nindex.php?page=treesubj&link=30614_32028_34172_34189_34513_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة كلام مستأنف جيء به لزجر معاصريه عليه الصلاة والسلام من أهل الأديان السماوية عن منازعته عليه الصلاة والسلام ببيان حال ما تمسكوا به من الشرائع وإظهار خطئهم في النظر أي لكل أمة معينة من الأمم الخالية والباقية
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67جعلنا وضعنا وعينا
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67منسكا أي شريعة خاصة ، وتقديم الجار والمجرور على الفعل للقصر لا لأمة أخرى منهم ، والكلام نظير قولك لكل من فاطمة وزينب وهند وحفصة أعطيت ثوبا خاصا إذا كنت أعطيت فاطمة ثوبا أحمر وزينب ثوبا أصفر وهندا ثوبا أسود وحفصة ثوبا أبيض فإنه بمعنى لفاطمة أعطيت ثوبا أحمر لا لأخرى من أخواتها ولزينب أعطيت ثوبا أصفر لا لأخرى منهن وهكذا ، وحاصل المعنى هنا عينا كل شريعة لأمة معينة من الأمم بحيث لا تتخطى أمة منهم شريعتها المعينة لها إلى شريعة أخرى لا استقلالا ولا اشتراكا ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هم ناسكوه صفة لمنسكا مؤكدة للقصر ، والضمير لكل أمة باعتبار خصوصها أي تلك الأمة المعينة ناسكون به وعاملون لا أمة أخرى فالأمة التي كانت من مبعث موسى إلى مبعث
عيسى عليهما السلام منسكهم ما في التوراة هم عاملون به لا غيرهم والتي من مبعث
عيسى عليه السلام إلى مبعث نبينا صلى الله عليه وسلم منسكهم ما في الإنجيل هم عاملون به لا غيرهم ، وأما الأمة الموجودة عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من الموجودين إلى يوم القيامة فهم أمة واحدة منسكهم ما في القرآن ليس إلا ، والفاء في قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فلا ينازعنك في الأمر أي أمر الدين لترتيب النهي على ما قبلها فإن تعيينه تعالى لكل أمة من الأمم التي من جملتها أمته عليه الصلاة والسلام شريعة مستقلة بحيث لا تتخطى أمة منهم ما عين لها موجب لطاعة هؤلاء له صلى الله عليه وسلم وعدم منازعتهم إياه في أمر الدين زعما منهم أن شريعتهم ما عين لآبائهم مما في التوراة والإنجيل فإن ذلك شريعة لمن مضى قبل انتساخه وهؤلاء أمة مستقلة شريعتهم ما في القرآن فحسب ، والظاهر أن المراد نهيهم حقيقة عن النزاع في ذلك .
واختار بعضهم كونه كناية عن نهيه صلى الله عليه وسلم عن الالتفات إلى نزاعهم المبني على زعمهم المذكور لأنه أنسب بقوله تعالى الآتي :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67وادع إلخ ، وأمر الأنسبية عليه ظاهر إلا أنه في نفسه خلاف الظاهر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو نهي له عليه الصلاة والسلام عن منازعتهم كما تقول : لا يضاربنك زيد أي لا تضاربنه وذلك بطريق الكناية ، وهذا إنما يجوز على ما قيل وبحث فيه من باب المفاعلة للتلازم فلا يجوز في مثل لا يضربنك زيد أن تريد لا تضربنه .
وتعقب بأنه لا يساعده المقام ، وقرئ «فلا ينازعنك » بالنون الخفيفة ، وقرأ
أبو مجلز ،
ولاحق بن حميد «فلا ينزعنك » بكسر الزاي على أنه من النزع بمعنى الجذب كما في البحر ، والمعنى كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني فلا يستخفنك عن دينك إلى أديانهم فتكون بصورة المنزوع عن شيء إلى غيره .
وفي الكشاف أن المعنى اثبت في دينك ثباتا لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه ، والمراد زيادة
[ ص: 196 ] التثبيت له عليه الصلاة والسلام بما يهيج حميته ويلهب غضبه لله تعالى ولدينه ومثله كثير في القرآن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو من نازعته فنزعته أنزعه أي غلبته ، فالمعنى لا يغلبنك في المنازعة والمراد بها منازعة الجدال يعني أن ذلك من باب المغالبة ، لكن أنت تعلم أنها عند الجمهور تقال في كل فعل فاعلته ففعلته أفعله بضم العين ولا تكسر إلا شذوذا ، وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ورده العلماء أن ما كان عينه أو لامه حرف حلق لا يضم بل يترك على ما كان عليه فيكون ما هنا على توجيه
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج شاذا عند الجمهور .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : كما في المفصل وليس في كل شيء يكون هذا أي باب المغالبة ألا ترى أنك تقول : نازعني فنزعته استغني عنه بغلبته ، ثم إن المراد من لا يغلبنك في المنازعة لا تقصر في منازعتهم حتى يغلبوك فيها ، وفيه مبالغة في التثبيت فليس هناك نهي له صلى الله تعالى عليه وسلم عن فعل غيره ، هذا وما ذكرنا من تفسير المنسك بالشريعة هو رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال ، وقال
الإمام : هو الأقرب ، وقيل : هو مصدر بمعنى النسك أي العبادة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : يعطي ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هم ناسكوه وقيل : هو اسم زمان ، وقيل : اسم مكان ، وكان الظاهر ناسكون فيه إلا أنه اتسع في ذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هو الذبح .
وأخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب عن
علي بن الحسن رضي الله تعالى عنهما
nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما .
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، وجعل ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67ينازعنك للمشركين ، والأمر المتنازع فيه أمر الذبائح لما ذكر من أن الآية نزلت بسبب قول الخزاعيين
بديل بن ورقاء .
وبشر بن سفيان ويزيد بن خنيس للمؤمنين ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله تعالى ، ومنهم من اقتصر على جعل محل النزاع أمر النسائك وجعله عبارة عن قول الخزاعيين المذكور . وتعقبه
شيخ الإسلام بأنه مما لا سبيل إليه أصلا كيف لا وإنه يستدعي أن يكون أكل الميتة وسائر ما يدين به المشركون من الأباطيل من المناسك التي جعلها الله تعالى لبعض الأمم ولا يرتاب في بطلانه عاقل ، وأجيب بأن المعنى عليه لا ينازعنك المشركون في أمر النسائك فإنه لكل أمة شريعة شرعناها وأعلمناك بها فكيف ينازعون بما ليس له عين ولا أثر فيها ، وقيل : المعنى عليه لا تلتفت إلى نزاع المشركين في أمر الذبائح فإنا جعلنا لكل أمة من أهل الأديان ذبحا هم ذابحوه .
وحاصله لا تلتفت إلى ذلك فإن الذبح شرع قديم للأمم غير مختص بأمتك وهذا لا شك في صحته ، ومن قال بصحة الآثار وعض عليها بالنواجذ لا يكاد يجد أولى منه في بيان حاصل الآية على ما تقتضيه ، ومن لم يكن كذلك ورأى أن الآية متى احتملت معنى جزلا لا محذور فيه قيل به وإن لم يذكره أحد من السلف فعليه بما ذكرناه أولا في تفسير الآية ، وأيا ما كان فالظاهر أنه إنما لم تعطف هذه الجملة كما عطف قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا [الحج : 34] إلخ لضعف الجامع بينها وبين ما تقدمها من الآيات بخلاف ذلك . وفي الكشف بيانا لكلام الكشاف في توجيه العطف هناك وتركه هنا أن الجامع هناك قوي مقتض للعطف فإن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=33لكم فيها أي في الشعائر منافع دينية ودنيوية كوجوب نحرها منتهية إلى البيت العتيق كالإعادة لما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات [الحج : 28] إلا أن فيه تخصيصا بالمخاطبين فعطف عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34ولكل أمة جعلنا منسكا للذكر لتتم الإعادة والغرض من هذا الأسلوب أن يبين أنه شرع قديم وأنه
[ ص: 197 ] لم يزل متضمنا لمنافع جليلة في الدارين ، وأما فيما نحن فيه فأين حديث النسائك من حديث تعداد الآيات والنعم الدالة على كمال العلم والقدرة والحكمة والرحمة ، ولعمري إن شرعية النسائك لكل أمة وإن كانت من الرحمة والنعمة لكن النظر إلى المجانسة بين النعم وما سيق له الكلام فالحالة مقتضية للقطع ، وذكره ها هنا لهذه المناسبة على نحو خفي ضيق اهـ ، وهو حسن وظاهره تفسير النسك بالذبح .
وذكر
الطيبي أن ما تقدم عطف على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32ومن يعظم شعائر الله [الحج : 32] إلخ وهو من تتمة الكلام مع المؤمنين أي الأمر ذلك والمطلوب تعظيم شعائر الله تعالى وليس هذا مما يختص بكم إذ كل أمة مخصوصة بنسك وعبادة .
وهذه الآية مقدمة نهي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عما يوجب نزاع القوم تسلية له وتعظيم لأمره حيث جعل أمره منسكا ودينا يعني شأنك وشأن أمثالك من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ترك المنازعة مع الجهال وتمكينهم من المناظرة المؤدية إلى النزاع وملازمة الدعوة إلى التوحيد أو لكل أمة من الأمم الخالية المعاندة جعلنا طريقا ودينا هم ناسكوه فلا ينازعنك هؤلاء المجادلة . سمي دأبهم نسكا لإيجابهم ذلك على أنفسهم واستمرارهم عليه تهكما بهم ومسلاة لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم مما كان يلقى منهم ، وأما اتصاله بما سبق من الآيات فإن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=55ولا يزال الذين كفروا في مرية منه [الحج : 55] يوجب القلع عن إنذار القوم والإياس منهم ومتاركتهم والآيات المتخللة كالتأكيد لمعنى التسلية فجيء بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك تحريضا له عليه الصلاة والسلام على التأسي بالأنبياء السالفة في متاركة القوم والإمساك عن مجادلتهم بعد الإياس من إيمانهم وينصره قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113فالله يحكم بينهم يوم القيامة فالربط على طريقة الاستئناف وهو أقوى من الربط اللفظي ، والذي يدور عليه قطب هذه السورة الكريمة الكلام في مجادلة القوم ومعانديهم والنعي عليهم بشدة شكيمتهم ألا ترى كيف افتتحها بقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=3ومن الناس من يجادل في الله [الحج : 3] وكررها وجعلها أصلا للمعنى المهتم به وكلما شرع في أمر كر إليه تثبيتا لقلب الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ومسلاة لصدره الشريف عليه الصلاة والسلام فلا يقال : إن هذه الآية واقعة مع أباعد عن معناها انتهى ، ولعمري إنه أبعد عن ربوع التحقيق وفسر الآية الكريمة بما لا يليق . وقد تعقب في الكشف اتصاله بما ذكر بأنه لا وجه له فقد تخلل ما لا يصلح لتأكيد معنى التسلية المذكورة أعني قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=60ومن عاقب الآيات لا سيما على ما آثره من جعلها في المقاتلين في الشهر الحرام ولو سلم فلا مدخل للاستئناف وهو تمهيد لما بعده أعني قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فلا ينازعنك إلخ ، وأما قوله والذي يدور عليه إلخ فهو مسلم وهو عليه لا له فتأمل والله تعالى الموفق للصواب .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67وادع أي وادع هؤلاء المنازعين أو الناس كافة على أنهم داخلون فيهم دخولا أوليا
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67إلى ربك إلى توحيده وعبادته حسبما بين في منسكهم وشريعتهم
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67إنك لعلى هدى أي طريق موصل إلى الحق ففيه استعارة مكنية وتخييليتها على ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67مستقيم أي سوي أو أحدهما تخييل والآخر ترشيح ، ثم المراد بهذا الطريق إما الدين والشريعة أو أدلتها ، والجملة استئناف في موضوع التعليل .
nindex.php?page=treesubj&link=30614_32028_34172_34189_34513_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ جِيءَ بِهِ لِزَجْرِ مُعَاصِرِيهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ السَّمَاوِيَّةِ عَنْ مُنَازَعَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِبَيَانِ حَالِ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنَ الشَّرَائِعِ وَإِظْهَارِ خَطَئِهِمْ فِي النَّظَرِ أَيْ لِكُلِّ أُمَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67جَعَلْنَا وَضَعْنَا وَعَيَّنَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67مَنْسَكًا أَيْ شَرِيعَةً خَاصَّةً ، وَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى الْفِعْلِ لِلْقَصْرِ لَا لِأُمَّةٍ أُخْرَى مِنْهُمْ ، وَالْكَلَامُ نَظِيرُ قَوْلِكَ لِكُلٍّ مِنْ فَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ وَهِنْدٍ وَحَفْصَةَ أَعْطَيْتُ ثَوْبًا خَاصًّا إِذَا كُنْتَ أَعْطَيْتَ فَاطِمَةَ ثَوْبًا أَحْمَرَ وَزَيْنَبَ ثَوْبًا أَصْفَرَ وَهِنْدًا ثَوْبًا أَسْوَدَ وَحَفْصَةَ ثَوْبًا أَبْيَضَ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى لِفَاطِمَةَ أَعْطَيْتُ ثَوْبًا أَحْمَرَ لَا لِأُخْرَى مِنْ أَخَوَاتِهَا وَلِزَيْنَبَ أَعْطَيْتُ ثَوْبًا أَصْفَرَ لَا لِأُخْرَى مِنْهُنَّ وَهَكَذَا ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى هُنَا عَيَّنَّا كُلَّ شَرِيعَةٍ لِأُمَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْأُمَمِ بِحَيْثُ لَا تَتَخَطَّى أُمَّةٌ مِنْهُمْ شَرِيعَتَهَا الْمُعَيَّنَةَ لَهَا إِلَى شَرِيعَةٍ أُخْرَى لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا اشْتِرَاكًا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هُمْ نَاسِكُوهُ صِفَةٌ لِمَنْسَكًا مُؤَكِّدَةٌ لِلْقَصْرِ ، وَالضَّمِيرُ لِكُلِّ أُمَّةٍ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِهَا أَيْ تِلْكَ الْأُمَّةُ الْمُعَيَّنَةُ نَاسِكُونَ بِهِ وَعَامِلُونَ لَا أُمَّةً أُخْرَى فَالْأُمَّةُ الَّتِي كَانَتْ مِنْ مَبْعَثِ مُوسَى إِلَى مَبْعَثِ
عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ مَنْسَكُهُمْ مَا فِي التَّوْرَاةِ هُمْ عَامِلُونَ بِهِ لَا غَيْرُهُمْ وَالَّتِي مِنْ مَبْعَثِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى مَبْعَثِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْسَكُهُمْ مَا فِي الْإِنْجِيلِ هُمْ عَامِلُونَ بِهِ لَا غَيْرُهُمْ ، وَأَمَّا الْأُمَّةُ الْمَوْجُودَةُ عِنْدَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمَوْجُودِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ مَنْسَكُهُمْ مَا فِي الْقُرْآنِ لَيْسَ إِلَّا ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ أَيْ أَمْرِ الدِّينِ لِتَرْتِيبِ النَّهْيِ عَلَى مَا قَبْلَهَا فَإِنَّ تَعْيِينَهُ تَعَالَى لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا أُمَّتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَرِيعَةً مُسْتَقِلَّةً بِحَيْثُ لَا تَتَخَطَّى أُمَّةٌ مِنْهُمْ مَا عُيِّنَ لَهَا مُوجِبٌ لِطَاعَةِ هَؤُلَاءِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَمِ مُنَازَعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي أَمْرِ الدِّينِ زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّ شَرِيعَتَهُمْ مَا عُيِّنَ لِآبَائِهِمْ مِمَّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَإِنَّ ذَلِكَ شَرِيعَةٌ لِمَنْ مَضَى قَبْلَ انْتِسَاخِهِ وَهَؤُلَاءِ أُمَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ شَرِيعَتُهُمْ مَا فِي الْقُرْآنِ فَحَسْبُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَهْيُهُمْ حَقِيقَةً عَنِ النِّزَاعِ فِي ذَلِكَ .
وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهُ كِنَايَةً عَنْ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى نِزَاعِهِمُ الْمَبْنِيِّ عَلَى زَعْمِهِمُ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بُقُولِهِ تَعَالَى الْآتِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67وَادْعُ إِلَخْ ، وَأَمْرُ الْأَنْسَبِيَّةِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ إِلَّا أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هُوَ نَهْيٌ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ مُنَازَعَتِهِمْ كَمَا تَقُولُ : لَا يُضَارِبَنَّكَ زَيْدٌ أَيْ لَا تُضَارِبَنَّهُ وَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ ، وَهَذَا إِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى مَا قِيلَ وَبُحِثَ فِيهِ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ لِلتَّلَازُمِ فَلَا يَجُوزُ فِي مِثْلِ لَا يَضْرِبَنَّكَ زَيْدٌ أَنْ تُرِيدَ لَا تَضْرِبَنَّهُ .
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يُسَاعِدُهُ الْمَقَامُ ، وَقُرِئَ «فَلَا يُنَازِعُنَكَ » بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ ، وَقَرَأَ
أَبُو مِجْلَزٍ ،
وَلَاحَقَ بْنَ حُمَيْدٍ «فَلَا يِنْزِعُنَّكَ » بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَى أَنَّهُ مِنَ النَّزْعِ بِمَعْنَى الْجَذْبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ، وَالْمَعْنَى كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنٍّيٍّ فَلَا يَسْتَخِفُّنَّكَ عَنْ دِينِكَ إِلَى أَدْيَانِهِمْ فَتَكُونُ بِصُورَةِ الْمَنْزُوعِ عَنْ شَيْءٍ إِلَى غَيْرِهِ .
وَفِي الْكَشَّافِ أَنَّ الْمَعْنَى اثْبُتْ فِي دِينِكَ ثَبَاتًا لَا يَطْمَعُونَ أَنْ يَجْذِبُوكَ لِيُزِيلُوكَ عَنْهُ ، وَالْمُرَادُ زِيَادَةُ
[ ص: 196 ] التَّثْبِيتِ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا يُهَيِّجُ حَمِيَّتَهُ وَيُلْهِبُ غَضَبَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِدِينِهِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : هُوَ مِنْ نَازَعْتُهُ فَنَزَعْتُهُ أَنْزِعُهُ أَيْ غَلَبْتُهُ ، فَالْمَعْنَى لَا يَغْلِبُنَّكَ فِي الْمُنَازَعَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا مُنَازَعَةُ الْجِدَالِ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمُغَالَبَةِ ، لَكِنْ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ تُقَالُ فِي كُلِّ فِعْلٍ فَاعَلْتُهُ فَفَعَلْتُهُ أَفْعَلُهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَلَا تُكْسَرُ إِلَّا شُذُوذًا ، وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ وَرَدَّهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَا كَانَ عَيْنُهُ أَوْ لَامُهُ حَرْفَ حَلْقٍ لَا يُضَمُّ بَلْ يُتْرُكُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَا هُنَا عَلَى تَوْجِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ شَاذًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : كَمَا فِي الْمُفَصَّلِ وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا أَيْ بَابَ الْمُغَالَبَةِ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ : نَازَعَنِي فَنَزَعْتُهُ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِغَلَبَتِهِ ، ثُمَّ إِنَّ الْمُرَادَ مِنْ لَا يَغْلِبُنَّكَ فِي الْمُنَازَعَةِ لَا تُقَصِّرْ فِي مُنَازَعَتِهِمْ حَتَّى يَغْلِبُوكَ فِيهَا ، وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ فِي التَّثْبِيتِ فَلَيْسَ هُنَاكَ نَهْيٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ ، هَذَا وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَفْسِيرِ الْمَنْسَكِ بِالشَّرِيعَةِ هُوَ رِوَايَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15022الْقَفَّالُ ، وَقَالَ
الْإِمَامُ : هُوَ الْأَقْرَبُ ، وَقِيلَ : هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النُّسُكَ أَيِ الْعِبَادَةِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ : يُعْطِي ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67هُمْ نَاسِكُوهُ وَقِيلَ : هُوَ اسْمُ زَمَانٍ ، وَقِيلَ : اسْمُ مَكَانٍ ، وَكَانَ الظَّاهِرُ نَاسِكُونَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ اتُّسِعَ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : هُوَ الذَّبْحُ .
وَأَخْرَجَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ ، وَجَعَلَ ضَمِيرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67يُنَازِعُنَّكَ لِلْمُشْرِكِينَ ، وَالْأَمْرُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ أَمْرُ الذَّبَائِحِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ قَوْلِ الْخُزَاعِيِّينَ
بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ .
وَبِشْرِ بْنِ سُفْيَانَ وَيَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا لَكُمْ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَمِنْهُمْ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى جَعْلِ مَحَلِّ النِّزَاعِ أَمْرَ النَّسَائِكِ وَجَعْلِهِ عِبَارَةً عَنْ قَوْلِ الْخُزَاعِيِّينَ الْمَذْكُورِ . وَتَعَقَّبَهُ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ مِمَّا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ أَصْلًا كَيْفَ لَا وَإِنَّهُ يَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَسَائِرِ مَا يَدِينُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْأَبَاطِيلِ مِنَ الْمَنَاسِكِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِبَعْضِ الْأُمَمِ وَلَا يَرْتَابُ فِي بُطْلَانِهِ عَاقِلٌ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ لَا يُنَازِعَنَّكَ الْمُشْرِكُونَ فِي أَمْرِ النَّسَائِكِ فَإِنَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ شَرِيعَةٌ شَرَعْنَاهَا وَأَعْلَمْنَاكَ بِهَا فَكَيْفَ يُنَازِعُونَ بِمَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ فِيهَا ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى عَلَيْهِ لَا تَلْتَفِتْ إِلَى نِزَاعِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَمْرِ الذَّبَائِحِ فَإِنَّا جَعَلْنَا لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ ذَبْحًا هُمْ ذَابِحُوهُ .
وَحَاصِلُهُ لَا تَلْتَفِتْ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الذَّبْحَ شَرْعٌ قَدِيمٌ لِلْأُمَمِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِأُمَّتِكَ وَهَذَا لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ ، وَمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْآثَارِ وَعَضِّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ لَا يَكَادُ يَجِدُ أَوْلَى مِنْهُ فِي بَيَانِ حَاصِلِ الْآيَةِ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ الْآيَةَ مَتَى احْتَمَلَتْ مَعْنًى جَزْلًا لَا مَحْذُورَ فِيهِ قِيلَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ فَعَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ تُعْطَفْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ كَمَا عُطِفَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا [الْحَجَّ : 34] إِلَخْ لِضَعْفِ الْجَامِعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَهَا مِنَ الْآيَاتِ بِخِلَافِ ذَلِكَ . وَفِي الْكَشْفِ بَيَانًا لِكَلَامِ الْكَشَّافِ فِي تَوْجِيهِ الْعَطْفِ هُنَاكَ وَتَرْكِهِ هُنَا أَنَّ الْجَامِعَ هُنَاكَ قَوِيٌّ مُقْتَضٍ لِلْعَطْفِ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=33لَكُمْ فِيهَا أَيْ فِي الشَّعَائِرِ مَنَافِعُ دِينِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ كَوُجُوبِ نَحْرِهَا مُنْتَهِيَةً إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ كَالْإِعَادَةِ لِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الْحَجَّ : 28] إِلَّا أَنَّ فِيهِ تَخْصِيصًا بِالْمُخَاطِبِينَ فَعُطِفَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=34وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِلذِّكْرِ لِتَتِمَّ الْإِعَادَةُ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْأُسْلُوبِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ شَرْعٌ قَدِيمٌ وَأَنَّهُ
[ ص: 197 ] لَمْ يَزَلْ مُتَضَمِّنًا لِمَنَافِعَ جَلِيلَةٍ فِي الدَّارَيْنِ ، وَأَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَأَيْنَ حَدِيثُ النَّسَائِكِ مِنْ حَدِيثِ تَعْدَادِ الْآيَاتِ وَالنِّعَمِ الدَّالَّةِ عَلَى كَمَالِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ شَرْعِيَّةَ النَّسَائِكِ لِكُلِّ أُمَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالنِّعْمَةِ لَكِنَّ النَّظَرَ إِلَى الْمُجَانَسَةِ بَيْنَ النِّعَمِ وَمَا سِيقَ لَهُ الْكَلَامُ فَالْحَالَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِلْقَطْعِ ، وَذِكْرُهُ هَا هُنَا لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ عَلَى نَحْوٍ خَفِيٍّ ضَيِّقٍ اهَـ ، وَهُوَ حَسَنٌ وَظَاهِرُهُ تَفْسِيرُ النُّسُكِ بِالذَّبْحِ .
وَذَكَرَ
الطَّيِّبِيُّ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=32وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ [الْحَجَّ : 32] إِلَخْ وَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ أَيِ الْأَمْرُ ذَلِكَ وَالْمَطْلُوبُ تَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُخْتَصُّ بِكُمْ إِذْ كَلُّ أُمَّةٍ مَخْصُوصَةٌ بِنُسُكٍ وَعِبَادَةٍ .
وَهَذِهِ الْآيَةُ مُقَدِّمَةُ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُوجِبُ نِزَاعَ الْقَوْمِ تَسْلِيَةٌ لَهُ وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهِ حَيْثُ جَعَلَ أَمْرَهُ مَنْسَكًا وَدِينًا يَعْنِي شَأْنُكَ وَشَأْنُ أَمْثَالِكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ تَرْكُ الْمُنَازَعَةِ مَعَ الْجُهَّالِ وَتَمْكِينِهِمْ مِنَ الْمُنَاظَرَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى النِّزَاعِ وَمُلَازَمَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ أَوْ لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ الْمُعَانِدَةِ جَعَلْنَا طَرِيقًا وَدِينًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعَنَّكَ هَؤُلَاءِ الْمُجَادِلَةُ . سُمِّيَ دَأْبُهُمْ نُسُكًا لِإِيجَابِهِمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَيْهِ تَهَكُّمًا بِهِمْ وَمَسْلَاةً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا كَانَ يَلْقَى مِنْهُمْ ، وَأَمَّا اتِّصَالُهُ بِمَا سَبَقَ مِنَ الْآيَاتِ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=55وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ [الْحَجَّ : 55] يُوجِبُ الْقَلْعَ عَنْ إِنْذَارِ الْقَوْمِ وَالْإِيَاسَ مِنْهُمْ وَمُتَارَكَتَهُمْ وَالْآيَاتُ الْمُتَخَلِّلَةُ كَالتَّأْكِيدِ لِمَعْنَى التَّسْلِيَةِ فَجِيءَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ تَحْرِيضًا لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى التَّأَسِّي بِالْأَنْبِيَاءِ السَّالِفَةِ فِي مُتَارَكَةِ الْقَوْمِ وَالْإِمْسَاكِ عَنْ مُجَادَلَتِهِمْ بَعْدَ الْإِيَاسِ مِنْ إِيمَانِهِمْ وَيَنْصُرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَالرَّبْطُ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الرَّبْطِ اللَّفْظِيِّ ، وَالَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ قُطْبُ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ الْكَلَامُ فِي مُجَادَلَةِ الْقَوْمِ وَمُعَانَدِيهِمْ وَالنَّعْيُ عَلَيْهِمْ بِشِدَّةِ شَكِيمَتِهِمْ أَلَا تَرَى كَيْفَ افْتَتَحَهَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=3وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ [الْحَجَّ : 3] وَكَرَّرَهَا وَجَعَلَهَا أَصْلًا لِلْمَعْنَى الْمُهْتَمَّ بِهِ وَكُلَّمَا شَرَعَ فِي أَمْرٍ كَرَّ إِلَيْهِ تَثْبِيتًا لِقَلْبِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْلَاةً لِصَدْرِهِ الشَّرِيفِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَلَا يُقَالُ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَاقِعَةٌ مَعَ أَبَاعِدَ عَنْ مَعْنَاهَا انْتَهَى ، وَلَعَمْرِي إِنَّهُ أَبْعَدَ عَنْ رُبُوعِ التَّحْقِيقِ وَفَسَّرَ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ بِمَا لَا يَلِيقُ . وَقَدْ تُعُقِّبَ فِي الْكَشْفِ اتِّصَالُهُ بِمَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ فَقَدْ تَخَلَّلَ مَا لَا يَصْلُحُ لِتَأْكِيدِ مَعْنَى التَّسْلِيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=60وَمَنْ عَاقَبَ الْآيَاتِ لَا سِيَّمَا عَلَى مَا آثَرَهُ مِنْ جَعْلِهَا فِي الْمُقَاتَلِينَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَا مَدْخَلَ لِلِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ تَمْهِيدٌ لَمَا بَعْدَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67فَلا يُنَازِعُنَّكَ إِلَخْ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ إِلَخْ فَهُوَ مُسَلَّمٌ وَهُوَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَتَأَمَّلْ وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67وَادْعُ أَيْ وَادْعُ هَؤُلَاءِ الْمُنَازِعِينَ أَوِ النَّاسَ كَافَّةً عَلَى أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ فِيهِمْ دُخُولًا أَوَّلِيًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67إِلَى رَبِّكَ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ حَسْبَمَا بُيِّنَ فِي مَنْسَكِهِمْ وَشَرِيعَتِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى أَيْ طَرِيقٍ مُوَصِّلٍ إِلَى الْحَقِّ فَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ وَتَخْيِيلِيَّتُهَا عَلَى ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=67مُسْتَقِيمٍ أَيْ سَوِيٍّ أَوْ أَحَدُهُمَا تَخْيِيلٌ وَالْآخَرُ تَرْشِيحٌ ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِهَذَا الطَّرِيقِ إِمَّا الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ أَوْ أَدِلَّتُهَا ، وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ فِي مَوْضُوعِ التَّعْلِيلِ .