الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                  صفحة جزء
                                                  2654 حدثنا أبو مسلم قال : حدثنا عمرو بن حكام قال : حدثنا المثنى بن سعيد القصير قال : حدثنا أبو جمرة ، أن ابن عباس حدثهم ، عن بدو إسلام أبي ذر قال : لما بلغه أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه نبي ، بعث أخاه فقال : انطلق حتى تأتيني بخبره وما تسمع منه ، فانطلق أخوه حتى سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم رجع إلى أبي ذر ، فأخبره أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويأمر بمكارم الأخلاق ، فقال أبو ذر : ما شفيتني ، فأخذ شنة فيها ماؤه وزاده ، ثم انطلق حتى أتى مكة ، ففرق أن يسأل أحدا عن شيء ، ولم يلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل المسجد ، فجال به حتى أمسى ، فلما أعتم ، مر به علي بن أبي طالب ، فقال : من الرجل ؟ قال : رجل من غفار . قال : فانطلق إلى المنزل ، فانطلق معه ، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء ، فلما أصبح غدا أبو ذر في الطلب ، فلما أمسى نام في المسجد ، فمر به علي بن أبي طالب ، فقال : آن للرجل أن يعرف منزله ، فلما كان اليوم الثالث أخذ علي علي لئن أخبره بأمره ليسترن عليه ، وليكتمن عنه ، فأخبره أنه بلغه أن رجلا خرج بمكة يزعم أنه [ ص: 305 ] نبي ، فبعثت أخي ، فلم يأتني بما يشفيني ، فجئته بنفسي ، فقال له علي : إنى غاد ، فاتبعني ، فإني إن رأيت ما أخاف عليك قمت كأني أهريق الماء ، فغدا علي وغدا أبو ذر على أثره ، حتى دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل أبو ذر على أثره ، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمع منه ، فأسلم ، ثم قال : يا رسول الله ، مرني بأمرك ، فقال : " ارجع إلى قومك حتى يأتيك خبري " ، فقال : والله لا رجعت حتى أصرح بالإسلام ، فغدا إلى المسجد ، فقام يصرخ بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فقال المشركون : صبأ الرجل ، ثم قاموا إليه فضربوه حتى سقط ، فمر به العباس بن عبد المطلب ، فأكب عليه ، وقال : قتلتم الرجل يا معشر قريش ، أنتم تجار ، وطريقكم على غفار أفتريدون أن يقطع الطريق ؟ فكفوا عنه ، فلما كان الغد عاد لمقالته ، فوثبوا عليه ، فضربوه حتى سقط ، فمر به العباس ، فأكب عليه ، وقال لهم مثل ما قال بالأمس ، فكفوا عنه ، فهذا كان بدو إسلام أبي ذر رضي الله عنه .

                                                  لم يرو هذا الحديث عن أبي جمرة إلا المثنى ، ولا رواه عن المثنى إلا عبد الرحمن بن مهدي ، وعمرو بن حكام .

                                                  التالي السابق


                                                  الخدمات العلمية