المسألة التاسعة : قالت
المعتزلة : الفاعل إنما يكون آتيا بالصواب والصلاح ، تاركا للقبيح والعبث إذا كان قادرا على كل المقدورات عالما بجميع المعلومات غنيا عن كل الحاجات ، فإنه إن لم يكن قادرا على الكل فربما فعل القبيح بسبب العجز ، وإن لم يكن عالما بكل المعلومات فربما فعل القبيح بسبب الجهل ، وإن لم يكن غنيا عن كل الحاجات فربما فعل القبيح بسبب الحاجة ، أما إذا كان قادرا على الكل عالما بالكل غنيا عن الكل امتنع منه الإقدام على فعل القبيح ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1العزيز ) إشارة إلى كمال القدرة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الحميد ) إشارة إلى كونه مستحقا للحمد في كل أفعاله ، وذلك إنما يحصل إذا كان عالما بالكل غنيا عن الكل ، فثبت بما ذكرنا أن صراط الله إنما كان موصوفا بكونه شريفا رفيعا عاليا لكونه صراطا مستقيما للإله الموصوف بكونه عزيزا حميدا ، فلهذا المعنى : وصف الله نفسه بهذين الوصفين في هذا المقام.
المسألة العاشرة : إنما قدم ذكر العزيز على ذكر الحميد ؛ لأن الصحيح أن أول العلم بالله العلم بكونه تعالى قادرا ، ثم بعد ذلك العلم بكونه عالما ، ثم بعد ذلك العلم بكونه غنيا عن الحاجات ، والعزيز هو القادر ، والحميد هو العالم الغني ، فلما كان
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28781_29682العلم بكونه تعالى قادرا متقدما على العلم بكونه عالما بالكل غنيا عن الكل لا جرم قدم الله ذكر العزيز على ذكر الحميد ، والله أعلم.
المسألة التَّاسِعَةُ : قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : الْفَاعِلُ إِنَّمَا يَكُونُ آتِيًا بِالصَّوَابِ وَالصَّلَاحِ ، تَارِكًا لِلْقَبِيحِ وَالْعَبَثِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى كُلِّ الْمَقْدُورَاتِ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ غَنِيًّا عَنْ كُلِّ الْحَاجَاتِ ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْكُلِّ فَرُبَّمَا فَعَلَ الْقَبِيحَ بِسَبَبِ الْعَجْزِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ فَرُبَّمَا فَعَلَ الْقَبِيحَ بِسَبَبِ الْجَهْلِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا عَنْ كُلِّ الْحَاجَاتِ فَرُبَّمَا فَعَلَ الْقَبِيحَ بِسَبَبِ الْحَاجَةِ ، أَمَّا إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكُلِّ عَالِمًا بِالْكُلِّ غَنِيًّا عَنِ الْكُلِّ امْتَنَعَ مِنْهُ الْإِقْدَامُ عَلَى فِعْلِ الْقَبِيحِ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الْعَزِيزِ ) إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الْحَمِيدِ ) إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا لِلْحَمْدِ فِي كُلِّ أَفْعَالِهِ ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْكُلِّ غَنِيًّا عَنِ الْكُلِّ ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ صِرَاطَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ شَرِيفًا رَفِيعًا عَالِيًا لِكَوْنِهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا لِلْإِلَهِ الْمَوْصُوفِ بِكَوْنِهِ عَزِيزًا حَمِيدًا ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى : وَصَفَ اللَّهُ نَفْسَهُ بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
المسألة الْعَاشِرَةُ : إِنَّمَا قَدَّمَ ذِكْرَ الْعَزِيزِ عَلَى ذِكْرِ الْحَمِيدِ ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ أَوَّلَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ عَالِمًا ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ غَنِيًّا عَنِ الْحَاجَاتِ ، وَالْعَزِيزُ هُوَ الْقَادِرُ ، وَالْحَمِيدُ هُوَ الْعَالِمُ الْغَنِيُّ ، فَلَمَّا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_28781_29682الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا مُتَقَدِّمًا عَلَى الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ عَالِمًا بِالْكُلِّ غَنِيًّا عَنِ الْكُلِّ لَا جَرَمَ قَدَّمَ اللَّهُ ذِكْرَ الْعَزِيزِ عَلَى ذِكْرِ الْحَمِيدِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.