الْغُرُوبِ؛ أَيْ: لَيْسَ يَسْتُرُهَا فِي وَقْتٍ مِنَ النَّهَارِ شَيْءٌ؛ أَيْ: فَهِيَ شَرْقِيَّةٌ غَرْبِيَّةٌ؛ أَيْ: تُصِيبُهَا الشَّمْسُ بِالْغَدَاةِ؛ وَالْعَشِيِّ؛ فَهُوَ أَنْضَرُ لَهَا؛ وَأَجْوَدُ لِزَيْتِهَا؛ وَزَيْتُونِهَا؛ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ: إِنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا؛ أَيْ: هِيَ مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ.