القول في تأويل قوله تعالى:
[ 43، 44]
nindex.php?page=treesubj&link=30337_30437_30558_33385_34101_34131_34182_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار nindex.php?page=treesubj&link=28723_33179_33385_34182_34295_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة أي: الذي تدعوني إلى عبادته، ليس له دعوة في الدنيا لدفع الشدائد، والأمراض ونحوها،
[ ص: 5170 ] ولا في الآخرة لدفع أهوالها، على ما قاله
المهايمي . أو لا دعوة له في الدارين لعدمه بنفسه، واستحالة وجوده فيهما، على ما قاله
القاشاني . وقال
الشهاب : عدم الدعوة عبارة عن جماديتها، وأنها غير مستحقة لذلك.
وسياق: { لا جرم } عند البصريين أن يكون (لا) ردا لما دعاه إليه قومه و: ( جرم ) بمعنى كسب; أي: وكسب دعاؤهم إليه بطلان دعوته; أي: ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته، ويجوز أن يكون: { لا جرم } نظير (لابد) من الجرم وهو القطع. فكما أنك تقول: (لابد لك أن تفعل). والبد من التبديد الذي هو التفريق، ومعناه: لا مفارقة لك من فعل كذا، فكذلك: { لا جرم } معناه لا انقطاع لبطلان دعوة الأصنام. بل هي باطلة أبدا. هذا ما يستفاد من (الكشاف).
وفي "الصحاح": قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : { لا جرم } كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا محالة ولا بد فجرت على ذلك، وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة (حقا)، فلذلك يجاب عنها باللام. ألا تراهم يقولون: (لا جرم لآتيناك). وقد حقق الكلام فيها
nindex.php?page=showalam&ids=16493ابن هشام في (المغني) في بحث، والجلال في (همع الهوامع) أثناء بحث إن والقسم، فانظرهما
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين أي: في الضلالة، والطغيان، وسفك الدماء:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43هم أصحاب النار nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44فستذكرون ما أقول لكم أي: في النصح عند معاينة الأهوال، وما يحيق بكم:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44وأفوض أمري إلى الله أي: وأسلم أمري إليه، وأجعله له، وأتوكل عليه، فإنه الكافي من توكل عليه:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44إن الله بصير بالعباد أي: فيعلم المطيع منهم، والعاصي، ومن يستحق المثوبة والعقوبة.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 43، 44]
nindex.php?page=treesubj&link=30337_30437_30558_33385_34101_34131_34182_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ nindex.php?page=treesubj&link=28723_33179_33385_34182_34295_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ أَيِ: الَّذِي تَدْعُونِي إِلَى عِبَادَتِهِ، لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا لِدَفْعِ الشَّدَائِدِ، وَالْأَمْرَاضِ وَنَحْوِهَا،
[ ص: 5170 ] وَلَا فِي الْآخِرَةِ لِدَفْعِ أَهْوَالِهَا، عَلَى مَا قَالَهُ
الْمَهَايِمِيُّ . أَوْ لَا دَعْوَةَ لَهُ فِي الدَّارَيْنِ لِعَدَمِهِ بِنَفْسِهِ، وَاسْتِحَالَةِ وَجُودِهِ فِيهِمَا، عَلَى مَا قَالَهُ
الْقَاشَانِيُّ . وَقَالَ
الشِّهَابُ : عَدَمُ الدَّعْوَةِ عِبَارَةٌ عَنْ جَمَادِيَّتِهَا، وَأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحِقَّةٍ لِذَلِكَ.
وَسِيَاقُ: { لَا جَرَمَ } عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يَكُونَ (لَا) رَدًّا لِمَا دَعَاهُ إِلَيْهِ قَوْمُهُ وَ: ( جَرَمَ ) بِمَعْنَى كَسَبَ; أَيْ: وَكَسَبَ دُعَاؤُهُمْ إِلَيْهِ بُطْلَانَ دَعْوَتِهِ; أَيْ: مَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا ظُهُورُ بُطْلَانِ دَعْوَتِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: { لَا جَرَمَ } نَظِيرَ (لَابُدَّ) مِنَ الْجَرْمِ وَهُوَ الْقَطْعُ. فَكَمَا أَنَّكَ تَقُولُ: (لَابُدَّ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ). وَالْبُدُّ مِنَ التَّبْدِيدِ الَّذِي هُوَ التَّفْرِيقُ، وَمَعْنَاهُ: لَا مُفَارَقَةَ لَكَ مِنْ فِعْلِ كَذَا، فَكَذَلِكَ: { لَا جَرَمَ } مَعْنَاهُ لَا انْقِطَاعَ لِبُطْلَانِ دَعْوَةِ الْأَصْنَامِ. بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ أَبَدًا. هَذَا مَا يُسْتَفَادُ مِنْ (الْكَشَّافِ).
وَفِي "الصِّحَاحِ": قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفَرَّاءُ : { لَا جَرَمَ } كَلِمَةٌ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ بِمَنْزِلَةِ لَا مَحَالَةَ وَلَا بُدَّ فَجَرَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَثُرَتْ حَتَّى تَحَوَّلَتْ إِلَى مَعْنَى الْقَسَمِ، وَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ (حَقًّا)، فَلِذَلِكَ يُجَابُ عَنْهَا بِاللَّامِ. أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ: (لَا جَرَمَ لَآتَيْنَاكَ). وَقَدْ حَقَّقَ الْكَلَامَ فِيهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16493ابْنُ هِشَامٍ فِي (الْمُغْنِي) فِي بَحْثٍ، وَالْجَلَالُ فِي (هُمَعِ الْهَوَامِعِ) أَثْنَاءَ بَحْثِ إِنَّ وَالْقَسَمِ، فَانْظُرْهُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ أَيْ: فِي الضَّلَالَةِ، وَالطُّغْيَانِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ أَيْ: فِي النُّصْحِ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْأَهْوَالِ، وَمَا يَحِيقُ بِكُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ أَيْ: وَأُسَلِّمُ أَمْرِي إِلَيْهِ، وَأَجْعَلُهُ لَهُ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ الْكَافِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=44إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ أَيْ: فَيَعْلَمُ الْمُطِيعَ مِنْهُمْ، وَالْعَاصِيَ، وَمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَثُوبَةَ وَالْعُقُوبَةَ.