قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29020وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا .
لما كان قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إنا خلقناكم من ذكر وأنثى [ 49 \ 13 ] ، يدل على استواء الناس في الأصل ; لأن أباهم واحد وأمهم واحدة وكان في ذلك أكبر زاجر عن
nindex.php?page=treesubj&link=32505التفاخر بالأنساب وتطاول بعض الناس على بعض ، بين تعالى أنه جعلهم شعوبا وقبائل لأجل أن يتعارفوا أي يعرف بعضهم بعضا ، ويتميز بعضهم عن بعض لا لأجل أن يفتخر بعضهم على بعض ويتطاول عليه .
وذلك يدل على أن كون بعضهم أفضل من بعض وأكرم منه إنما يكون بسبب آخر غير الأنساب .
وقد بين الله ذلك هنا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إن أكرمكم عند الله [ 49 \ 13 ] ، فاتضح من هذا أن
nindex.php?page=treesubj&link=19884_19875_19886الفضل والكرم إنما هو بتقوى الله لا بغيره من الانتساب إلى القبائل ، ولقد صدق من قال :
فقد nindex.php?page=treesubj&link=31645رفع الإسلام سلمان فارس وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب
وقد ذكروا أن
سلمان رضي الله عنه كان يقول :
[ ص: 418 ] أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
وهذه الآيات القرآنية ، تدل على أن دين الإسلام سماوي صحيح ، لا نظر فيه إلى الألوان ولا إلى العناصر ، ولا إلى الجهات ، وإنما المعتبر فيه تقوى الله - جل وعلا - وطاعته ، فأكرم الناس وأفضلهم أتقاهم لله ، ولا كرم ولا فضل لغير المتقي ، ولو كان رفيع النسب .
والشعوب جمع شعب ، وهو الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب وهي : الشعب ، والقبيلة ، والعمارة ، والبطن ، والفخذ ، والفصيلة .
فالشعب يجمع القبائل ، والقبيلة تجمع العمائر ، والعمارة تجمع البطون ، والبطن يجمع الأفخاذ ، والفخذ يجمع الفصائل .
خزيمة شعب ،
وكنانة قبيلة ،
وقريش عمارة ،
وقصي بطن ،
وهاشم فخذ ،
والعباس فصيلة .
وسميت الشعوب ، لأن القبائل تتشعب منها . ا هـ .
ولم يذكر من هذه الست في القرآن إلا ثلاث : الشعوب ، والقبائل كما في هذه الآية ، والفصيلة في المعارج في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=13وفصيلته التي تؤويه [ 70 \ 13 ] ، وقد قدمنا ما دلت عليه هذه الآيات موضحا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [ 17 \ 9 ] .
واعلم أن العرب قد تطلق بعض هذه الست على بعض كإطلاق البطن على القبيلة في قول الشاعر :
وإن كلابا هذه عشر أبطن وأنت بريء من قبائلها العشر
كما قدمناه في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثلاثة قروء [ 2 \ 228 ] .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=29020وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا .
لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى [ 49 \ 13 ] ، يَدُلُّ عَلَى اسْتِوَاءِ النَّاسِ فِي الْأَصْلِ ; لِأَنَّ أَبَاهُمْ وَاحِدٌ وَأُمَّهُمْ وَاحِدَةٌ وَكَانَ فِي ذَلِكَ أَكْبَرُ زَاجِرٍ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=32505التَّفَاخُرِ بِالْأَنْسَابِ وَتَطَاوُلِ بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ ، بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَهُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِأَجْلِ أَنْ يَتَعَارَفُوا أَيْ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيَتَمَيَّزُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَفْتَخِرَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَتَطَاوَلَ عَلَيْهِ .
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَوْنَ بَعْضِهِمْ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ وَأَكْرَمَ مِنْهُ إِنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ الْأَنْسَابِ .
وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ هُنَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ [ 49 \ 13 ] ، فَاتَّضَحَ مِنْ هَذَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19884_19875_19886الْفَضْلَ وَالْكَرَمَ إِنَّمَا هُوَ بِتَقْوَى اللَّهِ لَا بِغَيْرِهِ مِنَ الِانْتِسَابِ إِلَى الْقَبَائِلِ ، وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ :
فَقَدْ nindex.php?page=treesubj&link=31645رَفَعَ الْإِسْلَامُ سَلْمَانَ فَارِسٍ وَقَدْ وَضَعَ الْكُفْرُ الشَّرِيفَ أَبَا لَهَبٍ
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ
سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ :
[ ص: 418 ] أَبِي الْإِسْلَامُ لَا أَبَ لِي سِوَاهُ إِذَا افْتَخَرُوا بِقَيْسٍ أَوْ تَمِيمٍ
وَهَذِهِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ سَمَاوِيٌّ صَحِيحٌ ، لَا نَظَرَ فِيهِ إِلَى الْأَلْوَانِ وَلَا إِلَى الْعَنَاصِرِ ، وَلَا إِلَى الْجِهَاتِ ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْوَى اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - وَطَاعَتُهُ ، فَأَكْرَمُ النَّاسِ وَأَفْضَلُهُمْ أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ ، وَلَا كَرَمَ وَلَا فَضْلَ لِغَيْرِ الْمُتَّقِي ، وَلَوْ كَانَ رَفِيعَ النَّسَبِ .
وَالشُّعُوبُ جَمْعُ شَعْبٍ ، وَهُوَ الطَّبَقَةُ الْأُولَى مِنَ الطَّبَقَاتِ السِّتِّ الَّتِي عَلَيْهَا الْعَرَبُ وَهِيَ : الشَّعْبُ ، وَالْقَبِيلَةُ ، وَالْعِمَارَةُ ، وَالْبَطْنُ ، وَالْفَخْذُ ، وَالْفَصِيلَةُ .
فَالشَّعْبُ يَجْمَعُ الْقَبَائِلَ ، وَالْقَبِيلَةُ تَجْمَعُ الْعَمَائِرَ ، وَالْعِمَارَةُ تَجْمَعُ الْبُطُونَ ، وَالْبَطْنُ يَجْمَعُ الْأَفْخَاذَ ، وَالْفَخْذُ يَجْمَعُ الْفَصَائِلَ .
خُزَيْمَةُ شَعْبٌ ،
وَكِنَانَةُ قَبِيلَةٌ ،
وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ ،
وَقُصَيٌّ بَطْنٌ ،
وَهَاشِمٌ فَخْذٌ ،
وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ .
وَسُمِّيَتِ الشُّعُوبُ ، لِأَنَّ الْقَبَائِلَ تَتَشَعَّبُ مِنْهَا . ا هـ .
وَلَمْ يُذْكَرْ مِنْ هَذِهِ السِّتِّ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا ثَلَاثٌ : الشُّعُوبُ ، وَالْقَبَائِلُ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَالْفَصِيلَةُ فِي الْمَعَارِجِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=13وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ [ 70 \ 13 ] ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَاتُ مُوَضَّحًا فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [ 17 \ 9 ] .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُطْلِقُ بَعْضَ هَذِهِ السِّتِّ عَلَى بَعْضٍ كَإِطْلَاقِ الْبَطْنِ عَلَى الْقَبِيلَةِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
وَإِنَّ كِلَابًا هَذِهِ عَشْرُ أَبْطُنٍ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ قَبَائِلِهَا الْعَشْرِ
كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [ 2 \ 228 ] .