الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ( 98 ) )

يقول تعالى ذكره : وكثيرا أهلكنا يا محمد قبل قومك من مشركي قريش ، من قرن ، يعني من جماعة من الناس ، إذا سلكوا في خلافي وركوب معاصي مسلكهم ، هل تحس منهم من أحد : يقول : فهل تحس أنت منهم أحدا يا محمد فتراه وتعاينه ( أو تسمع لهم ركزا ) يقول :

أو تسمع لهم صوتا ، بل بادوا وهلكوا ، وخلت منهم دورهم ، وأوحشت منهم منازلهم ، وصاروا إلى دار لا ينفعهم فيها إلا صالح من عمل قدموه ، فكذلك قومك هؤلاء ، صائرون إلى ما صار إليه أولئك ، إن لم يعالجوا التوبة قبل الهلاك . [ ص: 265 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( أو تسمع لهم ركزا ) قال : صوتا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله ( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) قال : هل ترى عينا ، أو تسمع صوتا .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) يقول : هل تسمع من صوت ، أو ترى من عين .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله ( أو تسمع لهم ركزا ) يعني : صوتا .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : ركز الناس : أصواتهم . قال أبو كريب : قال سفيان : ( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) قال : أو تسمع لهم حسا . قال : والركز : الحس .

قال أبو جعفر : والركز في كلام العرب : الصوت الخفي ، كما قال الشاعر :


فتوجست ذكر الأنيس فراعها عن ظهر غيب والأنيس سقامها



آخر تفسير سورة مريم ، والحمد لله رب العالمين

التالي السابق


الخدمات العلمية