قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين .
[ ص: 239 ] nindex.php?page=treesubj&link=29010قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وإن شئت حذفت الياء ; لأن النداء موضع حذف .
النحاس : ومن أجل ما روي فيه ما رواه
محمد بن إسحاق عن
نافع عن
ابن عمر عن
عمر قال : لما اجتمعنا على الهجرة ، اتعدت أنا
nindex.php?page=showalam&ids=8861وهشام بن العاص بن وائل السهمي ،
وعياش بن أبي ربيعة بن عتبة ، فقلنا : الموعد أضاة
بني غفار ، وقلنا : من تأخر منا فقد حبس فليمض صاحبه . فأصبحت أنا
وعياش بن عتبة وحبس عنا
هشام ، وإذا به قد فتن فافتتن ، فكنا نقول
بالمدينة : هؤلاء قد عرفوا الله - عز وجل - وآمنوا برسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم افتتنوا لبلاء لحقهم ، لا نرى لهم توبة ، وكانوا هم أيضا يقولون هذا في أنفسهم ، فأنزل الله - عز وجل - في كتابه :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إلى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=60أليس في جهنم مثوى للمتكبرين قال
عمر : فكتبتها بيدي ثم بعثتها إلى
هشام . قال
هشام : فلما قدمت علي خرجت بها إلى
ذي طوى فقلت : اللهم فهمنيها فعرفت أنها نزلت فينا ، فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : كان قوم من المشركين قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا ، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بعثوا إليه : إن ما تدعو إليه لحسن ، أوتخبرنا أن لنا توبة ؟ فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بمعناه . وقد مضى في آخر [ الفرقان ] . وعن
ابن عباس أيضا نزلت في
أهل مكة قالوا : يزعم
محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له ، وكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا مع الله إلها آخر ، وقتلنا النفس التي حرم الله ؟ فأنزل الله هذه الآية . وقيل : إنها نزلت في قوم من المسلمين أسرفوا
[ ص: 240 ] على أنفسهم في العبادة ، وخافوا ألا يتقبل منهم لذنوب سبقت لهم في الجاهلية . وقال
ابن عباس أيضا وعطاء : نزلت في
وحشي قاتل
حمزة ; لأنه ظن أن الله لا يقبل إسلامه : وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عطاء عن
ابن عباس قال :
أتى وحشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد أتيتك مستجيرا فأجرني حتى أسمع كلام الله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد كنت أحب أن أراك على غير جوار ، فأما إذ أتيتني مستجيرا فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله . قال : فإني أشركت بالله ، وقتلت النفس التي حرم الله ، وزنيت ، هل يقبل الله مني توبة ؟ فصمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون إلى آخر الآية فتلاها عليه ، فقال : أرى شرطا ، فلعلي لا أعمل صالحا ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله . فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فدعا به فتلا عليه ، قال : فلعلي ممن لا يشاء ، أنا في جوارك حتى أسمع كلام الله . فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله فقال : نعم الآن لا أرى شرطا . فأسلم . وروى
حماد بن سلمة عن
ثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب عن
أسماء أنها
nindex.php?page=hadith&LINKID=831064سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم . وفي مصحف
ابن مسعود " إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : وهاتان القراءتان على التفسير ، أي : يغفر الله لمن يشاء . وقد عرف الله - عز وجل - من شاء أن يغفر له ، وهو التائب أو من عمل صغيرة ولم تكن له كبيرة ، ودل على أنه يريد التائب ما بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأنيبوا إلى ربكم nindex.php?page=treesubj&link=19729فالتائب مغفور له ذنوبه جميعا يدل على ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=82وإني لغفار لمن تاب فهذا لا إشكال فيه . وقال
علي بن أبي طالب : ما في القرآن آية أوسع من هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وقد مضى هذا في [ سبحان ] . وقال
عبد الله بن عمر : وهذه أرجى آية في القرآن . فرد عليهم
ابن عباس وقال : أرجى آية في القرآن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=6وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وقد مضى في [ الرعد ] . وقرئ ولا تقنطوا بكسر النون وفتحها . وقد مضى في [ الحجر ] بيانه .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأنيبوا إلى ربكم أي ارجعوا إليه بالطاعة . لما بين أن
nindex.php?page=treesubj&link=19729_19726_19705من تاب من الشرك يغفر له أمر بالتوبة والرجوع إليه ، والإنابة الرجوع إلى الله بالإخلاص .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأسلموا له [ ص: 241 ] أي اخضعوا له وأطيعوا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54من قبل أن يأتيكم العذاب في الدنيا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54ثم لا تنصرون أي لا تمنعون من عذابه . وروي من حديث
جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864930من السعادة أن يطيل الله عمر المرء في الطاعة ويرزقه الإنابة ، وإن من الشقاوة أن يعمل المرء ويعجب بعمله .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55أحسن ما أنزل هو القرآن وكله حسن ، والمعنى ما قال
الحسن : التزموا طاعته ، واجتنبوا معصيته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : الأحسن ما أمر الله به في كتابه . وقال
ابن زيد : يعني المحكمات ، وكلوا علم المتشابه إلى علمه . وقال : أنزل الله كتب التوراة والإنجيل والزبور ، ثم أنزل القرآن وأمر باتباعه فهو الأحسن وهو المعجز . وقيل : هذا أحسن لأنه ناسخ قاض على جميع الكتب ، وجميع الكتب منسوخة . وقيل : يعني العفو ; لأن الله تعالى خير نبيه - عليه السلام - بين العفو والقصاص . وقيل : ما علم الله النبي - عليه السلام - وليس بقرآن فهو حسن ، وما أوحى إليه من القرآن فهو الأحسن . وقيل : أحسن ما أنزل إليكم من أخبار الأمم الماضية .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أن تقول نفس أن في موضع نصب أي : كراهة أن تقول . وعند
الكوفيين لئلا تقول وعند
البصريين حذر أن تقول . وقيل : أي : من قبل أن تقول نفس لأنه قال قيل هذا :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55من قبل أن يأتيكم العذاب nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : لم نكرت ؟ قلت : لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكافر . ويجوز أن يريد نفسا متميزة من الأنفس ، إما بلجاج في الكفر شديد ، أو بعقاب عظيم . ويجوز أن يراد التكثير كما قال
الأعشى :
ورب بقيع لو هتفت بجوه أتاني كريم ينفض الرأس مغضبا
وهو يريد أفواجا من الكرام ينصرونه لا كريما واحدا ، ونظيره : رب بلد قطعت ، ورب بطل قارعت ، ولا يقصد إلا التكثير . يا حسرتا والأصل " يا حسرتي " فأبدل من الياء ألف ; لأنها أخف وأمكن في الاستغاثة بمد الصوت ، وربما ألحقوا بها الهاء ، أنشد
الفراء :
يا مرحباه بحمار ناجيه إذا أتى قربته للسانيه
وربما ألحقوا بها الياء بعد الألف ، لتدل على الإضافة . وكذلك قرأها
أبو جعفر : " يا حسرتاي " والحسرة الندامة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56على ما فرطت في جنب الله قال
الحسن : في طاعة الله . وقال
الضحاك : أي : في ذكر الله عز وجل . قال : يعني القرآن والعمل به . وقال
أبو عبيدة :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56في جنب الله أي : في ثواب الله . وقال
الفراء : الجنب القرب والجوار ، يقال : فلان يعيش في جنب
[ ص: 242 ] فلان أي : في جواره ، ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36والصاحب بالجنب أي : ما فرطت في طلب جواره وقربه وهو الجنة . وقال
الزجاج : أي : على ما فرطت في الطريق الذي هو طريق الله الذي دعاني إليه . والعرب تسمي السبب والطريق إلى الشيء جنبا ، تقول : تجرعت في جنبك غصصا ، أي : لأجلك وسببك ولأجل مرضاتك . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56في جنب الله أي : في الجانب الذي يؤدي إلى رضا الله - عز وجل - وثوابه ، والعرب تسمي الجانب جنبا ، قال الشاعر :
قسم مجهودا لذاك القلب الناس جنب والأمير جنب
يعني الناس من جانب والأمير من جانب . وقال
ابن عرفة : أي : تركت من أمر الله ، يقال : ما فعلت ذلك في جنب حاجتي ، قال
كثير :
ألا تتقين الله في جنب عاشق له كبد حرى عليك تقطع
وكذا قال
مجاهد ، أي : ضيعت من أمر الله . ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864931ما جلس رجل مجلسا ، ولا مشى ممشى ، ولا اضطجع مضطجعا لم يذكر الله - عز وجل - فيه إلا كان عليه ترة يوم القيامة أي : حسرة ، خرجه
أبو داود بمعناه . وقال
إبراهيم التيمي : من الحسرات يوم القيامة أن يرى الرجل ماله الذي آتاه الله في الدنيا يوم القيامة في ميزان غيره ، قد ورثه وعمل فيه بالحق ، كان له أجره وعلى الآخر وزره ، ومن الحسرات أن يرى الرجل عبده الذي خوله الله إياه في الدنيا أقرب منزلة من الله عز وجل ، أو يرى رجلا يعرفه أعمى في الدنيا قد أبصر يوم القيامة وعمي هو .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56وإن كنت لمن الساخرين أي وما كنت إلا من المستهزئين بالقرآن وبالرسول في الدنيا وبأولياء الله تعالى . قال
قتادة : لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها . ومحل " إن كنت " النصب على الحال ، كأنه قال : فرطت وأنا ساخر ، أي : فرطت في حال سخريتي . وقيل : وما كنت إلا في سخرية ولعب وباطل ، أي : ما كان سعيي إلا في عبادة غير الله تعالى .
قوله تعالى : أو تقول هذه النفس
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لو أن الله هداني أي أرشدني إلى دينه .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لكنت من المتقين أي الشرك والمعاصي . وهذا القول لو أن الله هداني لاهتديت قول صدق . وهو قريب من احتجاج المشركين فيما أخبر الرب - جل وعز - عنهم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا [ ص: 243 ] فهي كلمة حق أريد بها باطل ، كما قال
علي - رضي الله عنه - لما قال قائل من
الخوارج : لا حكم إلا لله .
أو تقول يعني أن هذه النفس
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58حين ترى العذاب لو أن لي كرة رجعة . " فأكون " نصب على جواب التمني ، وإن شئت كان معطوفا على " كرة " لأن معناه أن أكر ، كما قال الشاعر : [ الشاعرة
ميسون بنت مجدل الكلبية ]
ولبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
وأنشد
الفراء :
فما لك منها غير ذكرى وخشية وتسأل عن ركبانها أين يمموا
فنصب وتسأل على موضع الذكرى ; لأن معنى الكلام : فما لك منها إلا أن تذكر . ومنه للبس عباءة وتقر ، أي : لأن ألبس عباءة وتقر . وقال
أبو صالح : كان رجل عالم في
بني إسرائيل وجد رقعة : إن العبد ليعمل الزمان الطويل بطاعة الله فيختم له عمله بعمل أهل النار فيدخل النار ، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بمعصية الله ثم يختم له عمله بعمل رجل من أهل الجنة فيدخل الجنة ، فقال : ولأي شيء أتعب نفسي . فترك عمله وأخذ في الفسوق والمعصية ، وقال له إبليس : لك عمر طويل فتمتع في الدنيا ثم تتوب ، فأخذ في الفسوق وأنفق ماله في الفجور ، فأتاه
ملك الموت في ألذ ما كان ، فقال : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ، ذهب عمري في طاعة الشيطان ، فندم حين لا ينفعه الندم ، فأنزل الله خبره في القرآن . وقال
قتادة : هؤلاء أصناف ، صنف منهم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله . وصنف منهم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لو أن الله هداني لكنت من المتقين . وقال آخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58لو أن لي كرة فأكون من المحسنين فقال الله تعالى ردا لكلامهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بلى قد جاءتك آياتي
قال
الزجاج : " بلى " جواب النفي ، وليس في الكلام لفظ النفي ، ولكن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لو أن الله هداني ما هداني ، وكأن هذا القائل قال : ما هديت ، فقيل : بل قد بين لك طريق الهدى فكنت بحيث لو أردت أن تؤمن أمكنك أن تؤمن . " آياتي " أي : القرآن . وقيل : عنى بالآيات المعجزات ، أي : وضح الدليل فأنكرته وكذبته . واستكبرت أي تكبرت عن الإيمان وكنت من الكافرين . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59استكبرت وكنت وهو خطاب الذكر ; لأن النفس تقع على الذكر والأنثى . يقال : ثلاثة أنفس . وقال المبرد : تقول العرب : نفس واحد أي : إنسان واحد . وروى
الربيع بن أنس عن
أم سلمة nindex.php?page=hadith&LINKID=831065عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ : " قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين " . وقرأ
الأعمش : " بلى قد جاءته آياتي "
[ ص: 244 ] وهذا يدل على التذكير .
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس لم يلحق
أم سلمة إلا أن القراءة جائزة ; لأن النفس تقع للمذكر والمؤنث . وقد أنكر هذه القراءة بعضهم وقال : يجب إذا كسر التاء أن تقول : وكنت من الكوافر أو من الكافرات . قال
النحاس : وهذا لا يلزم ، ألا ترى أن قبله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أن تقول نفس ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56وإن كنت لمن الساخرين ولم يقل من السواخر ولا من الساخرات . والتقدير في العربية على كسر التاء " واستكبرت وكنت " من الجمع الساخرين أو من الناس الساخرين أو من القوم الساخرين .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ .
[ ص: 239 ] nindex.php?page=treesubj&link=29010قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَإِنْ شِئْتَ حَذَفْتَ الْيَاءَ ; لِأَنَّ النِّدَاءَ مَوْضِعُ حَذْفٍ .
النَّحَّاسُ : وَمِنْ أَجَلِّ مَا رُوِيَ فِيهِ مَا رَوَاهُ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ
نَافِعٍ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ عَنْ
عُمَرَ قَالَ : لَمَّا اجْتَمَعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ ، اتَّعَدْتُ أَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=8861وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ ،
وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ عُتْبَةَ ، فَقُلْنَا : الْمَوْعِدُ أَضَاةُ
بَنِي غِفَارٍ ، وَقُلْنَا : مَنْ تَأَخَّرَ مِنَّا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبُهُ . فَأَصْبَحْتُ أَنَا
وَعَيَّاشُ بْنُ عُتْبَةَ وَحُبِسَ عَنَّا
هِشَامٌ ، وَإِذَا بِهِ قَدْ فُتِنَ فَافْتُتِنَ ، فَكُنَّا نَقُولُ
بِالْمَدِينَةِ : هَؤُلَاءِ قَدْ عَرَفُوا اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - وَآمَنُوا بِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثُمَّ افْتُتِنُوا لِبَلَاءٍ لَحِقَهُمْ ، لَا نَرَى لَهُمْ تَوْبَةً ، وَكَانُوا هُمْ أَيْضًا يَقُولُونَ هَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=60أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ قَالَ
عُمَرُ : فَكَتَبْتُهَا بِيَدِي ثُمَّ بَعَثْتُهَا إِلَى
هِشَامٍ . قَالَ
هِشَامٌ : فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَيَّ خَرَجْتُ بِهَا إِلَى
ذِي طُوًى فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ فَهِّمْنِيهَا فَعَرَفْتُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِينَا ، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ عَلَى بَعِيرِي فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَعَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا ، وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا ، فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعَثُوا إِلَيْهِ : إِنَّ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ ، أَوَتُخْبِرُنَا أَنَّ لَنَا تَوْبَةً ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - هَذِهِ الْآيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ . وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ [ الْفُرْقَانِ ] . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا نَزَلَتْ فِي
أَهْلِ مَكَّةَ قَالُوا : يَزْعُمُ
مُحَمَّدٌ أَنَّ مَنْ عَبَدَ الْأَوْثَانَ وَقَتَلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، وَكَيْفَ نُهَاجِرُ وَنُسْلِمُ وَقَدْ عَبَدْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ، وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ . وَقِيلَ : إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسْرَفُوا
[ ص: 240 ] عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي الْعِبَادَةِ ، وَخَافُوا أَلَّا يُتَقَبَّلَ مِنْهُمْ لِذُنُوبٍ سَبَقَتْ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَعَطَاءٌ : نَزَلَتْ فِي
وَحْشِيٍّ قَاتِلِ
حَمْزَةَ ; لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِسْلَامَهُ : وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
عَطَاءٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
أَتَى وَحْشِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أَتَيْتُكَ مُسْتَجِيرًا فَأَجِرْنِي حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : قَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاكَ عَلَى غَيْرِ جِوَارٍ ، فَأَمَّا إِذْ أَتَيْتَنِي مُسْتَجِيرًا فَأَنْتَ فِي جِوَارِي حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ . قَالَ : فَإِنِّي أَشْرَكْتُ بِاللَّهِ ، وَقَتَلْتُ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ، وَزَنَيْتُ ، هَلْ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنِّي تَوْبَةً ؟ فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=68وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَتَلَاهَا عَلَيْهِ ، فَقَالَ : أَرَى شَرْطًا ، فَلَعَلِّي لَا أَعْمَلُ صَالِحًا ، أَنَا فِي جِوَارِكَ حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ . فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فَدَعَا بِهِ فَتَلَا عَلَيْهِ ، قَالَ : فَلَعَلِّي مِمَّنْ لَا يَشَاءُ ، أَنَا فِي جِوَارِكَ حَتَّى أَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ . فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ فَقَالَ : نَعَمِ الْآنَ لَا أَرَى شَرْطًا . فَأَسْلَمَ . وَرَوَى
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
ثَابِتٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16128شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ
أَسْمَاءَ أَنَّهَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=831064سَمِعَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ : قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَفِي مُصْحَفِ
ابْنِ مَسْعُودٍ " إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ يَشَاءُ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : وَهَاتَانِ الْقِرَاءَتَانِ عَلَى التَّفْسِيرِ ، أَيْ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ . وَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مَنْ شَاءَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ، وَهُوَ التَّائِبُ أَوْ مَنْ عَمِلَ صَغِيرَةً وَلَمْ تَكُنْ لَهُ كَبِيرَةٌ ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ التَّائِبَ مَا بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ nindex.php?page=treesubj&link=19729فَالتَّائِبُ مَغْفُورٌ لَهُ ذُنُوبُهُ جَمِيعًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=82وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ فَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ . وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَوْسَعُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي [ سُبْحَانَ ] . وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : وَهَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ . فَرَدَّ عَلَيْهِمُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ : أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=6وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَقَدْ مَضَى فِي [ الرَّعْدِ ] . وَقُرِئَ وَلَا تَقْنِطُوا بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا . وَقَدْ مَضَى فِي [ الْحِجْرِ ] بَيَانُهُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ أَيِ ارْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ . لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19729_19726_19705مَنْ تَابَ مِنَ الشِّرْكِ يُغْفَرُ لَهُ أَمَرَ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ ، وَالْإِنَابَةُ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ بِالْإِخْلَاصِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَسْلِمُوا لَهُ [ ص: 241 ] أَيِ اخْضَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ أَيْ لَا تُمْنَعُونَ مِنْ عَذَابِهِ . وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864930مِنَ السَّعَادَةِ أَنْ يُطِيلَ اللَّهُ عُمُرَ الْمَرْءِ فِي الطَّاعَةِ وَيَرْزُقَهُ الْإِنَابَةَ ، وَإِنَّ مِنَ الشَّقَاوَةِ أَنْ يَعْمَلَ الْمَرْءُ وَيُعْجَبُ بِعَمَلِهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ هُوَ الْقُرْآنُ وَكُلُّهُ حَسَنٌ ، وَالْمَعْنَى مَا قَالَ
الْحَسَنُ : الْتَزِمُوا طَاعَتَهُ ، وَاجْتَنِبُوا مَعْصِيَتَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : الْأَحْسَنُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : يَعْنِي الْمُحْكَمَاتِ ، وَكِلُوا عِلْمَ الْمُتَشَابِهِ إِلَى عِلْمِهِ . وَقَالَ : أَنْزَلَ اللَّهُ كُتُبَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ ، ثُمَّ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِهِ فَهُوَ الْأَحْسَنُ وَهُوَ الْمُعْجِزُ . وَقِيلَ : هَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ قَاضٍ عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ ، وَجَمِيعُ الْكُتُبِ مَنْسُوخَةٌ . وَقِيلَ : يَعْنِي الْعَفْوَ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ الْعَفْوِ وَالْقِصَاصِ . وَقِيلَ : مَا عَلَّمَ اللَّهُ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَيْسَ بِقُرْآنٍ فَهُوَ حَسَنٌ ، وَمَا أَوْحَى إِلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ الْأَحْسَنُ . وَقِيلَ : أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ أَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَيْ : كَرَاهَةَ أَنْ تَقُولَ . وَعِنْدَ
الْكُوفِيِّينَ لِئَلَّا تَقُولُ وَعِنْدَ
الْبَصْرِيِّينَ حَذَرَ أَنْ تَقُولَ . وَقِيلَ : أَيْ : مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ لِأَنَّهُ قَالَ قِيلَ هَذَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ نُكِّرَتْ ؟ قُلْتُ : لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا بَعْضُ الْأَنْفُسِ وَهِيَ نَفْسُ الْكَافِرِ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ نَفْسًا مُتَمَيِّزَةً مِنَ الْأَنْفُسِ ، إِمَّا بِلَجَاجٍ فِي الْكُفْرِ شَدِيدٍ ، أَوْ بِعِقَابٍ عَظِيمٍ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ التَّكْثِيرُ كَمَا قَالَ
الْأَعْشَى :
وَرُبَّ بَقِيعٍ لَوْ هَتَفْتُ بِجَوِّهِ أَتَانِي كَرِيمٌ يَنْفُضُ الرَّأْسَ مُغْضَبَا
وَهُوَ يُرِيدُ أَفْوَاجًا مِنَ الْكِرَامِ يَنْصُرُونَهُ لَا كَرِيمًا وَاحِدًا ، وَنَظِيرُهُ : رُبَّ بَلَدٍ قَطَعْتُ ، وَرُبَّ بَطَلٍ قَارَعْتُ ، وَلَا يُقْصَدُ إِلَّا التَّكْثِيرَ . يَا حَسْرَتَا وَالْأَصْلُ " يَا حَسْرَتِي " فَأُبْدِلَ مِنَ الْيَاءِ أَلِفٌ ; لِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَمْكَنُ فِي الِاسْتِغَاثَةِ بِمَدِّ الصَّوْتِ ، وَرُبَّمَا أَلْحَقُوا بِهَا الْهَاءَ ، أَنْشَدَ
الْفَرَّاءُ :
يَا مَرْحَبَاهُ بِحِمَارٍ نَاجِيَهْ إِذَا أَتَى قَرَّبْتُهُ لِلسَّانِيَهْ
وَرُبَّمَا أَلْحَقُوا بِهَا الْيَاءَ بَعْدَ الْأَلِفِ ، لِتَدُلَّ عَلَى الْإِضَافَةِ . وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا
أَبُو جَعْفَرٍ : " يَا حَسْرَتَايَ " وَالْحَسْرَةُ النَّدَامَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ قَالَ
الْحَسَنُ : فِي طَاعَةِ اللَّهِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : أَيْ : فِي ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ بِهِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56فِي جَنْبِ اللَّهِ أَيْ : فِي ثَوَابِ اللَّهِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : الْجَنْبُ الْقُرْبُ وَالْجِوَارُ ، يُقَالُ : فُلَانُ يَعِيشُ فِي جَنْبِ
[ ص: 242 ] فُلَانٍ أَيْ : فِي جِوَارِهِ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ أَيْ : مَا فَرَّطْتُ فِي طَلَبِ جِوَارِهِ وَقُرْبِهِ وَهُوَ الْجَنَّةُ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : أَيْ : عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي هُوَ طَرِيقُ اللَّهِ الَّذِي دَعَانِي إِلَيْهِ . وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّبَبَ وَالطَّرِيقَ إِلَى الشَّيْءِ جَنْبًا ، تَقُولُ : تَجَرَّعْتُ فِي جَنْبِكَ غُصَصًا ، أَيْ : لِأَجْلِكَ وَسَبَبِكَ وَلِأَجْلِ مَرْضَاتِكَ . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56فِي جَنْبِ اللَّهِ أَيْ : فِي الْجَانِبِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى رِضَا اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَثَوَابِهِ ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْجَانِبَ جَنْبًا ، قَالَ الشَّاعِرَ :
قُسِمَ مَجْهُودًا لِذَاكَ الْقَلْبُ النَّاسُ جَنْبٌ وَالْأَمِيرُ جَنْبُ
يَعْنِي النَّاسَ مِنْ جَانِبٍ وَالْأَمِيرَ مِنْ جَانِبٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَرَفَةَ : أَيْ : تَرَكْتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، يُقَالُ : مَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فِي جَنْبِ حَاجَتِي ، قَالَ
كُثَيِّرٌ :
أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ فِي جَنْبِ عَاشِقٍ لَهُ كَبِدٌ حَرَّى عَلَيْكِ تَقَطَّعُ
وَكَذَا قَالَ
مُجَاهِدٌ ، أَيْ : ضَيَّعْتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ . وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864931مَا جَلَسَ رَجُلٌ مَجْلِسًا ، وَلَا مَشَى مَمْشًى ، وَلَا اضْطَجَعَ مُضْطَجِعًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ : حَسْرَةً ، خَرَّجَهُ
أَبُو دَاوُدَ بِمَعْنَاهُ . وَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مِنَ الْحَسَرَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ مَالَهُ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ ، قَدْ وَرِثَهُ وَعَمِلَ فِيهِ بِالْحَقِّ ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَعَلَى الْآخَرِ وِزْرُهُ ، وَمِنَ الْحَسَرَاتِ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ عَبْدَهُ الَّذِي خَوَّلَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا أَقْرَبَ مَنْزِلَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَوْ يَرَى رَجُلًا يَعْرِفُهُ أَعْمَى فِي الدُّنْيَا قَدْ أَبْصَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَمِيَ هُوَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَيْ وَمَا كُنْتُ إِلَّا مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالْقُرْآنِ وَبِالرَّسُولِ فِي الدُّنْيَا وَبِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ
قَتَادَةُ : لَمْ يَكْفِهِ أَنْ ضَيَّعَ طَاعَةَ اللَّهِ حَتَّى سَخِرَ مِنْ أَهْلِهَا . وَمَحَلُّ " إِنْ كُنْتُ " النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : فَرَّطْتُ وَأَنَا سَاخِرٌ ، أَيْ : فَرَّطْتُ فِي حَالِ سُخْرِيَتِي . وَقِيلَ : وَمَا كُنْتُ إِلَّا فِي سُخْرِيَةٍ وَلَعِبٍ وَبَاطِلٍ ، أَيْ : مَا كَانَ سَعْيِي إِلَّا فِي عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى .
قَوْلُهُ تَعَالَى : أَوْ تَقُولَ هَذِهِ النَّفْسُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي أَيْ أَرْشَدَنِي إِلَى دِينِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَيِ الشِّرْكَ وَالْمَعَاصِي . وَهَذَا الْقَوْلُ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَاهْتَدَيْتُ قَوْلَ صِدْقٍ . وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ احْتِجَاجِ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا أَخْبَرَ الرَّبُّ - جَلَّ وَعَزَّ - عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا [ ص: 243 ] فَهِيَ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ ، كَمَا قَالَ
عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قَالَ قَائِلٌ مِنَ
الْخَوَارِجِ : لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ .
أَوْ تَقُولَ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ النَّفْسَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً رَجْعَةً . " فَأَكُونَ " نَصْبٌ عَلَى جَوَابِ التَّمَنِّي ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى " كَرَّةٍ " لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ أَكِرَّ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : [ الشَّاعِرَةُ
مَيْسُونُ بِنْتُ مُجَدَّلٍ الْكَلْبِيَّةُ ]
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوفِ
وَأَنْشَدَ
الْفَرَّاءُ :
فَمَا لَكَ مِنْهَا غَيْرُ ذِكْرَى وَخَشْيَةٍ وَتَسْأَلَ عَنْ رُكْبَانِهَا أَيْنَ يَمَّمُوا
فَنُصِبَ وَتَسْأَلَ عَلَى مَوْضِعِ الذِّكْرَى ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ : فَمَا لَكَ مِنْهَا إِلَّا أَنْ تَذْكُرَ . وَمِنْهُ لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ ، أَيْ : لَأَنْ أَلْبَسَ عَبَاءَةً وَتَقَرَّ . وَقَالَ
أَبُو صَالِحٍ : كَانَ رَجُلٌ عَالِمٌ فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَجَدَ رُقْعَةً : إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَيُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، فَقَالَ : وَلِأَيِ شَيْءٍ أُتْعِبُ نَفْسِي . فَتَرَكَ عَمَلَهُ وَأَخَذَ فِي الْفُسُوقِ وَالْمَعْصِيَةِ ، وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ : لَكَ عُمُرٌ طَوِيلٌ فَتَمَتَّعْ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ تَتُوبُ ، فَأَخَذَ فِي الْفُسُوقِ وَأَنْفَقَ مَالَهُ فِي الْفُجُورِ ، فَأَتَاهُ
مَلَكُ الْمَوْتِ فِي أَلَذِّ مَا كَانَ ، فَقَالَ : يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ، ذَهَبَ عُمُرِي فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ ، فَنَدِمَ حِينَ لَا يَنْفَعُهُ النَّدَمُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ خَبَرَهُ فِي الْقُرْآنِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هَؤُلَاءِ أَصْنَافٌ ، صِنْفٌ مِنْهُمْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ . وَصِنْفٌ مِنْهُمْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ . وَقَالَ آخَرُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا لِكَلَامِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي
قَالَ
الزَّجَّاجُ : " بَلَى " جَوَابُ النَّفْيِ ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ لَفْظُ النَّفْيِ ، وَلَكِنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي مَا هَدَانِي ، وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ قَالَ : مَا هُدِيتُ ، فَقِيلَ : بَلْ قَدْ بُيِّنَ لَكَ طَرِيقُ الْهُدَى فَكُنْتَ بِحَيْثُ لَوْ أَرَدْتَ أَنْ تُؤْمِنَ أَمْكَنَكَ أَنْ تُؤْمِنَ . " آيَاتِي " أَيِ : الْقُرْآنُ . وَقِيلَ : عَنَى بِالْآيَاتِ الْمُعْجِزَاتِ ، أَيْ : وَضَحَ الدَّلِيلُ فَأَنْكَرْتَهُ وَكَذَّبْتَهُ . وَاسْتَكْبَرْتَ أَيْ تَكَبَّرْتَ عَنِ الْإِيمَانِ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59اسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ وَهُوَ خِطَابُ الذَّكَرِ ; لِأَنَّ النَّفْسَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى . يُقَالُ : ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ . وَقَالَ الْمُبَرِّدُ : تَقُولُ الْعَرَبُ : نَفْسٌ وَاحِدٌ أَيْ : إِنْسَانٌ وَاحِدٌ . وَرَوَى
الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=831065عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ : " قَدْ جَاءَتْكِ آيَاتِي فَكَذَّبْتِ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتِ وَكُنْتِ مِنَ الْكَافِرِينَ " . وَقَرَأَ
الْأَعْمَشُ : " بَلَى قَدْ جَاءَتْهُ آيَاتِي "
[ ص: 244 ] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّذْكِيرِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ لَمْ يَلْحَقْ
أُمَّ سَلَمَةَ إِلَّا أَنَّ الْقِرَاءَةَ جَائِزَةٌ ; لِأَنَّ النَّفْسَ تَقَعُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ . وَقَدْ أَنْكَرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ : يَجِبُ إِذَا كُسِرَ التَّاءُ أَنْ تَقُولَ : وَكُنْتِ مِنَ الْكَوَافِرِ أَوْ مِنَ الْكَافِرَاتِ . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذَا لَا يَلْزَمُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَبْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ وَلَمْ يَقُلْ مِنَ السَّوَاخِرِ وَلَا مِنَ السَّاخِرَاتِ . وَالتَّقْدِيرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ عَلَى كَسْرِ التَّاءِ " وَاسْتَكْبَرْتِ وَكُنْتِ " مِنَ الْجَمْعِ السَّاخِرِينَ أَوْ مِنَ النَّاسِ السَّاخِرِينَ أَوْ مِنَ الْقَوْمِ السَّاخِرِينَ .