الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: واستمع يوم يناد المناد قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر "ينادي المنادي" بياء في الوصل . ووقف ابن كثير بياء، ووقف نافع وأبو عمرو بغير ياء . ووقف الباقون ووصلوا بياء . قال أبو سليمان الدمشقي: المعنى: واستمع حديث يوم ينادي المنادي . قال المفسرون: والمنادي: إسرافيل، يقف على صخرة بيت المقدس فينادي: يا أيها الناس هلموا إلى الحساب، إن الله يأمركم أن تجتمعوا لفصل القضاء; وهذه هي النفخة [ ص: 25 ] الأخيرة . والمكان القريب: صخرة بيت المقدس . قال كعب ومقاتل: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا . وقال ابن السائب باثني عشر ميلا . قال الزجاج: ويقال: إن تلك الصخرة في وسط الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يوم يسمعون الصيحة وهي [هذه] النفخة الثانية بالحق أي: بالبعث الذي لا شك فيه ذلك يوم الخروج من القبور .

                                                                                                                                                                                                                                      إنا نحن نحيي ونميت أي: نميت في الدنيا ونحيي للبعث وإلينا المصير بعد البعث، وهو قوله: يوم تشقق الأرض عنهم قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر: "تشقق" بتشديد الشين; وقرأ الباقون بتخفيفها سراعا أي: فيخرجون منها سراعا ذلك حشر علينا يسير أي: هين .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم عزى نبيه فقال: "نحن أعلم بما يقولون" في تكذيبك، يعني كفار مكة "وما أنت عليهم بجبار" قال ابن عباس: لم تبعث لتجبرهم على الإسلام إنما بعثت مذكرا، وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم، وأنكر الفراء هذا القول فقال: العرب لا تقول: "فعال من أفعلت" لا يقولون: "خراج" يريدون "مخرج" ولا "دخال" يريدون "مدخل" إنما يقولون: "فعال" من "فعلت"، وإنما الجبار هنا في موضع السلطان من الجبرية، وقد قالت العرب في حرف واحد: "دراك" من "أدركت" وهو شاذ، فإن جعل هذا على هذه الكلمة فهو وجه . وقال ابن قتيبة: "بجبار" أي: بمسلط، والجبار: الملك، سمي بذلك لتجبره، يقول: لست عليهم بملك مسلط .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 26 ] قال اليزيدي: لست بمسلط فتقهرهم على الإسلام . وقال مقاتل: لتقتلهم . وذكر المفسرون أن قوله: "وما أنت عليهم بجبار" منسوخ بآية السيف .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فذكر بالقرآن أي: فعظ به "من يخاف وعيد" وقرأ يعقوب: "وعيدي" بياء في الحالين]، أي: ما أوعدت من عصاني من العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية