الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=25035_317باب اشتراط دخول الوقت للتيمم
358 - عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=17710جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت } .
359 - ( وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17710جعلت الأرض كلها لي ولأمتي [ ص: 324 ] مسجدا وطهورا ، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره } رواهما nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ) .
الحديث الأول أصله في الصحيحين ، والحديث الثاني إسناده في مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد هكذا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16893محمد بن أبي عدي عن سليمان : يعني التيمي عن nindex.php?page=showalam&ids=16074سيار عن أبي أمامة وذكره ، وإسناده ثقات إلا سيارا الأموي وهو صدوق .
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عند nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم والترمذي . وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عند الشيخين nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وعن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أشار إليه الترمذي . ورواه السراج في مسنده بإسناد قال العراقي صحيح . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في معالم السنن ، وسيأتي في الصلاة . وعن أبي أمامة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي في كتاب السير وقال حسن صحيح ولكنه لم يذكر فيه المقصود . وعن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر عند أبي داود . وعن أبي موسى عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني بإسناد جيد . وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ، وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وهو ضعيف . وعن nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني . وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني أيضا
قوله : ( جعلت لي الأرض مسجدا ) أي موضع سجود لا يختص السجود منها بموضع دون غيره ، ويمكن أن يكون مجازا عن المكان المبني للصلاة . قال الحافظ : وهو من مجاز التشبيه ; لأنه لما جازت الصلاة في جميعها كانت كالمسجد في ذلك ، قال الداودي وابن التين : والمراد أن الأرض جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم مسجدا وطهورا وجعلت لغيره مسجدا ولم تجعل له طهورا ; لأن عيسى كان يسبح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة ، وقيل : إنما أبيح لهم موضع يتيقنون طهارته ، بخلاف هذه الأمة فإنه أبيح لهم التطهر والصلاة إلا فيما تيقنوا نجاسته .
والأظهر ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وهو أن من قبله إنما أبيحت لهم الصلاة في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع . قال الحافظ في الفتح : ويؤيده رواية nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=42041وكان من قبلي إنما يصلون في كنائسهم } وهذا نص في موضع النزاع فثبتت الخصوصية ، ويؤيده ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وفيه { nindex.php?page=hadith&LINKID=33083لم يكن أحد من الأنبياء يصلي حتى يبلغ محرابه } قوله : ( وطهورا ) بفتح الطاء : أي مطهرة ، وفيه دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=348_342_23580التراب يرفع الحدث كالماء لاشتراكهما في الطهورية .
قال الحافظ : وفيه نظر وعلى أن التيمم جائز بجميع أجزاء الأرض لعموم لفظ الأرض لجميعها ، وقد أكده بقوله : " كلها " كما في الرواية الثانية . واستدل القائل بتخصيص التراب بما عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة مرفوعا بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=40044وجعلت تربتها لنا طهورا } وهذا خاص فينبغي أن يحمل عليه العام . وأجيب بأن تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره فلا يتم الاستدلال . ورد [ ص: 325 ] بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ التراب ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة وغيره .
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي { nindex.php?page=hadith&LINKID=40044وجعل التراب لي طهورا } أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي بإسناد حسن .
وأجيب أيضا عن ذلك الاستدلال بأن تعليق الحكم بالتربة مفهوم لقب ، ومفهوم اللقب ضعيف عند أرباب الأصول ولم يقل به : إلا الدقاق فلا ينتهض لتخصيص المنطوق ، ورد بأن الحديث سبق لإظهار التشريف ، فلو كان جائزا بغير التراب لما اقتصر عليه ، وأنت خبير بأنه لم يقتصر على التراب إلا في هذه الرواية ، نعم الافتراق في اللفظ حيث يحصل التأكيد في جعلها مسجدا دون الآخر كما سيأتي في حديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم يدل على الافتراق في الحكم وأحسن من هذا أن قوله تعالى: في آية المائدة منه يدل على أن المراد : التراب ، وذلك ; لأن كلمة من للتبعيض كما قال في الكشاف : إنه لا يفهم أحد من العرب من قول القائل : مسحت برأسي من الدهن والتراب إلا معنى التبعيض انتهى .
فإن قلت : سلمنا التبعيض فما الدليل على أن ذلك البعض هو التراب ؟ قلت : التنصيص عليه في الحديث المذكور . ومن الأدلة الدالة على أن المراد خصوص التراب ما ورد في القرآن والسنة من ذكر الصعيد والأمر بالتيمم منه وهو التراب ، لكنه قال في القاموس : والصعيد : التراب أو وجه الأرض .
وفي المصباح الصعيد : وجه الأرض ترابا كان أو غيره . قال nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لا أعلم اختلافا بين أهل اللغة في ذلك . قال الأزهري ; ومذهب أكثر العلماء أن الصعيد في قوله تعالى: { nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6صعيدا طيبا } هو التراب .
وفي كتاب فقه اللغة للثعالبي : الصعيد : تراب وجه الأرض ولم يذكر غيره . وفي المصباح أيضا . ويقال الصعيد في كلام العرب يطلق على وجوه : على التراب الذي على وجه الأرض ، وعلى وجه الأرض ، وعلى الطريق ; ويؤيد حمل الصعيد على العموم تيممه صلى الله عليه وسلم من الحائط فلا يتم الاستدلال . وقد ذهب إلى تخصيص التيمم بالتراب العترة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ; وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري إلى أنه يجزئ بالأرض وما عليها ، وسيعقد المصنف لذلك بابا قوله : ( أينما أدركتني الصلاة ) في الرواية الثانية " فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة " وفي الصحيحين " فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل " . وقد استدل به على عموم التيمم بأجزاء الأرض ; لأن قوله : " فأينما أدركت رجلا ، وأيما رجل " صيغة عموم ، فيدخل تحته من nindex.php?page=treesubj&link=348_342لم يجد ترابا ووجد غيره من أجزاء الأرض . قال ابن دقيق العيد : ومن خصص التيمم بالتراب يحتاج إلى أن يقيم دليلا يخص به هذا العموم أو يقول : دل الحديث على أنه يصلي وأنا أقول بذلك : فيصلي على الحالة ، ويرد عليه حديث الباب فإنه بلفظ " فعنده مسجده وعنده طهوره " .
وقد استدل nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف [ ص: 326 ] بالحديث على nindex.php?page=treesubj&link=317اشتراط دخول الوقت للتيمم لتقييد الأمر بالتيمم بإدراك الصلاة وإدراكها لا يكون إلا بعد دخول الوقت قطعا . وقد ذهب إلى ذلك الاشتراط العترة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، واستدلوا بقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } ولا قيام قبله والوضوء خصه الإجماع والسنة . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجزئ قبل الوقت كالوضوء ، وهذا هو الظاهر ، ولم يرد ما يدل على عدم الإجزاء ، والمراد بقوله إذا قمتم : إذا أردتم القيام ، وإرادة القيام تكون في الوقت وتكون قبله ، فلم يدل دليل على اشتراط الوقت حتى يقال خصص الوضوء الإجماع .