nindex.php?page=treesubj&link=29039قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سنسمه على الخرطوم فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سنسمه قال
ابن عباس : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سنسمه سنخطمه بالسيف . قال : وقد خطم الذي نزلت فيه يوم بدر بالسيف ; فلم يزل مخطوما إلى أن مات . وقال
قتادة :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سنسمه يوم القيامة على أنفه سمة يعرف بها ; يقال : وسمته وسما وسمة إذا أثرت فيه بسمة وكي . وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فهذه علامة ظاهرة . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=102ونحشر المجرمين يومئذ زرقا وهذه علامة أخرى ظاهرة . فأفادت هذه الآية علامة ثالثة وهي الوسم على الأنف بالنار ; وهذا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يعرف المجرمون بسيماهم قاله
[ ص: 220 ] الكلبي وغيره . وقال
أبو العالية ومجاهد : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سنسمه على الخرطوم أي على أنفه ، ونسود وجهه في الآخرة فيعرف بسواد وجهه . والخرطوم : الأنف من الإنسان . ومن السباع : موضع الشفة . وخراطيم القوم : ساداتهم . قال
الفراء : وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة فإنه في معنى الوجه ; لأن بعض الشيء يعبر به عن الكل . وقال
الطبري : نبين أمره تبيانا واضحا حتى يعرفوه فلا يخفى عليهم كما لا تخفى السمة على الخراطيم . وقيل : المعنى سنلحق به عارا وسبة حتى يكون كمن وسم على أنفه . قال
القتبي : تقول العرب للرجل يسب سبة سوء قبيحة باقية : قد وسم ميسم سوء ; أي ألصق به عار لا يفارقه ; كما أن السمة لا يمحى أثرها . قال
جرير :
لما وضعت على nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق ميسمي وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل
أراد به الهجاء . قال : وهذا كله نزل في
الوليد بن المغيرة . ولا نعلم أن الله تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغه منه ; فألحقه به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة ; كالوسم على الخرطوم . وقيل : هو ما ابتلاه الله به في الدنيا في نفسه وماله وأهله من سوء وذل وصغار ; قاله
ابن بحر . واستشهد بقول
الأعشى :
فدعها وما يغنيك واعمد لغيرها بشعرك واعلب أنف من أنت واسم
وقال
النضر بن شميل : المعنى سنحده على شرب الخمر ، والخرطوم : الخمر ، وجمعه خراطيم ، قال الشاعر :
تظل يومك في لهو وفي طرب وأنت بالليل شراب الخراطيم
قال الراجز
العجاج : صهباء خرطوما عقارا قرقفا وقال آخر :
أبا حاضر من يزن يعرف زناؤه
ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا
الثانية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : كان الوسم في الوجه لذي المعصية قديما عند الناس ، حتى إنه روي - كما تقدم - أن
اليهود لما أهملوا رجم الزاني اعتاضوا منه بالضرب وتحميم الوجه ; وهذا وضع باطل . ومن الوسم الصحيح في الوجه : ما رأى العلماء من تسويد وجه شاهد
[ ص: 221 ] الزور علامة على قبح المعصية وتشديدا لمن يتعاطاها لغيره ممن يرجى تجنبه بما يرجى من عقوبة شاهد الزور وشهرته ; فقد كان عزيزا بقول الحق وقد صار مهينا بالمعصية . وأعظم الإهانة إهانة الوجه . وكذلك كانت الاستهانة به في طاعة الله سببا لخيرة الأبد والتحريم له على النار ; فإن الله تعالى قد حرم على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ; حسب ما ثبت في الصحيح .
nindex.php?page=treesubj&link=29039قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سَنَسِمُهُ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سَنَسِمُهُ سَنَخْطِمُهُ بِالسَّيْفِ . قَالَ : وَقَدْ خُطِمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ يَوْمَ بَدْرٍ بِالسَّيْفِ ; فَلَمْ يَزَلْ مَخْطُومًا إِلَى أَنْ مَاتَ . وَقَالَ
قَتَادَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سَنَسِمُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَنْفِهِ سِمَةً يُعْرَفُ بِهَا ; يُقَالُ : وَسَمْتُهُ وَسْمًا وَسِمَةٌ إِذَا أَثَّرْتُ فِيهِ بِسِمَةٍ وَكَيٍّ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَهَذِهِ عَلَامَةٌ ظَاهِرَةٌ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=102وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا وَهَذِهِ عَلَامَةٌ أُخْرَى ظَاهِرَةٌ . فَأَفَادَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَامَةً ثَالِثَةً وَهِيَ الْوَسْمُ عَلَى الْأَنْفِ بِالنَّارِ ; وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ قَالَهُ
[ ص: 220 ] الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=16سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ أَيْ عَلَى أَنْفِهِ ، وَنُسَوِّدُ وَجْهَهُ فِي الْآخِرَةِ فَيُعْرَفُ بِسَوَادِ وَجْهِهِ . وَالْخُرْطُومُ : الْأَنْفُ مِنَ الْإِنْسَانِ . وَمِنَ السِّبَاعِ : مَوْضِعُ الشَّفَةِ . وَخَرَاطِيمُ الْقَوْمِ : سَادَاتُهُمْ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَإِنْ كَانَ الْخُرْطُومُ قَدْ خُصَّ بِالسِّمَةِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْوَجْهِ ; لِأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْكُلِّ . وَقَالَ
الطَّبَرِيُّ : نُبَيِّنُ أَمْرَهُ تِبْيَانًا وَاضِحًا حَتَّى يَعْرِفُوهُ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ كَمَا لَا تَخْفَى السِّمَةُ عَلَى الْخَرَاطِيمِ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى سَنُلْحِقُ بِهِ عَارًا وَسُبَّةً حَتَّى يَكُونَ كَمَنْ وُسِمَ عَلَى أَنْفِهِ . قَالَ
الْقُتَبِيُّ : تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ يُسَبُّ سُبَّةَ سُوءٍ قَبِيحَةٍ بَاقِيَةٍ : قَدْ وُسِمَ مِيسَمَ سُوءٍ ; أَيْ أُلْصِقَ بِهِ عَارٌ لَا يُفَارِقُهُ ; كَمَا أَنَّ السِّمَةَ لَا يُمْحَى أَثَرُهَا . قَالَ
جَرِيرٌ :
لَمَّا وَضَعْتُ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقِ مِيسَمِي وَعَلَى الْبَعِيثِ جَدَعْتُ أَنْفَ الْأَخْطَلِ
أَرَادَ بِهِ الْهِجَاءَ . قَالَ : وَهَذَا كُلُّهُ نَزَلَ فِي
الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ . وَلَا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَلَغَ مِنْ ذِكْرِ عُيُوبِ أَحَدٍ مَا بَلَغَهُ مِنْهُ ; فَأَلْحَقَهُ بِهِ عَارًا لَا يُفَارِقُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ; كَالْوَسْمِ عَلَى الْخُرْطُومِ . وَقِيلَ : هُوَ مَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ مِنْ سُوءٍ وَذُلٍّ وَصَغَارٍ ; قَالَهُ
ابْنُ بَحْرٍ . وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ
الْأَعْشَى :
فَدَعْهَا وَمَا يُغْنِيكَ وَاعْمِدْ لِغَيْرِهَا بِشَعْرِكَ وَاعْلُبْ أَنْفَ مَنْ أَنْتَ وَاسِمِ
وَقَالَ
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ : الْمَعْنَى سَنَحُدُّهُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَالْخُرْطُومُ : الْخَمْرُ ، وَجَمْعُهُ خَرَاطِيمُ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
تَظَلُّ يَوْمَكَ فِي لَهْوٍ وَفِي طَرَبٍ وَأَنْتَ بِاللَّيْلِ شَرَّابُ الْخَرَاطِيمِ
قَالَ الرَّاجِزُ
الْعَجَّاجُ : صَهْبَاءُ خُرْطُومًا عَقَارًا قَرْقَفَا وَقَالَ آخَرُ :
أَبَا حَاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِنَاؤُهُ
وَمَنْ يَشْرَبِ الْخُرْطُومَ يُصْبِحْ مُسْكَرَا
الثَّانِيَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : كَانَ الْوَسْمُ فِي الْوَجْهِ لِذِي الْمَعْصِيَةِ قَدِيمًا عِنْدَ النَّاسِ ، حَتَّى إِنَّهُ رُوِيَ - كَمَا تَقَدَّمَ - أَنَّ
الْيَهُودَ لَمَّا أَهْمَلُوا رَجْمَ الزَّانِي اعْتَاضُوا مِنْهُ بِالضَّرْبِ وَتَحْمِيمِ الْوَجْهِ ; وَهَذَا وَضْعٌ بَاطِلٌ . وَمِنَ الْوَسْمِ الصَّحِيحِ فِي الْوَجْهِ : مَا رَأَى الْعُلَمَاءُ مِنْ تَسْوِيدِ وَجْهِ شَاهِدِ
[ ص: 221 ] الزُّورِ عَلَامَةً عَلَى قُبْحِ الْمَعْصِيَةِ وَتَشْدِيدًا لِمَنْ يَتَعَاطَاهَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يُرْجَى تَجَنُّبُهُ بِمَا يُرْجَى مِنْ عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ وَشُهْرَتِهِ ; فَقَدْ كَانَ عَزِيزًا بِقَوْلِ الْحَقِّ وَقَدْ صَارَ مَهِينًا بِالْمَعْصِيَةِ . وَأَعْظَمُ الْإِهَانَةِ إِهَانَةُ الْوَجْهِ . وَكَذَلِكَ كَانَتِ الِاسْتِهَانَةُ بِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سَبَبًا لِخِيرَةِ الْأَبَدِ وَالتَّحْرِيمِ لَهُ عَلَى النَّارِ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنَ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ ; حَسْبَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ .