الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما ما لا مثل له من الصيد فهو مخير فيه بين الإطعام أو الصيام ، فمن كفر بالإطعام قوم الصيد للمقتول دراهم واشترى بالدراهم طعاما . يتصدق به ، فإن أراد الصيام صام عن كل مد يوما ، وقال داود بن علي : ما لا مثل له من النعم غير مضمون بالجزاء ؛ لأن الله تعالى قال : فجزاء مثل ما قتل من النعم [ المائدة : 95 ] ، فلما ثبت الجزاء فيما له مثل له من النعم وجب أن ينتفي الجزاء عن ما لا مثل له من النعم ، والدلالة عليه قوله تعالى : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ، فلما كان جميع الصيد بحق العموم محرما وجب أن يكون جميعه بحكم البعض مضمونا ، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : في بيضة النعامة يصيبها المحرم قيمتها : والبيض لا مثل له وقد حكمت الصحابة في الحمامة بشاة وفي الجراد بالقيمة وذلك مما لا مثل له فثبت أن ذلك إجماع .

                                                                                                                                            فأما استدلاله بالآية ففيها جوابان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن جميع الصيد له مثل إلا أن المثل على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : مثل من جهة الصورة .

                                                                                                                                            والثاني : مثل من جهة القيمة ، وجميعا مثلان للمتلف ، كما يحكم على من أتلف طعاما بمثله ، وعلى من أتلف عبدا بقيمته ، وكلاهما مثل على حسب الإمكان ، وقد أومأ الشافعي إلى هذا المعنى في القديم ، وإن كان المشهور من قوله غيره .

                                                                                                                                            والجواب الثاني : أن هذه الآية إنما دخل فيها الصيد الذي له مثل من النعم وهو قوله في كتاب الأم وغيره : وما لا مثل له لم يدخل في الجزاء المذكور في هذه الآية ولكن دخل في قوله : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية