الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      (اللبس) : الخلط، فالمعنى: لا تخلطوا ما عندكم في الكتاب من الحق بالباطل; وهو التغيير والتبديل، وروي معنى ذلك عن ابن عباس، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وتكتموا الحق وأنتم تعلمون يعني: كتمانهم أمر النبي عليه الصلاة والسلام وهم يعرفونه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأقيموا الصلاة قد تقدم القول فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وآتوا الزكاة يعني: الزكاة المفروضة، سميت زكاة ; لأنها تطهر المال، [ ص: 207 ] وقيل: لأنها تنميه.

                                                                                                                                                                                                                                      واركعوا مع الراكعين أي: صلوا مع المصلين، فعبر عن الصلاة بالركوع; إذ هو منها، وقيل: لأن اليهود لا يركعون في صلاتهم، وهم المخاطبون.

                                                                                                                                                                                                                                      أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم قيل: كانوا يأمرون الناس بالتمسك بكتابهم وهم به كافرون; لكفرهم بما فيه من أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: تأمرون بالصدقة وتبخلون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {وتنسون} ههنا: تتركون.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنتم تتلون الكتاب أي: تقرؤونه، وسميت القراءة تلاوة; لأن بعض الحروف فيها يتبع بعضا.

                                                                                                                                                                                                                                      أفلا تعقلون أي: أفلا تمتنعون من المعاصي؟ وأصل (العقل) : المنع.

                                                                                                                                                                                                                                      واستعينوا بالصبر والصلاة قيل: يعني بـ (الصبر) : الصبر عن المعاصي، وقيل: (الصبر) : الصوم، عن مجاهد، والصوم صبر; لأنه إمساك عن الطعام، [ ص: 208 ] وهو أصل الصبر; أعني: الحبس والإمساك، ومنه: (المصبورة) : الدابة تحبس وتجعل غرضا لرمي السهام.

                                                                                                                                                                                                                                      وأمر الله تعالى بالاستعانة بالصوم على هذا القول; لأنه يزهد في الدنيا، وبالصلاة; لأنها يتلى فيها ما يتعظ به.

                                                                                                                                                                                                                                      وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين قيل: معناه: وإن الاستعانة، وقيل: وإن الصلاة، وقيل: وإن إجابة محمد عليه الصلاة والسلام; لأن الصبر والصلاة مما كان يدعو إليه صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      والخاشع: المتواضع المستكين، ويكون الخشوع في الصوت والبصر أيضا؟

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون (الظن) ههنا في قول أكثر المفسرين بمعنى: اليقين، وقيل: هو بمعنى: الشك، على تقدير حذف، المعنى: يظنون أنهم ملاقو ربهم بذنوبهم; لشدة إشفاقهم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 209 ] وجاز أن يستعمل (الظن) لليقين والشك; لأن كل ظن يشوبه يقين، فساغ أن يمال به إلى أحد الجانبين.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : قد يقع الظن بمعنى الكذب.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى ملاقو ربهم : ملاقو جزاء ربهم، وقيل: جاء على المفاعلة وهو من واحد; مثل: (عافاه الله) ، وقيل: يعني به: النظر إلى الله عز وجل.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنهم إليه راجعون أي: إلى ربهم راجعون، وقيل: إلى جزائه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية