الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ أخبر الرسول أنه سيحدث اختلاف كثير ]

يوضحه الوجه الحادي والخمسون : أنه صلى الله عليه وسلم قال في نفس هذا الحديث : { فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا } وهذا ذم للمختلفين ، وتحذير من سلوك سبيلهم ، وإنما كثر الاختلاف وتفاقم أمره بسبب التقليد وأهله ، وهم الذين فرقوا الدين وصيروا أهله شيعا ، كل فرقة تنصر متبوعها ، وتدعو إليه ، وتذم من خالفها ، ولا يرون العمل بقولهم حتى كأنهم ملة أخرى سواهم ، يدأبون ويكدحون في الرد عليهم ، ويقولون : كتبهم ، وكتبنا وأئمتهم وأئمتنا ، ومذهبهم ومذهبنا .

هذا والنبي واحد والقرآن واحد والدين واحد والرب واحد ; فالواجب على الجميع أن ينقادوا إلى كلمة سواء بينهم كلهم ، وأن لا يطيعوا إلا الرسول ، ولا يجعلوا معه من يكون أقواله كنصوصه ، ولا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله ; فلو اتفقت كلمتهم على ذلك وانقاد كل واحد منهم لمن دعاه إلى الله ورسوله وتحاكموا كلهم إلى السنة وآثار الصحابة لقل الاختلاف وإن لم يعدم من الأرض ; ولهذا تجد أقل الناس اختلافا أهل السنة والحديث ; فليس على وجه الأرض طائفة أكثر اتفاقا وأقل اختلافا منهم لما بنوا على هذا الأصل ، وكلما كانت الفرقة عن الحديث أبعد كان اختلافهم في أنفسهم أشد وأكثر ، فإن من رد الحق مرج عليه أمره واختلط عليه والتبس عليه وجه الصواب فلم يدر أين يذهب ، كما قال تعالى : { بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج } .

التالي السابق


الخدمات العلمية