قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الذي خلقني فهو يهدين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79والذي هو يطعمني ويسقين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وإذا مرضت فهو يشفين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81والذي يميتني ثم يحيين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=82والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين .
[ ص: 104 ] nindex.php?page=treesubj&link=28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الذي خلقني فهو يهدين أي يرشدني إلى الدين .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79والذي هو يطعمني ويسقين أي يرزقني . ودخول هو تنبيه على أن غيره لا يطعم ولا يسقي ; كما تقول : زيد هو الذي فعل كذا ; أي لم يفعله غيره . وإذا مرضت فهو يشفين قال : " مرضت " رعاية للأدب وإلا فالمرض والشفاء من الله عز وجل جميعا . ونظيره قول فتى
موسى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63وما أنسانيه إلا الشيطان .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81والذي يميتني ثم يحيين يريد البعث وكانوا ينسبون الموت إلى الأسباب ; فبين أن الله هو الذي يميت ويحيي . وكله بغير ياء :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78يهدين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80يشفين لأن الحذف في رءوس الآي حسن لتتفق كلها . وقرأ
ابن أبي إسحاق على جلالته ومحله من العربية هذا كله بالياء ; لأن الياء اسم وإنما دخلت النون لعلة . فإن قيل : فهذه صفة لجميع الخلق فكيف جعلها
إبراهيم دليلا على هدايته ولم يهتد بها غيره ؟ قيل : إنما ذكرها احتجاجا على وجوب الطاعة ; لأن من أنعم وجب أن يطاع ولا يعصى ليلتزم غيره من الطاعة ما قد التزمها ; وهذا إلزام صحيح .
قلت : وتجوز بعض أهل الإشارات في غوامض المعاني فعدل عن ظاهر ما ذكرناه إلى ما تدفعه بدائة العقول من أنه ليس المراد من
إبراهيم . فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79والذي هو يطعمني ويسقين أي يطعمني لذة الإيمان ويسقين حلاوة القبول . ولهم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وإذا مرضت فهو يشفين وجهان : أحدهما : إذا مرضت بمخالفته شفاني برحمته . الثاني : إذا مرضت بمقاساة الخلق ، شفاني بمشاهدة الحق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد الصادق : إذا مرضت بالذنوب شفاني بالتوبة . وتأولوا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81والذي يميتني ثم يحيين على ثلاثة أوجه : فالذي يميتني بالمعاصي يحييني بالطاعات . الثاني : يميتني بالخوف ويحييني بالرجاء . الثالث : يميتني بالطمع ويحييني بالقناعة . وقول رابع : يميتني بالعدل ويحييني بالفضل . وقول خامس : يميتني بالفراق ويحييني بالتلاق . وقول سادس : يميتني بالجهل ويحييني بالعقل ; إلى غير ذلك مما ليس بشيء منه مراد من الآية ; فإن هذه التأويلات الغامضة ، والأمور الباطنة ، إنما تكون لمن حذق وعرف الحق ، وأما من كان في عمى عن الحق ولا يعرف الحق فكيف ترمز له الأمور الباطنة ، وتترك الأمور الظاهرة ؟ هذا محال . والله أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=82وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ .
[ ص: 104 ] nindex.php?page=treesubj&link=28997nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ أَيْ يُرْشِدُنِي إِلَى الدِّينِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ أَيْ يَرْزُقُنِي . وَدُخُولُ هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُطْعِمُ وَلَا يَسْقِي ; كَمَا تَقُولُ : زَيْدٌ هُوَ الَّذِي فَعَلَ كَذَا ; أَيْ لَمْ يَفْعَلْهُ غَيْرُهُ . وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ قَالَ : " مَرِضْتُ " رِعَايَةً لِلْأَدَبِ وَإِلَّا فَالْمَرَضُ وَالشِّفَاءُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعًا . وَنَظِيرُهُ قَوْلُ فَتَى
مُوسَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ يُرِيدُ الْبَعْثَ وَكَانُوا يَنْسُبُونَ الْمَوْتَ إِلَى الْأَسْبَابِ ; فَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُمِيتُ وَيُحْيِي . وَكُلُّهُ بِغَيْرِ يَاءٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=78يَهْدِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80يَشْفِينِ لِأَنَّ الْحَذْفَ فِي رُءُوسِ الْآيِ حَسَنٌ لِتَتَّفِقَ كُلُّهَا . وَقَرَأَ
ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَلَى جَلَالَتِهِ وَمَحَلِّهِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ هَذَا كُلَّهُ بِالْيَاءِ ; لِأَنَّ الْيَاءَ اسْمٌ وَإِنَّمَا دَخَلَتِ النُّونُ لِعِلَّةٍ . فَإِنْ قِيلَ : فَهَذِهِ صِفَةٌ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ فَكَيْفَ جَعَلَهَا
إِبْرَاهِيمُ دَلِيلًا عَلَى هِدَايَتِهِ وَلَمْ يَهْتَدِ بِهَا غَيْرُهُ ؟ قِيلَ : إِنَّمَا ذَكَرَهَا احْتِجَاجًا عَلَى وُجُوبِ الطَّاعَةِ ; لِأَنَّ مَنْ أَنْعَمَ وَجَبَ أَنْ يُطَاعَ وَلَا يُعْصَى لِيَلْتَزِمَ غَيْرُهُ مِنَ الطَّاعَةِ مَا قَدِ الْتَزَمَهَا ; وَهَذَا إِلْزَامٌ صَحِيحٌ .
قُلْتُ : وَتَجَوَّزَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَاتِ فِي غَوَامِضِ الْمَعَانِي فَعَدَلَ عَنْ ظَاهِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ إِلَى مَا تَدْفَعُهُ بَدَائَةُ الْعُقُولِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ
إِبْرَاهِيمَ . فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=79وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ أَيْ يُطْعِمُنِي لَذَّةَ الْإِيمَانِ وَيَسْقِينِ حَلَاوَةَ الْقَبُولِ . وَلَهُمْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : إِذَا مَرِضْتُ بِمُخَالَفَتِهِ شَفَانِي بِرَحْمَتِهِ . الثَّانِي : إِذَا مَرِضْتُ بِمُقَاسَاةِ الْخَلْقِ ، شَفَانِي بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ : إِذَا مَرِضْتُ بِالذُّنُوبِ شَفَانِي بِالتَّوْبَةِ . وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=81وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : فَالَّذِي يُمِيتُنِي بِالْمَعَاصِي يُحْيِينِي بِالطَّاعَاتِ . الثَّانِي : يُمِيتُنِي بِالْخَوْفِ وَيُحْيِينِي بِالرَّجَاءِ . الثَّالِثُ : يُمِيتُنِي بِالطَّمَعِ وَيُحْيِينِي بِالْقَنَاعَةِ . وَقَوْلٌ رَابِعٌ : يُمِيتُنِي بِالْعَدْلِ وَيُحْيِينِي بِالْفَضْلِ . وَقَوْلٌ خَامِسٌ : يُمِيتُنِي بِالْفِرَاقِ وَيُحْيِينِي بِالتَّلَاقِ . وَقَوْلٌ سَادِسٌ : يُمِيتُنِي بِالْجَهْلِ وَيُحْيِينِي بِالْعَقْلِ ; إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْهُ مُرَادٌ مِنَ الْآيَةِ ; فَإِنَّ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ الْغَامِضَةَ ، وَالْأُمُورَ الْبَاطِنَةَ ، إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ حَذَقَ وَعَرَفَ الْحَقَّ ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي عَمًى عَنِ الْحَقِّ وَلَا يَعْرِفُ الْحَقَّ فَكَيْفَ تُرْمَزُ لَهُ الْأُمُورُ الْبَاطِنَةُ ، وَتُتْرَكُ الْأُمُورُ الظَّاهِرَةُ ؟ هَذَا مُحَالٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .