nindex.php?page=treesubj&link=28861تعدد الروايات في سبب النزول
قد تتعدد الروايات في سبب نزول آية واحدة ، وفي مثل هذه الحالة يكون موقف المفسر منها على النحو الآتي :
[ ص: 83 ] أ- إذا لم تكن الصيغ الواردة صريحة مثل : " نزلت هذه الآية في كذا " أو " أحسبها نزلت في كذا " فلا منافاة بينها ، إذ المراد التفسير ، وبيان أن ذلك داخل في الآية ومستفاد منها ، وليس المراد ذكر سبب النزول ، إلا إن قامت قرينة على واحدة بأن المراد بها السببية .
ب- إذا كانت إحدى الصيغ غير صريحة كقوله : " نزلت في كذا " وصرح آخر بذكر سبب مخالف فالمعتمد ما هو نص في السببية ، وتحمل الأخرى على دخولها في أحكام الآية ، ومثال ذلك ما ورد في سبب نزول قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم : " عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع قال : قرأت ذات يوم :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223 " نساؤكم حرث لكم " فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أتدري فيم أنزلت هذه الآية ؟ قلت : لا ، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن “ ، فهذه الصيغة من
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر غير صريحة في السببية ، وقد جاء التصريح بذكر سبب يخالفه " عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من خلفها في قبلها جاء الولد أحول ، فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "
nindex.php?page=showalam&ids=36فجابر هو المعتمد لأن كلامه نقل صريح ، وهو نص في السبب ، أما كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فليس بنص فيحمل على أنه استنباط وتفسير .
جـ- وإذا تعددت الروايات وكانت جميعها نصا في السببية وكان إسناد أحدها صحيحا دون غيره فالمعتمد الرواية الصحيحة ، مثل : ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=401جندب البجلي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660363 " اشتكى النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يقم ليلتين أو ثلاثا ، فأتته امرأة فقالت : يا محمد ، ما أرى شيطانك إلا قد تركك ، لم يقربك ليلتين أو ثلاثة ، فأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1والضحى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2والليل إذا سجى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3ما ودعك ربك وما قلى " وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15731حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها -وكانت خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=939665 " أن جروا دخل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فدخل تحت السرير ، [ ص: 84 ] فمات ، فمكث النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي ، فقال : يا خولة ، ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ جبريل لا يأتيني! فقلت في نفسي : لو هيأت البيت وكنسته ، فأهويت بالمكنسة تحت السرير ، فأخرجت الجرو ، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ترعد لحيته ، وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة فقال : يا خولة دثريني فأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1والضحى . . . إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5فترضى قال
ابن حجر في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة ، لكن كونها سبب نزول الآية غريب ، وفي إسناده من لا يعرف ، فالمعتمد ما في الصحيحين “ .
د- فإذا تساوت الروايات في الصحة ووجد وجه من وجوه الترجيح كحضور القصة مثلا أو كون إحداها أصح قدمت الرواية الراجحة ، ومثال ذلك ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=656753عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : " كنت أمشي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة ، وهو يتوكأ على عسيب ، فمر بنفر من اليهود ، فقال بعضهم : لو سألتموه ، فقالوا : حدثنا عن الروح ، فقام ساعة ورفع رأسه ، فعرفت أنه يوحى إليه ، حتى صعد الوحي ، ثم قال : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا . . وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وصححه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=683040 " قالت قريش لليهود : أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل ، فقالوا : اسألوه عن الروح ، فسألوه فأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي . . . الآية ، فهذه الرواية تقتضي أنها نزلت
بمكة حيث كانت
قريش . والرواية الأولى تقتضي أنها نزلت
بالمدينة ، وترجح الرواية الأولى لحضور
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود القصة ، ثم لما عليه الأمة من تلقي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بالقبول وترجيحه على ما صح في غيره .
وقد اعتبر "
الزركشي " هذا المثال من باب تعدد النزول وتكرره ، فتكون هذه الآية قد نزلت مرتين : مرة
بمكة ، ومرة
بالمدينة ، واستند في ذلك إلى أن سورة " سبحان " مكية بالاتفاق .
[ ص: 85 ] وإني أرى أن كون السورة مكية لا ينفي أن تكون آية منها أو أكثر مدنية ، وما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يدل على أن هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا مدنية ، فالوجه الذي اخترناه من ترجيح رواية
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أولى من حمل الآية على تعدد النزول وتكرره . ولو صح أن الآية مكية وقد نزلت جوابا عن سؤال فإن تكرار السؤال نفسه
بالمدينة لا يقتضي نزول الوحي بالجواب نفسه مرة أخرى ، بل يقتضي أن يجيب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجواب الذي نزل عليه من قبل .
هـ- إذا تساوت الروايات في الترجيح جمع بينها إن أمكن ، فتكون الآية قد نزلت بعد السببين أو الأسباب لتقارب الزمن بينها ، كآيات اللعان :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673844nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ، فقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنها نزلت في هلال بن أمية ، قذف امرأته عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بشريك بن سحماء ، كما ذكرنا من قبل .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=654855 " جاء عويمر إلى عاصم بن عدي ، فقال : سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتل به أم كيف يصنع ؟ . . . " فجمع بينهما بوقوع حادثة هلال أولا ، وصادف مجيء عويمر كذلك ، فنزلت في شأنهما معا بعد حادثتيهما . قال ابن حجر : لا مانع من تعدد الأسباب .
و- إن لم يمكن الجمع لتباعد الزمن فإنه يحمل على تعدد النزول وتكرره ، ومثاله : ما أخرجه الشيخان عن
المسيب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653595 " لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : " أي عم ، قل : لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله " ، فقال أبو جهل وعبد الله : يا أبا طالب : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال : هو على ملة [ ص: 86 ] عبد المطلب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأستغفرن لك ما لم أنه عنه " ، فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=hadith&LINKID=668270عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي قال : " سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت : تستغفر لأبويك وهما مشركان ؟ فقال : استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك ، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلت " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=890666 " خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- يوما إلى المقابر ، فجلس إلى قبر منها ، فناجاه طويلا ثم بكى ، فقال : " إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي ، وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي ، فأنزل علي : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين . فجمع بين هذه الروايات بتعدد النزول .
ومن أمثلته كذلك ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة :
" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف على nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة حين استشهد وقد مثل به ، فقال : " لأمثلن بسبعين منهم مكانك " ، فنزل جبريل والنبي -صلى الله عليه وسلم- واقف بخواتيم سورة النحل : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به . . . إلى آخر السورة “ ، فهذا يدل على نزولها يوم أحد .
وجاء في رواية أخرى أنها نزلت يوم فتح
مكة ، والسورة مكية ، فجمع بين ذلك ، بأنها نزلت
بمكة قبل الهجرة مع السورة ، ثم بأحد ، ثم يوم الفتح ، ولا مانع مع ذلك لما فيه من التذكير بنعمة الله على عباده واستحضار شريعته ، قال
الزركشي في البرهان : " وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه ، وتذكيرا عند حدوث سببه خوف نسيانه ، كما قيل في الفاتحة ، نزلت مرتين : مرة
بمكة ، وأخرى
بالمدينة " .
هذا ما يذكره علماء الفن في تعدد النزول وتكرره ، ولا أرى لهذا الرأي وجها
[ ص: 87 ] مستساغا ، حيث لا تتضح الحكمة من تكرار النزول . وإنما أرى أن الروايات المتعددة في سبب النزول ولا يمكن الجمع بينها يتأتى فيها الترجيح . فالروايات الواردة في سبب نزول قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين . . . الآية ، ترجح فيها الرواية الأولى على الروايتين الأخيرتين ، لأنها وردت في الصحيحين دونهما ، وحسبك برواية الشيخين قوة . فالراجح أن الآية نزلت في
أبي طالب . وكذلك الشأن في الروايات التي وردت في سبب نزول خواتيم سورة النحل ، فإنها ليست في درجة سواء . والأخذ بأرجحها أولى من القول بتعدد النزول وتكرره .
والخلاصة . . أن
nindex.php?page=treesubj&link=28861سبب النزول إذا تعدد : فإما أن يكون الجميع غير صريح ، وإما أن يكون الجميع صريحا ، وإما أن يكون بعضه غير صريح وبعضه صريحا ، فإن كان الجميع غير صريح في السببية فلا ضرر حيث يحمل على التفسير والدخول في الآية " أ " وإن كان بعضه غير صريح وبعضه الآخر صريحا فالمعتمد هو الصريح " ب " وإن كان الجميع صريحا فلا يخلو ، إما أن يكون أحدهما صحيحا أو الجميع صحيحا ، فإن كان أحدهما صحيحا دون الآخر فالصحيح هو المعتمد " جـ " وإن كان الجميع صحيحا فالترجيح إن أمكن " د " وإلا فالجمع إن أمكن " هـ " وإلا حمل على تعدد النزول وتكرره " و " وفي هذا القسم الأخير مقال ، وفي النفس منه شيء .
"
nindex.php?page=treesubj&link=28861تَعَدُّدُ الرِّوَايَاتِ فِي سَبَبِ النُّزُولِ
قَدْ تَتَعَدَّدُ الرِّوَايَاتُ فِي سَبَبِ نُزُولِ آيَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ مَوْقِفُ الْمُفَسِّرِ مِنْهَا عَلَى النَّحْوِ الْآتِي :
[ ص: 83 ] أ- إِذَا لَمْ تَكُنِ الصِّيَغُ الْوَارِدَةُ صَرِيحَةً مِثْلَ : " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي كَذَا " أَوْ " أَحْسَبُهَا نَزَلَتْ فِي كَذَا " فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا ، إِذِ الْمُرَادُ التَّفْسِيرُ ، وَبَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الْآيَةِ وَمُسْتَفَادٌ مِنْهَا ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذِكْرَ سَبَبِ النُّزُولِ ، إِلَّا إِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى وَاحِدَةٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا السَّبَبِيَّةُ .
ب- إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الصِّيَغِ غَيْرَ صَرِيحَةٍ كَقَوْلِهِ : " نَزَلَتْ فِي كَذَا " وَصَرَّحَ آخَرُ بِذِكْرِ سَبَبٍ مُخَالِفٍ فَالْمُعْتَمَدُ مَا هُوَ نَصٌّ فِي السَّبَبِيَّةِ ، وَتُحْمَلُ الْأُخْرَى عَلَى دُخُولِهَا فِي أَحْكَامِ الْآيَةِ ، وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ : " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ قَالَ : قَرَأْتِ ذَاتَ يَوْمٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223 " نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ " فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : أَتَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : نَزَلَتْ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ “ ، فَهَذِهِ الصِّيغَةُ مِنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ غَيْرُ صَرِيحَةٍ فِي السَّبَبِيَّةِ ، وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ سَبَبٍ يُخَالِفُهُ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ قَالَ : كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ : إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا فِي قُبُلِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ ، فَنَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ "
nindex.php?page=showalam&ids=36فَجَابِرٌ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ كَلَامَهُ نَقْلٌ صَرِيحٌ ، وَهُوَ نَصٌّ فِي السَّبَبِ ، أَمَّا كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فَلَيْسَ بِنَصٍّ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ اسْتِنْبَاطٌ وَتَفْسِيرٌ .
جـ- وَإِذَا تَعَدَّدَتِ الرِّوَايَاتُ وَكَانَتْ جَمِيعُهَا نَصًّا فِي السَّبَبِيَّةِ وَكَانَ إِسْنَادُ أَحَدِهَا صَحِيحًا دُونَ غَيْرِهِ فَالْمُعْتَمَدُ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ ، مِثْلَ : مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=401جُنْدَبٍ الْبَجَلِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660363 " اشْتَكَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : يَا مُحَمَّدُ ، مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ ، لَمْ يَقْرَبْكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1وَالضُّحَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=2وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15731حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّهَا -وَكَانَتْ خَادِمَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=939665 " أَنَّ جَرْوًا دَخَلَ بَيْتَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ تَحْتَ السَّرِيرِ ، [ ص: 84 ] فَمَاتَ ، فَمَكَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ ، فَقَالَ : يَا خَوْلَةُ ، مَا حَدَثَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ جِبْرِيلُ لَا يَأْتِينِي! فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَوْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ وَكَنَسْتُهُ ، فَأَهْوَيْتُ بِالْمِكْنَسَةِ تَحْتَ السَّرِيرِ ، فَأَخْرَجْتُ الْجَرْوَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَرْعَدُ لِحْيَتُهُ ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ فَقَالَ : يَا خَوْلَةُ دَثِّرِينِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=1وَالضُّحَى . . . إِلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5فَتَرْضَى قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : " قِصَّةُ إِبْطَاءِ جِبْرِيلَ بِسَبَبِ الْجَرْوِ مَشْهُورَةٌ ، لَكِنَّ كَوْنَهَا سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ غَرِيبٌ ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ ، فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ “ .
د- فَإِذَا تَسَاوَتِ الرِّوَايَاتُ فِي الصِّحَّةِ وَوُجِدَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ كَحُضُورِ الْقِصَّةِ مَثَلًا أَوْ كَوْنِ إِحْدَاهَا أَصَحَّ قُدِّمَتِ الرِّوَايَةُ الرَّاجِحَةُ ، وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=656753عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : " كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَوْ سَأَلْتُمُوهُ ، فَقَالُوا : حَدِّثْنَا عَنِ الرُّوحِ ، فَقَامَ سَاعَةً وَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ ، حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيَ ، ثُمَّ قَالَ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا . . وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=683040 " قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ : أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ عَنْهُ هَذَا الرَّجُلَ ، فَقَالُوا : اسْأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ ، فَسَأَلُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحِ مِنْ أَمْرِ رَبِّي . . . الْآيَةَ ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَقْتَضِي أَنَّهَا نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ حَيْثُ كَانَتْ
قُرَيْشٌ . وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى تَقْتَضِي أَنَّهَا نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ ، وَتُرَجَّحُ الرِّوَايَةُ الْأُولَى لِحُضُورِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ الْقِصَّةَ ، ثُمَّ لِمَا عَلَيْهِ الْأُمَّةُ مِنْ تَلَقِّي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ بِالْقَبُولِ وَتَرْجِيحِهِ عَلَى مَا صَحَّ فِي غَيْرِهِ .
وَقَدِ اعْتَبَرَ "
الزَّرْكَشِيُّ " هَذَا الْمِثَالَ مِنْ بَابِ تَعَدُّدِ النُّزُولِ وَتَكَرُّرِهِ ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ قَدْ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ : مَرَّةً
بِمَكَّةَ ، وَمَرَّةً
بِالْمَدِينَةِ ، وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ سُورَةَ " سُبْحَانَ " مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ .
[ ص: 85 ] وَإِنِّي أَرَى أَنَّ كَوْنَ السُّورَةِ مَكِّيَّةً لَا يَنْفِي أَنْ تَكُونَ آيَةٌ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرُ مَدَنِيَّةً ، وَمَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا مَدَنِيَّةٌ ، فَالْوَجْهُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ مِنْ تَرْجِيحِ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْلَى مِنْ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى تَعَدُّدِ النُّزُولِ وَتَكَرُّرِهِ . وَلَوْ صَحَّ أَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَقَدْ نَزَلَتْ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ فَإِنَّ تَكْرَارَ السُّؤَالِ نَفْسِهِ
بِالْمَدِينَةِ لَا يَقْتَضِي نُزُولَ الْوَحْيِ بِالْجَوَابِ نَفْسِهِ مَرَّةً أُخْرَى ، بَلْ يَقْتَضِي أَنْ يُجِيبَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجَوَابِ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ .
هـ- إِذَا تَسَاوَتِ الرِّوَايَاتُ فِي التَّرْجِيحِ جُمِعَ بَيْنَهَا إِنْ أَمْكَنَ ، فَتَكُونُ الْآيَةُ قَدْ نَزَلَتْ بَعْدَ السَّبَبَيْنِ أَوِ الْأَسْبَابِ لِتَقَارُبِ الزَّمَنِ بَيْنَهَا ، كَآيَاتِ اللِّعَانِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673844nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ، فَقَدْ أَخْرَجَ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ ، قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ ، كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=31سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=654855 " جَاءَ عُوَيْمِرٌ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ ، فَقَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ ؟ . . . " فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِوُقُوعِ حَادِثَةِ هِلَالٍ أَوَّلًا ، وَصَادَفَ مَجِيءُ عُوَيْمِرٍ كَذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ فِي شَأْنِهِمَا مَعًا بَعْدَ حَادِثَتَيْهِمَا . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ : لَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ .
و- إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ لِتَبَاعُدِ الزَّمَنِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى تَعَدُّدِ النُّزُولِ وَتَكَرُّرِهِ ، وَمِثَالُهُ : مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنِ
الْمُسَيَّبِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653595 " لَمَّا حَضَرَ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ ، فَقَالَ : " أَيْ عَمِّ ، قُلْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ : يَا أَبَا طَالِبٍ : أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ : هُوَ عَلَى مِلَّةِ [ ص: 86 ] عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ " ، فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=668270عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ قَالَ : " سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقُلْتُ : تَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْكَ وَهُمَا مُشْرِكَانِ ؟ فَقَالَ : اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَزَلَتْ " .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=890666 " خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا إِلَى الْمَقَابِرِ ، فَجَلَسَ إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا ، فَنَاجَاهُ طَوِيلًا ثُمَّ بَكَى ، فَقَالَ : " إِنَّ الْقَبْرَ الَّذِي جَلَسْتُ عِنْدَهُ قَبْرُ أُمِّي ، وَإِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي الدُّعَاءِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، فَأَنْزَلَ عَلَيَّ : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ . فَجَمَعَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِتَعَدُّدِ النُّزُولِ .
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ كَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ :
" أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةَ حِينَ اسْتُشْهِدَ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ ، فَقَالَ : " لِأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ مَكَانَكَ " ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاقِفٌ بِخَوَاتِيمِ سُورَةِ النَّحْلِ : nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ . . . إِلَى آخِرِ السُّورَةِ “ ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِهَا يَوْمَ أُحُدٍ .
وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ ، وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ، فَجَمَعَ بَيْنَ ذَلِكَ ، بِأَنَّهَا نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مَعَ السُّورَةِ ، ثُمَّ بِأُحُدٍ ، ثُمَّ يَوْمَ الْفَتْحِ ، وَلَا مَانِعَ مَعَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّذْكِيرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَاسْتِحْضَارِ شَرِيعَتِهِ ، قَالَ
الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ : " وَقَدْ يَنْزِلُ الشَّيْءُ مَرَّتَيْنِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ ، وَتَذْكِيرًا عِنْدَ حُدُوثِ سَبَبِهِ خَوْفَ نِسْيَانِهِ ، كَمَا قِيلَ فِي الْفَاتِحَةِ ، نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ : مَرَّةً
بِمَكَّةَ ، وَأُخْرَى
بِالْمَدِينَةِ " .
هَذَا مَا يَذْكُرُهُ عُلَمَاءُ الْفَنِّ فِي تَعَدُّدِ النُّزُولِ وَتَكَرُّرِهِ ، وَلَا أَرَى لِهَذَا الرَّأْيِ وَجْهًا
[ ص: 87 ] مُسْتَسَاغًا ، حَيْثُ لَا تَتَّضِحُ الْحِكْمَةُ مِنْ تَكْرَارِ النُّزُولِ . وَإِنَّمَا أَرَى أَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُتَعَدِّدَةَ فِي سَبَبِ النُّزُولِ وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّرْجِيحُ . فَالرِّوَايَاتُ الْوَارِدَةُ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ . . . الْآيَةَ ، تُرَجَّحُ فِيهَا الرِّوَايَةُ الْأُولَى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ ، لِأَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ دُونَهُمَا ، وَحَسْبُكَ بِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ قُوَّةً . فَالرَّاجِحُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي
أَبِي طَالِبٍ . وَكَذَلِكَ الشَّأْنُ فِي الرِّوَايَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي سَبَبِ نُزُولِ خَوَاتِيمِ سُورَةِ النَّحْلِ ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ فِي دَرَجَةٍ سَوَاءٍ . وَالْأَخْذُ بِأَرْجَحِهَا أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِتَعَدُّدِ النُّزُولِ وَتَكَرُّرِهِ .
وَالْخُلَاصَةُ . . أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28861سَبَبَ النُّزُولِ إِذَا تَعَدَّدَ : فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ غَيْرَ صَرِيحٍ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ صَرِيحًا ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ غَيْرَ صَرِيحٍ وَبَعْضُهُ صَرِيحًا ، فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ غَيْرَ صَرِيحٍ فِي السَّبَبِيَّةِ فَلَا ضَرَرَ حَيْثُ يُحْمَلُ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالدُّخُولِ فِي الْآيَةِ " أ " وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ غَيْرَ صَرِيحٍ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ صَرِيحًا فَالْمُعْتَمَدُ هُوَ الصَّرِيحُ " بِ " وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ صَرِيحًا فَلَا يَخْلُو ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَحِيحًا أَوِ الْجَمِيعُ صَحِيحًا ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَحِيحًا دُونَ الْآخَرِ فَالصَّحِيحُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ " جـ " وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ صَحِيحًا فَالتَّرْجِيحُ إِنْ أَمْكَنَ " د " وَإِلَّا فَالْجَمْعُ إِنْ أَمْكَنَ " هـ " وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى تَعَدُّدِ النُّزُولِ وَتَكَرُّرِهِ " وَ " وَفِي هَذَا الْقِسْمِ الْأَخِيرِ مَقَالٌ ، وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ .
"