[ ص: 122 ] سورة المنافقون
مدنية، وهي إحدى عشرة آية نزلت بعد [الحج]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29034_18697_30563_32360nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون nindex.php?page=treesubj&link=29034_18697_30563_30569_32360_34330nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون nindex.php?page=treesubj&link=29034_30454_30563_30564_32360nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون
أرادوا بقولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1نشهد إنك لرسول الله شهادة واطأت فيها قلوبهم ألسنتهم. فقال الله عز وجل -: قالوا ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1والله يعلم أن الأمر كما يدل عليه قولهم: إنك لرسول الله، والله يشهد إنهم لكاذبون في قولهم: نشهد; وادعائهم فيه المواطأة. أو إنهم لكاذبون فيه، لأنه إذا خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة; فهم كاذبون في تسميته شهادة. أو أراد: والله يشهد إنهم لكاذبون عند أنفسهم: لأنهم كانوا يعتقدون أن قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إنك لرسول الله كذب وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه. فإن قلت: أي فائدة في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1والله يعلم إنك لرسوله ؟ قلت: لو قال: قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد إنهم الكاذبون، لكان يوهم أن قولهم هذا كذب; فوسط بينهما قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1والله يعلم إنك لرسوله ؟ ليميط هذا الإيهام
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2اتخذوا أيمانهم جنة يجوز أن يراد أن قولهم نشهد إنك لرسول الله يمين من أيمانهم الكاذبة، لأن الشهادة تجري مجرى الحلف فيما يراد به من التوكيد، يقول الرجل: أشهد وأشهد بالله، وأعزم وأعزم بالله في موضع أقسم وأولي.
وبه استشهد
[ ص: 123 ] nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله على أن "أشهد" يمين. ويجوز أن يكون وصفا للمنافقين في استجنانهم بالأيمان. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : إيمانهم، أي: ما أظهروه من الإيمان بألسنتهم. ويعضده قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا .
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2ساء ما كانوا يعملون من نفاقهم وصدهم الناس عن سبيل الله. وفي "ساء" معنى التعجب الذي هو تعظيم أمرهم عند السامعين "ذلك" إشارة إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2ساء ما كانوا يعملون أي: ذلك القول الشاهد عليهم بأنهم أسوأ الناس أعمالا بسبب
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3بأنهم آمنوا ثم كفروا أو إلى ما وصف من حالهم في النفاق والكذب والاستجنان بالأيمان، أي: ذلك كله بسبب أنهم آمنوا ثم كفروا
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3فطبع على قلوبهم فجسروا على كل عظيمة. فإن قلت: المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم، فما معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثم كفروا ثم ؟ قلت: فيه ثلاثة أوجه، أحدها: آمنوا، أي: نطقوا بكلمة الشهادة وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم كفروا: ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع عليه من قولهم: إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن حمير، وقولهم في غزوة تبوك : أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات. ونحوه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم [التوبة: 74]. أي: وظهر كفرهم بعد أن أسلموا. ونحوه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=66لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم [التوبة: 66]. والثاني آمنوا: أي نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14وإذا لقوا الذين آمنوا إلى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14إنما نحن مستهزئون [البقرة: 14]. أن يراد أهل الردة منهم. وقرئ: "فطبع
[ ص: 124 ] قلوبهم"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : "فطبع الله".
[ ص: 122 ] سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ
مَدَنِيَّةٌ، وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً نَزَلَتْ بَعْدَ [الْحَجِّ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29034_18697_30563_32360nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29034_18697_30563_30569_32360_34330nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29034_30454_30563_30564_32360nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ
أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ شَهَادَةٌ وَاطَأَتْ فِيهَا قُلُوبُهُمْ أَلْسِنَتَهُمْ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ -: قَالُوا ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فِي قَوْلِهِمْ: نَشْهَدُ; وَادِّعَائِهِمْ فِيهِ الْمُوَاطَأَةَ. أَوْ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فِيهِ، لِأَنَّهُ إِذَا خَلَا عَنِ الْمُوَاطَأَةِ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً فِي الْحَقِيقَةِ; فَهُمْ كَاذِبُونَ فِي تَسْمِيَتِهِ شَهَادَةً. أَوْ أَرَادَ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ قَوْلَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ كَذِبٌ وَخَبَرٌ عَلَى خِلَافِ مَا عَلَيْهِ حَالُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ. فَإِنْ قُلْتَ: أَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ؟ قُلْتُ: لَوْ قَالَ: قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمُ الْكَاذِبُونَ، لَكَانَ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا كَذِبٌ; فَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=1وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ ؟ لِيُمِيطَ هَذَا الْإِيهَامَ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ أَنَّ قَوْلَهُمْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ يَمِينٌ مِنْ أَيْمَانِهِمُ الْكَاذِبَةِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَجْرِي مَجْرَى الْحَلِفِ فِيمَا يُرَادُ بِهِ مِنَ التَّوْكِيدِ، يَقُولُ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ، وَأَعْزِمُ وَأَعْزِمُ بِاللَّهِ فِي مَوْضِعِ أُقْسِمُ وَأُولِي.
وَبِهِ اسْتَشْهَدَ
[ ص: 123 ] nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ "أَشْهَدُ" يَمِينٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِلْمُنَافِقِينَ فِي اسْتِجْنَانِهِمْ بِالْأَيْمَانِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : إِيمَانَهُمْ، أَيْ: مَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِأَلْسِنَتِهِمْ. وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنْ نِفَاقِهِمْ وَصَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَفِي "سَاءَ" مَعْنَى التَّعَجُّبِ الَّذِي هُوَ تَعْظِيمُ أَمْرِهِمْ عِنْدَ السَّامِعِينَ "ذَلِكَ" إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=2سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ: ذَلِكَ الْقَوْلُ الشَّاهِدُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ أَسْوَأُ النَّاسِ أَعْمَالًا بِسَبَبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا أَوْ إِلَى مَا وُصِفَ مِنْ حَالِهِمْ فِي النِّفَاقِ وَالْكَذِبِ وَالِاسْتِجْنَانِ بِالْأَيْمَانِ، أَيْ: ذَلِكَ كُلُّهُ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=3فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَجَسَرُوا عَلَى كُلِّ عَظِيمَةٍ. فَإِنْ قُلْتَ: الْمُنَافِقُونَ لَمْ يَكُونُوا إِلَّا عَلَى الْكُفْرِ الثَّابِتِ الدَّائِمِ، فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ؟ قُلْتُ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: آمَنُوا، أَيْ: نَطَقُوا بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ وَفَعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ كَفَرُوا: ثُمَّ ظَهَرَ كُفْرُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَبَيَّنَ بِمَا أُطْلِعَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: إِنْ كَانَ مَا يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ حَقًّا فَنَحْنُ حَمِيرٌ، وَقَوْلِهِمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ : أَيَطْمَعُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ تُفْتَحَ لَهُ قُصُورُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ هَيْهَاتَ. وَنَحْوَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ [التَّوْبَةِ: 74]. أَيْ: وَظَهَرَ كُفْرُهُمْ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمُوا. وَنَحْوَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=66لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التَّوْبَةِ: 66]. وَالثَّانِي آمَنُوا: أَيْ نَطَقُوا بِالْإِيمَانِ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ نَطَقُوا بِالْكُفْرِ عِنْدَ شَيَاطِينِهِمُ اسْتِهْزَاءً بِالْإِسْلَامِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [الْبَقَرَةِ: 14]. أَنْ يُرَادَ أَهْلُ الرِّدَّةِ مِنْهُمْ. وَقُرِئَ: "فَطَبَعَ
[ ص: 124 ] قُلُوبَهُمْ"، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : "فَطَبَعَ اللَّهُ".