nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28980إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا هذا كلام مبتدأ يتضمن ذكر نوع آخر من قبائح الكفار وذلك أن الله - سبحانه - لما حكم في كل وقت بحكم خاص غيروا تلك الأوقات بالنسيء والكبيسة ، فأخبرنا الله بما هو حكمه ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36إن عدة الشهور أي عدد شهور السنة عند الله في حكمه وقضائه وحكمته اثنا عشر شهرا .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36في كتاب الله أي فيما أثبته في كتابه .
قال
أبو علي الفارسي : لا يجوز أن يتعلق في كتاب الله بقوله : " عدة الشهور " للفصل بالأجنبي وهو الخبر : أعني اثنا عشر شهرا ، فقوله : في كتاب الله ، وقوله : " يوم خلق " بدل من قوله : عند الله ، والتقدير : إن عدة الشهور عند الله في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض ، وفائدة الإبدالين تقرير الكلام في الأذهان لأنه يعلم منه أن ذلك العدد واجب عند الله في كتاب الله ، وثابت في علمه في أول ما خلق الله العالم .
ويجوز أن يكون في كتاب الله صفة " اثنا عشر " : أي اثنا عشر مثبتة في كتاب الله وهو اللوح المحفوظ .
وفي هذه الآية بيان أن الله - سبحانه - وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها على هذا الترتيب المعروف يوم خلق السماوات والأرض ، وأن هذا هو الذي جاءت به الأنبياء ونزلت به الكتب ، وأنه لا اعتبار بما عند العجم
والروم والقبط من الشهور التي يصطلحون عليها ويجعلون بعضها ثلاثين يوما ، وبعضها أكثر ، وبعضها أقل .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36منها أربعة حرم هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب : ثلاثة سرد ، وواحد فرد; كما ورد بيان ذلك في السنة المطهرة .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36ذلك الدين القيم أي : كون هذه الشهور كذلك ، ومنها أربعة حرم هو الدين المستقيم ، والحساب الصحيح ، والعدد المستوفى .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36فلا تظلموا فيهن أنفسكم أي في هذه الأشهر الحرم بإيقاع القتال فيها والهتك لحرمتها ، وقيل : إن الضمير يرجع إلى الشهور كلها الحرم وغيرها ، وإن الله نهى عن الظلم فيها ، والأول أولى .
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن تحريم القتال
[ ص: 571 ] في الأشهر الحرم ثابت محكم لم ينسخ لهذه الآية ، ولقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ( المائدة : 2 ) ولقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ( التوبة : 5 ) الآية .
وقد ذهب جماعة آخرون إلى أن تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=8193_32204القتال في الأشهر الحرم منسوخ بآية السيف .
ويجاب عنه بأن الأمر بقتل المشركين ومقاتلتهم مقيد بانسلاخ الأشهر الحرم كما في الآية المذكورة ، فتكون سائر الآيات المتضمنة للأمر بالقتال مقيدة بما ورد في تحريم القتال في الأشهر الحرم ، كما هي مقيدة بتحريم القتال في الحرم للأدلة الواردة في تحريم القتال فيه ، وأما ما استدلوا به من
أنه - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطائف في شهر حرام وهو ذو القعدة كما ثبت في الصحيحين وغيرهما ، فقد أجيب عنه أنه لم يبتد محاصرتهم في ذي القعدة بل في شوال ، والمحرم إنما هو ابتداء القتال في الأشهر الحرم لا إتمامه وبهذا يحصل الجمع .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وقاتلوا المشركين كافة أي جميعا ، وهو مصدر في موضع الحال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : مثل هذا من المصادر كعامة وخاصة لا يثنى ولا يجمع
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36كما يقاتلونكم كافة أي جميعا .
وفيه دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=7918وجوب قتال المشركين ، وأنه فرض على الأعيان إن لم يقم به البعض
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36واعلموا أن الله مع المتقين أي ينصرهم ويثبتهم ، ومن كان الله معه فهو الغالب ، وله العاقبة والغلبة .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إنما النسيء زيادة في الكفر .
قرأ
نافع في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش عنه " النسي " بياء مشددة بدون همز .
وقرأ الباقون بياء بعدها همزة .
قال
النحاس : ولم يرو أحد ، عن
نافع هذه القراءة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش وحده ، وهو مشتق من نسأه وأنسأه : إذا أخره ، حكى ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي .
قال
الجوهري : النسيء فعيل بمعنى مفعول من قولك : نسأت الشيء فهو منسوء : إذا أخرته ، ثم تحول منسوء إلى نسيء كما تحول مقتول إلى قتيل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : في النسيء بالهمزة معنى الزيادة يقال : نسأ ينسأ : إذا زاد ، قال : ولا يكون بترك الهمزة إلا من النسيان كما قال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67نسوا الله فنسيهم ، ورد على
نافع قراءته .
وكانت العرب تحرم القتال في الأشهر الحرم المذكورة ، فإذا احتاجوا إلى القتال فيها قاتلوا فيها وحرموا غيرها ، فإذا قاتلوا في المحرم حرموا بدله شهر صفر ، وهكذا في غيره ، وكان الذي يحملهم على هذا أن كثيرا منهم إنما كانوا يعيشون بالغارة على بعضهم البعض ، ونهب ما يمكنهم نهبه من أموال من يغيرون عليه ، ويقع بينهم بسبب ذلك القتال ، وكانت الأشهر الثلاثة المسرودة يضر بهم تواليها وتشتد حاجتهم وتعظم فاقتهم ، فيحللون بعضها ويحرمون مكانه بقدره من غير الأشهر الحرم ، فهذا هو معنى النسيء الذي كانوا يفعلونه .
وقد وقع الخلاف في أول من فعل ذلك فقيل : هو رجل من
بني كنانة يقال له
حذيفة بن عتيد ، ويلقب القلمس ، وإليه يشير
nindex.php?page=showalam&ids=15102الكميت بقوله :
ألسنا الناسئين على معد شهور الحل نجعلها حراما
وفيه يقول قائلهم :
ومنا ناسئ الشهر القلمس
وقيل : هو
عمرو بن لحي ، وقيل : هو
نعيم بن ثعلبة من
بني كنانة ، وسمى الله - سبحانه - النسيء زيادة في الكفر لأنه نوع من أنواع كفرهم ، ومعصية من معاصيهم المنضمة إلى كفرهم بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37يضل به الذين كفروا .
قرأ أهل الحرمين
وأبو عمرو ،
وابن عامر " يضل " على البناء للمعلوم .
وقرأ الكوفيون على البناء للمجهول ، ومعنى القراءة الأولى أن الكفار يضلون بما يفعلونه من النسيء ، ومعنى القراءة الثانية ، أن الذي سن لهم ذلك يجعلهم ضالين بهذه السنة السيئة ، وقد اختار القراءة الأولى
أبو حاتم ، واختار القراءة الثانية
أبو عبيد .
وقرأ
الحسن ،
وأبو رجاء ،
ويعقوب " يضل " بضم الياء وكسر الضاد على أن فاعله الموصول ، ومفعوله محذوف ، ويجوز أن يكون فاعله هو الله - سبحانه - ومفعوله الموصول .
وقرئ بفتح الياء والضاد من ضل يضل .
وقرئ نضل بالنون .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37يحلونه عاما ويحرمونه عاما الضمير راجع إلى النسيء : أي يحلون النسيء عاما ويحرمونه عاما ، أو إلى الشهر الذي يؤخرونه ويقاتلون فيه : أي يحلونه عاما بإبداله بشهر آخر من شهور الحل ، " يحرمونه عاما " : أي يحافظون عليه فلا يحلون فيه القتال ، بل يبقونه على حرمته .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37ليواطئوا عدة ما حرم الله أي لكي يواطئوا ، والمواطأة الموافقة ، يقال : تواطأ القوم على كذا : أي توافقوا عليه واجتمعوا .
والمعنى : إنهم لم يحلوا شهرا إلا حرموا شهرا لتبقى الأشهر الحرم أربعة .
قال
قطرب : معناه عمدوا إلى صفر فزادوه في الأشهر الحرم وقرنوه بالمحرم في التحريم ، وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37فيحلوا ما حرم الله أي من الأشهر الحرم التي أبدلوها بغيرها
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37زين لهم سوء أعمالهم أي : زين لهم الشيطان الأعمال السيئة التي يعملونها ، ومن جملتها النسيء .
وقرئ على البناء للفاعل .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37والله لا يهدي القوم الكافرين أي المصرين على كفرهم ، المستمرين عليه فلا يهديهم هداية توصلهم إلى المطلوب ، وأما الهداية بمعنى الدلالة على الحق والإرشاد إليه فقد نصبها الله - سبحانه - لجميع عباده .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ،
ومسلم ، وغيرهما ، من حديث
أبي بكر nindex.php?page=hadith&LINKID=1020338أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب في حجته فقال : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاث متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان .
وأخرج نحوه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : وأخرج نحوه
ابن المنذر ،
وأبو الشيخ ،
وابن مردويه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وأخرج نحوه أيضا
البزار ، ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن مردويه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وأخرجه
أحمد ، ،
وابن مردويه من حديث
أبي حرة الرقاشي عن عمه مرفوعا مطولا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور [ ص: 572 ] وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36منها أربعة حرم فقال : المحرم ، ورجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة .
وأخرج
أبو الشيخ ، عن
الضحاك ، قال : إنما سمين حرما لئلا يكون فيهن حرب .
وأخرج
ابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
والبيهقي في الشعب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حرما ، وعظم حرماتهن ، وجعل الدين فيهن أعظم ، والعمل الصالح والأجر أعظم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36فلا تظلموا فيهن أنفسكم قال : في كلهن
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وقاتلوا المشركين كافة يقول جميعا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
مقاتل في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وقاتلوا المشركين كافة قال : نسخت هذه الآية كل آية فيها رخصة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ،
وأبو الشيخ ،
وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020339nindex.php?page=treesubj&link=30578كانت العرب يحلون عاما شهرا وعاما شهرين ، ولا يصيبون الحج إلا في كل سنة ، وعشرين سنة مرة ، وهي النسيء الذي ذكره الله في كتابه ، فلما كان عام حج أبو بكر بالناس ، وافق ذلك العام ، فسماه الله الحج الأكبر ، ثم حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العام المقبل ، واستقبل الناس الأهلة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003513وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة فقال : إنما النسيء من الشيطان زيادة في الكفر ، يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما فكانوا يحرمون المحرم عاما ويستحلون صفرا ، ويحرمون صفرا عاما ويستحلون المحرم ، وهي النسيء .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كان
جنادة بن عوف الكناني يوافي الموسم كل عام ، وكان يكنى
أبا ثمامة ، فينادي ألا إن
أبا ثمامة لا يخاب ولا يعاب ، ألا وإن صفر الأول العام حلال ، فيحله للناس ، فيحرم صفرا عاما ، ويحرم المحرم عاما فذلك قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إنما النسيء زيادة في الكفر الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عنه في الآية قال : المحرم كانوا يسمونه صفرا ، وصفر يقولون صفران الأول والآخر ، يحل لهم مرة الأول ، ومرة الآخر .
وأخرج
ابن مردويه ، عنه قال : كانت النساءة حيا من
بني مالك من
كنانة من
بني فقيم ، فكان آخرهم رجلا يقال له
القلمس ، وهو الذي أنسأ المحرم .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36nindex.php?page=treesubj&link=28980إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا هَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ قَبَائِحِ الْكُفَّارِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - لَمَّا حَكَمَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِحُكْمٍ خَاصٍّ غَيَّرُوا تِلْكَ الْأَوْقَاتَ بِالنَّسِيءِ وَالْكَبِيسَةِ ، فَأَخْبَرَنَا اللَّهُ بِمَا هُوَ حُكْمُهُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ أَيْ عَدَدِ شُهُورِ السَّنَةِ عِنْدَ اللَّهِ فِي حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَحِكْمَتِهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36فِي كِتَابِ اللَّهِ أَيْ فِيمَا أَثْبَتَهُ فِي كِتَابِهِ .
قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ : لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَعَلَّقَ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ : " عِدَّةَ الشُّهُورِ " لِلْفَصْلِ بِالْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ الْخَبَرُ : أَعْنِي اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، فَقَوْلُهُ : فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَقَوْلُهُ : " يَوْمَ خَلَقَ " بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ : عِنْدَ اللَّهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَفَائِدَةُ الْإِبْدَالَيْنِ تَقْرِيرُ الْكَلَامِ فِي الْأَذْهَانِ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ الْعَدَدَ وَاجِبٌ عِنْدَ اللَّهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَثَابِتٌ فِي عِلْمِهِ فِي أَوَّلِ مَا خَلْقَ اللَّهُ الْعَالَمَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ صِفَةُ " اثْنَا عَشَرَ " : أَيِ اثْنَا عَشَرَ مُثْبَتَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - وَضَعَ هَذِهِ الشُّهُورَ وَسَمَّاهَا بِأَسْمَائِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الْمَعْرُوفِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَنَزَلَتْ بِهِ الْكُتُبُ ، وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِمَا عِنْدَ الْعَجَمِ
وَالرُّومِ وَالْقِبْطِ مِنَ الشُّهُورِ الَّتِي يَصْطَلِحُونَ عَلَيْهَا وَيَجْعَلُونَ بَعْضَهَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، وَبَعْضَهَا أَكْثَرَ ، وَبَعْضَهَا أَقَلَّ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ هِيَ : ذُو الْقِعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ : ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ ، وَوَاحِدٌ فَرْدٌ; كَمَا وَرَدَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أَيْ : كَوْنُ هَذِهِ الشُّهُورِ كَذَلِكَ ، وَمِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ هُوَ الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ ، وَالْحِسَابُ الصَّحِيحُ ، وَالْعَدَدُ الْمُسْتَوْفَى .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ أَيْ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِإِيقَاعِ الْقِتَالِ فِيهَا وَالْهَتْكِ لِحُرْمَتِهَا ، وَقِيلَ : إِنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إِلَى الشُّهُورِ كُلِّهَا الْحُرُمِ وَغَيْرِهَا ، وَإِنَّ اللَّهَ نَهَى عَنِ الظُّلْمِ فِيهَا ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْقِتَالِ
[ ص: 571 ] فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ثَابِتٌ مُحْكَمٌ لَمْ يُنْسَخْ لِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ( الْمَائِدَةِ : 2 ) وَلِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ( التَّوْبَةِ : 5 ) الْآيَةَ .
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ تَحْرِيمَ
nindex.php?page=treesubj&link=8193_32204الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ .
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَمُقَاتَلَتِهِمْ مُقَيَّدٌ بِانْسِلَاخِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ كَمَا فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ ، فَتَكُونُ سَائِرُ الْآيَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْأَمْرِ بِالْقِتَالِ مُقَيَّدَةً بِمَا وَرَدَ فِي تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، كَمَا هِيَ مُقَيَّدَةٌ بِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ لِلْأَدِلَّةِ الْوَارِدَةِ فِي تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ ، وَأَمَّا مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ
أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ وَهُوَ ذُو الْقِعْدَةِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ، فَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِ مُحَاصَرَتَهُمْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ بَلْ فِي شَوَّالٍ ، وَالْمُحَرَّمُ إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءُ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لَا إِتْمَامُهُ وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً أَيْ جَمِيعًا ، وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : مِثْلُ هَذَا مِنَ الْمَصَادِرِ كَعَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً أَيْ جَمِيعًا .
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=7918وُجُوبِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ، وَأَنَّهُ فُرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ إِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ الْبَعْضُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ أَيْ يَنْصُرُهُمْ وَيُثَبِّتُهُمْ ، وَمَنْ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ فَهُوَ الْغَالِبُ ، وَلَهُ الْعَاقِبَةُ وَالْغَلَبَةُ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ .
قَرَأَ
نَافِعٌ فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=17274وَرْشٍ عَنْهُ " النَّسِيُّ " بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ بِدُونِ هَمْزٍ .
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِيَاءٍ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ ، عَنْ
نَافِعٍ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=17274وَرْشٌ وَحْدَهُ ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ نَسَأَهُ وَأَنْسَأَهُ : إِذَا أَخَّرَهُ ، حَكَى ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ .
قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : النَّسِيءُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ قَوْلِكَ : نَسَأْتُ الشَّيْءَ فَهُوَ مَنْسُوءٌ : إِذَا أَخَّرْتَهُ ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مَنْسُوءٌ إِلَى نَسِيءٍ كَمَا تَحَوَّلَ مَقْتُولٌ إِلَى قَتِيلٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : فِي النَّسِيءِ بِالْهَمْزَةِ مَعْنَى الزِّيَادَةِ يُقَالُ : نَسَأَ يَنْسَأُ : إِذَا زَادَ ، قَالَ : وَلَا يَكُونُ بِتَرْكِ الْهَمْزَةِ إِلَّا مِنَ النِّسْيَانِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ، وَرَدَّ عَلَى
نَافِعٍ قِرَاءَتَهُ .
وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُحَرِّمُ الْقِتَالَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الْمَذْكُورَةِ ، فَإِذَا احْتَاجُوا إِلَى الْقِتَالِ فِيهَا قَاتَلُوا فِيهَا وَحَرَّمُوا غَيْرَهَا ، فَإِذَا قَاتَلُوا فِي الْمُحَرَّمِ حَرَّمُوا بَدَلَهُ شَهْرَ صَفَرٍ ، وَهَكَذَا فِي غَيْرِهِ ، وَكَانَ الَّذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى هَذَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَعِيشُونَ بِالْغَارَةِ عَلَى بَعْضِهِمُ الْبَعْضِ ، وَنَهْبِ مَا يُمْكِنُهُمْ نَهْبُهُ مِنْ أَمْوَالِ مَنْ يُغِيرُونَ عَلَيْهِ ، وَيَقَعُ بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْقِتَالُ ، وَكَانَتِ الْأَشْهُرُ الثَّلَاثَةُ الْمَسْرُودَةُ يَضُرُّ بِهِمْ تَوَالِيهَا وَتَشْتَدُّ حَاجَتُهُمْ وَتَعْظُمُ فَاقَتُهُمْ ، فَيُحَلِّلُونَ بَعْضَهَا وَيُحَرِّمُونَ مَكَانَهُ بِقَدْرِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، فَهَذَا هُوَ مَعْنَى النَّسِيءِ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ .
وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي أَوَّلِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقِيلَ : هُوَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِيَ كِنَانَةَ يُقَالُ لَهُ
حُذَيْفَةُ بْنُ عَتِيدٍ ، وَيُلَقَّبُ الْقَلَمَّسَ ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=15102الْكُمَيْتُ بِقَوْلِهِ :
أَلَسْنَا النَّاسِئِينَ عَلَى مَعَدٍّ شُهُورَ الْحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرَامًا
وَفِيهِ يَقُولُ قَائِلُهُمْ :
وَمِنَّا نَاسِئُ الشَّهْرِ الْقَلَمَّسُ
وَقِيلَ : هُوَ
عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ ، وَقِيلَ : هُوَ
نُعَيْمُ بْنُ ثَعْلَبَةَ مِنْ
بَنِي كِنَانَةَ ، وَسَمَّى اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - النَّسِيءَ زِيَادَةً فِي الْكُفْرِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ كُفْرِهِمْ ، وَمَعْصِيَةٌ مِنْ مَعَاصِيهِمُ الْمُنْضَمَّةِ إِلَى كَفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا .
قَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَابْنُ عَامِرٍ " يَضِلُّ " عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَعْلُومِ .
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ ، وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى أَنَّ الْكُفَّارَ يَضِلُّونَ بِمَا يَفْعَلُونَهُ مِنَ النَّسِيءِ ، وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ، أَنَّ الَّذِي سَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ يَجْعَلُهُمْ ضَالِّينَ بِهَذِهِ السُّنَّةِ السَّيِّئَةِ ، وَقَدِ اخْتَارَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى
أَبُو حَاتِمٍ ، وَاخْتَارَ الْقِرَاءَةَ الثَّانِيَةِ
أَبُو عُبَيْدٍ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَأَبُو رَجَاءٍ ،
وَيَعْقُوبُ " يُضِلُّ " بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهُ الْمَوْصُولُ ، وَمَفْعُولَهُ مَحْذُوفٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ هُوَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - وَمَفْعُولُهُ الْمَوْصُولَ .
وَقُرِئَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالضَّادِ مِنْ ضَلَّ يَضَلُّ .
وَقُرِئَ نَضِلُّ بِالنُّونِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى النَّسِيءِ : أَيْ يُحِلُّونَ النَّسِيءَ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا ، أَوْ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي يُؤَخِّرُونَهُ وَيُقَاتِلُونَ فِيهِ : أَيْ يُحِلُّونَهُ عَامًا بِإِبْدَالِهِ بِشَهْرٍ آخَرَ مِنْ شُهُورِ الْحِلِّ ، " يُحَرِّمُونَهُ عَامًا " : أَيْ يُحَافِظُونَ عَلَيْهِ فَلَا يُحِلُّونَ فِيهِ الْقِتَالَ ، بَلْ يُبْقُونَهُ عَلَى حُرْمَتِهِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ أَيْ لِكَيْ يُوَاطِئُوا ، وَالْمُوَاطَأَةُ الْمُوَافَقَةُ ، يُقَالُ : تَوَاطَأَ الْقَوْمُ عَلَى كَذَا : أَيْ تَوَافَقُوا عَلَيْهِ وَاجْتَمَعُوا .
وَالْمَعْنَى : إِنَّهُمْ لَمْ يُحِلُّوا شَهْرًا إِلَّا حَرَّمُوا شَهْرًا لِتَبْقَى الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَرْبَعَةً .
قَالَ
قُطْرُبٌ : مَعْنَاهُ عَمَدُوا إِلَى صَفَرٍ فَزَادُوهُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَقَرَنُوهُ بِالْمُحَرَّمِ فِي التَّحْرِيمِ ، وَكَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرَيُّ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ أَيْ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي أَبْدَلُوهَا بِغَيْرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ أَيْ : زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ الْأَعْمَالَ السَّيِّئَةَ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا النَّسِيءُ .
وَقُرِئَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ أَيِ الْمُصِرِّينَ عَلَى كُفْرِهِمُ ، الْمُسْتَمِرِّينَ عَلَيْهِ فَلَا يَهْدِيهِمْ هِدَايَةً تَوَصِّلُهُمْ إِلَى الْمَطْلُوبِ ، وَأَمَّا الْهِدَايَةُ بِمَعْنَى الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْإِرْشَادِ إِلَيْهِ فَقَدْ نَصَبَهَا اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - لِجَمِيعِ عِبَادِهِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، ،
وَمُسْلِمٌ ، وَغَيْرُهُمَا ، مِنْ حَدِيثِ
أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=1020338أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ : إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقِعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ .
وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ : وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ
ابْنُ الْمُنْذِرِ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ أَيْضًا
الْبَزَّارُ ، ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَأَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ ، ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ مَرْفُوعًا مُطَوَّلًا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ [ ص: 572 ] وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ فَقَالَ : الْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ ، وَذُو الْقِعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، قَالَ : إِنَّمَا سُمِّينَ حُرُمًا لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِنَّ حَرْبٌ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ اخْتَصَّ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَجَعَلَهُنَّ حُرُمًا ، وَعَظَّمَ حُرُمَاتِهِنَّ ، وَجَعَلَ الدِّينَ فِيهِنَّ أَعْظَمَ ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْأَجْرَ أَعْظَمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ قَالَ : فِي كُلِّهِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً يَقُولُ جَمِيعًا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
مُقَاتِلٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً قَالَ : نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كُلَّ آيَةٍ فِيهَا رُخْصَةٌ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020339nindex.php?page=treesubj&link=30578كَانَتِ الْعَرَبُ يُحِلُّونَ عَامًا شَهْرًا وَعَامًا شَهْرَيْنِ ، وَلَا يُصِيبُونَ الْحَجَّ إِلَّا فِي كُلِّ سَنَةٍ ، وَعِشْرِينَ سَنَةً مَرَّةً ، وَهِيَ النَّسِيءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ حَجِّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ ، وَافَقَ ذَلِكَ الْعَامُ ، فَسَمَّاهُ اللَّهُ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ ، ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، وَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الْأَهِلَّةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003513وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَقَبَةِ فَقَالَ : إِنَّمَا النَّسِيءُ مِنَ الشَّيْطَانِ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ، يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا فَكَانُوا يُحَرِّمُونَ الْمُحْرَّمَ عَامًا وَيَسْتَحِلُّونَ صَفَرًا ، وَيُحَرِّمُونَ صَفَرًا عَامًا وَيَسْتَحِلُّونَ الْمُحَرَّمَ ، وَهِيَ النَّسِيءُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَ
جَنَادَةُ بْنُ عَوْفٍ الْكِنَانِيُّ يُوَافِي الْمَوْسِمَ كُلَّ عَامٍ ، وَكَانَ يُكْنَى
أَبَا ثُمَامَةَ ، فَيُنَادِي أَلَا إِنَّ
أَبَا ثُمَامَةَ لَا يُخَابُ وَلَا يُعَابُ ، أَلَّا وَإِنَّ صَفَرَ الْأَوَّلَ الْعَامَ حَلَالٌ ، فَيُحِلُّهُ لِلنَّاسِ ، فَيُحَرِّمُ صَفَرًا عَامًا ، وَيُحَرِّمُ الْمُحَرَّمَ عَامًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=37إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ : الْمُحَرَّمُ كَانُوا يُسَمُّونَهُ صَفَرًا ، وَصَفَرٌ يَقُولُونَ صَفَرَانِ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ، يُحِلُّ لَهُمْ مَرَّةً الْأَوَّلَ ، وَمَرَّةً الْآخِرَ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ مَرْدَوَيْهِ ، عَنْهُ قَالَ : كَانَتِ النَّسَّاءَةُ حَيًّا مِنْ
بَنِي مَالِكٍ مِنْ
كِنَانَةَ مِنْ
بَنِيَ فُقَيْمٍ ، فَكَانَ آخِرُهُمْ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ
الْقَلَمَّسَ ، وَهُوَ الَّذِي أَنْسَأَ الْمُحَرَّمَ .