الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد

عطف على وجاءت سكرة الموت بالحق على تفسير الجمهور . فأما على تفسير الفخر فالجملة مستأنفة وصيغة المضي في قوله : " ونفخ " مستعملة في معنى المضارع ، أي ينفخ في الصور فصيغ له المضي لتحقق وقوعه مثل قوله تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه ، والمشار إليه بذلك في قوله : ذلك يوم الوعيد إذ أن ذلك الزمان الذي نفخ في الصور عنده هو يوم الوعيد .

والنفخ في الصور تقدم القول فيه عند قوله تعالى : وله الملك يوم ينفخ في الصور في سورة الأنعام .

وجملة ذلك يوم الوعيد معترضة .

والإشارة في قوله : ذلك يوم الوعيد راجعة إلى النفع المأخوذ من فعل ونفخ في الصور . والإخبار عن النفخ بأنه يوم الوعيد بتقدير مضاف ، أي ذلك حلول يوم الوعيد .

وإضافة يوم إلى الوعيد من إضافة الشيء إلى ما يقع فيه ، أي يوم حصول الوعيد الذي كانوا توعدوا به ، والاقتصار على ذكر الوعيد لما علمت من أن المقصود الأول من هذه الآية هم المشركون . وفي الكلام اكتفاء ، تقديره : ويوم الوعد .

وعطفت جملة ( جاءت كل نفس ) على جملة نفخ في الصور . والمراد بـ " كل نفس " كل نفس من المتحدث عنهم وهم المشركون ، ويدل عليه أمور :

[ ص: 308 ] أحدها : السياق .

والثاني : قوله : " معها سائق " لأن السائق يناسب إزجاء أهل الجرائم ، وأما المهديون إلى الكرامة فإنما يهديهم قائد يسير أمامهم قال تعالى : كأنما يساقون إلى الموت .

والثالث : قوله بعده لقد كنت في غفلة من هذا .

والرابع : قوله بعده وقال قرينه هذا ما لدي عتيد الآية .

وجملة معها سائق وشهيد بدل اشتمال من جملة ( جاءت كل نفس ) . و " سائق " مرفوع بالظرف الذي هو معها على رأي من أجازه ، أو مبتدأ خبره معها . ويجوز أن يكون جملة معها سائق وشهيد حالا من كل نفس . وعطف " وشهيد " على سائق يجوز أن يكون من عطف ذات على ذات فيكون المراد ملكين أحدهما يسوق النفس إلى المحشر والآخر يشهد عليها بما حوته صحائف أعمالها . ويجوز أن يكون من عطف الصفات مثل :


إلى الملك القرم وابن الهمام



فهو ملك واحد .

والسائق الذي يجعل غيره أمامه يزجيه في السير ليكون بمرأى منه كيلا ينفلت وذلك من شأن المشي به إلى ما يسوء قال تعالى : كأنما يساقون إلى الموت وقال وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ، وأما قوله : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا فمشاكلة . وضد السوق : القود .

التالي السابق


الخدمات العلمية