الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إلا اللمم .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في «سننه»، عن ابن عباس قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ق ال : «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة [ ص: 37 ] فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن ابن مسعود في قوله : إلا اللمم قال : زنا العينين النظر، وزنا الشفتين التقبيل، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه، فإن تقدم بفرجه كان زانيا، وإلا فهو اللمم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسدد، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة ، أنه سئل عن قوله : إلا اللمم قال : هي النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة، فإذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل، وهو الزنى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن الزبير قال : اللمم ما بين الحدين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، والترمذي وصححه، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في «شعب [ ص: 38 ] الإيمان» عن ابن عباس في قوله : إلا اللمم قال : هو الرجل يلم بالفاحشة، ثم يتوب منها، قال : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :


                                                                                                                                                                                                                                      إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما!



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ،عن ابن عباس في قوله : إلا اللمم يقول : إلا ما قد سلف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ،عن ابن زيد قال : قال المشركون : إنما كانوا بالأمس يعملون معنا، فأنزل الله : إلا اللمم ما كان منهم في الجاهلية قبل الإسلام، وغفرها لهم حين أسلموا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن زيد بن أسلم في قوله : الذين يجتنبون كبائر الإثم قال : الشرك، والفواحش قال : الزنى، تركوا ذلك حين دخلوا في الإسلام، وغفر الله لهم ما كانوا ألموا به وأصابوا من ذلك قبل الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في «شعب [ ص: 39 ] الإيمان» عن أبي هريرة ، أراه رفعه في قوله : إلا اللمم قال : اللمة من الزنى، ثم يتوب ولا يعود، واللمة من شرب الخمر، ثم يتوب ولا يعود، قال : فتلك الإلمام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن الحسن في قوله : إلا اللمم قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : هو الرجل يصيب اللمة من الزنى، واللمة من شرب الخمر، فيجتنبها، أو يتوب منها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أتدرون ما اللمم؟» قالوا : الله ورسوله أعلم، قال : «هو الرجل يلم بالنظرة من الزنى ثم لا يعود، ويلم بالشربة من الخمر ثم لا يعود، ويلم بالسرقة ثم لا يعود» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : إلا اللمم قال : يلم بها في الحين ثم يتوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن أبي صالح قال : سئلت عن اللمم فقلت : هو [ ص: 40 ] الرجل يصيب الذنب ثم يتوب، وأخبرت بذلك ابن عباس فقال : لقد أعانك عليها ملك كريم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري في «تاريخه» عن الحسن في قوله : إلا اللمم قال : الزنية في الحين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن أبي صالح في قوله : إلا اللمم قال : الوقعة من الزنى لا يعود لها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن عطاء في قوله : إلا اللمم قال : هو ما دون الجماع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن عكرمة أنه ذكر له قول الحسن في اللمم : هي الخطرة من الزنى، فقال : لا، ولكنها الضمة، والقبلة، والشمة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عمرو قال : اللمم ما دون الشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن ابن عباس قال : اللمم كل شيء بين الحدين، حد الدنيا وحد الآخرة، يكفره الصلاة، وهو دون كل موجب، فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في الدنيا، وأما حد الآخرة [ ص: 41 ] فكل شيء ختمه الله بالنار، وأخر عقوبته إلى الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : إلا اللمم قال : اللمم ما بين الحدين، ما لم يبلغ حد الدنيا ولا حد الآخرة، موجبة قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يقام عليها الحد في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن محمد بن سيرين قال : سأل رجل زيد بن ثابت عن هذه الآية : الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم فقال : حرم الله عليك الفواحش ما ظهر منها وما بطن .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية