الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( والسنة أن تصلى صلاة العيد في المصلى إذا كان مسجد البلد ضيقا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم " { كان يخرج إلى المصلى } " ولأن الناس يكثرون في صلاة العيد ، فإذا كان المسجد ضيقا تأذوا ، فإن كان في الناس ضعفاء استخلف في مسجد البلد من يصلي بهم ، لما روي أن عليا رضي الله عنه " استخلف أبا مسعود الأنصاري رضي الله عنه ليصلي بضعفة الناس في المسجد ، وإن كان يوم مطر صلى في المسجد ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " { أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد } " وروي أن عمر وعثمان رضي الله عنهما صليا في المسجد في المطر وإن كان المسجد واسعا فالمسجد أفضل من المصلى ; لأن الأئمة لم يزالوا [ ص: 8 ] يصلون صلاة العيد بمكة في المسجد ، ولأن المسجد أشرف وأنظف قال الشافعي رضي الله عنه : فإن كان المسجد واسعا فصلى في الصحراء فلا بأس ، وإن كان ضيقا فصلى فيه ولم يخرج إلى الصحراء كرهت ; لأنه إذا ترك المسجد وصلى في الصحراء لم يكن عليهم ضرر ، وإذا ترك الصحراء وصلى في المسجد الضيق تأذوا بالزحام وربما فات بعضهم الصلاة [ فكره ] )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى في العيدين صحيح رواه البخاري ومسلم من رواية أبي سعيد ، وروياه بمعناه من رواية جماعة آخرين من الصحابة ، وحديث استخلاف علي أبا مسعود رواه الشافعي بإسناد صحيح ، وحديث أبي هريرة رواه أبو داود بإسناد جيد ، ورواه الحاكم وقال : هو صحيح ، والضعفة بفتح الضاد والعين ، بمعنى الضعفاء وكلاهما جمع ضعيف ( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : تجوز صلاة العيد في الصحراء ، وتجوز في المسجد فإن كان بمكة فالمسجد الحرام أفضل بلا خلاف وقد ذكره المصنف بدليله ، وإن كان بغير مكة نظر ; إن كان بيت المقدس - قال البندنيجي والصيدلاني : الصلاة في مسجده الأقصى أفضل ، ولم يتعرض الجمهور للأقصى ، وظاهر إطلاقهم أن بيت المقدس كغيره ، وإن كان في غير ذلك من البلاد ، فإن كان لهم عذر في ترك الخروج إلى الصحراء والمصلى للعيد فلا خلاف أنهم مأمورون بالصلاة في المسجد ، ومن الأعذار المطر والوحل والخوف والبرد ونحوها ، وإن لم يكن عذر وضاق المسجد فلا خلاف أن الخروج إلى الصحراء أفضل ، وإن اتسع المسجد ولم يكن عذر فوجهان ( أصحهما ) وهو المنصوص في الأم ، وبه قطع المصنف وجمهور العراقيين والبغوي وغيرهم أن صلاتها في المسجد أفضل ( والثاني ) وهو الأصح عند جماعة من الخراسانيين وقطع به جماعة منهم أن صلاتها في الصحراء أفضل " { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها في الصحراء } " وأجاب الأولون عن هذا بأن المسجد كان يضيق عنهم لكثرة الخارجين إليها ، فالأصح ترجيحها في المسجد لما ذكره المصنف رحمه الله فعلى هذا إن ترك المسجد الواسع وصلى بهم في الصحراء فهو خلاف [ ص: 9 ] الأولى ولكن لا كراهة فيه ، وإن صلى في المسجد الضيق بلا عذر كره هكذا نص الشافعي رحمه الله على المسألتين كما ذكره المصنف بدليلهما قال الشافعي والأصحاب : وإذا خرج الإمام إلى الصحراء استخلف من يصلي في المسجد بالضعفة لما ذكره المصنف ، وإذا حضر النساء المصلى أو المسجد اعتزله الحيض منهن ، ووقفن عند بابه ; لحديث أم عطية المذكور بعد هذا قال أبو إسحاق المروزي والأصحاب : إذا كان هناك مطر أو غيره من الأعذار وضاق المسجد الأعظم صلى الإمام فيه واستخلف من يصلي بباقي الناس في موضع آخر ، بحيث يكون أرفق بهم




                                      الخدمات العلمية