nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=19014_29020ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه الاغتياب : افتعال من غابه المتعدي ، إذا ذكره في غيبه بما يسوءه .
nindex.php?page=treesubj&link=19012فالاغتياب ذكر أحد غائب بما لا يحب أن يذكر به ، والاسم منه الغيبة بكسر الغين مثل الغيلة . وإنما يكون ذكره بما يكره غيبة إذا لم يكن ما ذكره به مما يثلم العرض وإلا صار قذعا .
وإنما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12ولا يغتب بعضكم بعضا دون أن يقول : اجتنبوا الغيبة . لقصد التوطئة للتمثيل الوارد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا لأنه لما كان ذلك التمثيل مشتملا على جانب فاعل الاغتياب ومفعوله مهد له بما يدل على ذاتين لأن ذلك يزيد التمثيل وضوحا .
والاستفهام في
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا تقريري لتحقق أن
[ ص: 255 ] كل أحد يقر بأنه لا يحب ذلك ، ولذلك أجيب الاستفهام بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12فكرهتموه " .
وإنما لم يرد الاستفهام على نفي محبة ذلك بأن يقال : ألا يحب أحدكم ، كما هو غالب الاستفهام التقريري ، إشارة إلى تحقق الإقرار المقرر عليه بحيث يترك للمقرر مجالا لعدم الإقرار ومع ذلك لا يسعه إلا الإقرار . مثلت الغيبة بأكل لحم الأخ الميت وهو يستلزم تمثيل المولوع بها بمحبة أكل لحم الأخ الميت ، والتمثيل مقصود منه استفظاع الممثل وتشويهه لإفادة الإغلاظ على المغتابين لأن الغيبة متفشية في الناس وخاصة في أيام الجاهلية .
فشبهت حالة اغتياب المسلم من هو أخوه في الإسلام وهو غائب بحالة أكل لحم أخيه وهو ميت لا يدافع عن نفسه ، وهذا التمثيل للهيئة قابل للتفريق بأن يشبه الذي اغتاب بآكل لحم ، ويشبه الذي اغتيب بأخ ، وتشبه غيبته بالموت .
والفاء في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12فكرهتموه " فاء الفصيحة ، وضمير الغائب عائد إلى " أحدكم " ، أو يعود إلى " لحم " .
والكراهة هنا : الاشمئزاز والتقذر . والتقدير : إن وقع هذا أو إن عرض لكم هذا فقد كرهتموه .
وفاء الفصيحة تفيد الإلزام بما بعدها كما صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فقد كذبوكم بما تقولون في سورة الفرقان ، أي تدل على أن لا مناص للمواجه بها من التزام مدلول جواب شرطها المحذوف .
والمعنى : فتعين إقراركم بما سئلتم عنه من الممثل به ( إذ لا يستطاع جحده ) تحققت كراهتكم له وتقذركم منه ، فليتحقق أن تكرهوا نظيره الممثل ، وهو الغيبة فكأنه قيل : فاكرهوا الممثل كما كرهتم الممثل به .
وفي هذا الكلام مبالغات : منها الاستفهام التقريري الذي لا يقع إلا على أمر مسلم عند المخاطب فجعلك للشيء في حيز الاستفهام التقريري يقتضي أنك تدعي أنه لا ينكره المخاطب .
ومنها جعل ما هو شديد الكراهة للنفس مفعولا لفعل المحبة للإشعار بتفظيع
[ ص: 256 ] حالة ما شبه به وحالة من ارتضاه لنفسه فلذلك لم يقل : أيتحمل أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ، بل قال أيحب أحدكم .
ومنها إسناد الفعل إلى أحد للإشعار بأن أحدا من الأحدين لا يحب ذلك .
ومنها أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان حتى جعل الإنسان أخا .
ومنها أنه لم يقتصر على كون المأكول لحم الأخ حتى جعل الأخ ميتا .
وفيه من المحسنات : الطباق بين " أيحب " وبين " فكرهتموه " .
nindex.php?page=treesubj&link=19014والغيبة حرام بدلالة هذه الآية وآثار من السنة بعضها صحيح وبعضها دونه .
وذلك أنها تشتمل على مفسدة ضعف في أخوة الإسلام . وقد تبلغ الذي اغتيب فتقدح في نفسه عداوة لمن اغتابه فينثلم بناء الأخوة ، ولأن فيها الاشتغال بأحوال الناس وذلك يلهي الإنسان عن الاشتغال بالمهم النافع له وترك ما لا يعنيه .
وهي عند المالكية من الكبائر وقل من صرح بذلك ، لكن الشيخ
عليا الصعيدي في حاشية الكفاية صرح بأنها عندنا من الكبائر مطلقا . ووجهه أن الله نهى عنها وشنعها . ومقتضى كلام
السجلماسي في كتاب العمل الفاسي أنها كبيرة .
وجعلها الشافعية من الصغائر لأن الكبيرة في اصطلاحهم فعل يؤذن بقلة اكتراث فاعله بالدين ورقة الديانة ، كذا حدها
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين .
فإذا كان ذلك لوجه مصلحة مثل تجريح الشهود ورواة الحديث
nindex.php?page=treesubj&link=19019وما يقال للمستشير في مخالطة أو مصاهرة فإن ذلك ليس بغيبة ، بشرط أن لا يتجاوز الحد الذي يحصل به وصف الحالة المسئول عنها .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=19021لا غيبة في فاسق بذكر فسقه دون مجاهرة له به . وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002454قال النبيء صلى الله عليه وسلم لما استؤذن عنده لعيينة بن حصن بئس أخو العشيرة ليحذره من سمعه إذ كان
عيينة يومئذ منحرفا عن الإسلام .
[ ص: 257 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري صاحب العدة في فروع الشافعية أنها صغيرة ، قال المحلي وأقره
الرافعي ومن تبعه . قلت : وذكر
السجلماسي في نظمه في المسائل التي جرى بها عمل القضاة في
فاس فقال :
ولا تجرح شاهدا بالغيبه لأنها عمت بها المصيبه
وذكر في شرحه : أن القضاة عملوا بكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي .
وأما عموم البلوى فلا يوجب اغتفار ما عمت به إلا عند الضرورة والتعذر كما ذكر ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12502أبي محمد بن أبي زيد .
وعندي : أن ضابط ذلك أن يكثر في الناس كثرة بحيث يصير غير دال على استخفاف بالوازع الديني فحينئذ يفارقها معنى ضعف الديانة الذي جعله الشافعية جزءا من ماهية الغيبة .
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=19014_29020وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيِّتًا فَكَرِهْتُمُوهُ الِاغْتِيَابُ : افْتِعَالٌ مِنْ غَابَهُ الْمُتَعَدِّي ، إِذَا ذَكَرَهُ فِي غَيْبِهِ بِمَا يَسُوءُهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=19012فَالِاغْتِيَابُ ذِكْرُ أَحَدٍ غَائِبٍ بِمَا لَا يُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ بِهِ ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الْغِيبَةُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ مِثْلَ الْغِيلَةِ . وَإِنَّمَا يَكُونُ ذِكْرُهُ بِمَا يَكْرَهُ غِيبَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ بِهِ مِمَّا يَثْلِمُ الْعِرْضَ وَإِلَّا صَارَ قَذْعًا .
وَإِنَّمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا دُونَ أَنْ يَقُولَ : اجْتَنِبُوا الْغَيْبَةَ . لِقَصْدِ التَّوْطِئَةِ لِلتَّمْثِيلِ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ التَّمْثِيلُ مُشْتَمِلًا عَلَى جَانِبِ فَاعِلِ الِاغْتِيَابِ وَمَفْعُولِهِ مَهَّدَ لَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَاتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ التَّمْثِيلَ وُضُوحًا .
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا تَقْرِيرِيٌّ لِتَحَقُّقِ أَنَّ
[ ص: 255 ] كُلَّ أَحَدٍ يُقِرُّ بِأَنَّهُ لَا يُحِبُّ ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ أُجِيبَ الِاسْتِفْهَامُ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12فَكَرِهْتُمُوهُ " .
وَإِنَّمَا لَمْ يَرِدِ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى نَفْيِ مَحَبَّةِ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ : أَلَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ ، كَمَا هُوَ غَالِبُ الِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ ، إِشَارَةً إِلَى تَحَقُّقِ الْإِقْرَارِ الْمُقَرَّرِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَتْرُكُ لِلْمُقَرَّرِ مَجَالًا لِعَدَمِ الْإِقْرَارِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَسَعُهُ إِلَّا الْإِقْرَارُ . مُثِّلَتِ الْغَيْبَةُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْأَخِ الْمَيِّتِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ تَمْثِيلَ الْمَوْلُوعِ بِهَا بِمَحَبَّةِ أَكْلِ لَحْمِ الْأَخِ الْمَيِّتِ ، وَالتَّمْثِيلُ مَقْصُودٌ مِنْهُ اسْتِفْظَاعُ الْمُمَثَّلِ وَتَشْوِيهُهُ لِإِفَادَةِ الْإِغْلَاظِ عَلَى الْمُغْتَابِينَ لِأَنَّ الْغِيبَةَ مُتَفَشِّيَةٌ فِي النَّاسِ وَخَاصَّةً فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ .
فَشُبِّهَتْ حَالَةُ اغْتِيَابِ الْمُسْلِمِ مَنْ هُوَ أَخُوهُ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ غَائِبٌ بِحَالَةِ أَكْلِ لَحْمِ أَخِيهِ وَهُوَ مَيِّتٌ لَا يُدَافِعُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَهَذَا التَّمْثِيلُ لِلْهَيْئَةِ قَابِلٌ لِلتَّفْرِيقِ بِأَنْ يُشَبَّهَ الَّذِي اغْتَابَ بِآكِلِ لَحْمٍ ، وَيُشَبَّهَ الَّذِي اغْتِيبَ بِأَخٍ ، وَتُشَبَّهَ غِيبَتُهُ بِالْمَوْتِ .
وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12فَكَرِهْتُمُوهُ " فَاءُ الْفَصِيحَةِ ، وَضَمِيرُ الْغَائِبِ عَائِدٌ إِلَى " أَحَدُكُمْ " ، أَوْ يَعُودُ إِلَى " لَحْمَ " .
وَالْكَرَاهَةُ هُنَا : الِاشْمِئْزَازُ وَالتَّقَذُّرُ . وَالتَّقْدِيرُ : إِنْ وَقَعَ هَذَا أَوْ إِنْ عَرَضَ لَكُمْ هَذَا فَقَدَ كَرِهْتُمُوهُ .
وَفَاءُ الْفَصِيحَةِ تُفِيدُ الْإِلْزَامَ بِمَا بَعْدَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=19فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ ، أَيْ تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا مَنَاصَ لِلْمُوَاجَهِ بِهَا مِنِ الْتِزَامِ مَدْلُولِ جَوَابِ شَرْطِهَا الْمَحْذُوفِ .
وَالْمَعْنَى : فَتَعَيَّنَ إِقْرَارُكُمْ بِمَا سُئِلْتُمْ عَنْهُ مِنَ الْمُمَثَّلِ بِهِ ( إِذْ لَا يُسْتَطَاعُ جَحْدُهُ ) تَحَقَّقَتْ كَرَاهَتُكُمْ لَهُ وَتَقَذُّرُكُمْ مِنْهُ ، فَلْيَتَحَقَّقْ أَنْ تَكْرَهُوا نَظِيرَهُ الْمُمَثَّلَ ، وَهُوَ الْغَيْبَةُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ : فَاكْرَهُوا الْمُمَثَّلَ كَمَا كَرِهْتُمُ الْمُمَثَّلَ بِهِ .
وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مُبَالَغَاتٌ : مِنْهَا الِاسْتِفْهَامُ التَّقْرِيرِيُّ الَّذِي لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى أَمْرٍ مُسَلَّمٍ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ فَجَعْلُكَ لِلشَّيْءِ فِي حَيِّزِ الِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ يَقْتَضِي أَنَّكَ تَدَّعِي أَنَّهُ لَا يُنْكِرُهُ الْمُخَاطَبُ .
وَمِنْهَا جَعْلُ مَا هُوَ شَدِيدُ الْكَرَاهَةِ لِلنَّفْسِ مَفْعُولًا لِفِعْلِ الْمَحَبَّةِ لِلْإِشْعَارِ بِتَفْظِيعِ
[ ص: 256 ] حَالَةِ مَا شُبِّهَ بِهِ وَحَالَةِ مَنِ ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ : أَيَتَحَمَّلُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ، بَلْ قَالَ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ .
وَمِنْهَا إِسْنَادُ الْفِعْلِ إِلَى أَحَدٍ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأَحَدَيْنِ لَا يُحِبُّ ذَلِكَ .
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى تَمْثِيلِ الِاغْتِيَابِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْإِنْسَانِ حَتَّى جَعَلَ الْإِنْسَانَ أَخًا .
وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى كَوْنِ الْمَأْكُولِ لَحْمَ الْأَخِ حَتَّى جَعَلَ الْأَخَ مَيِّتًا .
وَفِيهِ مِنَ الْمُحَسِّنَاتِ : الطِّبَاقُ بَيْنَ " أَيُحِبُّ " وَبَيْنَ " فَكَرِهْتُمُوهُ " .
nindex.php?page=treesubj&link=19014وَالْغِيبَةُ حَرَامٌ بِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ وَآثَارٍ مِنَ السُّنَّةِ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضُهَا دُونَهُ .
وَذَلِكَ أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مَفْسَدَةِ ضَعْفٍ فِي أُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ . وَقَدْ تَبْلُغُ الَّذِي اغْتِيبَ فَتَقْدَحُ فِي نَفْسِهِ عَدَاوَةً لِمَنِ اغْتَابَهُ فَيَنْثَلِمُ بِنَاءُ الْأُخُوَّةِ ، وَلِأَنَّ فِيهَا الِاشْتِغَالَ بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَذَلِكَ يُلْهِي الْإِنْسَانَ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْمُهِمِّ النَّافِعِ لَهُ وَتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيهِ .
وَهِيَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَقَلَّ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ، لَكِنَّ الشَّيْخَ
عَلِيًّا الصَّعِيدِيَّ فِي حَاشِيَةِ الْكِفَايَةِ صَرَّحَ بِأَنَّهَا عِنْدَنَا مِنَ الْكَبَائِرِ مُطْلَقًا . وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّهَ نَهَى عَنْهَا وَشَنَّعَهَا . وَمُقْتَضَى كَلَامِ
السِّجِلْمَاسِيِّ فِي كِتَابِ الْعَمَلِ الْفَاسِيِّ أَنَّهَا كَبِيرَةٌ .
وَجَعَلَهَا الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الصَّغَائِرِ لِأَنَّ الْكَبِيرَةَ فِي اصْطِلَاحِهِمْ فِعْلٌ يُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ فَاعِلِهِ بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ ، كَذَا حَدَّهَا
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ .
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لِوَجْهِ مَصْلَحَةٍ مِثْلِ تَجْرِيحِ الشُّهُودِ وَرُوَاةِ الْحَدِيثِ
nindex.php?page=treesubj&link=19019وَمَا يُقَالُ لِلْمُسْتَشِيرِ فِي مُخَالَطَةٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِغِيبَةٍ ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْحَدَّ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ وَصْفُ الْحَالَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=19021لَا غِيبَةَ فِي فَاسِقٍ بِذِكْرِ فِسْقِهِ دُونَ مُجَاهَرَةٍ لَهُ بِهِ . وَقَدْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002454قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اسْتُؤْذِنَ عِنْدَهُ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ لِيَحْذَرَهُ مَنْ سَمِعَهُ إِذْ كَانَ
عُيَيْنَةُ يَوْمَئِذٍ مُنْحَرِفًا عَنِ الْإِسْلَامِ .
[ ص: 257 ] وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ صَاحِبِ الْعُدَّةِ فِي فُرُوعِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ ، قَالَ الْمَحَلِّيُّ وَأَقَرَّهُ
الرَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ . قُلْتُ : وَذَكَرَ
السِّجِلْمَاسِيُّ فِي نَظْمِهِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي جَرَى بِهَا عَمَلُ الْقُضَاةِ فِي
فَاسَ فَقَالَ :
وَلَا تُجَّرِحْ شَاهِدًا بِالْغِيبَه لِأَنَّهَا عَمَّتْ بِهَا الْمُصِيبَه
وَذَكَرَ فِي شَرْحِهِ : أَنَّ الْقُضَاةَ عَمِلُوا بِكَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ .
وَأَمَّا عُمُومُ الْبَلْوَى فَلَا يُوجِبُ اغْتِفَارَ مَا عَمَّتْ بِهِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالتَّعَذُّرِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12502أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ .
وَعِنْدِي : أَنَّ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ فِي النَّاسِ كَثْرَةً بِحَيْثُ يَصِيرُ غَيْرَ دَالٍّ عَلَى اسْتِخْفَافٍ بِالْوَازِعِ الدِّينِيِّ فَحِينَئِذٍ يُفَارِقُهَا مَعْنَى ضَعْفِ الدِّيَانَةِ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّافِعِيَّةُ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْغَيْبَةِ .